قامت "الآن ناشرون وموزعون" بإشهار المجموعة القصصية "ذات مساء ربيعي" للكاتب القاص حسين الطريفي في المكتبة الوطنية، وقدم قراءة نقدية للكتاب محمد جميل خضر الذي قال: "التين والزيتون والناي الحزين"، عبر هذا المدخل الاستهلاليٌّ المتكوّن من ثلاث كلمات يأخذنا القاص حسين رشيد الطريفي نحو عالمه القصصي، عبر رحلة متقلبة الأحوال متلاطمة الأمواج ؛ حيث يضيف الكاتب أمام دلالات التين ودلالاته الشعبية الفلسطينية التي لا تخفى على متابع نبيه، والزيتون ودلالاته الدينية وتلك المرتبطة بغصن سلامه المحتمل.. والناي الحزين الذي ينقل الدلالات والأجواء إلى منطقة أكثر إنسانية وأكثر جمالية وأكثر خصوصية. ويعيدنا إلى صحرائنا الممتدة وفلواتنا التي لا فكاك منها.. حيث السراب حجاب.. وحيث الرعاة يحدبون على أسرار البيداء بالقليل من الآهات والتأوهات والأشجان التي تشلع الروح وتنبش مكامن الأشياء. هي، إذاً، ذاكرته المسننة، المتربصة داخل صفحات مجموعته الخمسة والتسعين، كما لو أنها قنبلة مؤقتة قابلة في أية لحظة للانفجار، وهي ذاكرة عواجيز حكاياته ورجالها المسنين ونسائها المتلحفات خريف العمر. إن قصص حسين رشيد الطريفي هي كرج الحجل في «قبرة السهل»، ونوستولوجيا الحنين إلى الماضي، وهي رمزية الاغتصاب في «أبو كامل يغرب غرباً»، وضياع التوظيف والتباس السرد والوصف والبناء في «ذات مساء ربيعي»، ونبش المسكوت عنه في «الغراب»، والعودة للمرويات الشفاهية الشعبية وموروثنا المتنقل من جيل لجيل في «الديك الذي ضاع» وفق لغة اختارت التقعير المقصود.وهي جرعة إنسانية مفعمة بالمعنى في «الحفيد».. الألم في أكثر صوره قسوة والاحتلال في أكثر انحطاطاته بشاعة كما كشفت قصة «القهر» وهي الواقعية المفرطة النمطية المستهلكة في «الكأس المهشمة». وهي رفض نسب الكبير إلى الصغير في «الرجل الذي نسي اسمه». ويختم محمد جميل خضر قائلاً: «بلغة بسيطة تصل إلى حد الامتناع وذرى التواضع الجليل.. ينسج الطريفي بقلمه الوقور غير المتعجل.. أطراف قصصه.. ولا يتردد كلما احتاج الأمر، أن يسند ظهره لقضية كبرى لا ينضب معين حكاياتها وآلامها وآمالها.. وأن يتكئ على وثوقية الكبار وعمق تجربتهم، جاعلاً منهم أبطالاً من لحم ودم ورغبات وتقلبات وحسرات». ثم تحدث القاص الطريفي حيث قال: إذا اعتبرنا الكتابة أو الأداة السحرية، التي تزيل الغبار عن الذاكرة لتبقى نقية حية لا تموت مهما تراكم عليها غبار الرحيل والمنافي والحروب، برزت لنا حقيقة أن الكتابة تحيي الذاكرة، وتحيا بها، ولما للذاكرة من أهمية في جعل الماضي نبراسا يضيء لنا طريق الحاضر "الواقع" المعاش ويضع في أيدينا معول هدم نهدم به جدران النسيان، لتبقى حية في عقول ووجدان الأجيال المتعاقبة من أبناء فلسطين خاصة، والعرب عامة فمجموعتي القصصية الأولى "وحل حزيران" الصادرة عام 1990 استعادة للذاكرة التي تحدث وتتحدى جرحها الغائر، منذ تم اقتلاعنا من مسقط الرأس ومما وعته الذاكرة وما زالت تعيه من واقع، يبدو فيه الأمل منعكسا من على مرآة في يد مرتعشة جاءت مجموعتي القصصية الثانية "ذات مساء ربيعي" تدوينا لأحلام تلامس الواقع، وتداعب الذاكرة ومحاولة لتحليل الحاضر. وها أنا أعيش حياتين بذاكرة واحدة، الحياة الأولى وعمرها خمس سنوات عشتها في قريتي "دير الطريف"، أما حياتي الثانية فقد بدأت بالكتابة وستبقى بالكتابة حية لا تموت، لان ذاكرتنا لا تموت.