زاد في الآونة الأخيرة التحدث عن الفساد وضربه ورفضه وظهرت قضايا فساد عديدة منها المتوقع ومنها غير المتوقع في كل الجهات وكلها قضايا فساد مالي من رشوة وعمولة واستغلال نفوذ وتربح وغيره.. مع استخدام مصطلحات العصر مثل اهدار المال العام والتربح وغيرها، وكلها تدور في مدار المال، وأنا في اعتقادي ان كل هذا وجه واحد للفساد بمعناه الاشمل وهو محور واحد صحيح مهم وحيوي ومؤثر لكنه اسهل انواع الفساد ضربا واحباطا لانه مراقب، وهناك مستندات وماليات ودورة مستندية طويلة يسهل معها ضبط الفساد المالي بأنواعه كلها وهو بؤرة اهتمام الدولة واجهزتها بالكامل بل ولها اجندة خاصة بها من رقابة ادارية، واموال عامة، من دولة وجهاز مركزي الخ.. ولكن ما شأن وجوه الفساد الاخري العديدة والتي تنخر في عظام وهيكل هذا البلد وتدمره تدميرا ذاتيا باستعراضه نجد ان المؤدي الاول للفساد المالي بؤرة الاهتمام ولنستعرض معا ونسأل ونجيب ونرفع القناع عن وجوه الفساد الاخري في مجتمعنا ثم نري بعد ذلك الكثير من امورنا: وهناك تساؤل اليست الشكاوي الكيدية فسادا يرتدي ثوب المثالية ويختفي خلف حماية المال العام وغيرها من مصطلحات العصر، شكوي طويلة غير موقعة تمس شرف الناس واعراضهم بلا مستند او دليل انما هذا كل جبان يؤدي لتداعيات عدة وهي علي سبيل المثال اضاعة الوقت في الرد تشتيت الذهن عن الانتاج تشكيك في ناس ابرياء، اطلاق شائعات يصعب تداويها، نفوس ضعيفة تروج لها أليس هذا كله فسادا في المؤسسة والمجتمع، والغريب رغم ان قانونا الشكاوي غير الموقعة وليس بها وقائع محددة لا تدرس او يلتفت اليها وانما الغريب انها تأخذ منعطفا جادا للغاية ومتابعة من كل الجهات في وقت نحتاج لكل دقيقة تركيز وجهد لدفع العمل أليس هذا فسادا. وهناك التصفيق والتهليل للمسئول ومن المرؤوس لرئيسه حتي بالكذب والنفاق أليس هذا فسادا "النفاق" ونقل الامور بالكذب للرؤساء وايجاد جو من التوتر والعنف والقرارات المستمرة التي تهدد استقرار العاملين والعمل مما يؤدي لارتباك شديد وهبوط في الاداء اليس هذا فساد "الكذب" والابتزاز ولا اقصد هنا الابتزاز المالي انما الابتزاز الادبي مسئول ما يملك آليات للضغط علي البعض يطلب طلبات مرفوضة وغير مستطاعة فبالتالي لا تنفذ يكون المقابل تهديدا ووعيدا للوصول لمسئولين لضرب عنق هذا الشخص لعدم استجابته أليس هذا ابتزازا من فئات بارزة بالمجتمع واشخاص يفترض فيهم الحماية والامان ومنع الفساد ومحاربته أليس هذا فسادا "الافتراء". وهناك المدرس والطبيب والمهندس والمحامي وغيرهم ممن لا يؤدي عمله كما ينبغي ويراعي ضميره وخلقه وعلمه مع الناس يؤدي لانهيار مجتمع كامل أليس هذا فسادا والحديث هنا يطول لكنه خارج موضوع المقال الذي اذكر فيه فقط وجودها للفساد تفزع حياتنا "الاستعمار". وأتناول انهيار القدرة والمثل الاعلي وسقوط الرموز والتمثيل بمن يخرج من العمل وتدمير السابق لابراز اللاحق يدمر رؤية الشباب ويفقدهم الحماس ويجعلهم يعملون اما في خوف وارتعاش وهذا بداية النهاية او بعدم مبالاة بمبدأ "يالا نفسي" أليس هذا فسادا ممن يقوم بهذا الدمار. والمثير انه لا تتم محاسبة اي مسئول الا بعد خروجه من السلطة والقوة وتفتح عليه ملفات جهنم وابوابها، اين كانت هذه الملفات ابان سلطانه ولماذا لم يحاسب آنذاك اليس هذا فسادا في القدوة والصدق والشفافية "الخيانة". والا يعد فسادا الاسفاف في الذوق في الغناء والفن والطب والادب والذوق العام اليس هذا فسادا يدفع بالشباب والاطفال لمنعطف خطير لا يعلم مداه الا الله ويروج لها من اجل المادة والمكسب وليس للقيم اي ميزان او حساب ثم نطلق اعتدال الشباب من اين؟ اليس هذا فسادا. وكذلك الواسطة والمحسوبية علي حساب الحق والعدل ناس تركب فوق ناس وتعلو وتأخذ فرصهم وهم الادني والاضعف مما يفقد الشباب النافع المؤدي اهتماماته ويصاب بإحباط شديد ثم نسأل من اين يفرز الارهاب والبلطجة والعنف والاسفاف الخلقي انه الظلم والاحساس بانعدام القيمة والاحساس بأنك مواطن ثان في بلدك ومجتمعك ولا نجد مواطنا اول حتي الواصلين بمجرد خروجهم عن الدرب اليس هذا فسادا "الظلم". واتوقف اما اطلاق الاتهامات والشائعات جزافا واستغلال البعض لها لتحقيق مكسب ادبي او اجتماعي علي حساب ذلك لمجرد السماع دون تقيد مما يزيد احباط الناس وتوترهم الامر الذي ينعكس بالسلب علي الاداء ونجد الامور بها تعميم للمكسب ولاخفاء مكسب اقوي للمروجين او راكبي الموجة دون اي اعتبار اخر ولا يعرف هؤلاء من اطلق التهم او الشائعات او من روجها او من ركبها للمكسب انهم اعداء الحياة ذاتها أليس هذا فساد "الاهانة". وكذلك اختيار الاصدقاء والمحاسيب للعمل مع المسئول دون النظر لقدراتهم وامكانية ادائهم، اهل الثقة وليس اهل الخبرة آفة مصر منذ التاريخ مما يضعف الاداء اليس هذا فسادا.