الفنان السوري يرحل ليسجل حضور البيئة المكانية والظرف الزماني الذي عاشه في تصوّر يرصد من خلاله شلاّلا من الذكريات والحكايات التي رافقت سنين عمره الماضية. "تفاصيل.. لوحة حياة غادرها معظم أبطالها وهجرتها الأزقة والدروب.. وما تبقى منها سوى الحنين"، هكذا قدّم الكاتب والفنان السوري أيمن زيدان لمجموعته النثرية الأحدث والمُعنونة ب”تفاصيل”، وهي مجموعة نثرية صدرت في دمشق خلال الأيام القليلة الماضية، وطرحت للناس من خلال معرض الكتاب العربي في دورته الثلاثين الذي أقيم في دمشق في الفترة الممتدة من 31 يوليو الماضي وإلى 11 أغسطس الجاري. ووسط حضور شعبي كبير وقّع زيدان كتابه محاطا بمجموعة هائلة من الأصدقاء والمهتمين بالشأن الثقافي، الذين توافدوا على المعرض مهنئين الفنان الأديب بالمجموعة الجديدة، وهو الذي، أي زيدان، عرفه الجمهور العربي في فنون المسرح والسينما والتلفزيون، بل والغناء والرقص أيضا، من خلال العشرات من الأعمال عبر ما يقارب الأربعين عاما من العمر الفني، ليقدّم لنا في هذا الأثر جرعة جديدة من الدهشة، بولوجه عالم الأدب من خلال نشر مجموعته النثرية “تفاصيل”. وللفنان أيمن زيدان تجربتان سابقتان في عالم الأدب “أوجاع” 2015 و”ليلة رمادية” 2016، وكانتا في مجال القصة القصيرة، حيث احتوت المجموعتان على قصص تعبر عن أوجاع عاشها وآمال خسرها، لكنه في “تفاصيل” يذهب لأماكن بعيدة عن التجربتين السابقتين ويرحل ليسجل حضور البيئة المكانية والظرف الزماني الذي عاشه، اللذين شكلا معا جدلية حياته المليئة بالقلق والخوف والحب والبراءة، في تصوّر يرصد من خلاله شلاّلا من الذكريات والحكايات التي رافقت سنين العمر الماضية. ويقول زيدان عن كتابه الجديد “أنحو في هذه التجربة نحو موانئ الذاتية عبر محطات في حياتي، منذ اللحظة الأولى التي ولدت فيها في بيت بسيط في منطقة الرحيبة في القلمون، ثم ما كان في مسيرة الحياة التي كثيرا ما تسارعت وانعطفت واصطدمت، وبالتالي ما شكلته من رصيد حياتي لي، مكنني رغم المواجع والصدمات التي حملتها من امتلاك القوة اللازمة للاستمرار في الحياة، قويا متمرسا، حتى تسنى لي تحقيق البعض من الأهداف التي كنت أسعى إليها، وكانت جزءا من أحلامي وطموحي”. ويضيف “في ‘تفاصيل' ابتعاد عن القص الأدبي الذي يهتم بتقديم حكاية ما، حيث يكون الهدف من الكتابة نقل تجربة أو معرفة، هنا كان اهتمامي، كتابة أشياء عن ذكريات عشتها بين أناس وأمكنة، وحنيني إليها، ببساطة إنه الحنين”. وفي “تفاصيل” مجموعة من الحكايات التي قدّمتها ذاكرة زيدان، مع مجموعة من أناس أحاطوا به، بدءا من والدته، وصولا إلى كارمن الفتاة التي أحبها في حلب وكاد يقتل بسببها، لولا أن أنقذه أحد “قبضايات” مدينة حلب من غضب العامة. وإصدار الكتاب، لم يكن حدثا عابرا في حياة المجتمع السوري، ففي جو صاخب ووسط استقبال جماهيري وإعلامي متميز، تابع جمهور معرض الكتاب العربي الثلاثين، هذا الحدث الأدبي بالكثير من الاهتمام، ففي جناح دار النشر (دار سوريانا للإعلام)، اجتمع الكثير من أهل الإعلام والأدب مهنئين الأديب أيمن زيدان على إنجازه الجديد، وهنالك امتد الزمن به لساعات وهو يوقّع نسخ الكتاب ويسجل للإعلام لقاءات عابرة. ويكتب زيدان على غلاف مجموعته “انطفأ النهار وتدثر المساء بعباءة ليل حالك ولم يتبق في ذاك الفضاء الرحب سوى نجمة يتيمة نثرت ما تبقى في جعبتها من بريق، أغلق خلفه باب الدار المتداعي وانسل مخترقا بعباءته السوداء الضوء الخجول الذي ارتمى على الزقاق الطيني المتهالك..”.