لقد صرخ والد الطفل في إحدي الفضائيات قائلا " مين يجيب لي حق إبني ؟ ومن يحاسب الإهمال في المستشفيات ؟ ولم يرد علي تساؤلات الاب المجروح أي مسؤل حتي الآن. من المعتاد والمنطقي أن يطلق لقب شهيد، علي كل من قتل في الحرب، وفي أرض المعركة، وعلي أيدي الأعداء. وقد تكررت هذه الكلمة كثيرا خلال شهر أكتوبر الحالي بمناسبة الإحتفال بالذكري السابعة والثلاثين لحرب أكتوبر المجيدة والتي سقط فيها شهداء مصريون كثر، وهم أبطال فاضت روحهم الغالية علي أرض سيناء الحبيبة، دفاعا عن الأرض والعرض، وهؤلاء تنطبق عليهم الأية الكريمة في قوله تعالي في القران العظيم: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون). وأيضا قول رسول الله (صلي الله عليه وسلم) : "من مات دون أرضه فهو شهيد، ومن مات دون عرضه فهو شهيد، ومن مات دون ماله فهو شهيد". وتداولت كلمة شهيد كثيرا في الوقت الحالي، وأصبحت تطلق منذ التسعينيات، علي قتلي الشرطة، خاصة الذين سقطوا قتلي بأيدي المتطرفين وقت أن كان الإرهاب يضرب معظم ربوع مصر، وطال كبار المسؤلين ومنهم رئيس مجلس الشعب السابق الدكتور رفعت المحجوب ووزراء سابقون وحاليون منهم وزير الداخلية والذي كان مازال في الخدمة اللواء حسن الألفي،وحاليا وبعد زوال الإرهاب ألصق لقب شهيد أيضا، وفقا للبيانات الرسمية وماتنشره الصحف القومية علي كل فرد شرطة لقي مصرعه لا علي أيدي إرهابي،ولكن علي أيدي لص يحمل مطواة، أو تاجر مخدرات يحمل رشاشا، ولكن إذا قتل فرد من الشعب بأيدي الشرطة فقد يكون إرهابيا أو مجرما عتيدا، وقد يمنح قاتله " الشرطي " مكافأة ، وقد يقتل أيضا شخصا عاديا وتقيد ضد مجهول، وهذا لا يقلل من الجهود والتضحيات الكبيرة الذي يبذلها معظم رجال الشرطة من اجل تحقيق الأمن والأمان للمواطنين . والسؤال الآن ماذا لو قتل مواطن مصري يدافع عن شرفه أو عرضه أو ماله،أو هب لنصرة سيدة عجوز وقام قتلة محترفون بقتله علي قارعة الطريق، فهل يستحق هذا المواطن لقب شهيد، قياسا علي شهداء الشرطة،ووفقا للتفسير الرسمي وليس الشرعي في منح صفة الشهيد ؟ . أقول ذلك تعليقا علي حادثة وقعت في الأسبوع الثاتي من شهر اكتوبر الحالي في حي الوايلي بالقاهرة،وفي وضح النهار وأمام المارة، الذين تأصلت فيهم السلبية والجبن، وهم يتفرجون. علي طالب ثانوي يلقي مصرعه علي يد 3 مسجلين خطرين ويذبح من رقبته برقبة زجاجة . فقد كان المجني عليه أحمد زكي -19 سنة - يستقل أتوبيس هيئة نقل عام - كما جاء في تحقيقات النيابة - و شاهد 3 أشخاص يحاولون سرقة سيدة تقف في الطرقة وعندما قام بتحذيرها،ونهر السارقين، أنزلوه من السيارة بالقوة، فحاول الاحتماء ببائع فول، إلا أنهم أجهزوا عليه، بعد أن قام أحدهم بشل حركته وذبحه الآخر برقبة زجاجة وفروا هاربين. وتم نقل المجني عليه للمستشفي وفارق الحياة قبل إسعافه. وللأسف هذا الشاب الشهم كان وحيد والديه،وكان ذاهباً إلي مصنعه بعد أن أنهي دراسته في إحدي المدارس الصناعية، ولم يقتله فقط البلطجية، بل سلبية المصريين الذين كانوا يتفرجون عليه وهو يذبح بالزجاج، و أيضا غياب الأمن من الشوارع، بل ساهم في قتله أيضا الإهمال الطبي في المستشفيات . فوفقا لرواية والده _ فإن أحمد زكي مات بعد أن نزف كمية كبيرة من الدم ولم يسعفه المستشفي الذي نقل إليه والقريب من موقع الحادث . يقول الأب تلقيت اتصالا هاتفيا من أحد الأشخاص يخبرني بأن ابني أحمد في المستشفي ويحتاج لنقل دم وعندما وصلت كان قد فارق الحياة، وأخبرني بعض الأهالي بما حدث وأنهم نقلوه وهو علي قيد الحياة إلي المستشفي الإيطالي ثم المستشفي اليوناني في العباسية لكنهما رفضا استقباله مما تسبب في تدهور حالته ثم وفاته متأثراً بالنزيف الحاد الذي تعرض له بعد ذبحه برقبة زجاجة. وأكد أن ابنه توفي لأنه تأخر عن تلقي الإسعافات وأنه كان سيعطيه دمه كله كي يظل علي قيد الحياة، وقال: الحياة توقفت بعد وفاته ولا أجد سببا لوجودي فهو امتدادي وكنت أحيا من أجله لكن القدر اختاره وحرمني منه للأبد..وأنهي الأب كلامه قائلا: عاوز حق ابني من المستشفيين الإيطالي واليوناني ومن ركاب الأتوبيس الذين تركوه فريسة للمتهمين ومن الجناة الذين حرموني منه دون أن يقترف ذنبا والشاب الذي لقي مصرعه، أحمد زكي (وهو يتشابه في الإسم فقط مع الفنان الراحل احمد زكي) مات في صمت لأنه إبن ناس غلابة، ولم تجد أسرته كتيبة إعلامية تستنكر موته غدرا، وقتله مرتين مرة علي أيدي البلطجية،وأخري في المستشفي عندما ترك ينزف حتي الموت، حتي ولو كان ذلك بدون قصد ونتيجة للإهمال الطبي فقط. لقد صرخ والد الطفل في إحدي الفضائيات قائلا " مين يجيب لي حق إبني ؟ ومن يحاسب الإهمال في المستشفيات ؟ ولم يرد علي تساؤلات الاب المجروح أي مسؤل حتي الآن. والحقيقة إن عائلة أحمد زكي رحمه الله تستحق تعويضا مباشرا من الحكومة،وإحالة بعض المسئولين للمحاكمة، لأن جهات عديدة ساهمت في قتله ،وليس فقط إنه مات علي أيدي بلطجية ولصوص ..فقد كان من المفترض أن يكون هناك تواجد أمني في الشوارع بل في وسائل النقل العامة ولاسيما من شرطة النقل والمواصلات . كما أن وزارة الداخلية مسئولة عن مراقبة البلطجية والمسجلين خطر، بل وتطبيق قانون الطواريء عليهم بدلا من تطبيقه فقط علي بعض السياسيين كما أن وزارة الصحة مقصرة في عدم مراقبة المستشفيات المجانية ومن حقها محاسبة، القائمين عليها بتهمة الإهمال الطبي، حتي ولو كانت هذه المستشفيات تابعة لجمعيات خيرية أو لجاليات أجنبية . لقد مات أحمد زكي وهو يدافع عن سيدة عجوز هاجمها 3 لصوص ودفع حياته ثمنا لشهامته ورجولته، ومازالت قضيته قيد التحقيق وربما تتكشف لي حقائق لم اكن أعلمها لأنني لست شاهدا علي تلك المجزرة، ولكني فقط أطالب ولو مؤقتا بأن يحصل هذا الشاب علي لقب شهيد، قياسا علي شهداء الشرطة ووفقا للتفسيرالرسمي وليس الفقهي، لمن ينطبق عليه صفة الشهيد ، فهل يسمح العلماء بذلك، حتي نعيد الإعتبار لهذا الفقيد ومكافأة له، لأنه لم يكن سلبيا علي الأقل، بل مات شجاعا علي أيدي جبناء.