مشهد مؤثر بلجنة طامية.. رئيس لجنة انتخابية يساند كبار السن وذوي الهمم في الفيوم    محافظ الجيزة يتابع سير العملية الانتخابية ميدانيًا بأحياء الدقي وجنوب الجيزة    في أكبر تجمع للعباقرة.. 8000 متسابق يتنافسون في "البرمجة" بالاكاديمية العربية    نيروبي: تشكيل حكومتين في السودان يثير الجدل حول مسار البلاد ( تحليل )    خطة عسكرية اسرائيلية جديدة في غزة واستهداف لقادة حماس في الخارج    وسط ترحيب خاص من اللاعبين .. عدى الدباغ يشارك فى تدريبات الزمالك    مصدر مقرب من أحمد عيد ل في الجول: اللاعب جدد طلبه في الرحيل عن المصري    أمن بني سويف يكشف لغز العثور على رأس طفل صغير داخل صندوق قمامة أمام مدرسة.. تفاصيل    منتخب السباحة بالزعانف يطير إلى الصين لخوض دورة الألعاب العالمية    الدباغ ينتظم في تدريبات الزمالك.. والفريق يستقبله بممر شرفي    المفوضية الأوروبية تنتقد وصف ألمانيا للاتفاق التجاري مع واشنطن ب"الضعيف"    رئيس هيئة النيابة الإدارية يواصل متابعة سير العملية الانتخابية    إصابة شخص بحالة إغماء أثناء الإدلاء بصوته بالفيوم    وزير السياحة والآثار يترأس مجلس إدارة المجلس الأعلى للآثار    انتخابات الشيوخ 2025.. محافظ أسوان يشيد بتواجد الفرق الطبية بمحيط اللجان    البنك المركزي يطلق برنامج بكالوريوس العلوم المصرفية رسميا بالتعاون مع 5 جامعات حكومية    أمين عام "حزب الله": برّاك اشترط أن يفكك 50% من قدرتنا في غضون شهر ولكنهم لا يعلمون مستوى قدرتنا    أشرف زكى : حالة محمد صبحى مستقرة ولا يزال فى العناية المركزة    لو حد من قرايبك يؤذيك تتصرف إزاى؟.. أمين الفتوى يجيب (فيديو)    رئيسة سويسرا تزور واشنطن لبحث ملف الرسوم الجمركية    مصرع شخص وإصابة آخر في مشاجرة بمنطقة المهندسين في الجيزة    الأهلي يصعد في ملف تسوية مديونيات الزمالك    "نعلمهن قيمة المشاركة".. فتيات يدلين بأصواتهن برفقة أخواتهن الصغار داخل لجان انتخابات الشيوخ بقنا    قصور الثقافة تطلق مسابقتين للأطفال ضمن مبادرة النيل عنده كتير    السيدات يتصدرن المشهد لليوم الثاني علي التوالي بلجان الشروق    لجنة الحكام تُفاضل بين "معروف" و"الغندور" لإدارة مباراة الزمالك وسيراميكا    في جولة مفاجئة.. محافظ الدقهلية يتفقد مستشفى أجا المركزي    إنفوجراف| تعرف على أنشطة مديريات الزراعة والطب البيطري خلال أسبوع    انتخابات الشيوخ 2025.. إقبال متزايد وانتظام في سير العملية الانتخابية بالسويس    محافظ الفيوم يوجه برعاية شابين توأم يعانيان من صرع كهرباء زائدة بالمخ    عاجل- الرئيس السيسي: الأهرام منارة التنوير.. وركيزة أساسية في تشكيل الوعي الوطني على مدار 150 عامًا    إيرادات "روكي الغلابة" تقفز إلى 16 مليون جنيه خلال أسبوع    فاروق جعفر: أحمد عبدالقادر لن يفيد الزمالك.. وزيزو لم يظهر مستواه مع الأهلي    محافظ القليوبية يباشر حادث تصادم على طريق شبرا بنها ويوجّه بإعادة الحركة المرورية    وزيرا التعليم والزراعة يشاركان في ورشة عمل التعاون مع القطاع الخاص لتطوير التعليم الفني الزراعي    تفاصيل تعرض الأولى على الثانوية العامة لحادث سير وإصابة والدها    عالم أزهري: عدم غض البصر في تلك الحالة قد يكون من الكبائر    قرار حكومي.. تكليفات ومهام جديدة لنائب وزير الكهرباء    بالزي الصعيدي.. صابرين تشارك جمهورها أول صورة من كواليس "المفتاح"    انتخابات الشيوخ 2025.. 30 صورة ترصد جولات محافظ الأقصر لمتابعة عملية التصويت    «بيحبوا ياخدوا حذرهم».. 5 أبراج شكاكة بطبعها    انتخابات الشيوخ 2025.. وحدات تكافؤ الفرص بالشرقية تشجع السيدات على التصويت    فضيحة تهز فرنسا.. اعتداء جنسى داخل مستشفى للأطفال واعتقال رجل وممرضة    في ذكرى رحيله.. «مصطفى متولي» ابن المسرح وصاحب الوجه الحاضر في ذاكرة الجمهور    جامعة قناة السويس تعتمد نتائج بكالوريوس الزراعة    انتخابات الشيوخ 2025.. السيدات يتصدرن المشهد في ثاني أيام التصويت بلجان المهندسين    تسجل 41 درجة وأجواء صيفية ممطرة.. بيان هام من الأرصاد يكشف حالة الطقس اليوم الثلاثاء    عيد مرسال: العمال يتصدرون المشهد الانتخابي في اليوم الثاني لانتخابات الشيوخ    تدريب 42 ألفًا من الكوادر الطبية والإدارية خلال النصف الأول من 2025    للوقاية من الجلطات.. 5 أطعمة تدعم صحة قلبك    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الثلاثاء 5 أغسطس 2025    "قصص متفوتكش".. صور احتفال حسام عبد المجيد بعقد قرانه.. ونجوم الزمالك باحتفالية بيراميدز    جوائز تتخطى 1.5 مليون جنيه.. كيفية الاشتراك في مسابقة الأزهر وبنك فيصل لحفظ القرآن    فريق طبي بالدقهلية ينجح في تفريغ نزيف بالمخ وزراعة عظام الجمجمة في جدار البطن    المحكمة العليا البرازيلية تأمر بوضع الرئيس السابق بولسونارو قيد الإقامة الجبرية    كندا تعلن تسليم مساعدات إنسانية إضافية لقطاع غزة    ردده قبل كتابة رغبات تنسيق الجامعات 2025.. تعرف على دعاء وصلاة الاستخارة    هل التيمم مقصورًا على التراب فقط؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في فصلية "حضارة".. أمريكا تعترف بورطتها
نشر في محيط يوم 16 - 02 - 2009


في العدد الأول من فصلية "حضارة"
أمريكا تعترف بورطتها .. وعداء السامية يخدم إسرائيل

غلاف المجلة
محيط – شيماء عيسى
في زيارتك الصباحية لبائع الصحف تصادف عددا كبيرا من المجلات العربية الجادة ، ولكنك قد لا تتحمس دائما لشرائها نظرا لطرحها الأكاديمي المتخصص أو لعدم إثارتها موضوعات الساعة الحيوية ، وربما هنا تكمن أهمية "حضارة" ، فهي مجلة فصلية معنية أساساً بالشأن العراقي ولكنك تجد بها وجبة معرفية شاملة تتضمن أبحاث ومقالات لكبار الكتاب و ملفات ساخنة وترجمة لأبرز التقارير المتعلقة بالعراق وشعبه والقوى الدولية المتحالفة لإحتلاله .
"حضارة" تصدر عن مركز الأمة للدراسات والتطوير فيما يقرب من 285 صفحة ، ويكتبها باحثون من العالمين العربي والإسلامي ويرأس تحريرها أحمد فياض والذي أكد في مقدمة العدد الأول على أن المجلة تهدف لتواصل المثقفين العرب والمسلمين عموماً بشأن القضايا المصيرية في المنطقة.
نطالع على غلافها أبرز المحتويات ، ومنها في باب ( أبحاث ودراسات ) : ( منهج لفهم الصراع مع الصهيونية ) بقلم د. محمد مورو ، (رحيل بوش ..خيارات اوباما وخيارات المقاومة ) للمفكر الاستراتيجي طلعت رميح ، (ماذا في انتظار الرئيس ) للباحث محمد رشيد . وفي باب ( المقالات ) : ( الولايات المتحدة الامريكية .. بعض مفاهيم القوة وموجباتها ) للدكتور رافع الفلاحي ، (بين نهاية التاريخ ونهاية امريكا ) للكاتب احمد هواس .

ويتناول ملف العدد موضوع (آثار الاحتلال الامريكي للعراق ) ويتضمن (نظرة اقتصادية للاحتلال الامريكي الاسباب والنتائج ) للكاتب عبد الستار احمد ، و(آثار الاحتلال علي اللغة العربية .. العراق نموذجا ) للدكتور احمد قاسم ، و( اغتيال كفاءات عراقية .. تراجع علمي ومستقبل مجهول ) للباحث والكاتب حسين الرشيد .

كما يتضمن العدد تقرير مترجم عن ( امريكا وتحديات ما بعد العراق ) ، وفي باب (الوثائق والفتاوي ) يجد القاريء ثلاثة فتاوي دينية إسلامية حول الإتفاقية الأمنية الموقعة بين العراق والولايات المتحدة .
فهم الصراع
في بحث أعده د. محمد مورو بعنوان "منهج لفهم الصراع مع الصهيونية" رأى أن الصراع الإسلامي الصهيوني يأخذ مستويين : الأول بين الجماهير المسلمة وإسرائيل ، ويشبه كثيرا صراع الخير والشر على الأرض ، حيث تسعى إسرائيل بين تلك الجماهير قتلا ونهبا وتشريدا وتقوم الثانية بمحاولة الدفاع عن نفسها وتأمل في الإتحاد وطرد المحتل والرد عن نفسها فيما تتعرض له من اعتداء بدافع من واجب الجهاد الإسلامي .
أما المستوى الثاني فهو مختلف تماما حيث أنظمة سياسية إسلامية لا ترى حلا للصراع مع إسرائيل سوى بالتفاوض فقط ! وهو ما يرفضه عموم الجمهور المسلم .
ومن أهم ما تضمنه بحث د. مورو ، شرح طبيعة الكيان الصهيوني ، فهو مجتمع توراتي أي أن الإسرائيليين يعتمدون على نصوص التوراة مهما اختلفت اتجاهاتهم يمين أو يسار أو حتى ملحدين . ونقل تصريح بيجين مثلا وهو من كتلة الليكود الذي نشرته صحيفة دافار عدد 14 ديسمبر سنة 1978م: " إذا كنا نملك التوراة وإذا كنا نعتبر أنفسنا شعب التوراة فينبغي أن نمتلك أيضا بلاد التوراة ، بلاد القضاة ، أرض أوشليم وحيرون وأريحا وأماكن أخرى " .
الزواج في إسرائيل زواج ديني ولا يوجد زواج مدني كما أنه لا يوجد في دولة إسرائيل دستور لأن التوراة هي القانون الأساسي للدولة ، كما أن التوراة ذاتها تعرف المواطن وتحدد من هو الإسرائيلي وهي ذاتها تحدد حدود الدولة بل وتبرر الحرب والإرهاب . ونقرأ ما يلي : " علينا ألا ننسى أجزاء التوراة التي تبرر هذه الحرب فنحن نؤدي واجبنا الديني بتواجدنا هنا فالنص المكتوب يفرض علينا واجبا دينيا ، وهو أن نغزو أرض العدو ، صحيفة هاريتس 5 يوليو 1982م على لسان حاخام برتبة نقيب ، والمذابح ابتداءاً من دير ياسين وحتى "صابرا وشاتيلا" تبررها التوراة . ومن هنا فإنه محض هراء شعارات الدولة العلمانية الديمقراطية في إسرائيل .
ولذا يرى د. مورو أننا حين نطرح أن الصراع يجب أن يكون قرآنيا فإننا بالتالي نعطي تحديا مكافئا فضلا عن أن أمتنا لا تتحرك إلا من خلال قرآنها .
مجتمع عنصري
يدعي الصهاينة أن كل يهود العالم اليوم من ذرية جنس واحد وكتلة واحدة بأمر الرب ، وهذه العنصرية تقوم أيضا على أساس توراتي وتستمد وجودها من عناصر التوراة التي حرفها اليهود ، وهكذا فإن اليهود هم شعب الله المختار ، وبقية العالم عبيد لهم ، وهي فكرة مرفوضة من علم الأنثربولوجي وعلم الآثار ومرفوضة تاريخيا أيضا ، أما الإسلام فتوضح رسالته السمحة الإنسانية أن كل مستضعفي العالم مسلمين وغير مسلمين في خندق واحد أمام كل القوى الشيطانية حتى لو كان فيهم مستكبرون يتسمون بأسماء إسلامية .
كما أن الكيان الصهيوني استعماري ، يقول هرتزل في كتابه " الكتلة اليهودية ستكون جزءا من حائط يحمي أوروبا من آسيا وستكون بمثابة حارس يقف في الطليعة ضد البربرية " وهكذا فإنه يعتمد الإرهاب والإفناء في محاولة التفريغ للأرض من سكانها والحلول محلها ، وهكذا فإن كل يهودي يقيم في أرض إسرائيل فهو عدو مهما كان انتماؤه السياسي .
والكيان الصهيوني عسكري أيضا ، حيث تنفق إسرائيل أكثر من 50% من ميزانيتها على الجيش ، وهو كذلك فاشي ؛ فالديمقراطية الإسرائيلية ديمقراطية بالنسبة لليهود وليست لغير اليهود.
عداء السامية
ثم تطرح المقالة بعض الملاحظات الهامة ، ومنها أن فكرة ( عداء السامية ) ليس لها علاقة بالدين الإسلامي ، فالمصطلح يرجع لأصل مسيحي ، فبعد أن كانت تلك الكنيسة الرومانية القسطنطينية مستضعفة أصبحت تمارس الإضطهاد بمجرد استيلائها على السلطة وراحت تصب غضبها على كل الأديان الأخرى سواء كانت وثنية أم يهودية ووجدت في اليهودية منافسا خطيرا ينبغي القضاء عليه ، واتهمت اليهود بأنهم عندما رفضوا الاعتراف بأن يسوع هو المسيح فقد أصبحوا في عداد " قتلة الرب" – من كتاب برنا ولازار ( اللاسامية ) نشر عام 1894م .
ومعاداة السامية فكرة تخدم الصهيونية حيث أن أعداء السامية يريدون التخلص من اليهود ولو على حساب إقامة دولة لهم في أراضي الغير ، وهي فلسطين حاليا.
ومن بين الملاحظات الهامة الأخرى التي ذكرها د. مورو ( أهمية إسرائيل للاستعمار الغربي) ؛ فالغرب الأوروبي يعرف خطورة مد الجماهير المسلمة عليه ، وبالتالي فإسرائيل تبرز باستمرار أنها تعتبر بالنسبة لأوروبا الحارس ضد البربرية ، أو المسلمين ، كما تقوم إسرائيل بمهمة الشرطي في الشرق الأوسط للحفاظ على المصالح الغربية البترولية التي لم يعد الغرب – الولايات المتحدة – بقادر على أداء هذا الدور ، تصل إلى مراكز الأبحاث الغربية ووزارات الدفاع معلومات متصلة من إسرائيل بشأن أنواع الأداء لمختلف أنواع الأسلحة التي لم تستخدم بعد .
خيارات أوباما .. والمقاومة
في بحث كتبه طلعت رميح بعنوان " رحيل بوش .. خيارات أوباما وخيارات المقاومة " ذكر أن تحليل عينات المصوتين في الانتخابات الأمريكية التي انتهت بفوز باراك أوباما ، أفادت بأن نحو 60% من المصوتين قد حددوا موقفهم في الانتخابات بناء على تبعات الأزمة الاقتصادية ، وأن نحو 10% حددوا موقفهم في الإنتخابات بناءً على الحرب في العراق ، وأن 10% بناءً على موقفهم من الحريات المدنية .
ويرى الباحث أن المقاومة العراقية بشكل خاص والإسلامية في مختلف مناطق العالم الإسلامي كانت العامل الجوهري في تحفيز هذا التغيير الذي أدى لانتخاب الرئيس الديمقراطي أوباما لمحو سياسات الجمهوري بوش.
وتواجه المقاومة العراقية العديد من التحديات الدولية ، منها استخدام إدارة أوباما لوسائل القوة الناعمة ، مع قلة الاعتماد على القوة العسكرية الصلبة ، وثاني التحديات هو تصعيد الدور الإيراني داخل العراق ، وانتقال فكرة شراكة الاحتلاليين إلى حالة أعلى ، حيث الحوار الأمريكي الإيراني يعني الوصول عبر المساومة إلى تثبيت أوضاع السيطرة على العراق .
أما ثالث التحديات فهو تلك الإتفاقية الأمنية بين الحكومة العراقية الحالية والولايات المتحدة وما يرتبط بذلك من التغطية كل إعتداءات المحتل. ويتمثل التحدي الأخير في كيفية نجاح المقاومة في إحداث حوارا شاملا حقيقيا بين كافة فصائلها وبالتالي بين المنتمين لها من الشعب العراقي .
ماذا في انتظار الرئيس .. ؟
بحث هام قدمه محمد رشيد يحمل عنوان " ماذا في انتظار الرئيس ؟ " وقد وضع بمقدمته كلمة افتتاحية على لسان الأمريكي ديفيد دريهل يقول فيها : " إن الرئيس سيضطر إلى حمل عشرات من المشاعل الملتهبة بنهاية موكب التنصيب " ، وقد أصبح فشل بوش محل إجماع الأغلبية المطلقة من السياسيين والرأي العام العالمي .
يرى الرئيس الجديد باراك أوباما أن إيران هي المستفيد الأكبر الوحيد من حرب العراق التي ما كان يجب خوضها " . ويتكلم فريد زكريا على لسان باراك اوباما فيقول : " هدفي مازال يتمثل في إنهاء المشاركة القتالية الأمريكية في العراق وأن أفعل ذلك بصورة سريعة ، ففي مرحلة ما سيكون علينا فطم أصدقائنا العراقيين عنا ، فإذا حددنا النجاح بأنه يتمثل في إيجاد عراق يبدو كما لو كان فرنسا أو هولندا ، فإن ذلك سيعني أن علينا أن نبقي هناك لفترة غير محدودة وأن نواصل إنفاق 10 مليارات ولار شهريا والإبقاء على 140000 جنديا أمريكيا في حال قتالية في العراق ، علينا أن نقبل عراق يشبه ديمقراطية فيدرالية عاملة بحكومة مركزية وجيش قادر على مواجهة غالبية التحديات ) .
يواصل على لسان أوباما : وسيظل هناك مستوى معين من الوجود للقاعدة في العراق وبعض الوجود الإيراني فيه ، وإذا ما فرضت الظروف ذلك فإننا سنبقي على وجود صغير من قواتنا في العراق للتصدي للقاعدة ولتدريب الجيش العراقي وحماية المصالح الأمريكية وتوفير المساعدة الإنسانية . ويرى المحلل أن إدارة أوباما مجبرة للجلوس على طاولة النقاش مع المقاومة العراقية لتفادي خسائرها .
منطق القوة الأمريكي
ننتقل لباب المقالات ، وقد استهل بمقال د. رافع الفلاحي بعنوان "الولايات المتحدة الأمريكية بعض مفاهيم القوة وموجباتها " ، وقد افتتحها بمقولة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية 1969 – 1974م ريتشارد نيكسون يقول فيها : "إننا لسنا مرتبطين بالعالم لأننا قطعنا على أنفسنا تعهدات بذلك ، بل لأن مصالحنا هي التي تصنع تعهداتنا وليس العكس ".
وقال الباحث الفلاحي أنه بين الحربين العالميتين الأولى والثانية ، أي بعد هزيمة ألمانيا الإمبريالية وغياب خطرها في الهيمنة على أوروبا والمحيط الأطلسي ، وجد الأمريكيون أنه من غير المربح في ذلك الوقت البوح بسياساتهم ودس أنوفهم في القضايا المعقدة للشعوب الأخرى والتي كانت الحروب العالمية قد جذرتها ووسعت تأثيرها ، وبما يلحق خسائر بأمريكا لم تكن مجبرة على تحملها في الوقت الذي يمكن لها تحقيق أرباح هائلة باستغلالها الانتهازي للظروف والأوضاع الدولية المرتبكة في ظل انهيار اقتصاديات الدول التي كانت في ذلك الوقت تمثل الدول العظمى التي تتحكم بالنظام الدولي الذي كان قائما آنذاك كبريطانيا وألمانيا وإيطاليا والإمبراطورية العثمانية .
وهكذا فإن السياسة الإنعزالية التي اتخذتها الولايات المتحدة الأمريكية منهجا لها بين الأعوام 1920 و 1940 كانت بمنزلة مرحلة الوثوب الأخيرة نحو عالم النزوات والعنف والإرهاب الأمريكي الواسع بعد عقود من المناوشات التي كانت تعود على الولايات المتحدة بمنافع كثيرة ، وقد حان الوقت لأمريكا بعد نشوب الحرب العالمية الثانية لارتداء ثوب الحرب .
الأمريكيون يتطلعون لعصر ذهبي يفرضون فيه أنفسهم على العالم بالقوة ، وهو التطلع نفسه الذي راود المغول والتتار الذين اجتاحوا العالم في القرن السابع الميلادي ودمروا من خلاله أسس الحضارة والثقافة والعلوم ، ولكن ما حدث كان العكس فقد حققت أمريكا خسائر فادحة في العراق ، وبعد كل ذلك فإن الأصوات تتعالى بعودة الحكومة الأمريكية لحالة العزلة التي كانت عليها .
فوكوياما .. وتناقضاته
استعرض الكاتب والإعلامي السوري أحمد الهواس في مقالته "بين نهاية التاريخ .. ونهاية أمريكا !؟ " كتاب المفكر فوكوياما ( نهاية التاريخ ) والذي أحدث جدلا في الأوساط العالمية ، والذي استندت الإدارة الأمريكية دائما على فكرته في غزو أفغانستان والعراق بحجة محاربة الأصولية أو ما عرف فيما بعد بالإرهاب.
المفكر الأمريكي فرانسيس فوكوياما
مؤلف العمل فوكوياما رأى أن نهاية كل التجارب البشرية تصب بالتجربة الغربية والليبرالية الرأسمالية الغربية والنموذج الأمريكي تحديدا! وبعد صدور كتابه عام 1992م قال فوكوياما في لقاء مع وكالة أورينت برس : " لقد حققت أمريكا أضخم انتصار مع نهاية القرن العشرين .. إبادة الشيوعية ، وسحق العراق ، ولا أحد يشك الآن في أن أمريكا هي زعيمة العالم ، نحن الأقوى والأعظم ، انظروا إلى الروس والشعوب الاخرى التي خلعت رداء الشيوعية وجاءت لتحتمي بأمريكا !
ويتابع : أنا أمريكي مائة بالمائة ولا أعاني إطلاقا من ازدواجية الانتماء ، فأنا – رغم أصولي اليابانية – ابن أمريكا .. إن وصول المهاجرين الأوروبيين لم يكن عملا بربريا ، بل كان إنجازا حضاريا ، هل يمكن أن نتخيل مدى سوء الأوضاع فيما لو ظلت أمريكا مأهولة بتلك المخلوقات البدائية ! " .
فوكوياما المبشر بالأنموذج الأمريكي والذي كان داعما لتوجهات المحافظين الجدد في عام 1997 م ، ولكنه نفس الرجل المتناقض في أفكاره ، فبعد غزو العراق دعا إلى استقالة وزير الدفاع دونالد رامسفيلد ،ورأى أن إدارة بوش قد هولت من خطر الأصولية الإسلامية مما أدى إلى تنامي العداء للولايات المتحدة الأمريكية ... !
وما إن ضربت الهزة المالية الولايات المتحدة الأمريكية حتى سارع فوكوياما إلى التصريح بأن النفوذ الأمريكي يتضاءل . وقال أنه بعدما ثبت أن العراق لا يمتلك أسلحة دمار شامل التمست إدارة بوش تبرير شن حرب على العراق بربطها ببرنامج حريات عريض ، وسرعان ما أصبح نشر الديمقراطية هو السلاح الرئيس في الحرب على الإرهاب . !
ما بعد احتلال العراق
ملف العدد الأول جاء بعنوان "آثار الاحتلال الأمريكي للعراق" وتضمن العديد من الأوراق منها ما تعلق بالإقتصاد الأمريكي ، ومنها متعلق بآثار الحروب على اللغة العربية ، وآثارها المدمرة في اغتيال الكفاءات العراقية .
وربما يمكننا أن نستعرض أحد أهم آثار الإحتلال الأمريكي ، من خلال بحث عبدالستار أحمد بعنوان " نظرة اقتصادية للاحتلال الأمريكي للعراق الأسباب .. والنتائج " .
ويعطي الباحث نبذة تاريخية لنهب امريكا لبترول المنطقة ، وخاصة دول الخليج والعراق ، فحينما قامت العراق بتأميم شركات النفط العراقي عام 1970 م ورفع العرب لأول مرة في تاريخهم شعار النفط سلاح في المعركة ، قامت الدول العربية المنتجة للنفط بإقرار وتطبيق حظر نفطي بمنع تصدير النفط إلى الغرب بشكل عام منذ منتصف تشرين الأول 1973م حتى منتصف آذار 1974م .
وقد طلب على إثر ذلك لي هاملتون رئيس اللجنة الفرعية الخاصة بالتحقيقات من مجموعة باحثين في مكتب الكونغرس دراسة حول الموضوع في 1975م وخلصوا لاحتمال استخدام القوة العسكرية الأمريكية لاحتلال حقوق النفط الأجنبية باعتبار أن منع البترول يؤثر على مصالح البلاد الحيوية ، وقرروا أهمية احتلال المنشآت النفطية عسكريا !!
سرقة النفط
يؤكد الباحث عبدالستار أن النفط يشكل 50% من إجمالي إنتاج الطاقة في الولايات المتحدة ، وفي عام 1978 وضع كل من هنري كيسنجر وبريجينسكي وبوش الأب ورامزي كلارك خطة تستمر 25 سنة للإقتصاد الأمريكي ، ومن ضمن أهدافها السيطرة على مناطق تواجد النفط في العالم الثالث .
وتنص الخطة على إخضاع الدول ابتداءا من أفغانستان وباكستان والعراق وسوريا ولبنان والأردن والسعودية ومصر إلى النفوذ الأمريكي ، وذلك بإيجاد حكومات تتحالف مع الولايات المتحدة مهمتها حماية المصالح الأمريكية المتمثلة بتوفير مصدر الطاقة النفط .
النفط أهم دوافع الغزو
وتهدف سياسة الطاقة الأمريكية ، وفقا لاستراتيجية الرئيس جورج بوش وتقرير تشني وسياسات الطاقة السابقة إلى تحقيق مجموعة من المكاسب للولايات المتحدة أهمها ، تعزيز مصادر الطاقة مما يعني وضع يدها على أكبر احتياطي في العالم المتمثل بالإحتياطي النفطي العراقي ، وتملك العراق وحدها ربع الاحتياطي النفطي العالمي ، وستكسب الشركات الأمريكية 112 مليار برميل من النفط .
ومن جهة ثانية فإن الإحتلال يحقق تنويع مصادر واردات النفط ، والتحكم بأسعار النفط العالمية ، فلحسن حظ أمريكا أن معظم الدول الأوروبية واليابان والصين والهند تستورد النفط من الخليج ، وعليه فإن قوتها الاقتصادية ترتكز بالأساس على النفط المستورد من الخارج وبالتحديد من الخليج .
كما أن الغزو يعزز من الخزين الاستراتيجي الأمريكي من البترول ، ومعلوم وجود 711 مليون برميل من البترول في أربعة مواقع مختلفة بأمريكا ولكن أماكنها سرية ، وغزو العراق كذلك يعد وفاء من أمريكا بمذكرة تفاهم وقعتها مع إسرائيل في عام 1975 تتعهد فيها بضمان احتياجات إسرائيل النفطية في حال حدوث أزمة ، كما تخزن لإسرائيل احتياطي إضافي بقيمة تعادل ثلاثة مليارات دولار عام 2002 ، وأخيرا يعد غزو العراق ضمانا لأمريكا بعدم استخدام النفط كسلاح في أي معركة مستقبلا ضدها ، كما حدث في سبعينات القرن المنصرم .
الأحلام الوردية تنهار
تحت عنوان " تداعيات الغزو الاقتصادية" تحدث الباحث عبدالستار أحمد عن أن نهاية الحرب السريعة كانت جيدة للاقتصاد الأمريكي ، ولكن حاليا فإن تكلفة الحرب المعلنة تصل ل 500 بليون دولا ، والرقم الحقيقي أكبر بكثير ، وكانت خسائر الولايات المتحدة البشرية والمادية كبيرة ، وبعد الحرب تباطأ النمو الاقتصادي وتراجعت أسواق الأسهم الأمريكية وانحسرت فرص العمل ، فمجموع من فقدوا وظائفهم في عام 2008 يتجاوز الربع مليون شخص ، وكانت قيمة الدولار قبل أربع سنوات قريبة جدا من قيمة اليورو الأوروبي أما الآن فقد ازدادت قيمة اليورو بحدود 50% أمام الدولار الأمريكي ، وتضاعف عجز الميزانية الأمريكية ثلاثة مرات خلال السنة المالية 2008 م وصل إلى 455 مليار دولار ..
وأمام ذلك سعت الولايات المتحدة لإسعاف الموقف ولكن حدث العكس وظهرت أزمة العقارات ، وقال بوش الابن في خطابه 2008 : " اقتصادنا برمته في خطر" ، واضطر الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي ( البنك المركزي ) لإنقاذ مجموعة التأمين الأمريكية ( أمريكان إنترناشيونال جروب ) بتقديم قرض بقيمة 85 مليار دولار للمجموعة مقابل سيطرته على 80% منها ، وتدخله يعني فشل كل سبل حل الأزمة إلا بهذا الأسلوب ، كما دب الخطر لينال البنوك الغربية وخاصة في بريطانيا حليفة أمريكا الدائمة .
بعيدا عن فلك أمريكا
كان لما سبق انعكاسات على السياسة ، فبدأت بعض الدول التخلص من الدوران في مدارات الولايات الأمريكية ومثال ذلك فنزويلا التي كانت من كبار مصدري النفط للولايات المتحدة ، ووصل بها الحال لحد طرد السفراء من الدولتين ، وكذلك كوريا الشمالية التي أقدمت على أنها ستعود لتكمل برنامها النووي بعيدا عن تسلط الولايات المتحدة ، فضلا عن الموقف الإيراني المعادي علنا للولايات المتحدة وتدخلها في العراق .
ولأول مرة دعت المجموعة الأوروبية الأربع الكبرى فرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا ، الأعضاء في مجموعة الثماني إلى إعادة تشكيل النظام العالمي في أسرع وقت ، وكذلك إعادة النظر في قواعد الرأسمالية المالية ، وذلك في قمة عقدت في باريس في تشرين الأول 2008 م ، وضخت أمريكا 700 مليار دولار لتجاوز الحالة وضخت اليابان مئات المليارات وهذا سيؤدي لتضخم يعاني منه المواطن الأمريكي وكساد تالي .
ويعتبر الباحث أن كل ما أصاب النظام الأمريكي هو نتيجة طبيعية لاعتمادها على المراباة في التعاملات المالية ، باعتبارها أساس للاقتصاد الرأسمالي ، والذي يضع الأموال في يد فئة من المحتكرين ليذلوا عموم الناس .
الإتفاقية الأمنية ..مرفوضة
تحريم الإتفاقية الأمنية
في باب الوثائق ، نشرت المجلة العديد من الفتاوى التي تقول بحرمة الإتفاقية الأمنية بين العراق والولايات المتحدة ، وأولها فتوى هيئة علماء المسلمين في العراق ، هي ليست بالهدنة المتكافئة التي يجيز فيها الإسلام التعاقد مع غير المسلمين استنادا إلى مهادنة الرسول صلى الله عليه وسلم قريشا عام الحديبية ؛ لأن جواز الهدنة مقيد بأمور منول اكتمال شروط الدولة للمسلمين ووجود مصلحة لنشر الإسلام ، واستقامة المهادن ، والحذر من نقضه العهد ، ومدى مراعاته الاتفاق ، مع وجوب تقدير مدة معينة معلومة لها .
والملاحظ أن معظم هذه الأمور غير متوافرة في الاتفاقية التي يراد إبرامها ، فضلا عن أن الحكومة الحالية في العراق غير مؤهلة لإمضائها لأنها من صنيع إدارة الاحتلال فهو الذي يشرع لها ويرتب لبقائها ..
الاتفاقية المشار لها تقوم على تقديم تنازلات من العراقيين حكومة وشعبا لاعدائهم المحتلين المغتصبين الأمريكان وحلفائهم ، منها الإقرار بشرعية الاحتلال وكل ما نتج عنه من أنظمة وقوانين ، شرعية تقسيم العراق أو تجزئته على أساس طائفي وعرقي من خلال التعهد بالحفاظ على الدستور الحالي .
الإتفاقية تعني كذلك الخضوع لسلطان المعتدين الغزاة المغتصبين . الإقرار بعدم شرعية الجهاد والمقاومة في العراق وتجريم ذلك ووصمه بالإرهاب والذي بموجبه سوف تستحل دماؤهم واموالهم وأعراضهم . التنازل الكبير جدا عن ثروات البلاد لصالح الاحتلال وصالح شركائه وشركاته . فتح الباب للتدخل في شؤوننا الثقافية والحضارية وهذا ما يهم الاحتلال كثيرا . التنازل عن كل الحقوق التي ترتبت على الاحتلال . ضياع حقوق من انتهكت أعراضهم وغصبت أموالهم من العراقيين المظلومين . واخيرا ضياع عزة الشعب العراقي .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.