«التضامن» تقر توفيق أوضاع جمعيتين في الجيزة وكفر الشيخ    بث مباشر.. رئيس الوزراء يفتتح معرض النقل الذكي واللوجستيات ومؤتمر صناعة التعهيد    سلامة الغذاء توضح أمان منتجات اللحوم والألبان مع انتشار الحمى القلاعية    انتخابات مجلس النواب وحلم الديمقراطية!    محافظ بني سويف: حياد تام وتيسيرات شاملة في انتخابات مجلس النواب 2025    تقديرًا لأمانته.. مدرسة بقنا تكرم تلميذًا أعاد «انسيال ذهب» لمعلمته    صوت المواطن كلمة الحسم فى صندوق الوطن    وزير الداخلية يأذن ل 22 مواطنا بالحصول على الجنسيات الأجنبية    سعر جرام الذهب صباح اليوم فى مصر    بورصة أسعار السمك والمأكولات البحرية الشعبية بأسواق الإسكندرية اليوم 9 نوفمبر 2025    ينطلق اليوم برعاية السيسي.. كل ما تريد معرفته عن معرض النقل الذكي واللوجستيات والصناعة    رئيس منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول «أوابك» ل«روزاليوسف»: مصر والسعودية فى صدارة الدول الرائدة فى الهيدروجين الأخضر    42 مليون أمريكى لا يجدون قوت يومهم    انقلاب فى نيويورك    صدق أو لا تصدق الجولانى يكافح الإرهاب!    الأمم المتحدة: أزمة نزوح غير مسبوقة في السودان.. وتصاعد العنف في الفاشر    الهلال الأحمر يدفع ب 280 ألف سلة غذائية ومستلزمات إغاثية عبر قافلة «زاد العزة» ال 68 إلى غزة    غارة من مسيرة إسرائيلية على محيط بلدة الصوانة جنوبي لبنان    اختطاف ثلاثة مصريين على يد تنظيم القاعدة في مالي    الخارجية الروسية: موسكو لن تنجر وراء استفزازات بروكسل في قضية التأشيرات    نهائي السوبر المصري| الأهلي والزمالك.. مواجهة نارية لتأكيد التفوق والثأر    مواعيد مباريات اليوم.. قمة مان سيتي مع ليفربول ورايو فاليكانو أمام الريال ونهائي السوبر المصري بين الأهلي والزمالك    عمرو الحديدي: الأهلي يفتقد إمام عاشور قبل نهائي السوبر    معسكر الزمالك للسوبر.. هدوء وتركيز وجلسات تحفيزية للمدير الفني    الحبس 6 شهور لعاطل بتهمة التسول في روض الفرج    التعليم تحدد موعد انطلاق امتحان نصف العام لصفوف النقل والشهادة الإعدادية .. اعرف التفاصيل    استكمال محاكمة المتهمين بقتل طفل شبرا الخيمة فى قضية الدارك ويب اليوم بعد قبول استئنافهم    «الأرصاد»: طقس اليوم خريفي مائل للبرودة.. والعظمى بالقاهرة 28 درجة    اليوم.. نظر محاكمة 213 متهما بخلية النزهة    جامعة الدول العربية تكرم مدحت وهبة المستشار الإعلامي لصندوق مكافحة وعلاج الإدمان تقديرا لجهوده    نقيب الموسيقيين يكشف تطورات الحالة الصحية ل إسماعيل الليثي: بين أيادي الله    لأول مرة فى تاريخ ألمانيا.. تامر حسنى يشعل الاجواء فى ستاد يايلا أرينا الألمانى بحضور 30 ألف شخص    «المتحف الكبير» وسر فرحة المصريين    «المتحف المصرى الكبير» أقوى من «الجاهلية»    القاهرة السينمائى يحلق بكبرياء على جناحى اتفاق السلام والمتحف الكبير    الأرشيف والمكتبة الوطنية يستعرض نتائج الدراسة المسحية لواقع المكتبات في الإمارات ومدى تبنيها للذكاء الاصطناعي    شعلة حب لا تنطفئ.. ما هي الأبراج المتوافقة في الزواج والعلاقات العاطفية؟    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم 9-11-2025 في محافظة قنا    عميد المعهد القومي للأورام: قدمنا خدمة إضافية لنحو 32 ألف مريض 2024    اختتام فعاليات مؤتمر المعهد القومي للأورام "مستقبل بلا سرطان"    «المعاهد التعليمية» تدخل أحدث طرق علاج السكتة الدماغية بمستشفياتها    بعد مسلسل كارثة طبيعية، ما مدى أمان الحمل بسبعة توائم على الأم والأجنة؟    سر الطعم المميز.. طريقة عمل الدقوس اللذيذ يمنح الكبسة والمشويات نكهة لا تقاوم    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 9 نوفمبر    أحمد جعفر: تريزيجيه اكتر لاعب سيقلق دفاع الزمالك وليس زيزو وبن شرقي    صفاء أبو السعود: حفل «جراند بول» يدعم مرضى السرطان.. ويقام للمرة الأولى في مصر    إخلاء سبيل شخص وصديقه بواقعة التحرش اللفظي بسيدة فى بولاق أبو العلا    حبس وغرامة.. نقيب الأطباء يكشف عقوبة التجاوز والتعدي على الطبيب في القانون الجديد (فيديو)    «إنت بتغير كلامي ليه! أنا عارف بقول إيه».. نقاش ساخن بين أحمد فتحي وخالد الغندور بسبب نجم الزمالك    عيار 21 الآن بعد آخر ارتفاع.. سعر الذهب والسبائك اليوم الأحد 9-11-2025 في مصر    «معي في قائمة المنتخب».. حلمي طولان يفاجئ لاعب الأهلي قبل ساعات من السوبر    أرتيتا بعد التعادل مع سندرلاند: لا أريد الشكوى من أي شيء    نعكشة تاريخية (9) جنون فرنسي!    مقعد آل كينيدي!    «عدد كتب الغيب 3».. خالد الجندي: الله قد يغير في اللوح المحفوظ    أمين الفتوى: صلاة المرأة بملابس البيت صحيحة بشرط    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 8-11-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من "أبوغريب" إلي جوانتانامو: إدارة بوش وإدمان التعذيب
نشر في نهضة مصر يوم 25 - 02 - 2006

ممارسة التعذيب أصبحت جزءاً لا يتجزأ من السياسة الأمريكية، والدليل علي ذلك تباطؤ إدارة بوش في الاستجابة للانزعاج الدولي بعد مرور أربع سنوات علي تسرب معلومات حول ممارسة التعذيب في السجون الأمريكية.
جاءت الصور الجديدة للممارسات الوحشية والقتل العمد الذي يقوم به أفراد من القوات الأمريكية في سجن "أبوغريب" ببغداد، بالإضافة إلي التقرير الأخير الصادر عن الأمم المتحدة الذي يدين أعمال التعذيب والاعتقال غير القانوني في سجن جوانتانامو لتعيد إلي الواجهة عناوين إدمان إدارة بوش علي التعذيب، وهي العناوين التي نادرا ما تتصدر الصفحات الأولي للصحف الأمريكية. ويذكر أن قصة إدارة بوش مع التعذيب ليست وليدة اللحظة، بل هي تراكم لقضايا أخري غير شرعية تورطت فيها الإدارة مستغلة غياب الاهتمام الشعبي بالممارسات المشينة التي تجيزها الإدارة الحالية باسمه. ولعل القصة الأكثر إثارة للاهتمام هذه الأيام هي فشل ديك تشيني في التعامل مع سلاح الصيد وفقاً لمعايير السلامة، ولو لم يكن نائب الرئيس قد وجد أشياء أكثر جدوي وأهمية من المشاركة في حرب فيتنام كما قال هو نفسه في معرض تبريره لمسألة تهربه من التجنيد لكان تعلم علي الأقل كيفية إطلاق الرصاص دون التسبب في جرح الآخرين. وعلي كل حال، فإن الرجل نفسه الذي آثر سلامته الجسدية علي المجازفة بالانخراط في خدمة الوطن، نصب نفسه باعتباره المدافع الأول في أمريكا عن تعذيب المعتقلين في أفغانستان والعراق وجوانتانامو ومناطق أخري.
والأكثر من ذلك كان تشيني وراء المحاولات الفاشلة لإجهاض وعرقلة مشروع القانون الذي تقدم به السيناتور جون ماكين بهدف منع التعذيب وتجريمه. ورغم أن الرئيس جورج بوش وافق علي المشروع، فإنه أرفقه ببيان يؤكد فيه صلاحية الرئيس، بصفته القائد الأعلي للقوات المسلحة، بتجاهل مقتضيات مشروع القانون. وبالنظر إلي إصرار إدارة بوش علي إجازة ممارسة التعذيب يصعب فهم الأسباب الحقيقية الكامنة وراء ذلك؛ فبغض النظر عن الجانب الأخلاقي الذي يضع التعذيب في خانة المشين واللاأخلاقي، لا يوجد من الناحية البراجماتية ما يبرر اللجوء إلي التعذيب ما دام يلحق أضراراً فادحة بسمعة أمريكا في العالم، فضلاً عن عدم فاعليته إذ لا ينتزع سوي القليل من المعلومات التي غالباً ما تأتي في غير وقتها. علاوة علي ذلك تعتقد بعض الشخصيات في الإدارة الحالية أن أهداف الولايات المتحدة النبيلة المتمثلة في نشر الديمقراطية في العالم تخولها صفة التفرد وتجعلها فوق القيم الأخلاقية للديمقراطيات الغربية.
وبانتفاء الأسباب الأخلاقية والبراجماتية في اعتماد إدارة بوش علي التعذيب تبرز عوامل أخري ذات طابع سيكولوجي، ذلك أنه في تهرب بعض أعضاء إدارة بوش من أداء الواجب الوطني في السابق ربما يفسر سعيهم اليوم إلي التعويض عبر إظهار بطشهم. ولئن كان هذا التفسير قاسيا ويختزل الصورة العامة للوضع، إلا أن إدارة بوش أظهرت فعلا حماسا منقطع النظير في الدفاع عن التعذيب. ففي شهر ديسمبر 2002 وجه وزير العدل الحالي ومستشار البيت الأبيض وقتئذ ألبيرتو جونزاليس مذكرة إلي وزارة العدل تحدد المعايير الخاصة بممارسة التعذيب. ودافعت المذكرة عن حق الرئيس في الترخيص بممارسة التعذيب ما لم يؤد إلي فشل عضو من أعضاء الجسم، أو إلي الموت. وفي نفس الإطار تم عقد اجتماع لمناقشة التقنيات الخاصة بالتعذيب والمصادقة عليها، حيث أبدي وزير الدفاع دونالد رامسفيلد اهتماماً خاصاً بالموضوع.
وبالنسبة لهؤلاء الذين يقبعون خلف القضبان في سجن "أبوغريب" والذين تعتبرهم الإدارة الأمريكية أشراراً يجب التعامل معهم بقسوة، فإنهم غالباً ما لا تنطبق عليهم الصورة التي تسوقها صحافة "المحافظين الجدد" وبعض الأكاديميين من أتباع الإدارة. تمثل الصورة غرفة وضعت فيها قنبلة موقوتة وبداخلها نساء وأطفال مهددون بالانفجار بعد دقائق معدودة ما لم تُنتزع الشيفرة من العدو المعتقل. بيد أن السجناء في جوانتانامو الذين يحقق معهم الأمريكيون ليست لديهم أدني فكرة عن الشيفرة، وفي بعض الأحيان لا يعرفون حتي سبب اعتقالهم. لكن ما أن ينتهي منهم المحققون بعد إخضاعهم لحصص تعذيب طويلة ومهينة حتي يكون المعتقلون قد جربوا فعلاً معني الجحيم علي سطح الأرض. ويعتبر أغلب هؤلاء المعتقلين ضحايا المداهمات العشوائية للمنازل التي تتم تحت جنح الظلام. ولعل حالة سائق التاكسي في كابول الذي اعتقل سنة 2002، أبلغ مثال علي العشوائية التي تصاحب الاعتقالات ولا تفرق بين البريء والمذنب. فقد كانت جريمة السائق الوحيدة أنه تواجد في المكان الخطأ، حيث تصادفت جولته مع انفجار أحد المواقع في كابول، ولأنهم لم يجدوا أحداً غيره اعتقلته القوات الأمريكية وأخضع لتعذيب أدي إلي وفاته رغم معرفة المحققين ببراءته. ويشكل مصير سائق التاكسي في كابول
فضلاً عن مئات الضحايا الآخرين الذي قضوا تحت الاعتقال الأمريكي إدانة حقيقية للممارسات الأمريكية.
وفي رأيي تعزي ممارسات التعذيب التي تدافع عنها الإدارة الأمريكية إلي ذلك الاعتقاد الراسخ لدي العديد من أعضاء إدارة بوش بأن تبني سياسة الاعتقالات العشوائية بين المدنيين، وانتهاج التعذيب الممنهج ضد المعتقلين وإساءة معاملتهم من شأنها إرهاب المواطنين والحيلولة دون مساندتهم، أو انضمامهم للمتمردين. ويذكر أن آخر مرة استعملت فيها هذه السياسة علي نطاق واسع كانت في عهد ستالين الذي ارتكبت شرطته السرية جرائم فظيعة أدت إلي مقتل الآلاف من الأشخاص. ومما يدل علي أن ممارسة التعذيب أصبحت جزءاً لا يتجزأ من السياسة الأمريكية هو تباطؤ إدارة بوش في الاستجابة للانزعاج الدولي بعد مرور أربع سنوات علي تسرب معلومات حول ممارسة التعذيب في السجون الأمريكية، حيث مازالت تنكر الإدارة الحالية أية علاقة بالتعذيب معتبرة نفسها المدافعة الأولي عن حقوق الإنسان وانتشار قيم الحرية والديمقراطية في العالم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.