ما صدر من تقرير للتعبئة والاحصاء خلال الساعات الماضية يمثل منحنى خطيراً فى قضية السكان وينبئ عن أننا كمصريين نتجه إلى أزمة اقتصادية خطيرة ولا أريد أن أقول أزمة «جوع» إذا لم نبدأ التعامل بجدية وحزم مع الزيادة السكانية التى فاقت كل التوقعات سنصبح دولة منهارة لا قدر الله. التعبئة والاحصاء تكشف فى تقريرها عن أن عدد المصريين زاد مليون نسمة فى أقل من 6 أشهر وان عدد السكان بلغ حتى أمس السبت 94 مليون نسمة.. يعنى هذا باختصار أننا سوف نزيد كل عام أكثر من مليونى نسمة.. وبالطبع هذا الرقم سوف يرتفع أكثر من هذا المعدل مع مرور السنوات نتيجة طبيعية لحركة النمو السكانى وهذه هى الكارثة بعينها.. اذا استمرت السياسات كما هى دون تحرك سريع للمواجهة. إذا كانت هناك دول نجحت فى معالجة الزيادة المضطردة فى مواطنيها مثل الصين بالسير فى اتجاهين الأول التنمية والثانية وضع ضوابط لتنظيم النسل وهو ما اهله ان تلقب بالتنين الاقتصادى والتى بدأت تغزو أمريكا وأوربا بصادراتها مما دفع هذه الدول لاتخاذ إجراءات لحماية منتجاتها. إذن إذا كانت هناك دول تعاملت مع الزيادة السكانية بأنها «نعمة» واستطاعت ان تستثمرها فى رفع معدلات النمو الاقتصادى ومن ثم تحسن مستويات المعيشة لمواطنيها إلا أننا نعد هذه «الزيادة» «نقمة» لأنه ليس لدينا القدرة للتعامل مع الأزمة السكانية.. رغم أنها منذ عشرات السنوات وهناك دراسات وأبحاث فى هذا الصدد إلا أنها محفوظة فى الادراج لا أحد يقترب منها والحكومات المتعاقبة أصمت آذنيها عن هذه المشكلة الخطيرة وكأن الأمر لا يعنيها ويتم ترحيلها من حكومة لأخرى وبرلمانات عاشت فى أحضان السلطة تصفق وتهلل عندما يلقى الرئيس خطابا أو يصدر تصريحاً يتحدث فيه عن الاصلاحات والمستقبل ولا تواجه وتحاسب الحكومات. إن تقرير التعبئة والاحصاء الأخير يأتى فى وقت صعب للغاية تعيشها الدولة المصرية ليس بسبب الأزمة التى تشهدها حالياً بل الأزمة الاقتصادية التى من أهم مظاهرها ان البلاد غرقت فى مستنقع الديون و«الدين الحكومى 1،800 تربليون جنيه أى تعدى خط الخطر أو الافلاس بالمعدلات العالمية بلغت ٪92 من الناتج المحلى وديون خارجية تتحدث أرقامها أنها تجاوزت ال 44 مليار دولار» ولاداعى لأن نذكر أرقاماً أخرى فى مجالات أخرى فهذا يكفى لنعرف مدى ما وصلنا إليه. لا أدرى كيف يمكن ان نواجه الوضع المأساوى الذى نعيشه حالياً؟! وللأسف تندلع المظاهرات الفئوية تطالب بالمزيد من الأجور.. من أين؟! هل يريدون ان نواصل طبع البنكنوت بدون غطاء حتى يصل قيمة الجنيه كيلو طماطم. ان مصر فى حاجة الى قيادات تواجه المواطنين بالحقيقة مهما كان ثمنها وأيضاً ان يتم ايقاف هذه المظاهرات عبر التنوير وتنمية الشعور الوطنى لمنع البلاد من السقوط الى الهاوية ولن يتم ذلك إلا بدوران عجلة الإنتاج ولم الشمل.. أين هذه القيادات القوية؟!