رئيس قصور الثقافة يتفقد بيت ثقافة قاطية بشمال سيناء تمهيدا لافتتاحه    الزمالك يتقدم على سيراميكا كليوباترا في الشوط الأول    بالأسماء.. إصابة 17 شخصا في حادث حريق شون الكتان بالغربية    كجوك: تخفيف الأعباء والالتزامات عن كل الممولين وتوسيع القاعدة الضريبية وتحسين بيئة الأعمال    بسبب صاروخ يمني.. توقف بعض مباريات الدوري الإسرائيلي لكرة القدم    ترامب يوجه رسالة إلى الصين: الأسواق المغلقة لم تعد مجدية    تراجع جديد في أعداد قاطني مخيم الهول السوري    متحدث الخارجية الأمريكية يدعو إلى استئناف تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة    تصميم معماري حديث.. محافظ بورسعيد يفتتح مسجد "الرضوان" في بورفؤاد - صور    سعر جرام الذهب اليوم فى مصر بمستهل التعاملات المسائية    إمام المسجد الحرام: تأشيرة وتصريح الحج من لوازم شرط الاستطاعة    النيابة تصرح بدفن جثة شاب غرق بترعة أبيس في الإسكندرية    حقيقة إغلاق بعض بيوت الثقافة التابعة للهيئة العامة    ودع الدنيا يوم مولده.. 75 عامًا على رحيل الشيخ محمد رفعت وحكاية الصوت الذي لا ينسى    فريق طبي بمستشفى سوهاج الجامعي ينجح في استخراج دبوس من معدة طفل    أكرم القصاص: دعوة بوتين للرئيس السيسى لحضور احتفالات ذكرى النصر تقديرا لدور مصر    الضرائب: 9 إعفاءات ضريبية لتخفيف الأعباء وتحفيز الاستثمار    مصرع عنصرين إجراميين في مداهمة بؤرًا خطرة بالإسماعيلية وجنوب سيناء    النار التهمت محصول 1000 فدان.. الدفع ب 22 سيارة للسيطرة على حريق شونة الكتان بالغربية    شهادات مزورة ومقر بدون ترخيص.. «الطبيبة المزيفة» في قبضة المباحث    خبر في الجول - لجنة التظلمات تحدد موعد استدعاء طه عزت بشأن أزمة القمة.. ولا نية لتقديم القرار    أنشيلوتي يخطط لإسقاط برشلونة    أمين الفتوى: المعيار الحقيقي للرجولة والإيمان هو أداء الأمانة والوفاء بالعهد    السديس في خطبة المسجد الحرام يحذر من جرائم العصر الرقمي والذكاء الاصطناعي    محافظ الشرقية يطمئن على نسب تنفيذ أعمال مشروعات الخطة الإستثمارية للعام المالي الحالي بديرب نجم    «المستشفيات التعليمية» تنظم برنامجًا تدريبيًّا حول معايير الجودة للجراحة والتخدير بالتعاون مع «جهار»    فريق طبي بمستشفى سوهاج ينجح في استخراج دبوس من معدة طفل    البابا لاون الرابع عشر في قداس احتفالي: "رنموا للرب ترنيمة جديدة لأنه صنع العجائب"    وزير الأوقاف ومحافظ الشرقية يؤديان صلاة الجمعة بمسجد الدكتور عبد الحليم محمود    جامعة القاهرة: أسئلة امتحانات الترم الثاني متنوعة لضمان العدالة    "موسم لا ينسى".. صحف إنجلترا تتغنى ب محمد صلاح بعد جائزة رابطة الكتاب    جدل فى بريطانيا بسبب اتفاق ترامب وستارمر و"الدجاج المغسول بالكلور".. تفاصيل    التموين تعلن آخر موعد لصرف الدعم الإضافي على البطاقة    مروان موسى: ألبومي الأخير نابع من فقدان والدتي    أحمد داش: جيلنا محظوظ ولازم يوجد صوت يمثلنا    المنظمات الأهلية الفلسطينية: غزة تواجه أوضاعا خطيرة بسبب القيود الإسرائيلية    استلام 215 ألف طن قمح في موسم 2025 بالمنيا    قناة السويس تدعو شركات الشحن لاستئناف الملاحة تدريجيًا بعد هدوء الهجمات    هل يجوز الحج عن الوالدين؟ الإفتاء تُجيب    الشباب والرياضة تنظم الإحتفال بيوم اليتيم بمركز شباب الحبيل بالأقصر    تنفيذ فعاليات حفل المعرض الختامي لأنشطة رياض الأطفال    رئيس الوزراء يؤكد حِرصه على المتابعة المستمرة لأداء منظومة الشكاوى الحكومية    10 لاعبين يمثلون مصر في البطولة الأفريقية للشطرنج بالقاهرة    محمد عبد الرحمن يدخل في دائرة الشك من جديد في مسلسل برستيج    دمياط: قافلة طبية تحت مظلة حياة كريمة تقدم العلاج ل 1575 شخصا    سائح من ألمانيا يشهر إسلامه داخل ساحة الشيخ المصرى الحامدى بالأقصر..فيديو    المتحف المصري الكبير يستقبل 163 قطعة من كنوز الملك الذهبي توت عنخ آمون    الطيران المدني الباكستاني: مجالنا الجوي آمن ومعظم المطارات استأنفت عملها    وزيرة التخطيط و التعاون الدولي :حققنا تطورًا كبيرًا في قطاع الطاقة المتجددة بتنفيذ إصلاحات هيكلية تجذب القطاع الخاص وتُعزز مركزنا كدولة رائدة    عاجل.. الاتحاد السعودي يعلن تدشين دوري جديد بداية من الموسم المقبل 2025-2026    كاف اعتمدها.. تعرف على المتطلبات الجديدة للمدربين داخل أفريقيا    محافظ القليوبية يستقبل وفد لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب لتفقد مستشفى الناس    بسبب الأقراص المنشطة.. أولى جلسات محاكمة عاطلين أمام محكمة القاهرة| غدا    تحقيقات موسعة في العثور على جثة متعفنة داخل منزل بالحوامدية    الموافقة على الإعلان عن التعاقد لشغل عدة وظائف بجامعة أسيوط الأهلية (تفاصيل)    التنمر والتحرش والازدراء لغة العصر الحديث    الكشف عن طاقم تحكيم مباراة الزمالك وسيراميكا بالدوري    «ملحقش يتفرج عليه».. ريهام عبدالغفور تكشف عن آخر أعمال والدها الراحل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فيروز في زمن ما بعد الحداثة
نشر في نقطة ضوء يوم 09 - 11 - 2010

شريط فيروز الأخير «إيه في أمل» يثير كثيراً من الأسئلة حول معنى الفن، وكيفية استقبالنا له، والأطوار التي يمر بها الفنان في مسار حياته. إنه شريط يدفع إلى التساؤل عن إمكانية تغيير الأذواق من خلال تحولات فنان كبير يعيد النظر في ميراثه ويزاوج بين قديمه وحديثه وكأنه يقيم معرضاً لمراحل عمله طالباً منا نحن أن نقرأ هذه المراحل في ضوء ما طرأ على نظرته إلى معنى الفن والإبداع والغايات التي يسعى الفنان إلى تحقيقها من خلال عمله الفني. يستخدم الشريط مبدأ الإستعارة والإقتراض من ميراث فيروز الغنائي، لتحويل هذا الميراث وعرضه في ضوء مختلف؛ ويستخدم أسلوب المعارضة لإقامة تقابلات تجعل السامع يدرك الفارق بين مرحلة غنائية وأخرى. ويمكن تعميم هذه الطبيعة الإنتهاكية، التي هي سمة فنون ما بعد الحداثة، على أعمال في الأدب والموسيقى والفن التشكيلي متناثرة في الإبداع العربي. وهذه هي أهمية شريط فيروز وضرورته في زمن عز فيه الجديد والمغيّر وما يمثل انعطافة في الذائقة على صعيد الفنون عامة.
لا شك في أن شريط فيروز هو ثمرة صوت الفنانة الكبيرة، وتاريخها اللافت المتحول في عالم الغناء والمسرح، وكتابة زياد الرحباني وموسيقاه وطريقة نظره إلى الشعر والموسيقى ومعنى الفن وعلاقة الفنان بجمهوره. وقد عمل الإبن والأم من قبل في منجزهما المشترك على اللعب على الذائقة الغنائية العربية، محدثين انتهاكاً للشكل الذي استقر في الميراث الفيروزي الرحباني، وتحويلاً للمعاني الرومانسية الحالمة التي تشبعت بها أغاني فيروز السابقة. كأن الإبن فتح لأمه، ولميراث عائلته الفني، طريقاً أخرى قلبت هذا الميراث رأساً على عقب، وأدخلتنا ما يمكن تسميته، تجاوزاً، زمناً ما بعد حداثي، أي زمناً تتجاور فيه المتناقضات، ويقيم فيه الغنائي إلى جانب السردي اليومي، والرومانسي الناعم إلى جانب التعبير الساخر الخشن، وصولاً إلى عالم الغروتيسك الذي يميز الفنون الحديثة عامة. شريط فيروز يقيم إذاً على الحافة بين زمان قديم يحكي حكاية «البنت الشلبية» وزمان راهن تبخرت فيه العواطف وبردت المشاعر وتحول فيه العتاب إلى تعبير ساخر حزين عن أفول عصر العواطف الإنسانية العميقة في أغنية «في قايل». يعتمد الشريط على التركيب، الكولاج، كما في الفن التشكيلي، بحيث يتجاور القديم مع الجديد في بنية متناقضة تضع الصوت القديم والجديد جنباً إلى جنب، الموسيقى الميلودية الراقصة والموسيقى الحديثة التي تعتمد بنية لا نغمية، لينتج من ذلك شكل هجين يناسب رؤية العمل الفني، أي الشريط الذي يحيلنا إلى أغاني عديدة من مراحل مختلفة للميراث الفيروزي الرحباني.
لكن الغاية ليست تقديم شريحة عرضية من هذا الميراث، بل القول بتحول معنى الفن، أو بالأحرى موت الفن بمعناه التقليدي، الفن الذي يلعب على العواطف والمشاعر والذكريات. شريط فيروز لا يسعى إلى محاكاة المشاعر وإثارة الإنفعالات والعواطف، كما هي وظيفة الفن التقليدية، لا يهدف إلى التطهير على الطريقة الأرسطية، بل إلى السخرية والإنتهاك والقول بأن العواطف المشبوبة والحلم والذكرى هي مجرد اختلاقات وتوهمات ذاتية لا علاقة لها بالواقع الخشن الذي يطحن البشر ومشاعرهم وعواطفهم وقصص حبهم وحكاياتهم اليومية الصغيرة. ومن هنا تبدو الأغاني طالعة من اليومي، النثري، غير الشعري، المنتهك للغنائية، والسابح في فضاء العالم الحديث.
قد لا يكون زياد وفيروز فكرا بهذه المعاني بالضرورة، لكن الفنانين الكبار يستطيعون على الدوام إدراك أعماق اللحظات التاريخية الفاصلة من خلال الإبداع بحيث يحدثون تحولاً في المفاهيم وطرق الإستقبال الفني والمعاني التي يحملها الفن. يمكن أن نقرأ شريط فيروز، من ثمّ، انطلاقاً من لحظة مفصلية تحول فيها معنى الفن، وتغير عندها شكل الإستقبال. صحيح أن السوق الغنائية تحتشد بالأعمال الرديئة التي لا تتدبر العلاقة بين الفن والجمهور المستقبل واللحظة التاريخية، لكن فنانة كبيرة مثل فيروز قد يكون في مقدورها أن تجعل جمهور السامعين يدركون، ولو من طريق الحدس، هذا التحول الجذري في معنى الفن. لقد ولى زمن المحاكاة والتطهير، وتدليك العواطف، منذ زمن بعيد، لكننا نحن العرب، وبسبب من انفصال النخبة عن الجمهور، لم ندخل الأزمنة الحديثة حتى هذه اللحظة. فهل تدخلنا فيروز هذه الأزمنة من خلال عمل فني رؤيوي وحدسي يقلب معنى الفن، غناء وموسيقى ورسماً ورواية وشعراً ومسرحاً؟ فمن يلتقط الخيط في الفنون الأخرى؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.