رحل الصديق العزيز د.أحمد عبدالله رزة الاستاذ والباحث، في العلوم السياسية.. احمد كان من قيادات الحركة الطلابية المصرية في السبعينيات من القرن الماضي. استقبلت خبر رحيل احمد بمزيج من الاكتئاب والتعجب فهو من القلائل الذين حافظوا علي مبادئهم رغم تغيير الظروف والمجتمع.. كان تعاطي الثقافة بالنسبة له امرا مهما والبحث في امور الثقافة والمجتمع والتوغل في الواقع السياسي المريض جزءا من شواغله التي لم يتنكر لها رغم اغراءات المجتمع الجديد. اثارت وفاة د. احمد عبدالله في كوامن الشجن السياسي وعادت لذاكرتي ذكري رحيل زملاء واصدقاء اعزاء يعملون وينتمون للحقل الثقافي فيما عرف بمحرقة بني سويف. اقول زملاء... لانهم زملاء في الاهتمام بالهم الثقافي واصدقاء لان منهم اصدقاء باعدت الدنيا بيني وبينهم. حين تذكرت هؤلاء جال بخاطري وتذكرت محاكمة المسئولين عن محرقة قصر ثقافة بني سويف والاحكام التي صدرت بهذا الخصوص... وتساءلت هل مجموعة الافراد الذين صدرت بحقهم هذه الاحكام هم فعلا المسئولون عن الحريق ووفاة الاعزاء الاصدقاء.. لان التساؤل عن ماهية قصور الثقافة وما الداعي لها ومن المسئول عنها؟.. للاجابة عن هذا يجب ان نرجع الي الاصل.. والاصل هنا.. هو ان جمهورية مصر العربية بحكم الدستور الذي لم يعدل او يتغير دولة اشتراكية. وفي النظام الاشتراكي "ببساطة" الدولة تملك مصادر الدخل وتلتزم بتمويل الاجهزة والهيئات الخدمية كالمستشفيات العامة والمدارس الحكومية ومراكز الشباب وقصور الثقافة.. وبهذا تؤمن للمواطن البسيط حق العلاج والتعليم وممارسة الرياضة وتدعيم الوعي الثقافي... وحينما تحول المجتمع والنظام بلا وعي الي النظام الرأسمالي "غير الحر" تناسي النظام وغض البصر عن مسئولياته تجاه المواطن البسيط وكانت الضحية ما سبق ذكره... فنجد الان اسرة وابنية مستشفيات متهالكة.. مدرسة عامة بلا مقاعد سليمة للتلاميذ ومراكز شباب جرفت ارضها وتحولت الي مواقف سيارات وقصور ثقافة عفا عليها الزمن ليس بها أجهزة امان ولا امكانات اقامة عروض مسرحية جيدة.. باختصار تخلي النظام عن مسئوليته الدستورية... يجب علي النظام الان اما تحمل مسئوليته في تمويل هذه الخدمات او الاعتراف علنا بعدم القدرة علي الصرف والقيام بهذه الخدمات واذا فعل هذا سوف يغامر بشعبيته في قطاع مهم وهو قطاع الشباب وهنا تكمن خطورة الموقف فسوف يتجه هؤلاء الشباب الي تنظيمات سياسية مناوئة ليس بدافع الانتماء الي هذه التنظيمات ولكن نكاية في النظام الرسمي الذي لم يعر جموع الشباب انتباها.. فهل يقدر النظام علي هذا؟... سقط النظام سقطة اخري حينما تعاقب علي ادارة اجهزة الثقافة وبالذات قصور الثقافة والشباب اساتذة جامعة اجلاء في الوسط الجامعي وحولهم الي مدراء لهذه الاجهزة.. بدون تدريب او تأهيل.. فلم يجدوا ما يفعلونه وليس لديهم ميزانية للصرف- الا النظر الي صحة التوقيع علي كشوف حضور وانصراف الموظفين. وواقع الحال يقول ان حريق بني سويف كان من الممكن ان يحدث قبل الدكتور مصطفي علوي رئيس قصور الثقافة في هذا الوقت او بعد الدكتور مصطفي علوي لان اسباب الحريق الحقيقية كانت قبله وسوف تستمر بعده. بالنظر الي كل هذا.. ارجو ان يعي الدكاترة اساتذة الجامعة ان الطموح السياسي طريق محفوف بالمخاطر ويجب عليهم النظر والتدقيق حينما يكلفون بعمل عام لقاء مرتب معين ووعود بالترقي في مناصب وزارية.. ولانهم في الاغلب الاعم لا يرتبطون "بلوبي" رجال الاعمال سوف يكونون هرما من ضحايا النظام وكباش الفداء