أمسكت بقلمي فوجدته حائرا تشده أمور شتي وأفكار تباينت وتشابكت وتباعدت وتقاربت وتنافرت، مما جعلني في حالة توجس وقلق ما الذي يحدث من حولي ومال الناس وقد تغير بعضهم كثيرا، أشفقت علي القلم وكان كعادته لا يعشق النضوب ولا يهوي الكسل وسألته أن يكتب حتي ولو ملخصا لما يدور في العقل والقلب واللسان.. قال اكتب وأمري وأمرك إلي الله.. قال أشد ما يحزنني في عالمنا العربي الآن ذلك الموقف المتردي في فلسطين الحبيبة ولماذا لا نري السلطة وحماس يدا واحدة.. فالهدف الأسمي للصهاينة هو سحق هامتنا العربية من خلال فلسطين والعراق وما سوف يأتي.. فهل من عقلاء يحسبون للأمور حسابها وللمواقف عاقبتها؟ هل سنكتفي بالصلاة من أجل فلسطين، هل ستكون الخطب الرنانة سلاحا نهزم به الأعداء.. صمت القلم قليلا ليذكرني بأبيات جميلة غنيناها مع فيروز تقول (سنرجع يوما إلي حيفا/ ونغرق في دافئات المني/ سنرجع مهما يمر الزمان/ وتنأي المسافات ما بيننا). استراح قلمي قليلا ليعاود رحلة الكتابة في أمر آخر مع أنه لا يعشق السياسة يحبها لكنه يتعامل معها بحذر فبحورها تغرق أمهر الغواصين. قال.. خطاب شديد اللهجة وجهته إيران لأمريكا وأوروبا بشأن إمكانها التحكم في مرور النفط بدول الخليج وإصرار إيران علي بناء القومية الفارسية، تهديدات شديدة في الملف النووي وإيرادات إيران ترتفع وتقوي ماليا.. كذلك العرب ستزدحم خزائنهم لكنهم ماذا هم فاعلون بالطفرة الجديدة، إيران بمفردها تحلم بإحياء حلم قديم وهو القومية الفارسية والعرب نامت أحلامهم. حتي لو تفاوضت إيران مع أمريكا أو العكس سوف تكسب إيران أشياء كثيرة، استيقظوا يا عرب وقدموا لنا في عصر التحديات فكرا ونصرا جديدا من ثمار طفرة البترول التي انعشت إيران وأيقظت أحلامها مع قوتها النووية والتي كان من الأجدر بنا أن نكون في موقع مماثل لها.. هل الحظ يلعب دوره.. لا.. إنها الإرادة! ثم حدثني القلم عن التدخين الذي احتفل العالم باليوم العالمي لمكافحة التدخين من خلال احتفالية منظمة الصحة العالمية.. مر مرور الكرام دون تحية أو حفاوة أو احترام لماذا لم نحتف به في صورة أن يتوقف المدخنون يوما واحدا عن التدخين رغبة منهم في استعادة ما فقدوه من صحة وسعادة. علي أن يكون ذلك من خلال حملة تقودها وسائل الإعلام في مصر.. وعذرا لما اقترحت فهذا يتعارض مع مصالح آخرين، لكن عزائي أن الصحة فوق كل شيء، وعذرا واعتذارا آخر يطفو فوق سطح التعبير (انت حاشر نفسك ليه) أليس من المؤلم والمحزن منظر الشيشة ومدخنيها الذين حشروا أنفسهم علي الأرصفة وحرموا الناس من السير عليها، ولا عزاء للمدخن السلبي عليه أن يسلم أمره لله ويجهز بعض المال للعلاج من أمراض الصدر والحساسية! ثم لمحت في عيون القلم نظرة غضب سألته عن سرها.. قال تأخرت كثيرا الإجراءات الخاصة بمحاسبة كل من أخطأ وقصر في حق البشر بشأن مأساة العبارة الغارقة عبارة الموت التي أطاحت بصفوة من أهلنا في مصر.. لماذا هذا التأخير.. لماذا تركنا صاحبها طوال هذا الوقت، ثم لدي البحث عنه نجده اختفي هل هي ألغاز أم هي أقدار.. أم هو إهمال.. أسئلة نرجو بإجاباتها أن نمسح ولو دمعة واحدة من التي ذرفتها عيون وقلوب أهل الضحايا.. قلبي معكم يا أهلي.. قد تأخذون المال ليجابه أهل من رحلوا مصاعب الحياة.. لكن من المستحيل أن يعوض الحب والدفء الأسري بالمال! ثم عاد قلمي ليحاور ساحة الفن فوجدته عاتبا علي قنواتنا الفضائية بلياليها ومن فيها وانشغالهم بقضية حجاب فنانة مغمورة راحت تستشهد بالفنانات الإيرانيات، وكأن السينما المصرية التي قدمت "عمارة يعقوبيان" و"حليم" و"الإسكندرية ليه" هي سينما لا تقارن بالسينما الإيرانية. نحن لا نقول إن غطاء الرأس حرام، بل كانت السيدة العذراء مريم أم السيد المسيح له المجد مثلنا الأعلي في غطاء الرأس، ولكن ليس كل من عري رأسه ولم يغطها سيذهب إلي جهنم، لماذا تلك المتاجرة لماذا تلهينا حساسيات الحرية الشخصية عن قضايا الوطن، فمن غطي رأسه هو حر ومن تركها للشمس حر أيضا. تعالوا يا نجوم الفضائيات نناقش هموم الوطن وقضاياه الثقيلة تذكروا أن هناك ملايين الفقراء من شعبي يجلسون ليروكم فكونوا لهم من أحس بهمومهم وأمانيهم، ناقشوا مع المسئولين قضايا البطالة والإصلاح والوحدة الوطنية وزواج الشباب وهموم المرأة!! ولماذا انحياز مذيع مثل محمود سعد بالمبادرة بالتهاني صدقوني إن الغطاء الذي يحمي القلب من الرذيلة أعظم بكثير من ذلك الغطاء الذي يخفي في المرأة شعرها فقط!! لا تنسوا الوطن ارجوكم فهو فوقنا وهو فينا ونحن فيه. ثم تنهد القلم ليقول.. كان حكم السماء قويا للطفلة "لينا" في ثبوت النسب.. إنها انتصارات القيم النبيلة والعدالة الإلهية.. علي يد الإنسان الذي طالما أضناه الجهد في البحث عنها.. وبلا شك إن صبر وصمود هذه الأم الصغيرة لأمر يستحق الإعجاب كللته السماء بعدل.. ندرك من خلاله نزاهة وعدل القضاء المصري الذي زين حروف الحكم برسم النقاط عليها. بعد أن سكت القلم قليلا قال سأدلك علي لغة جلدية (مصنوعة من الجلد) لغة غزت فجأة ساحتنا السياسية والاجتماعية وسألت قلمي هل أنت تسخر.. قال حاشا أن يحدث ذلك قلت إذا ما هي قال (لغة الجزمة) قلت لقلمي لماذا لا تقول الحذاء تأدبا قال القلم هكذا استعملوها ونطقوها