قالوا قديما بدلا من محاولات مضنية لمطاردة وقتل الناموس لماذا لا نفكر في تجفيف المستنقعات ؟ وأتسائل أيضا لماذا ندمن خسارة كل الأشياء الجميلة في مجتمعنا علي مائدة القمار السياسي والإعلامي؟ نرهن حياتنا منذ سنوات لدي غالبية من فضائيات آسنة وكثير من برامج موبوءة و عديد من مواقع إليكترونية ملوثة مجهولة المصدر ومشبوهة الأهداف تحت شعار الحق في المعرفة والحرية فكان نتاجها أنها أصبحت بيئة حاضنة تنقل للمجتمع المصري كل أمراض سوء الثقافة وأنيميا الفكر وتضليل معلوماتي خبيث و أصابته بقصور في شرايين المعرفة الحقة وتضخم في السطحية وإرتفاع مستوي الجهل وإنخفاض في معدلات الإنتاج وشيوع الأمراض "النفسونتية "_ نسبة إلي الإنترنت_ والتفسخ المجتمعي دون مكافحة وتطهير ووقاية الأخطر هو ما أصابنا مؤخرا من أورام خبيثة قامت بتهييج النزعة القبلية كما في فتنة تيمور السبكي ونساء الصعيد والغضب المستعر حاليا أوالتعصب للمهنة كالهجوم علي القضاة وإنتقاد ميزاتهم ودفاعهم عن مكتسباتهم أو كمصادمات أمناء الشرطة مع المحامين وبعدهم الأطباء ومحاولة كل فصيل مهني استعراض قوته والتباهي بأتباعه تجلي مؤخرا فيما شهدته "دار الحكمة" من غياب للحكمة ومحاولة لي ذراع الدولة والقانون في وجود عصابة عواجيز الثورة "المؤلفة قلوبهم " بين جموع الأطباء كي تسكب الزيت فوق النار بإشارات من كهنة المعبد في الخارج ويخرج الأمر من نطاق الجمعية العمومية إلى حشد يهتف ضد الشرطة وشعارات أخري تستدعي فى الذاكرة أحداثا مشابهة…. بالأمس البعيد وقبل عصر الإنترنت وفوضي الإعلام استخدموا الفتنة الطائفية بين عنصري الأمة لتمزيق وتقسيم المجتمع وأطلقوا السوس ينخر في عظامه وفشلت الخطة فأعقبه الخريف العربي ومشروع النهضة الإسلامي المزعوم المرسوم وتم إجهاضه بإرادة شعب ولكن لم تهن عزيمتهم فالشيطان لا يعدم الحيلة والوسائل متاحة دون رقيب والفضاءات مباحة ونحن نستقبل خططهم الخبيثة وأسئلتهم الملتوية بإستسلام أثناء تعاطي مخدر الحرية وتحت تأثير عقار الإنفتاح .. هم أصبحوا يعلموا عنا كل أسرارنا وخفايانا ونقاط ضعفنا وتراخي الإنتماء والمزايدات السياسية فأحالوا جواسيسهم التقليديين للتقاعد بعد أن صاروا عديمي النفع فقد صدروا لنا ملايين الجواسيس في الحاسوبات الإليكترونية والهواتف الخلوية كي تدار عقولنا بالريموت كنترول والكيبورد ولا نتمرد أو نتتبه إننا نذهب لحتفنا وإحتلالنا بأناملنا…. ويوما بعد يوم تتضخم كرة الثلج وتعبر الحدود ونكاد نقترب من آتون هلاك سني شيعي كي يقضي علي ما تبقي من إعصار الربيع الصهيوني في المنطقة العربية تريده وتديره وتنفخ فيه أفاعي الغرب عبر كوابل الإنترنت ونحن لا ندري من أمرنا شيئا كمن حط علي رؤوسهم الطير ويتخبطنا المس فلا ندري العدو من الصديق فجميعنا في بحر "الفيسبوك" وأخواته غرقي…. ربما لأننا تركنا العلم وأهملنا العمل فأصابنا الله بكثرة الجدل وتفرغنا للمزرعة السعيدة وكاندي كراش وستار أكاديمي وجهاد النكاح وأزمة تلاسن مرتضي وميدو والمرأة دابة الأرض ومدعي الألوهية وتواكلنا في مستقبلنا علي ضاربي الودع والمتنبئين وإنشغلنا بركبة صافينار وأفلام الكباريهات ودراما الدعارة ومهزلة بوحة وهيفاء والوحش المصري البرمائي الهوائي وتايجر وسيطر و"قطونيل"رحرحة صح علي الرغم من أن حتي ورقة التوت لم تعد تستر تخلفنا … مستنقعات الإعلام والإنترنت وأمراضها تنبهت لها دول العالم مثل ألمانيا وبريطانيا وأمريكا وروسيا والصين وتركيا فقط حين إخترق حدودهم الإرهاب ففرضوا أشكالا من الرقابة وحزمة من القوانين الرادعة فما بالنا ونحن نتقلب ذات اليمين حيث الإرهاب والتطرف وذات اليسار حيث الجهل والفقر والإنفلات الأخلاقي والمراهقة السياسية؟؟ أزمة وكارثة لن ينقذنا منها سوي رقابة وفلترة حميدة من ناحية وتشريعات قانونية ومسودة أخلاقية صحفية وإعلامية من ناحية أخرى ولعلي ومعى كثيرون نتسائل لماذا تنتظر حزمة التشريعات منذ وقت طويل في أدراج مكتب الرئيس والبرلمان وقد آن الآوان أن يريحنا بها السيسي دون تأخير ؟ إن كان الرئيس حقا يهدف لإعادة بناء وطن -وأنا أثق تماما في نيته -فالمشروعات الإقتصادية وحدها لا تكفي فالبداية الصحيحة هي إعادة صياغة الثروة البشرية واستثمار شباب الأمة وعلاج أمراض المجتمع ووقف نزيف الوقت وسرقة العقول والخطوة الأولي هى غربلة الإعلام وتجفيف مستنقعات الإنترنت حتي تفشل ريحهم وتحيا مصر عصية علي مخططاتهم