من المعروف أن غالبية مسلمي البلد ونصارته العاديين لا يعرفون شيئاً اسمه التعصب الديني، فأكثرية المسلمين علي علاقة طيبة بأقلية النصاري ففي الصعيد مثلاً يتشارك المسلم والنصراني بلا أدني حساسيات في الزراعة والتجارة وفي جميع المناسبات وأشهر مشاركاتهما لها صفة دينية كموالد الأولياء والقديسين فتجد هناك المسلم والنصراني معاً فدير مثل العذراء في (درنكة) أو الدير المحرق بالقوصية بأسيوط يزورها المسلمون بأعداد هائلة فإذا أضفنا إليهم سائقي الباصات المسلمين الذين ينقلون الزوار والباعة الجائلين والأعضاء العاملين بنقابة النشالين نجد أن غالبية الزوار مسلمون وأقليتهم نصاري ولم تقع أقل حادثة فيها رائحة تعصب لا التعصب ذاته وهذه الحقيقة مهملة عندنا لكنها محل اهتمام بالغ بمراكز البحوث ومصدر ألم شديد لجمعيات (التهويش) المحلية والدولية فجريمة العمرانية لا تهدد علاقة مسلمي البلد ونصارته كما تريدها مؤسسات التهويش المحلية والدولية وكظن المعتادين علي إثبات وجودهم في كل مناسبة بكوز تصريحات مخروم فمؤسسات التهويش تعارض بشدة جميع الحقائق المؤكدة عن المسائل الدينية بالذات فمثلاً تتمتع الأقليات حالياً بما لم تحلم به في أي عصر آخر أو دولة أخري بداية من المثليين إلي الملل المرفوضة دينيا وخلقيا والأمثلة علي ذلك تفوق الحصر لكنها لا تخدم منظمات التهويش بنوعيها لأنها تفضح الخبث التهويشي وتكشف أسراره كما كشف صديقنا علي بابا أسرار مغارة الأربعين حرامي فأي أقلية مصرية تعاملها الحكومة تبعا لنظرية أطبطب وأدلع فبعض الأقليات ترتكب جرائم مدبرة بقلم ومسطرة وفيها تهديد للأرواح والأخلاق والممتلكات فتحاسبها الحكومة تبعاً لقانون العقوبات العادي مع أن أغلبية رعاياها إن ارتكبوا نوعية جرائم الأقليات لفرقع قانون الطوارئ ولعلع في البلد كله وتوجد أيضاً أمثلة عديدة علي هذه الحقيقة التي يتجاهلها التهويش بنوعيه أو ينكرها أو ينكش فيها أحياناً لأن النكش في المسائل الخائبة من حين لآخر وظيفة تهويشية مربوطة علي درجة. ولكن تدليع الحكومة لرعاياها وطبطبتها عليهم يجب أن يكون مسبباً سواء كانوا أغلبية أو أقليات أفرادا أو جماعات حتي لا يتمرد المدلعون علي الدولة أو يكسرون قوانينها بالعصيان في الأوقات الحرجة أو العادية ففي ذلك تهديد أحمق للأرواح والممتلكات فإن كان لابد من التدليع والطبطبة فليكن ذلك نتيجة أعمال وطنية عظيمة للفرد أو لمجموعة أفراد مثل تكريم الكاتب العالمي نجيب محفوظ بقلادة النيل أو كتكريم فريق المعلم حسن شحاتة لكرة القدم لحصوله علي بطولة إفريقيا والأخطر أن يوحي التدليع بأنه استجابة لوقوف التهويش المحلي والدولي خلف المدلع مع أنه فرد من الرعايا فتكلفة ذلك باهظة جداً إذ تستقطع تلقائياً من رصيد هيبة الدولة داخلياً وخارجياً وفقدان أقل قدر من هيبة الدولة مقدمة لفقد ما هو أكبر وأخطر والتغاضي الحكومي عن أخطاء رعاياها أو جرائمهم أياً كانوا يرضي التهويش المحلي والدولي فيتجرأ علي سلطان الدولة متجاهلاً أن قوتها لا تقارن بضعفه فأي دولة في العالم تلجأ لأغلظ هراوة لديها للمحافظة علي أرواح رعاياها والممتلكات العامة والخاصة كما أن الحروب العادلة كحربنا في 73 والحروب الظالمة أيضاً كغزو العراق تنشب لمجرد الإحساس بتهديد خارجي أو داخلي لهيبة الدولة أو سيادتها والحقائق معروفة والأمثلة كثيرة لكن التهويش بنوعيه لا تهمه الحقائق ولا يسر مندوبوه بالأمثلة ولا تتوقف مؤسساته طويلاً أمام العبر فكل ما يهم التهويش أن يؤدي وظيفته بإلحاح واستماتة أملاً في الاستجابة له. وخسائر الظهور بمظهر الاستجابة للتهويش بنوعيه أخطر بكثير من مكسبها الوهمي المرتجي إذ تؤدي في أقل حالاتها خطراً لنتيجتين حتميتين إحداهما الآجلة الحتمية وهي التمرد والأخري بطيئة ولكنها حتمية أيضاً وتتمثل في تغطيس الجنيه تدريجياً فالقبول الحكومي للتهويش بنوعيه يدعم خبراء تغطيس العملات محليا ودوليا لتغطيس الجنيه فتصير قيمته مساوية لحبة طماطم أو ربطة فجل مع أن قيمة جنيه مصر الورقي كان أغلي من جنيه الذهب لأن الجنيه المصري بالذات يرتفع برفض التهويش تأكيداً لهيبة الدولة وينخفض بقبوله لأنه يعطل القوانين أو يقيدها وكل ما يرجوه التهويش أن يعطل القوانين لتقليل هيبة الدولة وتخفيضاً لقيمة جنيه ومن وسائله لبلوغ هدفه أن يغطي الجرائم المدبرة بغطاء ديني أو يدخل عملا إجراميا لم تقنن عقوبته بعد في شكل إضراب أو احتجاج والتنسيق متقن بين التهويشين داخليا وخارجيا فجريمة العمرانية من أدواتهما لكن يعتبرها النصاري العاديون جريمة منكرة يستحق مرتكبوها أقصي عقوبة ويراها المحايدون سابقة خطيرة لم تعهدها البلاد وهي تنفيسة عند المحرضين أما التهويش مع قادة الجريمة ومنفذيها فيرونها بطولة نادرة لكن لا أونطة التليفزيون أو قرع الثقافة ولا كيزان التصريحات تطفئ الحرائق وإنما يعطي العيش لخبازه وتعلن علي الملأ أسرار التهويش لأن كتمانها يعتبره قبولا ضمنيا له ويحول الجرائم الخطيرة لبطولة تهويشية وهمية.