عندما يغيب القانون وتعلو كلمة الاستبداد والقهر والفساد فمن الطبيعي ان يثور الشعب ويعبر عن رأيه وسط جحافل المنافقين واصحاب الاهواء والادواء ومحبي الشهرة واحدي اهم وسائل التعبير الشعبي عن السخط العام هي فكرة عقد محاكمات شعبية لمسئولين توجه لهم تهم الاساءة الي شعوبهم، فعلي سبيل المثال في مصر، لم نر او نسمع ان هناك ثمة مسئولاً حكومة او وزيراً او رئيس وزراء او رئيس الدولة تم محاكمته عن جرائم ارتكبها أثناء تأدية وظيفته ولايوجد من الأصل قانون صالح للتطبيق لمحاكمة الوزراء فالقانون الوحيد الذي صدر في هذا الشأن صدر أيام الوحدة مع سوريا ولايصلح للتطبيق نظراً لخصوصية تشكيل المحكمة والتي تجمع أعضاء من مصر وسوريا. أي أن القانون المصري يتعامل مع الوزراء ومن فوقهم من المسئولين علي انهم معصومون من الخطأ أو والعياذ بالله آلهة منزهة عن النقص فكان من الطبيعي ان تنشأ فكرة المحاكمات الشعبية، والتجربة الاخيرة التي عقدتها لجنة الحريات بنقابة المحامين بشأن محاكمة وزيري الثقافة والنقل خير شاهد علي صحة السخط الشعبي من تدهور الاحوال وذيوع الفساد وتردي مستوي الخدمات وحالة اللامبالاة التي يتعامل بها المسئولون مع هذا الشعب المقهور. وقد توجه بعض الانتقادات بحق هذه المحاكمة لكونها قد تعرضت للحياة الشخصية والصاق التهم جزافاً ولكون الحكم الصادر من المحكمة الشعبية غلب عليها الطابع السياسي وضغوطها وخاصة في مجاملة وزير الثقافة واختزال المحاكمة في قضية الحجاب فقط دون باقي اوجه مسئولياته والتحامل الشديد علي وزير النقل بالرغم من حداثة عهده بالوزارة ولكن لاشك انها تجربة ناجحة وعبرت بحق عن مكنون الرفض الشعبي للممارسات غير المسئولة من هؤلاء المسئولين وكانت صوت الشعب الذي اعيد للحياة من خلال هذه المحاكمات وهو جهد مشكور وعمل مأجور للجنة الحريات بنقابة المحامين بقيادة منتصر الزيات مقرر اللجنة واعضائها ونخص منهم الأساتذة سعد حسب الله واسعد هيكل، محمود رضوان، اشرف فاروق، عصام احمد، وعادل بدوي المحامين ونأمل أن يستمر هذا المنبر معبراً عن معاناة وآمال هذا الشعب الذي ظُلم كثيراً.