من حق سكان مصر الجديدة أن يسعدوا، لأن وزير الأوقاف قرر أن تبدأ تجربة الأذان الموحد في هذا الحي الهادئ، وربما ترتفع أسعار العقارات في مصر الجديدة بعدما يعم الآذان الموحد بالأجهزة الحديثة والصوت الندي، والتوقيتات المضبوطة أنحاء مصر الجديدة. ومن حق الوزير النائب في مجلس الشوري والفائز ب 300 ألف صوت أن يعدد انجازاته، ولكن علينا أن نسأله ماذا فعل الوزير في قضية الدعاة وخطباء المساجد، وماذا فعل في املاك الاوقاف واستثمارها بصورة تفيد المسلمين وتدر وظائف وعوائد علي البلاد ونسأله ماذا قدمت الوزارة للنهوض بالدعوة الإسلامية وما هي الموضوعات والقضايا التي حسمت مشكلاتنا في مصر. ثم لماذا يصر الوزير علي البدء "بالأذان الموحد" وكأنه قضية القضايا في مصر، ومشكلة المشكلات، وكأن الأذان الموحد سوف يحل أزمة البطالة ويقلل التضخم، وينهي أزمة التعليم ويحسن أوضاع الصحة.. الحقيقة ان الأمر قد لا يهم أحداً في مصر ولعله سيزيد البطالة، لانه يمنع الكثير من المؤذنين من القيام بعملهم. ولعل معالي وزير الأوقاف يعرف ان الناس تعرف الأذان من الراديو والتليفزيون ومن الساعات ومن الموبايلات.. و.... و.... من عشرات الجهات يمكن ان يعرف المسلم مواعيد الأذان، وليس في مقدمة اهتمامات الناس هذه القضية، بينما نجد الوزارة تهتم بها، وتحشد لها الملايين من أجهزة وسماعات وموجات قصيرة وبث إذاعي و.... و... والقضية ليست خطيرة، وقد لا تهم المسلمين، وهي كما يقول العلماء أمر مستحدث في العبادات، بقصد القضاء علي عشوائية المؤذنين وسوء أصواتهم، وهو أمر غريب، لان هذه الأصوات هي جزء من الأصوات التي نسمعها، ولعل هذه العشوائية أيضا هي جزء من العشوائية التي تعيشها مصر، في كل شيء في الشوارع وفي المؤسسات وفي المناهج وفي الخدمات وفي حياتنا كلها. وليس الأذان وحده هو الذي يزعج المصريين، وانما عشرات الأمور الأخري، ويمكن أن نسأل عنها وزارة البيئة التي تؤكد تقاريرها اننا نعيش في أسوأ تلوث سمعي، لعل ما يقال عن الأذان هو -عفواً- أقلها، وذلك إذا صح أصلا ان صوت المؤذن كما يقول معالي الوزير فيه إزعاج أو ضوضاء أو... المؤكد اننا نحتاج لتجديد الدعوة، وتحسين أوضاع الدعاة والخطباء والحفاظ علي لغة القرآن في المساجد، وتحويلها إلي مدرسة إسلامية للاعتدال والوسطية. نبيل رشوان