مستقبل وطن بأشمون يكرم العمال في عيدهم | صور    سعر الذهب اليوم في السعودية وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الإثنين 13 مايو 2024    تعرف على سعر الفراخ البيضاء وكارتونة البيض الأحمر بعد ارتفاعها في الأسواق الإثنين 13 مايو 2024    رئيس مجلس الأعمال المصري الماليزي: مصر بها فرص واعدة للاستثمار    الأزهر يرحب باعتزام مصر التدخل لدعم دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية    «الترغيب والترهيب».. سياسة أمريكية تجاه إسرائيل مع استمرار الحرب على غزة    3 سيناريوهات أمام الزمالك لحسم لقب الكونفدرالية من نهضة بركان    مشجع يحمل علم فلسطين يقتحم ملعب مباراة الزمالك ونهضة بركان    معين الشعباني: نهضة بركان أهدر فرصا لتسجيل أهداف أكثر في الزمالك    أربع سيدات يطلقن أعيرة نارية على أفراد أسرة بقنا    انطلاق امتحانات الصف الأول الثانوي في كفر الشيخ غدا.. اعرف الجدول    أسامة كمال: واجهنا الإرهاب في بلادنا وتصرفاته لا تشبهنا    طلاب آداب القاهرة يناقشون كتاب «سيمفونية الحجارة» ضمن مشروعات التخرج    الكشف على 1328 شخصاً في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بكفر الشيخ    "لسه الأماني ممكنة".. ماذا يفعل الزمالك عند التعثر في ذهاب النهائي الأفريقي؟ (تقرير)    ميدو يهاجم جوميز بعد خسارة الزمالك من نهضة بركان في ذهاب نهائي الكونفدرالية    موعد مباراة ليفربول ضد أستون فيلا اليوم في الدوري الإنجليزي والقناة الناقلة    ارتفاع سعر طن حديد عز والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الإثنين 13 مايو 2024    عاجل - القناة 12 الإسرائيلية عن السفير الأمريكي بإسرائيل: ما قاله بايدن هو أنه لا يعتقد أن شن عملية عسكرية في رفح فكرة جيدة    موعد إجازة عيد الأضحى 2024: تحديد أيام الراحة للقطاع الحكومي والخاص    حالة الطقس اليوم الإثنين.. تحذير هام من الأرصاد لمرضى الصدر والجيوب الأنفية (تفاصيل)    وقوع حادث تصادم بين سيارتين ملاكي وأخرى ربع نقل بميدان الحصري في 6 أكتوبر    رئيس إعلام الشيوخ: تضامن مصر مع دعوى جنوب إفريقيا رسالة واضحة برفض الانتهاكات الإسرائيلية    ليس الوداع الأفضل.. مبابي يسجل ويخسر مع باريس في آخر ليلة بحديقة الأمراء    نقابة الصحفيين: قرار منع تصوير الجنازات مخالف للدستور.. والشخصية العامة ملك للمجتمع    لبيب: الزمالك اجتاز ارتباك البداية.. وهذا ما نريده من الجماهير    وفاة أول رجل خضع لعملية زراعة كلية من خنزير    وزيرة الهجرة تبحث استعدادات المؤتمرالخامس للمصريين بالخارج    رئيس جامعة المنوفية يعقد لقاءً مفتوحاً مع أعضاء هيئة التدريس    حجز مبدئي لشقق وأراضي «بيت الوطن».. مليون وحدة لمحدودي الدخل و27 ألفا للإسكان المتوسط    أقل سعر صك أضحية.. حياة كريمة تطلق صكوك الأضاحي بالتقسيط على 9 أشهر    حظك اليوم برج العذراء الاثنين 13-5-2024 مهنيا وعاطفيا.. لا تعاند رئيسك    تامر عاشور يوجه رسالة شكر ل تامر فوزي.. والأخير يرد | صور    إعادة تطوير مسجد السيدة زينب.. تحفة معمارية تعكس تراث مصر الإسلامي    مزايا وسلبيات وسائل التواصل الاجتماعي في نقاشات مكتبة دار الكتب بطنطا    عمرو أديب يعلن مناظرة بين إسلام البحيري وعبدالله رشدي (فيديو)    قمة سويسرية أوكرانية بدون روسيا.. موسكو: «مسرحية غير مجدية»    كيف ساندت مصر فلسطين خلال 10 سنوات من حكم الرئيس السيسي؟    بمكونات بسيطة.. طريقة تحضير كيكة الحليب    رئيس جامعة طنطا يتفقد أعمال الانشاءات بمستشفى 900900 في لمحلة الكبرى    محمود محيي الدين يستعرض استراتيجيات التمويل المستدام في المنتدى السنوي للميثاق العالمي للأمم المتحدة    هل عدم الإخطار بتغيير محل الإقامة يُلغي الرخصة؟    7 معلومات عن أول تاكسي ذكي في العاصمة الإدارية الجديدة.. مزود بكاميرات وGPS    بوتين يعين شويجو سكرتيرا لمجلس الأمن الروسي    بشأن تمكين.. عبدالله رشدي يعلن استعداده لمناظرة إسلام بحيري    الأعلى للصوفية: اهتمام الرئيس بمساجد آل البيت رسالة بأن مصر دولة وسطية    جامعة حلوان تعلن استعدادها لامتحانات نهاية العام الدراسي    أمين الفتوى: سيطرة الأم على بنتها يؤثر على الثقة والمحبة بينهما    نتنياهو: سنكمل المعركة التي بدأناها ضد حماس حتى النهاية    مصرع طالب بالصف الخامس الابتدائي غرقا في مياه ترعة اسنا جنوب الأقصر    موعد عيد الاضحى 2024 وكم يوم إجازة العيد؟    محافظ أسوان: العامل المصرى يشهد رعاية مباشرة من الرئيس السيسى    المفتي يحذر الحجاج: «لا تنشغلوا بالتصوير والبث المباشر»    في العالمي للتمريض، الصحة: زيادة بدل مخاطر المهن الطبية    محافظ القليوبية ورئيس جامعة بنها يشهدان تسلم دليل تنفيذ الهوية البصرية للمحافظة    منها إطلاق مبادرة المدرب الوطني.. أجندة مزدحمة على طاولة «رياضة الشيوخ» اليوم    «بشنس يكنس الغيط كنس».. قصة شهر التقلبات الجوية وارتفاع الحرارة في مصر    هل تصطدم بالأزهر والكنيسة؟.. إسلام بحيرى أحد مؤسسي «تكوين» يرد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد عبد الله رزة‏:‏ التمرد والمسئولية والالتزام الوطني

تمضي الأعوام متلاحقة وسريعة ومحملة بعديد الأزمات المتكالبة‏,‏ ويزداد ألق أحمد عبد الله رزة حضورا وحركية في الحياة السياسية المصرية من خلال أفكاره السياسية اللامعة
وخطابه النقدي‏,‏ ووطنيته الغامرة التي تفيض إخلاصا وولاء وانتماء لأمة عريضة‏,‏ ولمعني وقيمة الصالح العام‏,‏ هذا المفهوم الذي يتآكل علي نحو سريع‏,‏ ومن ثم يفسر ضمن عوامل أخري أكثر غورا وتاريخية معاني التفكك البنيوي في الدولة وسلطاتها وهياكلها‏,‏ وكذا في بنية الأمة المصرية الواحدة التي كانت‏.‏ تمضي السنوات سريعة‏,‏ ولايزال التمرد الخلاق لأحمد عبد الله رزة يرفرف في قلب الحراك السياسي والاجتماعي‏,‏ وفي القلق الجمعي اليقظ حول مستقبل الأمة والدولة معا؟ إنسان حمل علي عاتقه هموما وطنية وإنسانية‏,‏ وكأنها هموم شخصية‏,‏ وعليه وحده مسئولية إيجاد حلول لها‏.‏
لاتزال ترفرف وتعيش معنا روح أحمد عبد الله نعم إنها روح التمرد العقلاني‏,‏ والليبرالي الذي يحمل هموم الأغلبية الساحقة المسحوقة من أبناء الجموع الشعبية‏,‏ كوشم وتميمة والتزام فكري وسياسي واجتماعي حاسم‏,‏ كأن التزام أحمد عبد الله بالكتلة الاجتماعية الشعبية‏,‏ تاريخي لا رجعة فيه كأنه زواج كاثوليكي حيث لا انفصام بين أحمد‏,‏ وبين القوي الشعبية التي خرج من أصلابها اجتماعيا‏.‏
التزام ابداعي يربط بين العدل الاجتماعي‏,‏ وبين الحرية وبناء المستقبل المصري‏.‏ بين رفع الظلم التاريخي عن الفقراء وبين شرف الإنسان‏,‏ وبين الحركة نحو الغد والعدو بلا كلل ولا ملل نحو المكانة التي تستحقها بلاده وأمته المصرية بين الأمم المتمدنة الأكثر تطورا في عالمنا‏.‏
أخي أحمد عبد الله رزة مثال ضمن أمثلة ونماذج ذهبية من المصريين لقلة جمعت بين المعرفة العميقة في أرفع مستوياتها‏,‏ وبين التمرد الاجتماعي والسياسي‏,‏ والأهم التمرد الفكري والمنهجي علي الأفكار والأقاليم والأنساق المطلقة التي تحاول استلاب الروح الإنسانية‏,‏ والتي تمتلك إجابات خشبية شاملة وعامة علي كل الاسئلة‏.‏ التمرد الاجتماعي‏/‏ السياسي تزاوج عند أحمد مع التمرد الفكري علي الدوجما‏,‏ والعقائد الايديولوجية‏,‏ واستلاب الإنسان باسم الحقائق الوضعية والتأويلات الميتاوضعية المطلقة‏.‏
أحمد عبد الله رزة واحد من ضمن سلسلة ذهبية ممتدة عبر تاريخ مصر الحديثة والمعاصرة من المثقفين والمفكرين النقديين الذين خرجوا من ذوب ذواتهم وأرحامهم الفكرية التي صاغوها بتؤدة ودأب خلاق‏,‏ لم يكونوا جزءا من حالة الدولة‏/‏ الأمة‏,‏ ولا من الجموع الشعبية التي خرجوا من أصلابها بالميلاد والحياة كلا كانوا من التفرد والاستثنائية والروح الوثابة والابداع والتعلم المستمر‏,‏ ما جعلهم صناع أنفسهم‏,‏ ومن ثم رفعوا راية التمرد والعصيان علي مواريث التخلف‏,‏ والأبوية السياسية‏,‏ والفساد في السياسة والضمائر والأرواح من أجل بناء مصر جديدة مختلفة‏..‏ خذ معه الثوري أنس مصطفي كامل ابن الطبقة الوسطي المدينية الصغيرة ومحمد السيد سعيد ابن بورسعيد والطبقة العاملة المصرية ونضالاتها الوطنية والاجتماعية أذكياء ومبدعين من طراز فريد‏.‏
أحمد عبد الله كان وسيستمر مصباح الغلابة كما أطلق عليه يسري حسين هو أيضا أحد مصابيح مصر في مرحلة من أدق لحظات حياتها السياسية والاجتماعية بل في لحظات ستطرح عليها اسئلة وجودها علي الجغرافيا السياسية والجغرافيا‏/‏ الدينية‏,‏ والجغرافيا‏/‏ الثقافية والجغرافيا‏/‏ الاقتصادية في هذه المنطقة من العالم‏.‏
الخطاب السياسي‏/‏ الأكاديمي‏,‏ والخطاب السياسي‏/‏ العملي لأحمد رزة كان يشكل حالة خاصة علي خريطة الفكر السياسي لجيل السبعينيات‏,‏ لأنه استطاع أن يجمع بين التكوين الأكاديمي الرصين والرفيع‏,‏ وبين رهافة الحس السياسي والاجتماعي‏.‏ نعم شكل ولايزال أحمد مزاجا مؤتلفا ونسيجا وحده بين رهافة الفكر السياسي والاجتماعي النقدي وتأصيلاته‏,‏ وبين حساسية السياسي الحصيف‏,‏ الصناع‏,‏ نعم مزاج نادر‏,‏ وتكوين متفرد‏,‏ ووطنية مصرية مفتوحة علي التعدد الإنساني وتركيباته في جميع منابعها‏.‏
من هنا كان حاضرا ولايزال بذاته‏,‏ وبتكوينه‏,‏ وبروحه وتمرده وعقلانيته‏,‏ واستثنائيته علامة وشامة وضاءة علي جبين بلاده‏,‏ شاءت السلطة الحاكمة أم ابت‏!‏
رغبت البيروقراطية‏,‏ ودولة الموظفين السياسيين أم لم ترغب؟‏!‏
أحبه بعض الموالين من جيله أم كرهوا‏!‏ كان أحمد عبد الله أيقونة كبري ضمن أيقونات جيله العصي علي الامتثال والخضوع والخدمة تحت أقدام السلطات الرسمية أو العرفية أيا كانت‏.‏ جيل عصي علي الانكسار إلا بعض من ماشوا وعاشوا وعميت عيونهم وماتت ضمائرهم‏,‏ وذهبوا يذرعون الكذب‏,‏ والنفاق‏,‏ والفساد والموالاة والانسحاق عند أقدام من يعملون لديهم‏!‏
من هنا كان حاضرا ولايزال لا يبغي مصلحة ذاتية‏,‏ ولايسعي نحو فرصة سانحة‏,‏ ولا يسطو علي حقوق الآخرين‏.‏ من هنا أحبه واحترمه الذين أحبوا بلادهم ورأوا أنها تستحق أفضل مما هي عليه حتي في لحظات لم تكن الأمور فيها علي نحو ما نشاهده اليوم‏,‏ من سوء الإدارة‏,‏ والتفكك والفوضي وعدم فعالية حكم القانون وسيادته علي جميع السلطات والارادات أيا كانت‏!‏ سوء وراء سوء في أنظمة تعليمية ودينية وإدارية وصحية وإعلامية أوردتنا موارد التخلف والتهلكة‏,‏ وهي عنوان علي محنة الدولة‏.‏ ومستويات أشار إليها أحمد وصحبه من الفقر الاداري والسياسي في الاخيلة وأساليب الادارة والفسادات المعممة في السلطة وفي الأمة‏,‏ والأخطر الفقر المطلق‏,‏ والفقر الروحي‏.‏
المسألة المصرية لم تعد قصرا علي ضعف مستويات تكوين النخبة السياسية إلا فيما ندر ولا النخبة المثقفة‏,‏ وفي كوادر الجامعات إلا فيما ندر ,‏ ولا في جهاز الدولة البيروقراطي إلا فيما ندر من استثناء في الاستثناء ولا في الممارسات الخارجة علي القانون‏,‏ ولا في ضعف القانون‏,‏ ولا تحيزه‏,‏ ولا عدم عدالته في أحيان عديدة‏!‏ الأخطر كما ذهب أحمد عبد الله رزة في هذا الفقر الروحي للمجموع الاجتماعي والاستثناءات محدودة ومستمرة وستستمر دائما بسبب الفساد الاجتماعي والسياسي والاقتصادي وتجلياته في العنف وعديد أنماطه وأشكاله الذي يكاد يفترس الحياة اليومية وروح الناس وحيويتهم‏.‏
أشكال من الانكسارات في بعض الكرامة وفقر مزق الروح‏,‏ وتراجعات إلي ما وراء الدولة الحديثة وعلاقاتها ومؤسساتها التي أصاب بعضها الوهن الشديد‏.‏
من بين ثنايا بعض التآكل في الدولة والأمة الحديثة‏,‏ وبعض من أشكال التفكك والفوضي‏,‏ يبدو تألق ونتوءات وبشريات فكر وخطاب وحركية أحمد عبد الله رزة‏,‏ يكفي أن تطالع بعض كتاباته اللامعة‏,‏ ومنها مصر قبل وبعد‏11‏ سبتمبر‏2001.‏
مشاكل التحول السياسي في وضع دولي معقد مارس‏2003,‏ والذي ترجمه د‏.‏ أحمد زكي أحمد‏,‏ سوف تكتشف فورا وبلا جهد قدرة فذة علي التقاط جوهر جزئيات وتراكمات الوقائع السياسية والاجتماعية واستكناه جوهرها ومآلاتها الهيكلية علي مسارات التطور السياسي والاجتماعي‏.‏
عندما نعود الي هذا الكتيب المتميز سنطالع فورا قدرة خلاقة علي الرصد والتوثيق الدقيق‏,‏ للمقالات والدراسات‏,‏ والوقائع والقضايا والأزمات والمشاكل التي تتناولها‏,‏ والقدرات التحليلية المتميزة ثمة وعي عميق وتحليل منهجي وتشخيص لواقع التحول السياسي المعاق وذلك حتي مارس‏2003‏ لاتزال الأسئلة التي طرحها قائمة وإجاباته بها من الوجاهة الكثير‏.‏
خذ بعض الأسئلة وعلي رأسها تمثيلا مايلي‏:‏
هل لدي النظام قدرة علي تحمل الاضطرابات قصيرة المدي؟
هل لديه قدرة علي التعامل مع الأثر التراكمي لمثل هذه التطورات؟
هل لديه قدرة علي امتصاص صدمة طويلة المدي؟ أم الأحري كما قال أحمد عبد الله أيضا أنها سوف تبتلعه هو‏,‏ أي أنه عند نقطة معينة في المستقبل القريب سوف يكون أمرا إجباريا وجود نظام مجدد في مصر أوائل القرن العشرين؟
ونضيف الي الأسئلة هل يمكن للفكر البيروقراطي السياسي السائد أن يولد بعض الاستراتيجيات متوسطة المدي لمعالجة تراكم وتسارع الحركة الاجتماعية المطلبية الجديدة؟
هل استراتيجية التفاوض الجزئي حول بعض المطالب الاجتماعية أوالنقابية أو المهنية قادرة علي الاستمرار؟ هل تستطيع تطويق عمليات التراكم الكمي للمطالب المتزايدة واحتمالات تطورها نوعيا من الاجتماعي الي السياسي؟
هل يستمر تراجع السياسي لصالح طرحه علي القضاء؟ هل يستمر تراجع الاقتصادي‏/‏ الاجتماعي‏,‏ ويتم طرحه علي القضاء؟ علي يستمر تراجع السياسي الديني ويتم طرحه علي القضاء؟ هل يستمر اللجوء الي القضاء والأمن كبديل عن السياسي؟
هل يوجد تصور وخيال سياسي وثاب‏,‏ ورصين لدي الصفوة السياسية الحاكمة‏,‏ علي توليد استراتيجية قصيرة المدي لمواجهة التوترات بين السلطات؟ هل سياسة التدخل عبر وسطاء سياديين كافية لمواجهة تفجر النزاعات ؟ والأخطر معالجة ظاهرة شعور بعض الفئات والجماعات المهنية بأنها قادرة علي ممارسة السلطة وفق أهواء بعض عناصرها‏,‏ وبعيدا عن حكم القانون الذي يجب أن يعلو فوق جميع الارادات والأشخاص والسلطات؟
هل ستستمر مسألة لجوء بعض الفئات الي ممارسة حالة من التضاغط الفئوي والجماهيري خارج القانون للإفلات من تطبيقه‏!‏
هل يستمر تراجع السياسي لصالح الآليات الأمنية وهل يؤتي هذا التوجه ثماره قصيرة المدي؟ هل يستمر الجمود في النخبة والنظام مستمر؟
قد يري بعضهم أنها أسئلة تدور حول قضايا جزئية‏,‏ ولكن في تقديري وأرجو ألا كون مخطئا أنها في صلب الأسئلة الدائرة في مدارات التفكك البنيوي‏,‏ وفي قلب الصدوع بين الدولة‏/‏ النظام‏,‏ وبين السلطات‏/‏ أجهزة الدولة‏,‏ وبين النخبة الحاكمة وبعض المعارضة‏,‏ والأخطر الأخطر بين الدولة‏/‏ النظام‏/‏ النخبة‏,‏ وبينهم وبين شرائح اجتماعية عريضة‏.‏
كانت الدولة التسلطية النهرية‏..‏إلخ أقوي من المجتمع‏,‏ يبدو أن المعادلة تغيرت لصالح المجتمع الذي تمدد‏,‏ ولكن علي وهنه‏,‏ وعدم تماسكه وذلك مع الجمود الهيلكي‏,‏والركود السياسي وشيوع الفساد الوظيفي والإداري والبنيوي‏,‏ والجمود في تركيبة النخبة السياسية‏,‏ والتكنو‏/‏بيروقراطية وفي مصادر تجنيدها اختلت المعادلة القديمة في ظل شيوع الشيخوخة العمرية والسياسية‏,‏ مما أدي إلي بروز آيات التفكك الهيكلي‏,‏ والتفسخ المؤسسي‏,‏ علي نحو باتت قوانين أنظمة وآليات الدولة وأجهزتها غير قادرة علي إدارة التنافس والصراعات والتآكل والتفكك بين الأجهزة والخلل في في التوازن في توزيع القوة بينها وبين مراكزها‏!‏
ثمة استقالات من بعض السلطات علي أداء بعض أو غالب الوظائف المنوطة بها دستوريا وقانونيا وسياسيا ثمة سوءفي إدارة الدولة لاتخطئه العين بما فيها بعض تصريحات ذوي السلطة‏.‏
ومن ناحية أخري أدار المجتمع ظهره للدولة والنظام والسلطة الحاكمة‏,‏ حيث القانون يتراجع لصالح قانون المكانة والقوة والنفوذ والفساد‏,‏ من ناحية‏,‏وحيث أزمة في تنفيذ أحكام القضاء من ناحية أخري‏.‏
وحيث يبرز قانون الشارع‏,‏ في ثنايا تفصيلات الحياة اليومية وعلاقات الجيرة‏,‏ وفي أداء الوظيفة العامة‏,‏ وحيث تنتشر ظواهر البلطجية والعنف وصوت الغوغاء‏,‏ وحيث تنتشر الطائفية الاجتماعية الدينية المذهبية‏..‏الخ‏!‏
تتراجع هيبة الدولة المصرية رفيعة المكانة والتاريخ في المنطقة في نطاق تصادمات بين المؤسسات الدينية والدولة؟ بين المؤسسات الدينية‏,‏ وبين بعض شرائح وقوي المجتمع‏,‏ وبينها وبين السلطة القضائية‏.‏ الأخطر بروز هذا النمط من المساومات والتعبئة والتضاغط من أجل اللجوءإلي آلية المساومات السياسية الدينية الاجتماعية حول جسد الدولة وعلي روح وقلب وجسد النظام القانوني للدولة المصرية الحديثة؟ بل روحها الحداثية السلطوية ذاتها؟
ذروة التآكلات في جسد وروح وقلب وآليات ومعني الدولة الحديثة‏!‏ وتراجع في مكانة وكفاءة غالب الأمة المصرية؟ وسياسات إقليمية لم تحقق من نتائج سوي سوء التراجع في الإقليم الذي ترك ساحة للعربدة الإسرائيلية وخطاب بعض أشباحها هنا‏,‏ وللتمدد الإيراني التركي وأزنابهما الإقليميين والأخطر‏..‏الأخطر‏..‏في نظام حوض النيل‏,‏ وحول الموارد والحصص المائية؟ وفي ظل نظام ديني فاشل وصل الي السلطة عبر الآليات الانقلابية واستمر عشرين عاما يفكك في أواصر السودان الشقيق العزيز‏.‏
غالب القضايا والمشكلات تناولها جيل أحمد عبد الله‏,‏ وصحبه وآخرون‏,‏ وطرحوا ببراعة الأسئلة‏,‏ والمخاطر والمآلات‏,‏ وقدموا رؤي لمواجهة التحديات‏,‏ ولكن عبثا لا أحد يقرأ أو يتابع أو يتساءل أو يواجه مايحدث داخلنا وحولنا وفي عالمنا‏.‏ كانت القلة ولا تزال تعتصم مع أحمد عبد الله رزة بالمعرفة العلميةالرفيعة والخبرة والتفاعل المزدوج مع أبناء الأغلبية الشعبية للأمة المصرية‏,‏ ومع الإنسانية في تعددها في تسامح عميق ومواطنية حاسمة لا رجوع عنها‏.‏
كان أحمد عبد الله وصحبه ينطلقون ولايزالون في حمية ضارية من الاعتقاد في أسطورة جميلة وفاتنة كانت تسمي في الماضي بالصالح العام والولاء والانتماء للأمة والوطن ومصالح الأغلبية المسحوقة‏.‏
مات الصالح العام‏,‏ وظلت الأسطورة متوجهة بحضور أحمد عبد الله رزة‏,‏ وأنس مصطفي كامل‏,‏ ومحمد السيد سعيد وجورج عجايبي‏,‏ وهؤلاء الذين يرون أن مصر أكبر وأهم مما انتهت إليه‏,‏ ويعتقدون عن معرفة أن احترام الحريات العامة والشخصية والديمقراطية ودولة القانون‏,‏ والمؤسسات السياسية الحديثة‏,‏ هي مجرد الحرف الأول من أبجدية الانطلاق عدوا وعبر العلم والمعرفة والتقنية فيما وراء تحركات العالم مابعد الحديث ودولة وتحالفاته وقوانينه‏.‏
فيالعام الرابع بعد سفر أحمد عبد الله رزة الطويل الي الأبدية‏,‏ لايزال معنا‏,‏ ولايزال بعض أصدقائه أوفياء للقيم التي عاش من أجلها ومن ثم خصصوا جائزة سنوية خصصت لأفضل أبحاث الشباب‏,‏ وبعض من الأطفال العاملين الذين عادوا للمدرسة مجددا‏,‏ تعبيرا ووفاء لدور أحمد في دعم الأجيال الجديدة في الجماعة الأكاديمية والمبدعين بشكل عام أو في إطار اهتمامه بالأطفال العاملين وغيرها من القضايا‏,‏ وعلي رأس هؤلاء الصديق المثقف ورجل الأعمال سعيد عيد والذي لم يدخر جهدا في دعم أنشطة وفعاليات أحمد في حياته‏,‏ وبعد سفره الطويل‏,‏ فكان ولايزال نعم الصديق الوفي لأحمد وميراثه الفكري والسياسي‏.‏
ومن ناحية أخري شكل مثالا متميزا مع آخرين علي المسئولية والالتزام الاجتماعي والدكتور هاني عنان‏,‏ ووجيد عبدالمجيد وصبري فوزي‏,‏ ومحمد نور الدين وآخرين ساهموا في تمويل هذه الجائزة الشكر لهؤلاء جميعا‏.‏
طبت حيا‏,‏ وروحا وحضورا يا أحمد عبد الله رزة‏.‏
عشت معنا أيقونةمتألقة‏,‏ ومصباحا منيرا للغلابة‏,‏ وللأمة ولرجل الشرق الأوسط المريض‏,‏ وهو يدخل في فضاءات عتمته وفوضاه‏!‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.