كان الاستاذ مستقبل مهموما ويبدو منشغلا ينظر حوله باستغراق يدقق في المارة والعمارات والشوارع وكأنه جحا الذي يري القاهرة للمرة الاولي وقد جاء من تاريخ سحيق.. وألمح عم ماضي يحاول ان يلفت انتباهه بصوت مسموع مالك يا استاذ مستقبل سرحان في ايه والاستاذ مستقبل ليس هنا وبعد فترة استغرقت من الاستاذ مستقبل ما يناهز ربع الساعة انتبه الي صياح عم ماضي وبدأ الحوار بين الاثنين وقد حاولت ان اسجل ما دار بينهما بأمانة واليك عزيزي القاريء مضمون هذا الحوار... عم ماضي: فيم أنت سرحان يا أستاذ مستقبل؟ يا سيدي أنا لا سرحان ولا حاجة رد الاستاذ مستقبل أنا كنت أفكر في بيوتنا وشوارعنا وكل ثروتنا العقارية.. وما الذي دعاك الي تلك البيوت هي ذات البيوت والشوارع هي ذات الارع التي تراها كل يوم فما الجديد الذي اثار انتباهك؟.. الجديد يا عزيزي يا عم ماضي اجاب الاستاذ مستقبل بصوت مرتفع انه لا مستقبل بدون اهتمام بالثروة العقارية العظيمة التي تمتلكونها ولا تدركون قيمتها علي نحو صحيح... تعجب عم ماضي! مما يقوله صديقه كيف هذا؟ وهنا انبري له الاستاذ مستقبل بصوت رخيم قائلا تعال نناقش خمسة امور اساسية في هذا الشأن وقل لي بربك ماذا تم فيها؟ ان كنت تدري.. الأمر الأول: لقد صدر قانون التمويل العقاري عندكم منذ ما يزيد علي خمسة اعوام اي انه اصبح ينتمي للماضي فما الذي يعوق تطبيقه حتي الآن؟ الأمر الثاني: قل لي بربك هل لديكم حصر لثروتكم العقارية يمكن ان يعتد به.. يا عزيزي انه حتي اثاركم في المتحف المصري لم تنجحوا حتي الآن في حصرها ورصدها وتركتمونها في المخزن تشتكي لله ظلم العباد ولا تنتبهون إليها الا عندما تجدونها في دولة اخري.. الأمر الثالث: قل لي بربك كيف عليه الحال الخاص بصيانة هذه الثروة وقد تعثر لديكم قانون البناء الموحد.. وقانون اتحاد الشاغلين.. وكأن الامر لا يعنيكم وعندما تفاجأون بانهيار منزل او سقوطه او حتي حدوث ميول فيه تتصايحون وتبدون بعض الاهتمام ثم تعود ريمه الي عادتها القديمة وكأن شيئا لم يحدث ولكن براءة الاطفال ليست في عينيها. الأمر الرابع: قل لي بربك كيف يحافظ كل مالك علي ممتلكاته؟ نعم بالتسجيل.. نعم بالصيانة نعم ايضا بالتأمين.. لقد شغلتمونا كثيرا بتطوير موعود في قطاع التأمين لكي يسهم بفاعلية في عملية التنمية فهل تستطيع ان تخبرني عن حال التأمين علي الثروة العقارية.. وانا لا اقصد هنا فقط المصانع بل اقصد المصانع والمتاجر والمزارع والبيوت وكل ما يمكن ان يطلق عليه ثروة عقارية. الأمر الخامس: أذكرك يا عم ماضي اذا كنت قد نسيت وأظنك لا تنسي انكم في يوم من الايام سألتم خبيرا اقتصاديا عالميا عن آليات لتحريك قدرات الاقتصاد المصري.. فكان جوابه عليكم بالثروة العقارية.. كم تبلغ قيمتها اذا سجلت؟ وكم يستطيع اصحابها الاقتراض بضمانها من البنوك وضخ اموال في شرايين الاقتصاد تحدث النماء والرخاء؟ وكيف ستكون الصورة اذا تم تفعيل قانون التمويل العقاري.. يا عم ماضي إلا تعلم ان صناعة المعمار وعالم العقارات ترتبط به هبوطا وصعودا اقتصاديات دول كبري وذلك لانه يتماس ويتقاطع ويتداخل مع صناعات عديدة اخري.. فقل لي بربك ما رأيك في مشكلة حتي الآن رغم بساطتها لم نجد له حلولا جذرية وهي تسجيل تلك الثروة.. اذهب الي الشهر العقاري واسألهم كيف يعاني عباد الله؟ في تسجيل اي شقة او عقار كم يتكلفون وكيف يتعذبون وما اخبار السجل العيني انه فزورة وحلها بسيط للغاية.. ولكم من يرغب ومن يريد.. وهنا يتدخل عم ماضي مقاطعا الاستاذ مستقبل لقد سمعت ان هناك قانونا او قرارا او تعليمات لست ادري تنون اصدارها تجعل الحد الاقصي بتسجيل العقار الفي جنيه "2000 جنيه" فضحك الاستاذ مستقبل وقال له اصدقتك هذا حقا يا عم ماضي كم من اخبار قيلت لنا وفرحنا بها ولم تر النور ولم يعد حتي قائليها يتذكرونها واضاف الاستاذ مستقبل ان الامر يستحق الاهتمام كما يستحق من المجتمع بجميع اطرافه نوبة صحيان.. وهنا قال الاستاذ ماضي بصوت هاديء يا استاذ مستقبل هناك قضايا كثيرة اهم من هذا الذي تقول عنه وتدعوا اليه كنت احسبك ستكلمني في العبارة او انفلونزا الطيور او حبس الصحفيين او مشكلة نادي القضاء او بيع عمر افندي وما يقال عن بيع شركة سيد للادوية وغيرها من هذه المسائل التي تشغل الساحة الاعلامية او عن الكرة والتجديد لحسن شحاته والوصايا العشر التي قالوها له وتلك هي الامور التي تشغل الناس وتتحدث عنها الفضائيات وليست ثروة عقارية يمكن ان تغطي علي ذلك كله مهما قلت أهميتها ومهما كان إعجابك بها. وهنا ظهر الأسي والحزن علي وجه الاستاذ مستقبل مخاطبا عم ماضي قائلا اشعر بالأسي واللوعة فيما تقول ولكن يا عم ماضي هي كلمة قاطعة اذا اردتم المستقبل وانا ادري به فعليكم بتلك القضية الجادة قضية ثروتكم العقارية.. وما تقدمنا العالمين وسبقنا الصفوف إلا باعتبارنا بناء وتغنينا عن حق مصر البنائين او البنايين.. فهل اصبح هذا من تراث الماضي يا عم ماضي. وهنا وجدت نفسي لا املك جوابا شافيا فانسحبت وفكري منشغل بهذا الحديث الذي دار وبتلك الاسئلة التي طرحت وهذه الآهات التي اطلقت وانا عندي امل جديد في يوم جديد.