تعجبت كثيراً من ردود الأفعال المتباينة من بعض رجال الدين المسيحي الذين قامت نهضة مصر باستطلاع رأيهم حول اللقاء وعنه. وبداية أعتب علي صحيفتنا الغراء "نهضة مصر" في كونها قد أجرت ما يقرب من ستة حوارات متتالية عن اللقاء العلماني الأول "رؤية علمانية في الإشكاليات الكنسية".. خمسة منها تمثل وجهة النظر الأخري، وحوار واحد فقط مع منسق اللقاء كمال زاخر. ولم يتم التحاور مع شخصيات أخري مؤيدة للقاء سواء ممن شاركوا بأوراق بحثية في اللقاء أو ممن شاركوا بالحضور والنقاش. وبالطبع، في مثل هذه الحالات لا يكفي عرض أوراق اللقاء بشكل منهجي يفتقد لحيوية الحوار المباشر. وهو ما أدي لتغليب وجهة النظر المضادة للقاء بدون إعطاء الفرصة المتساوية والمتوازنة للقائمين علي اللقاء. بالإضافة إلي العديد من الإجابات التي تم طرحها، وهي ترتكز علي معلومات غير دقيقة، وبالتالي، فإن رد الفعل القائم علي معلومة غير صحيحة هو رد فعل وهمي بطبيعة الحال. ومثال ذلك، وبدون تعليق منا: حوار القمص صليب متي ساويرس الذي وصف اللقاء بأنه عدم لياقة وقلة أدب، ومؤامرة، بالإضافة لقوله أن اللقاء ناموسة علي شجرة الكنيسة (نهضة مصر 15/11). حوار الأنبا بيسنتي الذي وصف فيه اللقاء بأنه ليس له قيمة، كما أن القائمين علي اللقاء ليسوا أهلاً لذلك، ولا يمكن الأخذ برأيهم. وإن الكنيسة بها من العقول والمفكرين القادرين علي وضع تصور لأي قضية مطروحة في أجندتها (نهضة مصر 18/11). حوار الأنبا كيرلس الذي اختزل فيه اللقاء في شخص كمال زاخر وحده، وشكك في انتمائه للكنيسة الأرثوذكسية (نهضة مصر 19/11). حوار المستشار نجيب جبرائيل الذي وصف اللقاء بأنه سلة من الأشواك قدموها للبابا يوم جلوسه، كما طالب بتعديل لائحة انتخاب البابا. وأعتقد أن أفضل تعقيب علي ما سبق، هو البيان الختامي للقاء، والذي تم إهداؤه للبابا شنودة الثالث وللكنيسة القبطية حيث أكد علي أن انعقاد اللقاء العلماني الأول يأتي في سياق مبادرة من المواطنين المصريين الأقباط المهمومين بالشأن المصري بوجه عام والقبطي بوجه خاص.. حيث يمثل اللقاء تجربة جديدة اعتمدت علي الجهود الشخصية من البعض من أبناء الكنيسة بدون أي تمويل من جهة أو مؤسسة مصرية أو أجنبية، ذلك في إطار الحرص علي اعتماد الموضوعية، وتجنب كل ما يمس الجوانب الشخصية من أجل تقديم رؤية للتطوير داخل المؤسسة الكنسية. وقد انطلق القائمون علي اللقاء في طرحهم من خلال وعي كامل بأهمية دور الكنيسة القبطية كواحدة من أعرق مؤسسات الوطن، كما إنها واحدة من أهم الآليات المؤثرة في تكوين الوجدان للمواطنين المصريين الأقباط. واللقاء بهذا الشكل يعتمد مبدأ أن العلمانيين والكنيسة هما وجهان لعملة وطنية واحدة لا محل للجدل والنقاش أو (المزايدة) عليها. وقد أكد القائمون علي اللقاء علي ما يلي: إن هذا اللقاء قام علي الشباب من جانب، وعلي خبرة السنوات من البعض من جانب آخر. وهو نوع من التواصل ظهر بوضوح من خلال العمل الجماعي لفريق من الشباب.. كان رهانه الأساسي هو نجاح رسالة اللقاء. إن اللقاء ليس ضد الكنيسة ورموزها أو علي طرفي النقيض منهما، بل يقدم رؤية علمانية من الداخل للتطوير. وبالتالي، يقدر القائمون علي اللقاء التصريحات القيمة والحكيمة للبابا شنودة الثالث وللأنبا موسي وللأنبا مرقس بشأن اللقاء. إن البابا شنودة الثالث بمعرفته وخبرته وحكمته هو وحده الذي يستطيع اتخاذ القرار بانطلاق مبادرة جديدة للتطوير داخل الكنيسة في هذه المرحلة التاريخية الهامة.. من أجل المزيد من المؤسسية والتنظيم. إن استبعاد القائمين علي اللقاء لبعض الشخصيات.. لا يحسب بالطبع موقفاً منهم.. بقدر ما يكن لهم كل التقدير والاحترام؛ غير إن المنظمين للقاء يرفضوا (فرض) أجندة شخصية علي اللقاء. كما أكدوا أنه لم تتم دعوة مكس ميشيل أو أحد من أتباعه.. كما حاول البعض أن يروج لذلك في الصحف والمجلات. إن قرار القائمين علي اللقاء باستبعاد المساهمات البحثية من المسيحيين الكاثوليك والبروتستانت.. إنما يعود بشكل أساسي إلي المحاولات التي قام بها البعض في الترويج إلي أن هذه المشاركة هي نوع من (تصفية) الحسابات والصراع بين الطوائف المسيحية. للحديث بقية [email protected]