نشرت الصحف واجهزة الاعلام صورة العالم اللغوي اليهودي - الأمريكي البروفيسور تشومسكي اثناء زيارته التضامنية لمقر حزب الله اللبناني في بيروت، ويمكن النظر الي هذا الحدث التضامني والكلمات المؤيدة التي أطلقها تشومسكي لحزب الله وكأنها سحابة عابرة وشهادة اضافية اخري علي مدي تشوش آراء ومعتقدات هذا اليهودي العجوز الذي أسهم كثيرا في تطور وأبحاث اللغة، إلا أنه انجر بعيدا نحو مواقف سياسية نارية مجلجلة. ومع ذلك، يمكن ايضا أن نري في هذا التأييد الذي وزعه البروفيسور بين حزب الله وايران، تعبيرا في أعقاب تعبيرات تثير القلق والأخطار التي تبلور وتصنع قبولا واستحسانا بين المثقفين الغربيين، أي، التسليم مع مواقف الاسلاميين المتطرفين والنظر اليها كحركة تحرير مشروعة. ولكن، تحرير من ماذا؟ واضح جدا، من ظلم الاستعمار والاضطهاد الاسرائيلي - الأمريكي. البروفيسور تشومسكي ركض مسرعا أمام المعسكر. وهذا المعسكر يسير من خلفه. وفي الاسبوع القادم ستوضع أمام المؤتمر السنوي للمحاضرين البريطانيين توصية تدعو الي مقاطعة الجامعات الاسرائيلية، وقد وصفت حركة حماس في هذه التوصية أنها "الممثل المنتخب للشعب الفلسطيني". وفي المقال الافتتاحي الذي نشر في صحيفة المثقفين الأمريكية "نيويورك ريفيو أوف بوكس"، ونشرت فيها ايضا مقالة مطولة بقلم المنشغل اليهودي المعروف هنري سايجون الذي يري فيها حماس علي أنها "الامكانية الأخيرة للسلام". ويركز سايجون معظم نقاط مقالته في جدول قوي ضد مقالة سبق أن نشرت في صحيفة "يديعوت احرونوت" في اليوم الذي تشكلت فيه حكومة حماس الفلسطينية. وفي الموضوع الايراني، فان وجهة النظر تزداد وتتبلور أكثر بما يتفق مع رؤية اليسار الليبرالي في الولاياتالمتحدة واوروبا الغربية، والتي تشير صراحة الي "حق ايران في امتلاك القدرة النووية"، بما في ذلك القدرة العسكرية، ما دامت الولاياتالمتحدة واسرائيل تفعلان ذلك. كان ينظر في البداية للرئيس الايراني احمدي نجاد علي أنه شخص ديماجوجي ولاسامي، إلا أنه عاد وتطهر وتمت تبرئته من قبل المفكرين اليساريين المتطرفين، وهو يصنف الآن في مستوي رؤساء "الدول الحمراء" في أمريكا اللاتينية. ولا غرابة أن نراه قريبا يسطع كأحد نجوم المؤتمرات الدولية التي تواجه العولمة، وربما يكون ذلك في لندن مع كين ليفنجستون بعد أن يصل الي هناك مباشرة من اجتماع معاد لاسرائيل كان يعقد في طهران. هكذا، وبالتدريج، فان الرأي العام العالمي يستعد لليوم - وهذا سيكون أسرع كثيرا مما تعتقده الاجهزة الاستخبارية - الذي سينهض فيه العالم علي سماع خبر سوف يذاع في راديو وتلفزيون طهران، وفي الساعات الاولي من النهار، حيث سيعلن الرئيس نجاد بأن "الجمهورية الاسلامية في ايران قد نفذت التجربة الاولي لانتاج الاسلحة الذرية، وأن هذه التجربة قد تمت في موقع صحراوي سري، وأنها قد تمت بنجاح تام، وأن الجمهورية الاسلامية الايرانية اضطرت الي اجراء هذه التجربة لكي تردع العدو الصهيوني. وأننا لن نتردد في الدفاع عن أنفسنا بهذا السلاح الجديد الذي طورناه. واصداء هذا الانفجار النووي الايراني ستسجله محطات المراقبة التي لن تترك مجالا للشك في حدوثه.والرد؟ يمكن فقط تقدير الآثار السلبية علي اسرائيل، وعلي حالة الاقتصاد الاسرائيلي وعلي الاستثمارات الاجنبية فيها، وعلي أسعار العملات الاجنبية في تل ابيب وعن الحالة العامة بين الناس. أما ردود العالم علي ذلك فلا حاجة مطلقا للتكهن بها.