أوقفوا الحملة الظالمة ضد الكنيسة القبطية) عنوان مقال تم نشره علي حلقتين في صفحات نهضة مصر بتاريخ 31 أكتوبر الماضي و4 نوفمبر الجاري. وما دعاني لكتابة هذه الكلمات هو العديد من الحقائق والمغالطات التي يروج لها البعض في خلط غير متعمد من وجهة نظري، بل ويميل إلي حسن الظن القائم علي عدم توافر المعلومات عن بعض الملفات علي الساحة المصرية والقبطية الآن. أما عن الحقائق التي نتفق فيها مع ما جاء في المقال، فهي: 1- وطنية الكنيسة القبطية.. كواحدة من أهم وأقدم مؤسسات المجتمع المدني في مصر. وهي حقيقة لا جدال عليها أو خلاف فيها. وفي اعتقادي ان وطنية الكنيسة هي فخر لكل مصري.. المسلم قبل المسيحي. 2- ان وطنية البابا شنودة الثالث هي حقيقة معروفة لدي كافة أبناء مصر والدول العربية. كما أن موقفه الثابت نحو قضية القدس وعدم زيارة أقباط مصر لها.. هو ما جعله "بابا العرب" كما أطلق عليه البعض في الفترة الأخيرة. 3- إن موقف الكنيسة القبطية تجاه الدين الإسلامي.. هو موقف يميل للوضوح والشفافية في ترسيخ مبدأ العيش الواحد والمصير الواحد مهما حدث من أزمات طارئة بسبب الحراك الاجتماعي. وهو موقف أكثر وضوحاً من مواقف الغرب الملتبسة مثلما حدث مؤخراً مع تصريحات رئيس دولة الفاتيكان البابا بنديكت السادس. أما المغالطات التي تحتاج لسرد بعض المعلومات، فهي: 1- لماذا هذا الخلط بين ملفين متباينين تماماً.. أولهما الحديث عن البطريرك الوهمي المزعوم ماكس ميشيل، وبين جمال أسعد وكمال زاخر؟!!. وهو خلط مبني علي عدم معرفة، وعدم متابعة سواء لتصريحات جمال أسعد أو كمال زاخر. وبغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع توجهاتهما أو آرائهما غير أن موقفهما في هذه القضية علي وجه التحديد هو موقف (الضد) من ماكس ميشيل. وأكاد أجزم أنه لا يوجد بينهما تلك العلاقة التي حاولت المقالة ترسيخها لدي قراءة المقال. وما يترتب علي ذلك من ربطه مع الأنبا بيشوي. 2 - ولماذا القول من أن ماكس ميشيل يفضل الكنيسة الكاثوليكية التي تؤمن بقرارات مجمع خلقيدونية؟. وجدير بالذكر، أن نؤكد علي أن تنصيب ماكس ميشيل كاهن أو أسقف أو حتي بطريرك هو غش لا ريب فيه لأنه قد تم تنصيبه من جماعة غير رسولية بمعني أنها لا تتبع تاريخياً أي كنيسة.. بمعني أننا نطلق علي الكنيسة القبطية أو علي كنيسة الفاتيكان (كنائس رسولية) لأنها تقر بأن (الكهنوت) ينتقل من عصر إلي عصر (أي من السيد المسيح إلي الرسل والتلاميذ، ومنهم إلي الأساقفة والبطاركة).. كما أن الكنيسة الأولي أسسها مرقس(من ال 70 رسولا) بينما أسس الكنيسة الثانية بطرس (من تلاميذ السيد المسيح). وأصبح كافة باباوات الكنيستين هم الجالسون علي كرسي مرقس أو بطرس علي التوالي.. فالبابا شنودة الثالث هو البابا ال 117 منذ مرقس وإلي الآن. أضف إلي ما سبق، إن تنصيب البطريرك الوهمي المزعوم تم من خلال حفنة من الأساقفة الموتورين والمحرومين من كنائسهم وبالتبعية من الكنائس الخلقدونية من عدة دول متعددة.. حيث تجمعوا وانشأوا هذا المجمع الأمريكي المزعوم في محاولة لتأسيس كيان كنسي.. حاولوا أن يضفوا عليه طابع الشرعية من خلال تنصيب بطريرك علي غرار ماكس ميشيل. وبالتالي، فإن ما تم بناؤه والترويج له علي باطل.. فهو باطل بالتبعية والضرورة. وبالتالي، فهو لا يميل أو ينتمي للعائلات الكنسية المعترف بها. 3- محاولة التأكيد علي أن سبب الهجوم علي الأنبا بيشوي يعود لكونه يقف مع رئيسه الديني -أي البابا شنودة الثالث- وبجانب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية. وهو قول يتنافي مع الحقيقة.. خاصة أنه يضعنا أمام عدة بدائل لا نستسيغ أيا منها، وعلي سبيل المثال: - هل كل من يقف مع رئيسه الديني من الأساقفة يتعرض للنقد؟. - وإذا كان كذلك، هل نختزل الخلاف أو الاختلاف مع البابا شنودة في الهجوم علي هم من حوله؟. - وآليس هذا الطرح الأخير هو نوع من تصفية الحسابات بشكل يسيء لكافة الأطراف من جانب آخر لو كان حقيقة لا غبار عليها!!. وبعد، إن اللقاء العلماني الأول المزمع عقده يومي 14 و15 نوفمبر تحت عنوان "رؤية علمانية في الإشكاليات الكنسية" هو نوع من الحوار المغلق، وغير مسموح بالحضور فيه إلا لأسماء محددة جداً للحفاظ علي مستوي مضمون النقاش حول محاور اللقاء من جانب، ولعدم الانزلاق في متاهة الجدل السفسطائي من جانب آخر. وقد تعجبت كثيراً بسبب العديد من الآراء والتصريحات التي نشرت، وليس لها أي أساس من الصحة علي غرار مشاركة البعض ممن لا صلة لهم بالمؤتمر من أساسه.. خاصة في جانب الإعداد والتحضير، أو ممن لم ترسل لهم دعوات من الأصل.. ويصرون علي الإدلاء بتصريحات تفيد عكس ذلك. إن اللقاء يقوم علي محاور علمية ويعتمد المناقشات الموضوعية، وهو ما ترتب عليه دعوة البعض واستبعاد البعض الآخر.. تجنباً للدخول في أية قضايا شخصية أو مهاترات(تصفية الحسابات). وبالتالي، عدم تناول الشخصيات بقدر تناول القضايا العامة أو المتخصصة. إن اللقاء لا يعتمد في منهجيته - كما يحاول البعض أن يروج _ مبدأ العداء ضد الكنيسة أو القيادات الكنسية، بل علي العكس، فنحن مع تقديم رؤية تقييمية لمراجعة الواقع الفعلي من أجل تطوير أدائه للوصول لشكل متكامل من العمل المؤسسي داخل الكنيسة من جانب، واحترام وتقدير البابا شنودة والقيادات الكنسية من جانب آخر. إن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وعلي غرارها الأزهر الشريف.. هما من أقدم المؤسسات الدينية في العالم. كما انها من أكثرهم حفاظاً علي التراث والتقاليد. وبالتالي، فإن الحديث عن الإصلاح فيهما.. لا يجب أن يأتي من خارجهما بل من أتباعهما وأبنائهما؛ لأنه لا إصلاح مع التفتيت والانشقاق. علي هذا النحو، يُعد هذا اللقاء هو الأول من نوعه، والذي يضم بين جلساته العديد من نخب المصريين المسيحيين العلمانيين، وهي تجربة تستحق التوقف والتقييم بعد ذلك.. خاصة إنها المرة الأولي التي يجتمع فيها العديد من الاتجاهات الفكرية المختلفة.. بعد أن عملوا لسنوات طويلة كجزر منعزلة.