القاهرة تشهد توقيع "الحرب من اجل الحضارة" محيط - فيسك يزور القاهرة شيماء عيسى و رغدة سيد شهدت مكتبة "الديوان" بحي المهندسين حفل توقيع نسخ بالعربية والإنجليزية لكتاب أحد أشهر مراسلي العالم روبرت فيسك ، مراسل صحيفة "الإندبندنت" البريطانية . وقد استطاع فيسك بحرفيته العالية وخبطاته الصحفية الشهيرة أن يكون أحد أكثر الصحفيين الغربيين مصداقية عالميا ، كما عرف كباحث وراء الحقائق وليس مجرد ناقل لتصريحات المسئولين ، من هنا فقد قام طيلة حياته بحوارات حية مع أشهر الرموز الوطنية في العالم العربي والإسلامي ، وكان ينقل للمواطن الغربي الأحداث الحية من الميدان بكل صدق وشفافية وجرأة معرضا حياته للخطر دوماً . قام روبرت - ولازال - بفضح وحشية آلة الحرب الامريكية والإسرائيلية وقبلها السوفيتية بحق الأبرياء المسلمين والعرب الآمنين ، وكشف أطماع الحرب الحقيقية ، هذا بخلاف انتقاده اللاذع للأنظمة العربية وقادتها . كتاب فيسك الهام شهد إقبالا كبيرا في حفل التوقيع ، وهو بعنوان "الحرب من أجل الحضارة: السيطرة على الشرق الأوسط". قدم فيسك لكتابه قبل توقيع النسخ ، وأطلق رؤيته في بعض القضايا ردا على أسئلة الحضور ، ومن أبرزها أن العالم من المحتمل ان يشهد حربا عالمية ثالثة ، وسؤل عن بن لادن - الذي كان قد أجرى معه حوارا شهيرا - فقال : " نعم بهرني ولكني رأيت كم هو شخص مخادع". أما عن الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، والحالي باراك أوباما فقال: "إن بوش رجل سئ، أما أوباما فهو الأفضل للأمريكيين". ووجه المراسل رسالته للعرب قائلا أن عليهم عدم تعليق الآمال الكبيرة على أوباما لحل قضايا الشرق الأوسط المعقدة ، موضحا بقوله : " إنه ليس أملكم ولن يساعدكم، لأنه سيسعى لتحسين أوضاع الولاياتالمتحدة وليس الشرق الأوسط" ، ومضيفا أنه ليس متأكدا من وجود خطة أمريكية حالية لتحسين الأوضاع في الشرق الأوسط. وردا على سؤال "محيط" عن رأيه في الدور الذي تلعبه مصر في محيطها الإقليمي العربي ، وخاصة بعد ضرب غزة ، فعقد جبينه قائلا : كنت آمل أن يكون لمصر دوراً حقيقياً وأكثر فعالية لوقف المجازر الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني الأعزل. حضور كثيف بالمكتبة ومعروف أن فيسك كان قد استهجن رد الحكومة المصرية على ضرب غزة فقد أعربت عن احترامها لاتفاقية المعابر التي يخضع لها معبر رفح قائلا ان فتح المعبر أو قطع العلاقات مع إسرائيل يعرض المؤسسات الاقتصادية المصرية للانهيار ، وأي زعيم عربي يقدم على خطوة من هذا النوع يفاجأ بسحب الدعم الغربي الاقتصادي والعسكري ، ودون هذه الإعانات تصبح مصر مفلسة. وسؤال آخر وجه له حول العلاقات الأمريكية الإيرانية بعد انتهاء ولاية بوش، فأشار إلى أن العلاقة لم تتحسن بين أمريكا وإيران بعد تولي أوباما الرئاسة بل لا يزال الصراع مستمرا بين البلدين، مضيفا أن السبب ليس الإرهاب ولا الظلم، ولكن السبب الحقيقي يكمن في سياسة الحكومات. وعن رحلته إلى كشمير بباكستان فقال عنها : "إن الحياة هناك صعبة، والناس يعانون من شدة الفقر". وبسؤال "محيط" له عن إمكانية تحقق مشروع الشرق الأوسط الكبير قريبا ، فنفى ذلك قائلا أنها فكرة مرتبطة بحقبة بوش وحده ، وأن العالم تناقلها كما لو كانت حقيقة ، ولكن الفكرة حاليا لا وجود لها على أرض الواقع . توقيع الكتاب سيرة ذاتية روبرت فيسك (12 يوليو 1946 - ) صحفي بريطاني وحاليا هو المراسل الخاص لمنطقة الشرق الأوسط لصحيفة الأندبندنت البريطانية . يعيش حاليا في بيروت، يعتبر أشهر مراسل غربي خلال ثلاثين سنة من تغطيته لأبرز الأحداث منها الحرب الأهلية اللبنانية ، مذبحة صبرا وشاتيلا ، الثورة الإيرانية ، الحرب العراقية الإيرانية ، حرب الخليج الأولى ، غزو العراق 2003 ، مذبحة قطاع غزة 2008/2009 . مقتطفات من الكتاب يقول فيسك بكتابه - وفق عرض جامعة كامبريدج- إن الحروب الكبرى التي طحنت ملايين من الناس كانت ترفع شعار الحضارة ، وكذا هي الحرب الأميركية في العراق تعيد استخدام نفس الشعار القديم . ويرى أن الغرب هو الذي قسم المنطقة إلى دول بحيث يضمن مصالحه المستقبلية ، والغرب هو الذي دعم الأنظمة المستبدة ، وهو الذي دعم إسرائيل ، وهو الذي يطلق الحروب الدموية ويرعاها ، ونتيجة ذلك كله يستمر وقوع الضحايا بلا هوادة في المنطقة. الغرب يريد من المنطقة نفطها ، وضمان أمن إسرائيل ، وضمان المصالح الإستراتيجية الغربية الكبرى ، وبعدها ليحدث الطوفان. غلاف الكتاب يعرض الكتاب أيضا مجموعة من المجازر وعمليات الإبادة التي ارتكبتها الدول في القرن العشرين، كمجزرة الأرمن على يد الأتراك، ومجازر الفلسطينيين على يد البريطانيين والإسرائيليين، وكالمجازر في الجزائر على يد القوات الفرنسية ثم النظام السياسي الجزائري، والمجازر في العراق على يد القوات الأميركية. وبرأيه فإن الصراع العربي الإسرائيلي يشكل بدءا من الوعود البريطانية المتضاربة الصادرة بين عامي 1914 و1918 والداعية إلى استقلال البلاد العربية، ودعم قيام وطن قومي يهودي في فلسطين، حتى تأسيس دولة إسرائيل على الأرض الفلسطينية بعد المحرقة اليهودية والحرب العالمية الثانية، ملحمة مأساوية انعكست نتائجها على العالم كله. ويقول : لقد صدر الدعم البريطاني لأمة عربية مستقلة عندما احتاجت بريطانيا إلى مشاركة القوى العربية في محاربة الأتراك، وصدر تصريح بلفور الذي يدعم قيام وطن قومي يهودي عندما كانت بريطانيا بحاجة إلى دعم يهودي – سياسيا وعلميا - خلال الحرب العالمية الأولى ولكن المشروع البريطاني للشرق الأوسط بعد الحرب العالمية الأولى كان متناقضا، ولم يكن ممكنا تنفيذه إلا بالانحياز لطرف ضد آخر، وقد تحول اضطهاد اليهود في الثلاثينيات إلى مشروع دولة إسرائيلية في فلسطين "مهما كانت حقوق جماهير العرب" . وينتقد الخطاب الغربي الذي ينظر لمسألة مقتل إسرائيليين على أيدي فلسطينيين باعتبارهم " قتلة شريرين" ، ولكن عندما يذبح الإسرائيليون الفلسطينيين تعتبر أميركا وسائر البلدان الغربية أنه يمكن النظر عمليا إلى هذه الجرائم بصفتها مآسي وسوء فهم أو من عمل أفراد مجانين، والفلسطينيون هم المسؤولون مبدئيا عن حدوث هذه الأعمال الشنيعة، أما إسرائيل فغير مسؤولة! تحدث بكتابه أيضا عن عودة اللاجئين الفلسطينيين والتي اصبحت ميئوسا منها ؛ لأن إسرائيل لن تسمح لثلاثة ملايين فلسطيني بأن يعبروا حدودها.