الصدمة الاكاديمية الحقيقية ستكون بدخول الجامعات المصرية لتصنيف افضل 500 جامعة علي المستوي العالمي وليس بالخروج منه لان المعطيات التي علي اساسها يتم حساب مستوي الجامعات وترتيبها العالمي والمعايير التي تطبق لايتم الالتفات اليها او وضعها في الاعتبار داخل منظومة التعليم العالي المصري. والزلزال الحقيقي حدث عند الاعلان الاول لهذا التصنيف العالمي في اوائل عام 2005 والذي انفرد بنشره الاستاذ لبيب السباعي وقتها كما ينشر الآن توابع الزلزال في 2009 فقد وكانت صدمة صفر الجامعات ولاتزال كبيرة منذ ذلك الوقت لانها ذكرت الجميع بصفر المونديال واذكر انني ذهبت الي لقاء د. عمرو عزت سلامة وزير التعليم في ذلك الوقت وكان للحقيقة منزعجاً للغاية من هذا الصفر ليس فقط خشية علي الاسم العلمي لمصر ولجامعة القاهرة تحديدا وهو احد خريجي الهندسة بها ولكن لانها كانت المرة الاولي ايضا.. التي نعلم فيها ان التعليم العالي والبحث العلمي اصبح له مقياسا عالميا وترتيباً وجوائز قد لا تكون مادية ولكنها تقترب في اهميتها من اهمية جائزة نوبل في مختلف التخصصات وقد شكل الوزير مشكورا في ذلك الوقت لجنة لبحث هذا الامر والوقوف علي المعايير التي يتم تطبيقها ولكن لم يستمر د. عمرو عزت سلامة كثيرا في موقعه الوزاري وحدث تغيير وزاري ولكن استمر الاهتمام بما حدث وخاصة من جانب جامعة القاهرة التي كانت اقرب وافضل الجامعات المصرية الي الدخول لهذا التصنيف وقد اعلن د. علي عبدالرحمن رئيس الجامعة السابق وقتها انه اتصل بالمعهد التربوي- الصيني- وعقد معه مناقشات وبالفعل نتيجة اطلاعنا علي القواعد والمعايير التي يتم تطبيقها وهي ستة معايير- تم دخول جامعة القاهرة الي تصنيف افضل 500 جامعة وجاء ترتيبها في المركز 403 ولمدة عامين متتاليين وكان الفضل في ذلك كله الي معيار "عدد الحاصلين علي جوائز نوبل" من خريجي الجامعة ومن ثم يصبح السؤال لماذا لم يستمر تواجد الجامعة علي الخريطة العالمية- رغم وجود نفس المعيار "نوبل" الذي دخلت علي اساسه؟ الاجابة واضحة وهي ان المعايير الخمسة الاخري لم يحدث اي تحسن لنا فيها في حين حدث تحسن وتطور في الجامعات الاجنبية علي مستوي العالم كله- فعلي سبيل المثال التصنيف الدولي الصيني يعطي درجات لمعايير اولها لكتاب الاعتماد والتصنيف- طبقا لمعايير الجودة- ونحن مازلنا في بداية هذا الطريق ولا يوجد لدينا حتي هذه اللحظة كلية واحدة قد حصلت علي الاعتماد- المعيار الثاني هو عدد الجوائز الدولية التي حصلت عليها الجامعة وهذا المعيار تحديدا هو ما ادخل- جامعة القاهرة- في التصنيف في السنوات الماضية حيث حصل ثلاثة من خريجيها وهم: نجيب محفوظ وياسر عرفات ود. محمد البرادعي علي جوائز نوبل. اما المعيار الثالث فهو عدد براءات الاختراع التي سجلت باسم الجامعة واساتذتها وهذا المعيار خرجنا منه ايضا لعدم حصول احد علي براءة الاختراع العالمية كذلك معيار أخر مهم وله درجات كثيرة وهو عدد البحوث العلمية والانسانية التي تنشر في كبريات الدوريات والمجلات العلمية وقد حصلنا فيه علي درجات قليلة ولكن ليست منعدمة وهذا البند تحديدا هو ما التفتت اليه جامعة القاهرة في السنوات الاخيرة ووضعت خطة لتطوير الدراسات العليا بها وقد قام د. حسام كامل نائب رئيس الجامعة في ذلك الوقت ورئيس الجامعة الحالي بجهد كبير في ذلك مع د. علي عبدالرحمن وهما يؤكدان دائما اننا لدينا جهد علمي لكن للاسف لا ينشر عالميا ولانحرص علي ذلك بسبب مشاكل كثيرة لذلك قررت الجامعة- التكفل المادي الكامل لنشر الابحاث في الدوريات العلمية وعلي رأسها دوريات مجلة العلوم والطبيعة الدولية- كذلك بدأت الجامعة في وضع حوافز للباحثين والجوائز المالية وتمويل سفر الاساتذة الي الخارج لحضور المؤتمرات العلمية وهي الخطة التي من المنتظر ان تسفر عن نتائج في الفترة المقبلة، اما عن المعيار الاخير وهو عدد مرات الاضطلاع والاستفادة من العلماء في دول العالم لانتاج البحوث العلمية لدينا فهذا المعيار أيضا مرتبط بالمعيار السابق وبالتالي لم نحصل فيه علي درجات. وهكذا ستري ان جميع المعايير التي يتم علي اساسها التصنيف لها علاقة باوضاع البحث العلمي والانتاج العلمي لجامعاتنا وهو بالتأكيد كما نعرف ليس علي سلم اولويات التعليم في مصر فميزانية الابحاث والتجارب في عدد كبير من الكليات وعلي رأسها كليات العلوم تكاد لاتصل الي بضع مئات من الجنيهات سنويا، فجامعاتنا كما يؤكد الخبراء مهمتها محصورة فقط في التدريس والعملية التعليمية للطلاب وانه حتي بالنسبة لاوضاع الدراسات العليا بها فهي للأسف لا تتم وفق خطط محددة وغالبا ما تكون تكرارا لما هو موجود والرسائل العلمية يختارموضوعها ويتحكم فيها الاساتذة السابقون ولا مجال لاي ابداع علمي حقيقي وان الخطط التي يتم وضعها الان لتخفيف الكثافة والتكدس بجامعاتنا التي توصف بانها "جامعات ديناصورية" بعدد طلابها لا تهدف الي تطوير المستوي العلمي والبحث الحقيقي داخل جامعاتنا دائما تهدف فقط الي تحسين الشكل الخارجي للتعليم والتدريس حتي اصبحت كلياتنا مجرد مدارس ثانوية تعتمد علي الملخصات والكتاب المقرر والدورس الخصوصية ومن الطبيعي في هذه الحالة ان تجد اعترافاً من د. هاني هلال وزير التعليم العالي بتوفير التمويل للبحث العلمي ووجود فائض مالي فيه ولكننا وللأعجب لم نسمع عن عقد اي اجتماع لمناقشة هذه المفارقة ووضع خطة للاصلاح واكتفينا بدلا من ذلك بضم اكبر الاسماء العلمية المصرية ووضعها في مجلس اعلي للعلوم والتكنولوجيا لم نعرف حتي الآن متي اجتمع وما هو جدول اعماله وما هي الخطة المستقبلية او خطط الاصلاح لكي تدخل بحق جامعاتنا ومراكزنا البحثية الي التصنيف العالمي- والآن نحن لا نملك رفاهية الانتظار سنوات اخري فهل نأمل ان نسمع ان قضية التطوير الحقيقي لجامعاتنا سوف تأخذ في الاعتبار- ام سنكتفي بان نعلن انه قد شكلنا مجلساً اعلي للعلوم والتكنولوجيا ونضيف له يوميا جميع الاسماء المصرية- المهاجرة- التي تفوز بجوائز علمية دولية- وكل صفر وأنتم بخير.