الدولة حددت سقف الدعاية للمرشح بربع مليون جنيه ولكن ما يصرف فعليا قد يصل الي عشرات الملايين من الجنيهات في بعض الدوائر!. تطلق علي الانتخابات البرلمانية (المعارك الانتخابية)، الاشتباكات، معارك تكسير العظام.. مفردات تبحث علي الضيق وكأننا في ساحة للقتال نضحي فيها لاسترداد الارض من المحتل، اعمال عنف وبلطجة تستخدم للتأثير علي ارادة الناخبين وارهابهم من اجل مرشح بعينه. ولانستطيع ان ننسي حادث سقوط اول ضحية في الدقهلية شاب في مقتبل العمر واصابة خمسة آخرين نتيجة اعمال العنف التي وقعت بين انصار احد المرشحين ومنافسه، شيء خطير ان تستعر حمي الانتخابات بهذا الشكل وترتكب كل هذه التجاوزات? حتد كدنا نصدم من الاساليب المبتكرة التي تتبع لإسقاط الخصم بالضربة القاضية وكأننا في حلبة مصارعة، البقاء للأقوي ماديا وليس للاقوي معنويا وفي سبيل ذلك ترتكب كل الاعمال المشروعة وغير المشروعة ألاعيب وخطط وحيل شيطانية حتي وصلنا الي قائمة بالاسعار (اسعار البلطجة) شيء مخز ومهين ضد الدين والمبادئ والاخلاق بداية من هتك العرض والتشويه بماء النار الي احداث عاهة مستديمة او القتل الي جانب التراشق وتمزيق اللافتات والاحتكاكات. نحن كمواطنين ترانا نشعر بالخجل والخوف معا: الخجل ان تمارس هذه التصرفات الكريهة علي مرأي ومسمع من دول العالم المتحضر فينظر لنا نظرة دونية تتناولنا الفضائيات بالسخرية وتنعتنا بالجهل واللهث وراء المادة بمعني اننا مجتمع متخلف يتشدق بالديمقراطية وهو لا يفهمها ولايطبقها المصري مغيب عن حقوقه وواجباته. يساق ببعض جنيهات اما الخوف فهو بالطبع علي الوطن عندما يحصل العضو علي كرسي البرلمان وهو غير مستحق له حقق هدفه بالقوة والسطو بالغش والنفاق والتزييف. وبالتالي يفشل عضو آخر نزيه اجدي واحق ان يمثل الشعب ويجلس العضو الفاسد تحت قبة البرلمان غير عابئ لانه غير فاعل لايطرح فكرا جديدا بل يعجز كليا عن حل المشكلات او الابتكار لما فيه مصلحة الوطن فنراه يخفي هذا الضعف بالصوت المرتفع يلقي التهم واللوم علي الآخرين يتكلم كثيرا فيما لاينفع لنكتشف امر خداعه، اساليب تصب في المصلحة الفردية خاص ان تقارير المنظمات الدولية والمحلية تؤكد جميعها ان ترتيب مصر في قائمة الدول المكافحة للفساد تراجع وان دفع المصريين رشاوي لإنهاء معاملاتهم اصبح امرا عاديا. إن كرسي البرلمان مسئولية عظيمة امام الله اولا وامام الشعب ثانيا فإذا لم يجد المرشح في نفسه الكفاءة والايمان بالله والوطن كرسالة وبرنامج وعد به ابناء دائرته. فلا داعي لإكمال المسيرة المبنية علي الخداع وعليه ان ينسحب لصالح آخر لديه القدرة علي العطاء البناء خاصة ونحن في مرحلة لاتتحمل العبث بمقدراتنا. والانسان تتصارعه قوي الشر والخير لكن اذا تعالي صوت الشر فقد الانسان الضمير لتحل القسوة مكان الرحمة وبالتالي ينعدم لديه الشعور بالندم فيفعل كل شيء وأي شيء. بعض المرشحين يسخر مجموعة تسير حوله ووراءه ترافقه كظله لا تتواني عن خدمته وكلما انتفخت جيوبهم كانوا لها لعون والذراع اليمني رهن اشارته. لاننسي أن الدولة حددت سقف الدعاية للمرشح بربع مليون جنيه ولكن ما يصرف فعليا قد يصل الي عشرات الملايين من الجنيهات في بعض الدوائر ايضا من يبيع صوته بالهدايا المادية والعينية من اصحاب النفوس المعتلة عديمي المبادئ والاخلاق وعديمي الانتماء للوطن. ان جريمة شراء الذمم وبيع الضمير تؤثر سلبا علي المجتمع بالكامل. اما الضحية فهو المواطن المصري البسيط. هذا الجو الكئيب الذي يصاحب معركه تفتيت العظام كما يحلو للبعض تسميتها يثير السخط فإلي جانب الفقر والظلم والبطالة والضغط العصبي وتردي سبل العيش تولد المرارة والعدوانية. من اجل هذا يعزف معظم المصريين عن المشاركة في العملية الانتخابية بل لايسعون للحصول علي البطاقة الانتخابية في الاساس والشعور السائد لدي المواطنين جميعا بأن يوم الانتخاب هو يوم فزع ورعب وازعاج ومن يذهب للإدلاء بصوته قد يكون معرضا لاعمال البلطجة من انصار المرشحين المنافسين وبالتالي فهو ينأي بنفسه آثرا السلامة لكن في نفس الوقت يشعر بالحزن لعدم تمكنه من المشاركة في واجب وطني نحن في اشد الحاجة اليه اكثر من اي وقت مضي. عرس الديمقراطية ان ندلي بصوتنا في عزة وشموخ وفرح واقتناع ان نكون مطمئنين علي مستقبلنا ومستقبل ابنائنا ويكفي معاناة الغلاء الفاحش ومشاكل التعليم والصحة والمرور وغيرها. اما الحل فهو تنفيذ قانون العقوبات بكل حزم من اجل التصدي والعمل علي تطهير المناخ العام من البلطجة لنضمن نزاهة الانتخابات. واهمس في اذن الناخبين صوتكم غال والوطن اغلي اعطوا صوتكم للفرد الصالح اشهدوا بالحق فما تزرعوه انتم وانا سنحصده جميعا خيرا ام شرا. وليكن صوت الضمير هو محركنا ومرشدنا وان يكون فكرنا حضاريا والإ سنتقدم للخلف ومصر لاتستحق الا الحب.