كشف الجدل الذي دار مؤخرا حول اساليب الولاياتالمتحدة في مكافحة الارهاب، محاولات البيت الأبيض استخدام مسألة الأمن القومي للضغط علي وسائل الاعلام ودفعها إلي عدم نشر تقارير يمكن أن تضر ب "الحرب علي الارهاب" و"المصلحة القومية". وتضمنت تلك الضغوط عقد اجتماعات سرية بين الرئيس الأمريكي جورج بوش ومدراء التحرير في أكبر صحيفتين في البلاد هما نيويورك تايمز وواشنطن بوست. وتضمنت تلك الاجتماعات تحذيرات للمسئولين بأن التقارير التي تنوي الصحيفتان نشرها والتي تنتقد بعض جوانب الحرب الأمريكية علي الارهاب، تضر بالمصلحة الوطنية.. إلا أن الصحيفتين نشرتا التقارير المذكورة ولكن بعد نقاش طويل حول تعديل محتواها النهائي وتوقيتها لتهدئة مخاوف إدارة بوش، واصبحت مسألة التغطية الصحفية لمسائل الأمن القومي حساسة للغاية عقب هجمات 11 سبتمبر 2001 إذ باتت الانتقادات التي توجهها الصحافة لسياسات الحكومة تعني نقصا في الولاء الوطني. ورغم أن الوضع تحسن منذ ذلك الوقت، إلا أن الانطباع لا يزال سائدًا بأن إدارة بوش تستطيع أن تحصل علي التنازلات من المسئولين عن الاعلام باللعب علي مسألة "المصلحة الوطنية". والتقي الرئيس الأمريكي في المكتب البيضاوي في الخامس من ديسمبر مدير تحرير صحيفة نيويورك تايمز بيل كيلر وناشر الصحيفة ارثر سولزبيرغر جونيور ورئيس مكتبها في واشنطن فيليب توبمان. وهدف اللقاء إلي اقناع صحيفة نيويورك تايمز بالعدول عن نشر تقرير يقول أن بوش امر جهاز الأمن القومي بالتنصت علي مواطنين امريكيين يشتبه في علاقتهم بتنظيم القاعدة من دون الحصول علي اذن من المحكمة. ونشرت الصحيفة التقرير بعد أحد عشر شهرا من الاجتماع، وكشفت في الوقت نفسه انها حجبته لأكثر من عام في اعقاب اجتماعات مع مسئولين في الادارة الأمريكية، كما اقرت "بحذف معلومات قال مسئولون في الادارة انها ربما تفيد الارهابيين"، ورغم عمليات الحذف، هاجم بوش التقرير ووصف تسريب المعلومات الاستخباراتية إلي الصحيفة بأنه "عمل مخز في وقت الحرب". ثم نشر محرر الصحيفة بايرون كالام الذي يكتب بصفته ممثلا مستقلا للقراء، مقالا وصف فيه نشر تقرير الصحيفة عن عمليات التنصت بأنه "غير كاف بتاتا". وقال "ان التحدث عن تأخير استمر عاما، بشكل يكاد يكون عابرا، يدعو إلي المطالبة بتفسير كامل". وفيما رفضت نيويورك تايمز تأكيد حصول اجتماع في المكتب البيضاوي مع بوش، اصدر كيلر بيانا أكد فيه ان الصحيفة حجبت التقرير في البداية لاعتبارات تتعلق بالأمن القومي وتطمينات من جانب الحكومة بأن عمليات التنصت قانونية. وقالت صحيفة واشنطن بوست من جهتها أن بوش استدعي المسئول فيها ليونارد داوني قبل نشر تقرير في الثاني من يناير يكشف وجود معتقلات سرية تديرها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي.اي.ايه" في شرق أوروبا، وقررت الواشنطن بوست كذلك نشر التقرير إلا انها اقرت بأنها لم تكشف عن مكان وجود السجون بناء علي طلب من الادارة الأمريكية.