ما جرى فى ساحة الشهداء ببيروت فى 13 آذار من حشد جماهيرى واسع لا يمكن لأحد ان يمر عليه مرور الكرام او التعامل معه بخفة أو مكابرة او معاندة... كما لا يمكن لأحد ان ينكر، بغض النظر عما حمله التجمع من بعض العناوين والشعارات التى قد تكون ربما استفزازية للبعض بأن هذا المشهد الجامع لأطياف وقوى سياسية كبيرة فى البلد يمثل نصف الشعب اللبنانى الذى اراد بحضوره الكثيف ان يعبر عن رفض لواقع واخطاء قائمة لا يمكن احدا السكوت او التغاضى عنها ولا سيما منها تلك المتعلقة باستخدام السلاح فى الداخل فى سبيل التهويل والترويع وفرض ارادة سياسية»..بهذه الكلمات عبر الحزب التقدمى اللبنانى الاشتراكى عن موقفه من التجمع الشعبى الذى نظمته قوى 14 آذار فى 13 آذار/مارس الجارى فى ساحة الشهداء بجوار قبر رئيس الوزراء اللبنانى الراحل رفيق الحريرى وذلك الذكرى السادسة لانتفاضة 14 آذار. كما جاءت دعوة الحزب لجميع القوى السياسية اللبنانية الى «القيام بمراجعة نقدية سريعة لمرحلة ما بعد اسقاط حكومة الوحدة الوطنية كمنطلق لمد جسور الحوار مع نصف الشعب اللبناني» فى وقت يحتاج فيه لبنان الى الخروج سريعا من هوة سحيقة تهدد حاضره ومستقبله، وخصوصا بعد بروز ملامح حركة سياسية ناشطة لقوى فى فريق 8 آذار والاكثرية الجديدة عكست اتجاها لديها الى استعجال تأليف الحكومة الجديدة دون ان تتضح فرص نجاح هذه المحاولة فى وقت قريب وتحديدا فى الاسبوع الجارى. وبينما انصرف رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريرى وفريقه السياسي، الى احتساب نقاط الربح والخسارة التى جنتها قوى «14 آذار» من تجمع 13 آذار فى ساحة الشهداء. ويؤكد سياسيون أن الأيام القليلة المقبلة تمثل اختبارا مهما لتحقيق اختراق فى العقبات الداخلية التى أخّرت عملية تأليف الحكومة اللبنانية، خصوصا أن قوى 8 آذار لا تخفى رغبتها فى إحداث اختراق سريع يكون بمثابة رد سياسى عريض على الحملة التى تولتها قوى 14 آذار منذ اسقاط حكومة رئيس الوزراء سعد الحريري، وصولا الى تظاهرة 13 آذار الحاشدة فى قلب بيروت. لكن السياسيين أنفسهم أشاروا الى ان المعطيات المتوافرة عن الاتصالات تفيد أنها لم تحسم بعد القواعد الاساسية للتركيبة الحكومية سواء من حيث عدد أعضائها ام توزيع القوى المشاركة فيها. يضاف الى ذلك، استمرار العقبات التى تعترض تأليف الحكومة والتى تتمحور داخليا على الحصص الوزارية لقوى الاكثرية الجديدة،وترتبط بتأثير القوى الخارجية وفى مقدمها سوريا التى لم تتدخل بعد لتذليل العقبات الداخلية، فضلا عن حرص «حزب الله» القادر على اقناع بعض حلفائه بتسهيل عملية تأليف الحكومة على التمهل انتظارا لالمتغيرات الاقليمية من تونس الى مصر الى البحرين. وفى ظل هذه الأجواء ، يواصل رئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتى اجراء الاتصالات المكثفة بعيدا عن الاضواء حيث التقى مع النائب على حسن خليل المعاون السياسى لرئيس مجلس النواب نبيه برى والوزير محمد الصفدى كما أفادت معلومات أخرى أن لقاء جمع ميقاتى ووفداً من «حزب الله».فى الوقت الذى اكتسب لقاء جمع رئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط وأعضاء الجبهة ورئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد مع وفد من الكتلة و»حزب الله» بعداً سياسياً بارزاً غداة التجمع الشعبى لقوى 14 آذار ووسط المساعى الهادفة الى الاسراع فى تأليف الحكومة. وتشير غالبية التوقعات الى ان الرئيس ميقاتى سيحاول الإستفادة من مشهد التجمع الشعبى الكبير فى ساحة الشهداء الذى جرى الأسبوع الماضى للضغط فى اتجاه تشكيل حكومة أقرب الى التكنوقراط»، كما توقع ان يلح عليه فريق 8 آذار للتعجيل فى عملية التأليف «لأن ما حصل يوم الأحد موقف شعبى وسياسى صارخ من السلاح لا يملك الفريق الآخر رداً عليه سوى تأليف الحكومة»، مشيراً الى أن «مشهد الحشد الضخم كان مفاجئاً لهم ولنا أيضاً».