وزير الدفاع يلتقي عضو لجنة الخدمات المسلحة بمجلس الشيوخ الأمريكى.. شاهد    حزب الاتحاد: نكثف استعداداتنا للانتخابات البرلمانية المقبلة    مجلس النواب: اتفاق تمويل ومنحة بقيمة 61.5 مليون يورو لتنفيذ المرحلة 3 من مشروع محطة معالجة الصرف الصحي بالجبل الأصفر    نائب وزير الإسكان يبحث مع وفد الوكالة الألمانية للتعاون الدولي سبل تعزيز التعاون في قطاع المياه    مستوطنون إسرئيليون يهاجمون صحفيين فلسطينيين في الضفة الغربية    السعودية تُدين اقتحام مسئولين ومستوطنين إسرائيليين باحات المسجد الأقصى    أهم أخبار الإمارات اليوم الثلاثاء.. الرئيس اللبناني يشيد بدعم محمد بن زايد لبيروت    الأهلي يهزم الاتحاد في ثاني مباريات سلسلة نهائي دوري سوبر السلة    تعيين محمد عزت مديرًا فنيًا للفريق الأول للكرة النسائية بنادي الزمالك    ديوكوفيتش يتأهل إلى الدور الثاني ببطولة رولان جاروس    لاستكمال المداولة.. مد أجل الحكم على متهمي خلية داعش قنا لجلسة الغد    أخبار الطقس في السعودية اليوم الثلاثاء 27 مايو 2025    في عرضه العالمي الأول.. فيلم قصة الخريف يمثل مصر في مهرجان خريبكة الدولي في المغرب    ردًا على تهديدات ترامب.. الملك تشارلز: من حق كندا تقرير مصيرها    السعودية تعلن غدًا أول أيام شهر ذي الحجة.. وعيد الأضحى الجمعة 6 يونيو    تفاصيل جديدة بشأن فيديو تعرض عامل للتعنيف من «الكفيل» بالسعودية    وزير العمل يُسلم شهادات دولية للخريجين من مسؤولي التشغيل بالمديريات بالصعيد    ختام امتحانات الفصل الدراسي الثاني لصفوف النقل بالبحيرة    وزير الصحة يترأس إحدى لجان اختبارات القبول لبرنامج «المرأة تقود للتنفيذيات»    نائب رئيس جامعة بنها تتفقد امتحانات الفصل الدراسي الثاني بكلية التربية الرياضية    نتائج أعمال بنك القاهرة للربع الأول من عام 2025.. نمو إيرادات التشغيل بنسبة 26%    تكريم الصحفية حنان الصاوي في مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائي    بعد دخوله غرفة العمليات..تامر عاشور يعتذر عن حفلاته خلال الفترة المقبلة    المفوضية الأوروبية: ملتزمون بتنفيذ حل الدولتين ونطالب برفع الحصار    الإفتاء توضح أعمال العشرة أيام الأولى من ذي الحجة    «الإفتاء» تكشف عن آخر موعد لقص الشعر والأظافر ل«المُضحي»    وكيل صحة البحيرة يتفقد العمل بوحدة صحة الأسرة بالجرادات بأبو حمص    محافظ الغربية يوجه برفع كفاءة الخدمات الصحية وتوفير احتياجات المواطنين    قطاع الناشئين بالأهلي يرفض يانكون    تشابي ألونسو يسعى لخطف "جوهرة باريس"    ذكرى ميلاد فاتن حمامة فى كاريكاتير اليوم السابع    حواس يخرج عن صمته... مستشار زاهي يرد على جو روجان    كارولين عزمي تتألق في أحدث ظهور.. والجمهور يعلق:"راوية البطل"    "ملكة جمال الكون" تضع تامر حسني والشامي في قوائم المحتوى الأكثر رواجا    غياب ثلاثي الأهلي وبيراميدز.. قائمة منتخب المغرب لفترة التوقف الدولي المقبلة    بيان هام من تنظيم الاتصالات حول مؤشرات جودة خدمات الصوت لشركات المحمول    "دون رجيم".. 3 مشروبات فريش تساعد في إنقاص الوزن دون مجهود    6 أدعية مستحبة في العشر الأوائل من ذي الحجة.. أيام لا تُعوض    مصرع شخص بطلق ناري في الصدر بسبب خلافات في الدقهلية    رئيس مجلس النواب مهنئا بعيد الأضحى: ندعو أن يتحقق ما يصبو إليه شعب مصر    محافظ دمياط يفتتح وحدتي السكتة الدماغية والرعاية المركزة بمستشفى كفر سعد    مصدر أمني ينفي تعدي قوة أمنية على شخص بالإسكندرية مما أدى إلى وفاته    5 فوائد صحية مذهلة للعنب.. (تعرف عليها)    السجن 15 سنة لمتهمين باستعراض القوة وإحراز سلاح نارى فى سوهاج    مؤتمر الأعمال العُماني الشرق أفريقي يبحث الفرص الاستثمارية في 7 قطاعات واعدة    وزير خارجية ألمانيا ل إسرائيل: لن نتضامن معكم بالإجبار    شيخ الأزهر: صور إعلامية مضلِّلة تسللت لبلادنا عبر إعلاميين صدروا ثقافة زائفة    الإدارة العامة للمرور تبدأ تجربة «الرادار الروبوت» المتحرك لضبط المخالفات على الطرق السريعة    كلوب "مصدوم" من حادث احتفالات ليفربول    قرار جمهوري بإنشاء جامعة القاهرة الأهلية    زينة تروي تفاصيل مرعبة عن هجوم كلب شرس على طفليها    الهلال الأحمر الفلسطينى: قوات الاحتلال تستهدف الطواقم الطبية فى الضفة    نشاط للرياح وارتفاع أمواج البحر على سواحل البحر المتوسط بالإسكندرية.. فيديو    خلال 24 ساعة.. ضبط 146 متهمًا بحوزتهم 168 قطعة سلاح ناري    تؤكد قوة الاقتصاد الوطني، تفاصيل تقرير برلماني عن العلاوة الدورية    حكم صيام العشر الأوائل كاملة وهل يجوز بنية القضاء.. أمين الفتوى يوضح    اليوم| إقامة ثاني مباريات نهائي دوري السوبر لكرة السلة بين الاتحاد والأهلي    في إطار التعاون الثنائي وتعزيز الأمن الصحي الإقليمي.. «الصحة»: اختتام أعمال قافلتين طبيتين بجيبوتي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"ناجي العلي" الذي قتلوه.. و"الطيب" الذي ظلموه
نشر في نهضة مصر يوم 05 - 01 - 2006

أثناء زيارتي الأخيرة إلي لبنان انتحي بي قائد السيارة التي أقلتني جانبا، وأشار إلي مطعم يحتل "الرصيف" في أهم شوارع بيروت قائلا: "هذا "ويمبي" الذي اغتيل فيه الضابطان الإسرائيليان عقب اجتياح القوات الإسرائيلية للعاصمة بيروت!!
قالها بفخر، وكأنه يتأسي علي زمن البطولة الذي صارت واقعة "ويمبي" أحد معالمه البارزة، وإذا بي أتذكر ذلك الحوار أول أمس، وأنا أتابع المشهد نفسه في فيلم "ناجي العلي" الذي انفردت قناة "روتانا سينما" بعرضه، بعد فترة طويلة من المنع والحجب والملاحقة والمصادرة والتعتيم، وذلك في إطار "خبطتها الإعلامية" التي أطلقت عليها "أفلام من نار" أو "الأفلام الممنوعة" وواكبتها بشعار: "إن خفت ما تشفش.. وإن شفت ما تخافش" علي غرار: "إن خفت ما تقولش.. وإن قلت ما تخافش"، وأكدت خلالها عرض فيلمي "ناجي العلي" و"الناجون من النار" بالإضافة إلي تكرار عرض أفلام: "البريء"، "الكرنك"، "درب الهوي" و"احنا بتوع الأتوبيس".
والواقع أن التنويه بعرض "ناجي العلي" مثل مفاجأة مدهشة بالنسبة لي، وجاء عرضه الجماهيري الذي تم علي نطاق واسع ليزيد من هذه الدهشة التي سرعان ما انقلبت إلي فرحة، بعد الاستقبال الطيب والحفاوة الجماهيرية التي لمستها في ردود فعل الكثيرين في البيوت المصرية، ولحظتها لم أملك سوي أن أترحم علي عاطف الطيب الذي أخرج "ناجي العلي"، فما كان من البعض سوي أن أنكر عليه هذا بحجة أنه يمجد سيرة فنان كاريكاتور نكل بالسادات وهاجمه في رسوماته، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، وإنما اتهم "الطيب" ومعه صناع فيلم "ناجي العلي"، وعلي رأسهم بطله نور الشريف، بالخيانة العظمي، وأتذكر الآن فزع عاطف الطيب رحمه الله عندما نجحت الحملة الصحفية التي قادها الكاتب إبراهيم سعده في إقناع والده الطيب بالتهمة التي تلاحق ابنه فراح يسأله بعفوية: "صحيح أنت خنت بلدك يا عاطف؟!" ، وأكبر الظن أن تلك اللحظة وحدها كانت كفيلة بوجع قلب عاطف فمات بعدها بسنوات قليلة بأزمة قلبية عقب إجرائه لعملية جراحية في الوقت الذي خشي نور الشريف علي نفسه فآثر السلامة، وانحني للعاصفة حتي تمر!!
تذكرت مشهد "ويمبي" وعاطف الطيب يقدمه بشفافية وإيجاز في فيلم "ناجي العلي" حين يجلس الضابطان الإسرائيليان في المطعم ويحاولان، بصفاقة ولزوجة، التحرش بفتاتين في مائدة مجاورة فتنصرفان وهما تصبان عليهما اللعنات، وفي لقطة لاحقة يصران علي الدفع بالشيكل عملة إسرائيلية لكن عامل المطعم يصر علي تقاضي الثمن بالليرة اللبنانية، وقبل احتدام الموقف يتقدم أحد الشبان ويتظاهر بالدفع بالإنابة عن الإسرائيليين، وفي حركة مباغتة يطلق عليهما الرصاص فيرديهما في الحال ويغادر المكان.
مشهد له مغزي في فيلم يخطئ من يظن أنه يتحدث عن القضية الفلسطينية وحدها، لأن قضيته الأساسية الديمقراطية المنتهكة بواسطة الأنظمة العربية، فالفيلم لم يكن معنيا حسبما تصور الكثيرون باتهام ياسر عرفات ورفاقه بقتل ناجي العلي في لندن، نتيجة ما أطلق عليه الاقتراب من الذات المصون لعرفات، وإنما راح يبحث الوضع "الديمقراطي" في الوطن العربي الذي لم يحتمل رسومات كاريكاتورية تبنت وجهة نظر مختلفة، ولن نقول مناهضة، وتصور أن الحرية تتيح له أن يقولها دون قيود، وإذ بأبواب الجحيم تتفتح في وجهه؛ حيث طورد وهُجر من بلد عربي إلي آخر، ولم تضق به الدنيا وإنما ضاقت به مساحة الحرية الخانقة التي يعيشها الوطن العربي، والمهيمنون علي القضية الفلسطينية الذين تدعوهم "ديمقراطيتهم" للظن أن أي حديث معارض بمثابة "نشر للغسيل القذر"، بينما يري ناجي العلي أن "البيت الذي تدخله الشمس لا تعشش فيه الخفافيش".
من هنا كانت مبادرة "روتانا سينما" بعرض "ناجي العلي" بمثابة إعادة اعتبار له، ولأبطاله وصانعيه الذين ظلمتهم الحملة التتارية، التي أدت إلي إنشاء لجنة مشاهدة، هي في حقيقة الأمر تصفية، مهمتها الأولي والأخيرة استبعاد فيلم "ناجي العلي" من مسابقة أفلام المهرجان القومي للسينما الذي تنظمه وزارة الثقافة في دورته عام ،1992 بحجة أنه غير جدير بالمنافسة، بينما يعلم القاصي والداني أن قرار تشكيل اللجنة، التي لم تظهر للوجود منذ ذلك العام، جاء استجابة للحملة الظالمة التي شنها الكاتب الصحفي الذي كان يشغل وقتها منصب رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير واحدة من كبريات المؤسسات الصحفية في مصر.
بالطبع لم تترك الجمعيات الأهلية السينمائية وكذلك نقابة الصحفيين والمحامين، "ناجي العلي" وحده في مواجهة "الخفافيش" الذين أرادوا التمسح بسيرة الأموات، ونظمت الكثير من الندوات التي استضافت عاطف الطيب ونور الشريف وبشير الديك ومدير التصوير محسن أحمد وفنان المونتاج أحمد متولي، لكن التيار كان أقوي منهم جميعا، فاستبعد الفيلم من المهرجان القومي وأجهض عرضه التجاري، والحجة "الإساءة إلي سمعة مصر وكبير العائلة"، وبقيت التجربة بأكملها "غصة" في حلق المخرج عاطف الطيب، الذي أرهق قلبه المسكين في الدفاع عن وجهة نظره، وظل ورفاقه في التجربة ممنوعين من التواجد في أية مطبوعة تصدر عن المؤسسة الصحفية، التي طاردته بتهمة "الخيانة" حتي رحل وجاء عرض الفيلم هذه الأيام في "روتانا سينما" ليعيد له، ولرفاقه جميعا، الاعتبار، وكان للاستقبال الحافل بالفيلم، الذي لم يصدق أحد حساسية لغته السينمائية، التي ربما لم يبلغها عاطف الطيب في أي فيلم من أفلامه، وإنسانية القضية التي قدمت في صورة نبوءة سينمائية ليخرج الناس، بعد مشاهدة الفيلم في منازلهم، وهم يتساءلون مع الرائع محمود الجندي "فين الجيوش العربية؟! هي حتوصل امتي"؟!
.. ورحمة الله عليك يا عاطف الطيب.
وألف رحمة عليك يا ناجي.. العلي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.