السيدة انتصار السيسي: الشعب المصري جسد فى 30 يونيو إرادته الحرة وحافظ على هويته الوطنية    رئيس تجارية القليوبية: ثورة 30 يونيو نقطة فارقة في تاريخ الدولة    وزير التعليم العالي: 20 جامعة في تصنيف QS لعام 2025 مقارنة ب 2017    رئيس جامعة المنوفية يهنئ الرئيس السيسى والشعب المصرى بذكرى 30 يونيو    محافظ القاهرة يجري مقابلات شخصية للمتقدمين لعدد من الوظائف    مرصد الأزهر لمكافحة التطرف: ثورة 30 يونيو إرادة شعب صنعت تاريخ    ارتفاع المؤشر الرئيسي للبورصة خلال يونيو بنسبة للشهر السادس على التوالي    مجلس النواب يوافق على اتفاقية تعاون مع ألمانيا بقيمة 103.5 مليون يورو    مدبولي من إشبيلية: تعاون دولي فعّال لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.. ومصر نموذج ناجح في الإصلاح والتمويل    تفاصيل صرف مرتبات شهر يوليو بالزيادات الجديدة في الأجور    اعرف حقيقة من يدفع ضرائب البترول الخام الفترة المقبلة    محافظ المنيا يسلم كرسى كهربائى "لعم منصور" تقديرا لتبرعه بأرض الوحدة الصحية    الرقابة المالية توافق على تأسيس "صندوق استثمار عقاري ومعادن"    وزير البترول: المرحلة الحالية تتطلب حوكمة قوية واستجابة مرنة للتحديات التشغيلية    22 دبلوماسيا في كفر مالك بالضفة.. العالم يشهد على إرهاب المستوطنين    مسئول إسرائيلي: اقتربنا من التوصل لتهدئة مؤقتة مع حماس    عائلات المحتجزين الإسرائيليين: سموتريتش تخلى عن أبنائنا بحرب أبدية في غزة    إيران: التعرف على هوية 935 قتيلا جراء الحرب الإسرائيلية بينهم أطفال ونساء    الرئيس اللبناني يشدد على انسحاب إسرائيل من التلال الخمس ويدعو لاستمرار دعم "اليونيفيل"    الكويت تعرب عن تضامنها مع السودان في حادث انهيار منجم    وزراء خارجية منظمة معاهدة الأمن الجماعى يدينون هجمات إسرائيل وأمريكا على إيران    تقرير إماراتي: خصم 4 ملايين و485 ألف دولار من مكافأة العين بسبب الضرائب الأمريكية    مصدر بالزمالك : الإعلان عن المدرب الجديد خلال ساعات بعد توقيعه العقود    ساعات وسيتم تحديد مصيره .. ماذا قدم شيكابالا مع الزمالك فى الموسم الأخير ؟    البنك الأهلي: لا نرغب فى التعاقد مع مصطفى شلبي لاعب الزمالك    "موقف عيد ومرعي والحملاوي".. في الجول يكشف تفاصيل اجتماع الخطيب مع يوسف وريبيرو    كيف سيواجه الأهلي أزمة احتراف وسام أبو علي ؟ تعرف علي السيناريوهات    كما كشف في الجول - الاتحاد السكندري يعلن التعاقد مع جنش لمدة موسم    الخطوات والرابط.. أسماء أوائل الشهادة الإعدادية 2025 في إدارة قنا التعليمية    الداخلية تكشف تفاصيل ضرب طالب على يد والده في الشرقية    الأرصاد الجوية : طقس غدا شديد الحرارة وشبورة صباحا والعظمى بالقاهرة 37 درجة والإسكندرية 31    رفع 40 سيارة ودراجة نارية متهالكة خلال حملات مكثفة بالمحافظات    ضبط 3 أشخاص تعدوا على آخر واحتجازه في حلوان    حبس قاتل أمه ودفنها في الزراعات بالمنيا    خلال يوم.. ضبط عصابة و66 قطعة سلاح ناري    «فطورهن بسيط وكنّ ينتظرن القبض».. عامل المخبز يروي تفاصيل لقائه الأخير ب«فتيات العنب»    الشافعي يساند شيرين عبد الوهاب بعد جدل إطلالتها في موازين: «رمز القوة»    برج العذراء «جميع الكواكب تلعب لصالحك».. توقعات الأبراج في يوليو 2025    السينما تنتصر ل ثورة يونيو.. «اشتباك» الأكثر تعبيرًا والأفلام الوثائقية الأوقع    رامي إمام يحتفل بعقد قران نجله عادل وسط أجواء عائلية خاصة    آسر ياسين حديث الساعة بعد ظهوره مع والدته ببرنامج صاحبة السعادة    الإفتاء توضح كيفية "صلاة الغفلة" وسبب تسميتها بهذا الأسم    الإفتاء توضح حكم استخدام المناديل المبللة بالماء في الوضوء "Water Wipes"    "الصحة: حصول 22 منشأة رعاية أولية على اعتماد الجودة والسلامة    محافظ المنوفية يزور مصابي «الإقليمي» للاطمئنان على جودة الخدمات الطبية    محافظ الجيزة: انطلاق القوافل الطبية الثلاثاء وحتى نهاية ديسمبر    منة شلبي تعرض التريلر الدعائي الأول لفيلم «هيبتا: المناظرة الأخيرة»    حكم صيام يوم عاشوراء وفضله العظيم وعلاقته بتكفير الكبائر    جمال ما لم يكتمل.. حين يكون النقص حياة    انطلاق عرض «الملك لير» ل يحيى الفخراني 8 يوليو على المسرح القومي    السيسي: مصر تبذل أقصى جهودها لدعم الأمن والاستقرار في ليبيا    في ذكرى 30 يونيو.. تكريم أسر الشهداء بقصر ثقافة القناطر الخيرية بحضور محافظي القليوبية والقاهرة    وزير الصحة: 300 مستشفى تستقبل مصابي غزة للعلاج في مصر وأوجه الشكر للأطقم الطبية    "القومي للبحوث": شرب المياه بطريقة صحية في الصيف لا يقل أهمية عن اتباع نظام غذائي متوازن    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 38-6-2025 في محافظة قنا    قبل مواجهة الهلال.. جوارديولا يرد على كلوب    سر تصدر آسر ياسين للتريند.. تفاصيل    مجدي الجلاد: الهندسة الانتخابية الحالية تمنع ظهور أحزاب معارضة قوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"1984" كيف كتب جورج أورويل المُحتضَر روايته اللاذعة ?
نشر في نقطة ضوء يوم 26 - 06 - 2019

يُحب النّاشر الأميركي لمؤلّفات جورج أورويل أن يروي كيف استُلهم عنوان '1984‘ بأن قلب المؤلف العددين الأخيرين للسنة التي ألف فيها الرواية، مستبقا مستقبلا غير بعيد تُسيطر فيه على العالم دولٌ مهيمنة استبدادية وقمعيّة.
التعليل مناسب لكن لم يؤكده أورويل الذي لم يَصدُر مؤلَّفه عن المطابع قبل الثامن من يونيو (حزيران) 1949. وتُصادف نهاية الأسبوع الحالي ذكرى مرور سبعة عقود على تعرّف الجمهور للمرة الأولى إلى تمرد وينستون سميث على 'الأخ الأكبر‘ ومجتمعه الكابوس متعقب 'جرائم-فكر‘، والمعادلة 2+2=5، والغرفة 101.
وكان أورويل – واسمه الحقيقي إريك آرثر بلير - شخصيةً منكوبة حين بدأ في كتابة واحدة من أبلغ الروايات تأثيراً في القرن العشرين، بالرغم من الشهرة الأدبية التي بلغها مؤخرا عبر نجاح "مزرعة الحيوان" (1945) حكايته المجازية عن الاتحاد السوفياتي.
كان أورويل هزيلاً معتل الصحة مغتما لفقد زوجته آيلين اوشانسي التي تُوفّيت -فجأةً وعلى غير المتوقّع- نتيجة لمضاعفات نشأت عن عملية استئصال رحم روتينية، في مارس (آذار) 1945. فاقترح عليه صديقه والمحرر في صحيفة "ذا أوبزرفر"، ديفيد أستور، الإقامة في جزيرة جورا الاسكتلندية النائية في أرخبيل هبريدس الداخلي لينأى بنفسه عن المنغصات.
وكان أستور على معرفة بروبرت فليتشر، مالك الإقطاع، الذي كان في حاجة إلى من يستأجر منزله الريفي المتهدم، بارنهيل.
بحماس وقليل من المتاع والأثاث ارتحل أورويل برفقة أخته آفريل فقط في مايو ( أيار) 1946، تاركاً وراءه بسرور، عمله كمراجعٍ للكتب ومراسلٍ الأبزيرفر، وبتردد، ابنه المتبنّي ريتشارد، في منزله بحي ايسلينغتون في عهدة مربية تدعى سوزان واتسون.
تبين فيما بعد أن بارنهيل كان دارة ذات أربع غرف نوم، تقع في الواجهة الشمالية للجزيرة. لا كهرباء ولا إمكانية للوصول إلى هاتفٍ عمومي أو مكتب بريد، وأقرب مستشفى يقع في البر الكبير، في غلاسكو، ما كان يعني رحلة شاقة في أفضل الأحوال وخطرة جداً عندما يضطرب الجو. وفي بارنهيل، كان جهاز الراديو الذي يعمل بالبطارية صلة أورويل الوحيدة بالعالم الخارجي. وكان غاز كالور الوسيلة الوحيدة لطهي وجباته ومصابيح البارافين الفعالة الإنارة الوحيدة لأمسياته. جورا نفسها– المشهورة إلى اليوم بمقطرة ويسكي – كانت موطناً ل300 شخص فقط، لكنّ جمالها الطبيعي الخشن كان تغييراً في المحيط مثالياً للكاتب.
لذا حين أُجبر في البداية على مغادرتها إلى لندن هرباً من شتاء 1946 و1947 القارس، لم يتوانَ عن العودة إليها مع ابنه الصغير ليستمتع بالبستنة، وقنص الأرانب في أحراشها ببندقية، واصطياد سمك الإسقمري والبلوك وسرطان البحر على طول الخط الساحلي.
عندما كانت تسعفه الإرادة، كان يمضي جل أيامه منكبّاً على تأليف الرواية التي كان يسميها آنذاك "آخر رجل في أوروبا"، سواء في غرفة الجلوس في بارنهيل أو مضطجعا فوق السرير برداء النوم، ولفافة تبغ أسود محشورة ببن شفتيه، وإلى جانبه إبريق من القهوة الباردة.
ما انفك أورويل يتدبر مواضيعه عن الديكتاتورية والشطط في السلطة وإمكانيات التحكم في الجماهير عبر اللغة، منذ الحرب الأهلية الاسبانية ، لكنّ أفكاره تبلورت -على حدّ قوله- قبيل انعقاد مؤتمر طهران عام 1944 حين عاين جوزف ستالين ووينستون تشرشيل وفرانكلين روزفلت وهم يقسمون العالم، تحسّباً لهزيمة ألمانيا النازية.
وفيما كان أورويل يجتر مأزق وينستون سميث، وقع حادث سيودي بحياته في نهاية المطاف. كان يُبحر على طول ساحل جورا على متن قاربٍ بمحرّك في أحد أيام شهر آب (أغسطس) الجميلة من العام 1947، عندما سقط الزورق به وبمن معه في مياه دوامة كوريفريكان سيئة الصيت وكادوا أن يغرقوا.
سقط أورويل في المياه الجليدية، لكنّه استطاع السباحة وصولاً إلى بر الأمان. وتركت الحادثة أثراً دائماً في رئتيه الضعيفتين أصلاً، فكان يسعل بطريقةٍ مدويّة مثيرة للقلق. ومع ذلك، توقّف عن تلقّي العلاج حتى إنهار كلياً بعيد انتهائه في 7 نوفمبر (تشرين الثاني) من كتابة المسودة الأولى للرواية التي باتت تُعرف اليوم ب" وأربعة وثمانين تسعمائة وألف."
وقبل وقتٍ قليل من حلول أعياد الميلاد، اقتنع أورويل أخيراً بالدخول إلى مستشفى هيرميرز في كيلبريد الشرقية حيث شُخِص بمرض السل المزمن في الجزء العلوي من رئتيه، وحيث مكث لتلقّي العناية الطبية حتى يوليو (تموز) 1948 قبل أن يعود بعدها إلى جورا ويستأنف العمل على روايته حتى الخريف التالي.
بعد نسفه مخطوطته الأولى بالكثير من التصويبات وتحويلها إلى "فوضى مروّعة"، انكب أورويل على معاناة كتابتها على الآلة مجددا بمعدل 4 آلاف كلمة في اليوم، وعلى امتداد سبعة أيام في الأسبوع، حسب دوريان لينسكي، كاتب سيرته الذاتية. وهذا المجهود الجبار أثّر كثيراً في صحته التي كانت ترزح تحت ثقل نوبات الحمى والسعال الدامي من جهة، والعواصف العنيفة خارج البيت.
أنهى أورويل عمله على الرواية في كانون الأول (ديسمبر) من ذلك العام. وبعد ارتشافه كأساً من النبيذ ودخوله إلى الفراش منهك القوى، غادر جورا للمرة الأخيرة للإقامة في مصحّة في كرانهام في غلوسيستتيرشاير، أوائل يناير (كانون الثاني) 1949، في خطوةً كان من المحبّذ أن يقوم بها في وقتٍ أبكر.
في ذلك الصيف، حصدت رواية "ألف وتسعمائة وأربعة وثمانين" نجاحاً كبيراً، لكنّ أورويل توفي في يناير (كانون الثاني) التالي. وقبل أن تُوافيه المنيّة في المستشفى الجامعي في لندن، تزوّج من سونيا برونويل - التي استوحى منها شخصية جوليا في كتابه الأخير – وكان أستور شاهداً على زواجه وإشبيناً له.
أما كتابه، فلا يزال بالتأكيد حيّا في خطابنا السياسي والاجتماعي، محرزا بعدا جديدا منذ انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة في قرن "ما بعد الحقيقة"، القرن الواحد والعشرين. "أظن أنّ والدي كان سيسر على نحو تهكمي بدونالد ترمب"، قال ريتشارد بلير لصحيفة الغارديان عام 2017. "وكان ليقول في نفسه على الأرجح: 'هذا من صنف الرجال الذين كتبتُ عنهم منذ زمنٍ طويل.‘"
.....
كاتب وباحث


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.