إيمانا بالقواسم المشتركة بين دول حوض البحر المتوسط تأسست فرقة “استبينا” التي تضم موسيقيين من مصر والمغرب العربي وإيطاليا، وتأسست الفرقة على يد موسيقيين من مصر وإيطاليا والمغرب وهم: محمد سامي وعماد فتحي وجورج عماد من مصر، ولويزا روسو من إيطاليا، وشكيب أرارو من المغرب، ويشير اسم الفرقة استبينا إلى كلمة مصرية دارجة ذات أصل إيطالي بمعنى “اتفقنا”، كما تستخدم الكلمة أيضا في اللغة الفرنسية بنفس المعنى. ويعكس اسم الفرقة الهدف الذي يسعى إليه أعضاؤها منذ تأسيسها في القاهرة قبل عامين تقريبا، كما يقول المغني وعازف العود بالفرقة محمد سامي، فهم يهدفون إلى البحث عن نقاط التواصل والتقارب بين ثقافات البحر المتوسط، كما يتفقون في ما بينهم على عشقهم للموسيقى، وخاصة الموسيقى ذات الطابع التراثي. وتقدم فرقة استبينا عروضها في القاهرة على نحو منتظم بمركز “مكان” و”روم آرت سبيس”، وفي مركز “دوار”، كما أقامت الفرقة العديد من الحفلات الغنائية في أماكن ومدن مختلفة خارج القاهرة. والمحتوى الذي تقدمه الفرقة يشمل الكثير من الأغنيات التراثية والشعبية من مصر وتونس والمغرب والجزائر وإسبانيا وفرنساوإيطاليا ولبنان وسوريا. ورغم حداثة الفرقة نسبيا، إلاّ أنها استطاعت خلال فترة وجيزة الحضور والانتشار داخل مصر، لما تتميّز به من تنوع واختلاف بين الفرق الغنائية الأخرى المنتشرة في القاهرة، فعروض الفرقة تحتوي على أغنيات بلغات مختلفة ولهجات متعددة، بعضها نادر الانتشار في مصر، كلغات البلقان أو اللغة اليونانية والقبرصية، وهو ما يتماشى مع أهداف الفرقة في المزج بين الثقافات وتسليط الضوء على أنواع مختلفة من الموسيقى والأغنيات التراثية والشعبية الفريدة وتقديمها بشكل وأداء مختلفين. ومن بين الأغنيات التي تقدمها الفرقة في حفلاتها على سبيل المثال أغنية، “محسوبكو انداس” وهي أغنية شهيرة للموسيقي المصري الراحل سيد درويش، تمزج بين اللهجة المصرية واللغة اليونانية، وتعد إحدى الأغنيات التي تحرص الفرقة على تقديمها في حفلاتها المختلفة. وإلى جانب الأغنيات التي تنتمي إلى دول حوض المتوسط تقدم الفرقة أحيانا أغنيات من السودان ورومانيا ودول البلقان لما تتمتع به موسيقاها من تشابه واضح في الإيقاع مع موسيقى البحر المتوسط، كما تمزج الفرقة بين ألحان وأغنيات من لغات مختلفة تتشارك في المقام الموسيقي، كالمزج بين الإيطالي والمغربي، أو الإسباني والتونسي، أو الجزائري والمصري. وما يميّز فرقة استبينا أن أعضاءها ينتمون إلى ثقافات مختلفة ويؤدون معا أغنيات بلهجات متعددة، فالمغني شكيب أرارو، على سبيل المثال، هو مغن مغربي مقيم في فرنسا ويستطيع الغناء باللهجات المغربية والتونسية والجزائرية، إضافة إلى الفرنسية. كما أن لويزا روسو تغني بالعربية على نحو متقن وهو الأمر الذي اكتسبته من خلال إقامتها في مصر، وإلى جانب العربية تؤدي روسو أغنيات باليونانية والإيطالية أيضا، وجميعهم يتشاركون نفس الولع بالأغنيات التراثية ويستفيدون من بعضهم البعض، كما يقول عضو الفرقة محمد سامي. وتكوّنت الفرقة على نحو عفوي، فقد اعتادت لويزا روسو تنظيم حفلات غنائية في بيتها تدعو إليها أصدقاءها ومعارفها، وكان أعضاء الفرقة ممن يترددون على تلك الحفلات متنوعة الثقافات، فاتفقوا على تكوين فرقة موسيقية تقدم محتوى شبيها بما يقدمونه في تلك السهرات، ولكن على نحو احترافي، ومن هنا ظهرت فرقة استبينا. وجاءت لويزا روسو إلى القاهرة لدراسة اللغة العربية بمنحة من إحدى الجامعات الإيطالية، لكن عشقها للموسيقى دفعها إلى استكشاف جماليات الموسيقى والألحان العربية.