بعد أن قويت شوكة المنافقين وتكاثروا على أرض المحروسة وتنوعت مواهبهم الممقوتة وتعددت امتيازاتهم السلطانية حسب درجات نفاقهم تبدت لي فكرة انشاء ناد للمنافقين في الصحف المستقلة والمواقع الالكترونية لعلها تخفف الألم الروحي والجسدي عمن يكابد وقاحة النفاق والرياء ويتجرع مرارتهما يوميا في الشارع وعلى قنوات التلفزيون الحكومية والخاصة وفي الصحف والمجلات والمطبوعات، أو لعلها تكون حجرا في وجه تغول سلطة الكذبة والمرائين في طبقات الشعب أو سلوكا مقاوما ورافضا لولوغ ظاهرة النفاق المقيتة في قيم المجتمع رغبة في ارتياد موائد الفساد المادي والأخلاقي التي تقيمها السلطة لأنصارها وتوابعها. وآمل أن يتبني هذه الفكرة كل من لديه غيرة على القيم الأخلاقية ويحلم بعودتها للأجيال القادمة من أبنائنا وأحفادنا، كم أتمني أن تتكاتف الضمائر الحية من النخبة الواعية في كل وسائل الإعلام المستقلة لأخذ الفكرة مأخذ الجد، بعد أن ضاقت الصدور بالقيم الهدامة التي تجري في شرايين المجتمع المصري مجرى الدم. وهذه الفكرة مستوحاة للرد على اغتصاب حق الشعب في الانتخاب الحر المباشر وفرض وصاية القهر والاستبداد عليه، ولمناهضة تنامي ظاهرة النفاق واختلاف مدارسها في الشارع المصري من النفاق السياسي والنفاق الاقتصادي والنفاق الاجتماعي إلى النفاق الرياضي، بعد أن صارت خصلة النفاق خبز النظام وأكسجين الجهاز الإداري ومؤسسات الدولة ومرافقها الحيوية. ويرجع الفضل في بزوغ فكرة إنشاء ناد للنفاق إلى الإبداعات الفذة للمنافقين والتي يمارسها باحتراف ومهنية فاضحة كثير من إمعات الساسة والمروضين من رجال المال ورؤساء الجامعات ومعظم المحافظين وأهمهم حارس مرمى سابق ضليع في فنون النفاق، وبعض المعلقين الرياضيين، وطيب الذكر محافظ الشرقية عندما سأله الرئيس عن بلده، رد المحافظ وقال: " اللي تأمر بيه يا ريس !!! " هذا المحافظ الذي اعتلى منصة القضاء لم يخجل من التنصل من ذكر البلد التي ولد بها واستمرأ محو شخصيته، لماذا ؟ وكيف يكون منتميا لبلده الصغرى أو لبلده الأم في يوم من الأيام ؟ وكيف يخدم مثل هؤلاء وطنا لا ينتمون إليه ؟ ويحضرني في هذه القضية الموجعة أمثلة من التراث الإسلامي تبين حجم الجرم الذي يقترفه المنافقون في حق الله وحق الشعب والوطن بجميع مكوناته عندما ينافقون أحد المسلطين على مقدرات الشعب وأرزاقه، ففي الحديث الشريف عن أبي أمامة ( إن الكذب باب من أبواب النفاق) وفي حديث آخر ( العلماء أمناء الرسل على عباد الله ما لم يخالطوا السلطان، فإذا فعلوا ذلك فقد خانوا الرسل، فاحذروهم واعتزلوهم ) ومن الأثر قول حذيفة : إياكم ومواقف الفتن! قيل وماهي ؟ قال : أبواب الأمراء، يدخل أحدكم على الأمير فيصدقه بالكذب، ويقول " له " ماليس فيه؛ ونقل عن ابن مسعود قوله : إن الرجل ليدخل على السلطان ومعه دينه، فيخرج ولا دين له، قيل له : ولم ؟ قال : لأنه يرضيه بسخط الله. • كيفية اختيار الأعضاء تتلخص الفكرة في إجراء استطلاع رأي شهري عن أوقح المنافقين وأسوئهم بناء على الوقائع المنشورة بالصحف والحوارات الحية بالقنوات التلفزيونية وبالمعايشة اليومية، على أن يضم النادي كل المنافقين على المستويات المختلفة بالدولة، وتكون العضوية في النادي بناء على اختيار القراء لمن تتوفر فيه صفات المنافق حسب قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( صفات المنافق ثلاث: إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان )، ولا يعني ذلك أن العضو المنافق ليس له دخل أو مطلق الحرية في ترشيح نفسه، لأن اختياره يتم من خلال أقواله وأفعاله فهي بمثابة طلب العضوية في نادي النفاق. وتشمل مجالات الاختيار كل نشاط الأفراد في التشكيلات السياسية من النظام والأحزاب خاصة الحزب الوطني وأجهزة إدارة الدولة إلى بقية مؤسساتها الحكومية، ولا يستثنى من الاختيار القطاع الخاص أو الاستثماري، وفي نهاية كل شهر ستكون لدينا قوائم بأسماء المنافقين ودرجات نفاقهم( من أ إلى ج )، والدرجة جيم هي أسوأ الدرجات وأحطها في النفاق ويحصل المنافق بمقتضي التصويت الشهري على العضوية المؤقتة لنادي النفاق، ثم تعتمد العضوية الدائمة بناء على تكرار تصنيفه في القوائم الشهرية للمنافقين ثلاث مرات متصلة أو متفرقة. والرئاسة غير الشرفية للنادي يحصل عليها أكبر المنافقين سنا، لاستمراره في النفاق رغم قربه من الآخرة، أما الرئيس الفعلى لنادي النفاق فيقيم ويختار بناء على عدد من المعايير الدقيقة وأهمها: 1- خطورة وصلات النفاق أوالرياء ودرجة الضرر التي تلحقها بالشعب فرادى وجماعات. 2- تكرار الفعل النفاقي عدة مرات ومواصلته. 3- أهمية النفاق بالنسبة لموضوع الضرر. 4- المركز العلمي أو السياسي الذي يشغله المنافق. ويتشكل مجلس إدارة نادي النفاق من بين أعضاء النادي المؤسسين، ويجدد سنويا حسب القدرات النفاقية بدون تمييز في الجنس أو اللون أو الدين، ويتكون هذا المجلس من أحد عشر منافقا هم أشد المنافقين نفاقا في النادي، منهم الحارس غير الأمين وخط الدفاع وخط الوسط والهجوم، وفي نهاية كل عام سيكون فريق جوقة النفاق بناء على اللياقة النفاقية، ويمكن لهذا الفريق إقامة حفلات نفاق يقدم فيها كل منهم وصلة في التلبيس والبليس، ويمكن الاستعانة بالمؤتمرات الحزبية والجامعية في اكتشاف مواهب النفاق( البراعم )، وربما يستطيع عدد منهم الاحتراف في الدول والنظم التي تشجع النفاق وتدفع أكثر للمنافق بعد زوال سلطتهم وامتيازاتهم والقوى الداعمة لهم حتى لا يفقدوا لياقتهم النفاقية بسبب توقفهم عن ممارساتهم المخجلة والفاضحة، ولابد لكي تكتمل الفكرة أن تنتقى أكثر تعبيرات النفاق فجاجة في كل شهر، ثم تحصر على مدار العام في كتيب، أو نشرها بصورة منتظمة وواضحة في الصحف عساهم أن يرتدعوا أو يتوبوا، أملا في أن نربى أبناءنا وأحفادنا على مكارم الأخلاق وقيمها السامية وفي مجتمع يقدر العمل والصدق والمروءة والتكافل ويرفض الشللية والمحسوبية والاقتيات على جهد الغير، وينبذ الاستسهال والاستهبال والنفاق. ملحوظة مهمة: ترقبوا إنشاء أندية للصوص والمزورين والمرتشين والمحتكرين والطراطير .. قريبا [email protected]