الإصابة هي الشبح المخيف دائما الذي يطل برأسه علي ملاعب كرة القدم ليهدد النجوم للاعتزال المبكر.. والاضطراري. الإصابة هي عدو النجوم الذي يخشاه كل اللاعبين في كل اللعبات لأنها تقضي علي آمال وطموحات النجم.. وتنهي حياته الكروية قبل أن تبدأ. والإصابة التي تعرض لها نجوم كرة القدم مؤخرا فرضت نفسها علي الساحة وطرحت اسئلة عديدة حول علي من يجب حمايتهم من الإيذاء والضرب المبرح. ففي الأهلي لم يجد منافسوه بدا من أن يلجأوا إلي الخشونة لإيقاف زحفه وإخماد نشاط لاعبيه المتوهج.. بعد الانتصارات المتتالية وحصده للبطولات التي يضمها لدولاب إنجازاته مسئولو الأهلي رأوا أن هذه الخشونة ما هي إلا نوع جديد من الاضطهاد ومحاولات لإيقاف الزحف الأحمر. في الزمالك أبعدت الإصابة العديد من نجومه بعضهم عاد لمستواه وبعضهم ضل الطريق ومازال يحاول العودة.. منهم حازم إمام وتامر عبدالحميد ووليد صلاح. وفي الأندية الأخري لا يختلف الحال كثيرا.. وتبقي الإصابة عدو كل النجوم.. وبشيء من التفصيل الذي جعلنا نفتح هذا الملف نجد أن الإصابة التي تعرض لها محمد بركات نجم الأهلي كانت نتيجة لإنذار مبكر وجهه مانويل جوزيه المدير الفني في صورة تحذيرات للحكام بضرورة حماية لاعبيه من اعتداءات لاعبي الخصم المشروعة وغير المشروعة لدرجة وصلت أن بركات وأبو تريكة ومتعب وشوقي وغيرهم من نجوم الأهلي يخرجون من المباريات ويتسلمون قطع الثلج من الجهاز الطبي ليضعوها علي أماكن الإصابات تمهيدا للعلاج السريع.. وإذا نظرنا إلي مباراة الحدود الأخيرة سنجد أن رقيب محمد بركات وهو المدافع محمد حليم الذي تم طرده من المباراة قد ارتكب معه أكثر من خمسة عشر خطأ متعمدا ووصل إلي حد الإيذاء ليبتعد بركات عن الملاعب ويخسر الأهلي جهوده لمدة شهرين وربما يحرم الأهلي منه في لقاء القمة 14 مايو. النجوم والإصابة وفتح ملف تعرض النجوم للإصابات المتنوعة في خطورتها يشير إلي أن اللاعبين أصحاب المهارات العالية هم الأكثر عرضة للإصابات نظرا للمهارة العالية التي يتمتعون بها وخشية المدافعين أن يتعرضوا لمواقف حرجة أمام الجماهير والجهاز الفني ومخافة أن يتسببوا في أهداف بسبب عدم الالتزام برقابة المهاجمين، ودائما ما يطبقون مقولة "اللي يفوت يموت". بيليه وعودة للتاريخ نجد أن البرازيلي بيليه أفضل من أنجبت ملاعب الكرة اعتزل اللعب بسبب الإصابة رغم أنه كان لديه القدرة علي الاستمرار في الملاعب وامتاع الجماهير بجميع انتماءاتها.. وأطلق عليه لقب الساحر والجوهرة السوداء نظرا لتمتعه بمهارات القدمين والرأس والتسديد علي المرمي والمراوغة المجدية.. حتي جاء الأسطورة ديجو أرماندو مارادونا الذي تسبب في عدم الاستمرار علي العرش لفترة طويلة بسبب الاتجاه للإدمان.. وقد تعرض كثيرا للضرب المبرح مع منتخب بلاده في المباريات الدولية ولعل كأس العالم 86 كان الأشهر له وأكثر تعرضا للإيذاء ومع ذلك كان يفلت من المدافعين مثل الشعرة من العجين هدفه التاريخي في مباراة إنجلترا خير دليل علي قدرته الفائقة علي تجاوز وتفادي الإصابات لأنه كان في أوج عطائه وذكائه ومع ذلك لم يسلم من الخشونة المتعمدة. باستن والإصابة الشهيرة التي تعرض لها النجم العالمي الهولندي فان باستن في كاحل القدم أبعدته عن الملاعب وهو في قمة مجده وتألقه.. ومن هنا يكون المدافعون علي رأس المعمرين بعد حراس المرمي لأنهم هم الذين يحتكون بالمنافسين ولا يتعرضون للمضايقات بخلاف المهاجمين الذين إذا افتقدوا الكرة فلا هم لهم إلا انتظار استقبالها من جديد وعلي لاعبي الدفاع والوسط إعادتها لهم مرة أخري. فولر وفي ألمانيا كان رودي فولر مهاجم المنتخب الألماني أكثر عرضة للإصابة مع فريقه ودائما ما تتجه أنظار المدافعين نحوه واعتزل مبكرا قبل تجاوز الثلاثين عاما. وفي مصر أمثلة شهيرة للاعبين أصحاب المهارات العالية والكل يتذكر ثعلب الملاعب عبدالعزيز عبدالشافي الذي اعتزل في سن 27 عاما بسبب الإصابة وكان أداؤه رشيقا وعادة ما سجل أهدافا تتسم برائحة الخبث والذكاء. أيضا مختار مختار اعتزل قبل تجاوز الثلاثين بسبب الإصابة ومحمود الخطيب.. شبع ضربا وفضل الابتعاد عن الملاعب وهو في قمة عطائه وهو أفضل من أنجبته الكرة المصرية ليحتل مكانة مرموقة في قلوب وعشاق الساحرة المستديرة ووليد صلاح الذي كان يشارك لدقائق معدودات بحجة أنه لا يتمتع ببنية قوية وأن المهارات وحدها لا تكفي.. وحازم إمام في الزمالك يتمتع بمهارات فائقة وهو أفضل من يمرر تمريرات ذكية ويصنع أهدافا لزملائه ويتعرض أيضا للإصابات العديدة. تفادي الإصابة وحول إصابات الملاعب التي تهدد النجوم وكيفية تفاديها أو العلاج في أقل فترة ممكنة وهل الحالة الثقافية الكروية للاعب لها تأثير في كيفية العلاج والعودة سريعا للملاعب أم أن تطور أجهزة العلاج الطبيعي والتدخلات الجراحية أو غيرها تكون سببا في قصر المدة للمعالجين؟ وما مدي تدخل الحالة المعنوية في الإصابة وهل لها دور في التبكير أو التأخير في العلاج. فوائد عديدة للمتخصصين يقول الدكتور مصطفي المنيري رئيس الجهاز الطبي لفريق الزمالك الأول إن إسناد المسئولية للتشخيص لطبيب متخصص له فوائد عديدة لأي فريق حيث إن التشخيص عليه عامل كبير في تحديد العلاج المطلوب بعيدا عن الاجتهادات الشخصية التي تسهم في تأخير عودة اللاعب للملاعب مرة أخري. وقال إن سوء حالة الملاعب عندنا تسهم في إصابات اللاعبين خاصة بالنسبة للأربطة سواء في مفصل القدمين أو أربطة الركبة حيث تتنوع أرض الملعب من ملعب لآخر ولذلك فإن الاحتفاظ بالكرة أكثر وقت ممكن لضمان تمريرها لزميل يكون اللاعب عرضة للاحتكاك المباشر ومن ثم الإصابة.. كما أن هناك مراحل عديدة أخري أبرزها السهر.. فعدم النوم مبكرا يؤدي إلي الإرهاق ثم الإجهاد والذي يسهل عملية الإصابة لدي اللاعب. نوع التغذية وأضاف المنيري أن نوع التغذية نفسه مهم جدا في حياة اللاعب فالتركيز علي المواد الغنية بالكالسيوم يمنح العظام مزيدا من القوة والتي لا تتأثر بالالتحامات لأن الرياضي عرضة للالتحامات العديدة وإذا لم يكن مؤهلا بدنيا بالدرجة الكافية يتعرض بسهولة إلي الإصابة، كما أن فترة الإعداد التي يشتهر بها اللاعبون هي القاعدة التي تقوم علي أساسها أي عمارة.. فإذا لم يشارك أي لاعب في فترات الإعداد التي تسبق انطلاقة أي موسم جديد فإنه يكون عرضة للإصابة بجميع أنواعها.. كما أن الحالة المزاجية للاعب تكون مؤثرة للغاية فالحزن أو الفرح يؤثران في أدائه بشكل كبير وإذا فقد اللاعب التركيز وانتابته حالة من السرحان يكون أكثر عرضة للإصابة المتكررة لعدم وصوله إلي الخبرة المطلوبة في كيفية التعامل مع المدافعين ومع ذلك تكون عودته أسرع في حالة تخطيه عامه الثلاثين مثلا والتي تحتاج فيها عظامه إلي فترة أطول من العلاج ولكن هناك حالات نادرة من التحدي والإصرار علي تخطي المحن مثل حسام حسن الذي يندر مثله في الملاعب حيث أصيب مرات عديدة ولكنه كان يعود أسرع مما يتوقعه أحد. التشخيص السليم أما الدكتور مجدي عبدالعزيز طبيب المنتخب والأهلي الأسبق فيقول إن التشخيص السليم أهم من مرحلة العلاج ذاته ويقصد مدة العلاج كما أن الأجهزة الطبيعية الحديثة تسهم في علاج المصابين بشكل مؤثر خاصة إذا كانت الإصابة تختص بنواح عضلية.. كما أن الطبيب يجب أن يكون ملما بجميع الأمور الطبية، وليس في مجال تخصصه فقط حتي يقوم علي الأقل بنتيجة طيبة من الإسعافات الأولية قبل تفاقم الإصابة وأفضل أن يؤدي اللاعب العلاجات الطبيعية بدلا من العقاقير الطبية التي تؤثر علي الإنسان علي المدي البعيد وهي أفضل من التدخلات الجراحية في أحيان كثيرة. الثقافة الطبية ويفضل الدكتور مجدي عبدالعزيز أن يكون اللاعب ملما بنوعية الإصابات وتشريحها وكيفية علاجها مثلما هو ملم بقانون التحكيم وكذلك خطط اللاعب التي يتعرض لها دائما فالثقافة الطبية أهم لديه من نواح أخري لأنها متعلقة به شخصيا. كما أن مدرب الفريق يكون بالنواحي العلاجية حيث يدرس مادة التشريح والعلاج في الدراسات التدريبية التي يحصل عليها. اللاعب وسائق السيارة ويري الدكتور عبدالله جورج أن اللاعب نفسه يكون عليه دور كبير في مرحلة العلاج ليس هذا فحسب بل قبل التعرض للإصابة فهناك لاعب يستخدم قدراته العقلية وحسن التوقع وسرعة البديهة في التخفيف من حدة الإصابة إذا ما اصطدم بلاعب آخر، وهناك لاعب لا يفكر فيمن حوله من الجري بالكرة ولا يضع همه سوي الكرة فقط وكأنه يلعب لعبة فردية ويجري بمفرده علي المستطيل الأخضر.. وهذا يتعرض أكثر للإصابة لأن اللاعب مثل سائق السيارة تماما يسير بها ويستعمل جميع حواسه والمرايات المتعددة سواء الأمامية أو الخلفية أو الجانبية ويتوقع خطأ الغير ولا يترك الأمور للتواكل والقضاء والقدر وحده. وأضاف جورج أن إصرار اللاعب علي تخطي مراحل العلاج بسرعة والإرادة القوية لها مفعول السحر في عودة اللاعبين للملاعب وكلنا يتذكر أمثلة عديدة في الإصرار والتحدي منها جمال عبدالحميد عندما أصيب في الأهلي وظن الجميع أنه مقبل علي الاعتزال لجسامة حجم الإصابة وإذا به يستكمل المسيرة في الزمالك ويصبح واحدا من أبرز المهاجمين في مصر وأحد هدافيها البارزين. كما أن عودة أكوتي المبكرة رغم حجم الإصابة الكبير بقطع مضاعف في الرباط الصليبي أدي إلي عودته للملاعب من جديد رغم أنه لم يكمل الستة أشهر في العلاج.. علي عكس بعض اللاعبين بنفس الإصابة أو أقل منها مثل تامر عبدالحميد الذي استغرق علاجه أكثر من عشرة أشهر بسبب تعجل اللاعب واستعجاله العودة السريعة للملاعب. المرحلة السنية وأشار الدكتور عبدالله جورج إلي أن المرحلة السنية عليها تأثير شديد في حجم الإصابات وكيفية الاستشفاء منها، فمرحلة اللاعب في سن الناشئين يكون عرضة للإصابات وقال الدكتور عبدالله جورج إن اللاعب في الدوري الأوروبي نجده يتعرض للخشونة البالغة ويتوقع الجميع أن اللاعب الذي يسقط علي الأرض بسبب احتكاك شديد معه لن يلعبها مرة أخري، ثم نجده ينهض سريعا ويستكمل المباراة بصورة طبيعية في إطار التعامل مع اللعبة المشتركة بثقافة كروية تنم عن أنه لديه خبرة الوقوع علي الأرض حيث لا يترك نفسه لعدم الاتزان أو الترنح وإنما يتحكم في كيفية السقوط علي الأرض بشكل يجعله لا يصاب إصابة بالغة وهي نوع من التدريبات يؤديها بشكل دوري اللهم إلا إذا كانت الخشونة مباغتة أو بدون كرة مثلا فتفقد اللاعب وعيه لأنه لم يكن مهيأ نفسيا لاستقبال أي نوع من التعامل بخشونة.. وعموما اللاعب الذي يؤدي برجولة يكون أقل عرضة للإصابة من اللاعب الذي يتعامل بدلع أو باستهتار أو الذي يقلل من حجم الإصابة أو إصراره علي مواصلة اللعب حتي لو كانت إصابة بسيطة.