محمود رافع عقد المركز الأورومتوسطي بشراكة مع الطريقة القادرية البودشيشية للعام العاشر علي التوالي مؤتمره العالمي للتصوف تحت عنوان »التصوف وسؤال المعني« حول دور الزاويا في تفعيل قيم الوسطية والاعتدال والجمال ليناقش هذا العنوان حول زكثر من 20 محورا من محاور النقاش التي دارت علي منصة المؤتمر بين أكثر من 150 عالما من شتي أنحاء العالم الغربي والعربي والإسلامي في مختلف التخصصات العلميجة والبحثية والمنهجية لسيادة التصوف القيم العالمية بعد أن تصاعدت موجات العننف والإرهاب. وعلي هذا جاءت مناقشات أكثر سخونة من غيرها من الأعوام السابقة بعد التفجيرات الإرهابية في فرنسا وإعلان رئيسها فرانسو أولاند ورئيس الحكومة علي أن التصوف بقيمة النبيلة وإعلانه للتاسمح والتعايش مع الآخرين لهو جوهر الدين الإسلامي الحنيف. بدأ الدكتور منير القادري مدير الملتقي كلمته الافتتاحية لهذا المؤتمر مؤكداً علي اشكالية الأزمة التي أصابت المعني الانساني في ظل اختلال منظومة القيم الحضارية لترسيخ الوسطية والاعتدال لتزكية القيم الجمالية التي ترقي بفكر الفرد وسلوكه وتسمو به إلي كمال النظر إلي الكون وجميع مكوناته ومخلوقاته بالرحمة والرفق والسماحة دون عنف أو اقصاء. وأعلن مدير الملتقي عن انعقاد جملة من الأنشطة الموازية في أيام المؤتمر من بينها المائدة المستديرة بعنوان »الزملتقي العالمي للتصوف في ذكراه العشرية الأولي»الحصيلة والآفاق« ومنتدي الباحثين الشباب حول »الفكر الاخلاقي والتراث الصوفي« فضلا عن المسابقات المتعددة لألفضل رسالة دكتوراه وأفضل الشعراء والبراعم لحفظ القرآن الكريم، وعلي مدي عشر جلسات استحوذت علي حوالي أربعين ساعة كاملة جاءت كلمات وأبحاث المؤتمر جيث استعرض الشيخ العباسي محمد الفاتح قريب الله عن وفد السودان أن حوالي 90٪ من سودانيين يدينون بالتصوف المعتدل بلا افراط ولا تفريط حيث تنتشر الزوايا ومقرات »المشايخ« في قري السودان وساحات الذكر في جمع أركان البلاد تصدح بذكر الله والصلاة والسلام علي رسول الله حتي أن الرئيس عمر البشير شخصيا يتواجد في هذه الساحات ويقرأ الأوراد وما هذا لفيف إلي موريتانيا إلي السعودية. وتحدث في المؤتمر الشيخ جمال أبو الهنود القادري مستشار وزير الأوقاف والشئون الدينية بفلسطين عن الهوية المغربية والعقيدة الأشعرية والفقه المالكي فأكد علي حفظ الله لمصر من الدسائس والمؤامرات الخارجية في ظل قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي. وكذلك دولة المغرب التي تحطمت علي صخرتها الصوفية الأشعرية المعتدلة كل ما فعله المتآمرون في جنح الظلام الدامس تحت الرعاية الملك محمد السادس ببركة جده الأعظم مولانا رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو يقود سفينة الذكر والنور بالمغرب.. فنجي الله الدولتين من بؤر الإرهاب والتطرف وهما صناعة صهيونية يفهمون عن الإسلام نصوصا مغلوطة وفكراً مخالفاً للمقاصد الشرعية في القرآن والسنة النبوية المطهرة فيذبحون الانسان المسلم ويكبرون.. ويغتصبون الأرض والعرض ويهللون.. فأي دين أيها الجهلاء تدينون.. لكن الهوية المغربية ثابتة وراسخة رسوخ الجبال في الأرض فجينات الولاية فيها حتي يرث الله الأرض ومن عليها والهوية المصرية أيضا ثابتة وراسخة طبقاً لحديث رسول الله صلي الله عليه وسلم »الأقطاب في المغرب والأبدال في مصر«.. وظل الشيخ أبو الهنود متدفقا في الحديث عن تلك الثوابت حتي وقف الحاضرون سيدات ورجالا يصفقون لأكثر من عشر دقائق. كان الملك محمد السادس قد أرسل محافظ بركان مندوبا عنه مع وفد رفيع المستوي حضر إلي قاعة المؤتمر واستمع إلي بعض الأبحاث ثم تفقد الأنشطة المقامة علي هامش المؤتمر.. وقام بمصافحة »الأخبار المسائي« علي المنصة واستلم كتاب »الرؤساء وأقطاب الحقيقة« لكاتب هذه السطور. أما الشيخ أحمد لقمة وكيل أول المشيخة العامة للتصوف بمصر فأكد علي العمق الحضاري والتاريخي بين البلدين مضيفا أن الأقطاب المغاربة قد حضروا إلي مصر واشتهروا فيها وقاموا بتربية الرجال ومازالت مقاماتهم الطاهرة منابع ومنافذ للاشعاع الروحي والثقافي للملايين من المصريين كأمثال القطب مولانا أبو الحسن الشاذلي ومولانا السيد البدوي وعبدالرحمن القناوي وغيرهم العشرات تحت المراقد الطاهرة في مختلف المحافظات. واستعرض الشيخ أحمد لقمة تاريخ الجهاد بين البلدين ضد الاستعمار الفرنسي والبريطاني منذ أجداد قطب الزمان سيدي الحمزة بن العباسي وعبدالقادر الجزائري وعمر المختار مؤكدا أن المغاربة يدعون لمصر ليلاً ونهاراً كي تنجو من مؤامرات المتأمرين والمتطرفين خاصة في هذه الأيام مع اقتراب ذكري 25 يناير. وأكدت الدكتورة كريمة بو عمري بجامعة الرباط علي المعرفة الاحسانية في مواجهة غلو التدين وأشارت إلاي الحركات السلفية التي تعددت إلي سلفية جهادية وقتالية وتربوية وحركية وتكفيرية وقد تعلق بهذا المنهج إلي اليوم جماعة نسبوا أنفسهم إلي السلفية المعاصرة وتعلقوا بأذيالها عن جهل وهم يمثلون اليوم تياراً واسعاً لما تتسم به أفكارهم من التطرف وما احيلوا عليه من التدين الحرفي بنصوص لايدرون معناها ولا يفقهون فحواها فقد شوهوا مفاهيم الشريعة وأولوا آيات قرآنية فأصبح كل من يقود عصابة يسمي خليفة وكل اعتداء علي البشر يسمي جهاداً وكل عمل تنظيمي يسمي دولة.. فقد حولوا مقاصد الدين من تعميم الآمان إلي ترويع الأمنين ونشر الرعب بين الناس.. هذه الفئة التي تزعم أنها تحكم بما أنزل الله ونسيت أن الله كتب علي نفسه الرحمة وأن رحمته وسعت كل شيء وأنه هو الرحمن الرحيم حيث ورد هذا الوصف 115 مرة في القرآن.. وزهل التصوف يسهرون علي التربية الروحية وصفاء القلوب والنفوس لأنهم أي آهل الله يسرقون القلوب ويقتلون النفوس ليحيي الانسان الحياة الطيبة ويعيش بالقلب السليم حتي وإن كانت الشريعة هي الباب الأوحد لبلوغ الحقيقة فإن العارف في مستوي أرقي من مستويات عروجه يري الحقيقة مسطورة في القلوب المحبة العاشقة للحق وهو ما يطلق عليه دين الحب وهذا البعد الكوني في الاصلاح نعيشه اليوم في هذه البقة التي تعج بالاذكار والصلوات والتي تستقبل أصحاب أجناس وأطياف ومذاهب وايدلوجيات متنوعة ومتعددة يحتضنهم شيخهم سيد الحمزة بن العباس بصدر رحب وقلب عاشق محب لله ولرسوله وللمؤمنين. التوصيات ولأن تغطية كلمات الملتقي العالمي العاشر للتصوف كاملة تحتاج إلي عشرة أضعاف هذه المساحة فإننا نكتفي بهذا القدر مع التأكيد علي توصيات المؤتمر التي طالبت بإنشاء جامعات خاصة للتصوف في شتي أنحاء العالم بصفة عامة والبلاد العربية والإسلامية بصفة خاصة فضلا عن مضاعفة الجهود العالمية والحركية لملء الفراغ الروحي الذي يعاني منه الشباب مع تجديد الخطاب الصوفي لمواكبة الفكر المعاصر وطبع أبحاث المؤتمر وضرورة نشرها بأكثر من لغة.