محيط - شيرين صبحي من سلسلة المغامرون الخمسة نظم مركز شباب الجزيرة ضمن الفعاليات الثقافية لشهر رمضان المبارك، حفل لتكريم الكاتب الكبير محمود سالم بمناسبة مرور 40 عاما على صدور سلسلة "المغامرون الخمسة"، وشارك في التكريم المجلس القومي للشباب وإدارة مركز شباب الجزيرة وعدد من كبار الكتاب والمثقفين منهم الكاتب د.نبيل فاروق وكاتبة أدب الطفل العراقية سارة السهيل، والشاعرة فاطمة ناعوت. استهلت الشاعرة فاطمة ناعوت حديثها عن الكاتب بأنه نفر طوال الوقت من الأضواء مفضلا العيش بين سطور سلسلته التي تربينا عليها، وأنها أحد المدينين لسالم الذي يظل حاضرا في ثلاثة أجيال علي الأقل. وقالت: " لقائي بالكاتب بدأ في سن الخامسة قبل معرفة القراءة وكنت أنظر لأخي الأكبر وأسمع حواراته مع أصدقائه عن "المغامرون الخمسة" وأشعر بالحسد لأنني لا أستطيع القراءة وأكتفي بالتحديق في الصور ، أما لقائي الشخصي فأدين به للراحل رجاء النقاش في لقاء أدبي علي شرف الروائي السوداني الطيب صالح، حيث قدم النقاش ضيوفه وفوجئت باسم محمود سالم.. وبقدر ما آمنت بوجود المغامرين، بقدر ما لم أصدق وجود محمود سالم في دنيا الواقع " . وتضيف ناعوت : "أنا مدينةٌ له بالكثير لأنه علمني كيف أفكر وأحلل، وأهم ما يميز ألغاز محمود سالم أنه يشحذ عقل الطفل وينظمه ويعلمه كيف يفكر ويحلل ويربط المقدمات بالتوالي، فيحصل علي النتائج"، وقد نجح الأطفال من خلال تلك السلسلة في معرفة كيفية تحقيق العدالة دون إراقة نقطة دماء أو استخدام أسلحة متطورة وهكذا كتبت في فترة السبعينات. وقد نشرت أول مقالة عن سالم في جريدة "الحياة" اللندنية فانهالت عليها الرسائل والتليفونات من أشخاص لا يصدقون أن محمود سالم موجود بيننا ويسألون كيف يصلون إليه. الكاتبة العراقية سارة سهيل قالت أننا في كل البلاد العربية تربينا علي كتابات الأديب الرائعة، وتناولت أهمية أدب الطفل في التعليم وتوظيف الأدب للنمو اللغوي السليم لدي الأطفال، وتنمية التذوق الجمالي لديهم. نبيل فاروق أما كاتب المغامرات الشهير د. نبيل فاروق فيقول : عرفت الكاتب محمود سالم مبكرا من قبل "المغامرون الخمسة" عن طريق شخصية صحفي اسمه عصام في مجلة "سمير" وكان يقوم بالمغامرات مما أحببني في الصحافة وعملت لاحقا بمهنة الصحافة. بعد ذلك قرأنا إعلانا عن وجود كتب ألغاز مصرية وكنا في ذلك الوقت نقرأ شيرلوك هولمز وجيمس بوند وغيرهم، بينما كانت الساحة المصرية خالية تماما من ذلك النوع من الأدب، وانتظرنا صدور تلك الأعداد وتلقفناها بمجرد صدورها وأعجبنا بها كثيرا. مضيفا أن لدينا في مصر مشكلتين الأولي أن لدينا أبوابا كثيرة مغلقة، والثانية وجود ندرة فيمن يستطيع فتح تلك الأبواب المغلقة، ومحمود سالم أحد من استطاع فتح باب من تلك الأبواب ، قائلا : "ولعل فوزي بجائزة الدولة التشجيعية، اعتراف متأخر من الدولة بأن هذه النوعية من الكتابات هي أعمال أدبية ولها دورها.. وسيظل التاريخ يذكر لسالم انه الرجل الذي جرؤ علي فتح هذا الباب". مشروع حياة الكاتب المحتفي به محمود سالم أوضح أنه عندما بدأ كتابة "المغامرون الخمسة" كان هناك 27 سلسلة للأطفال معظمها كتبت منذ بداية القرن العشرين. وذكر أن أول عدد طبع منه خمسة آلاف نسخة وفوجىء بعد أسبوع بنفاذ كل الأعداد، فتم طباعة خمسة أخرين، مضيفا "عندما وصلنا للكتاب العاشر طبعنا 100 ألف نسخة في الشهر، وبعد ذلك أصبح المغامرون الخمسة هم حياتي.. وكنت أحصل علي 50 جنيها علي العدد وأدفع منهم 5 جنيهات للضرائب". وأكد سالم أن الكتابة مشروع حياة تبدأ من الصغر وتنمو بالتمرين والقراءة المستمرة "فقد كنت أبدأ قراءة في التاسعة مساء وانتهي في اليوم التالي في الحادية عشر صباحا". ويري أن الأبطال في الواقع صورة من المؤلف، ويقول " في الواقع كنت تلميذا فاشلا أهرب من المدرسة وأذهب لاصطياد الأسماك، بينما كان أخي الأكبر عبقري من المتفوقين دائما في الدراسة ومع هذا كنت الأقرب لأبي" ، وقد "بدأت أنا وأخي نقرأ روايات الجيب، وكل الكتاب الكبار تربوا علي تلك الروايات، وكانت هوايتنا أن نشتري بمصروفنا تلك الروايات". القراءة متعتي الأولي ويوضح الكاتب أنه أيام الحرب العالمية الثانية أصيب أباه أثناء عمله بشظية قنبلة إقتضت إجراء عمليات جراحية في عينيه و ظل مربوط العينين شهوراً طويلة وكان لابد أن يقرأوا له الصحف يوميا هو وأخاه الأكبر الذي كان يهرب من هذه المهمة المرهقة التى تمتد لساعات. وبسبب ذلك أصبحت القراءة هى متعة سالم الأولى، فقد حفظ معارك الحرب العالمية الثانية كلها تقريباً وأسماء قادة الحرب وبعد سنوات طويلة ترجم موسوعة الحرب العالمية الثانية بطلب من دار الكلمة في بيروت في أحد عشر جزءاً فلم تأخذ منه وقتاً ولا جهداً. ويؤكد سالم أن التثقيف عملية مستمرة، قائلا: لازلت اشتري الكتب وأقرأ ولا أغار من أحد إلا شخص لديه مكتبة أكبر من مكتبتي، معلقا أن الثقافة هي الجزء الخفي من الإنسان. ويحكي سالم انه ذات يوم كان هناك موضوع صحفي عن مدينة ديزني لاند الشهيرة وتولي إعادة صياغته ولكن بأسلوب مختلف فيقول "لقد تخيلت طفلا يقرأ هذه الرواية، بالتأكيد كان سينتابه الملل لهذا السبب وجدت نفسي أتخيل فتاة تتجول هي وأسرتها داخل المدينة و فجأة لم يجدوها، وظلوا يبحثون عنها في أروقة المدينة وأثناء البحث قررت أن أستعرض المكان وما به من حدائق و ألعاب". وقد أعجبت الاستاذة نادية نشأت رئيسة تحرير مجلة "سمير" بأسلوب الكتابة الجديد حتي طلبت من سالم أن يشرف على القسم الخاص بروايات الأطفال، كما أسندت إليه الإشراف على مجلة "ميكى جيب" الطبعة المصرية. ويضيف انه مع الوقت اقترح على المجلة نشر لغزا أسبوعيا ويترك للقراء الفرصة لإرسال الحلول مرة كل شهر؛ وكانت النتيجة مذهلة حيث قفز توزيع المجلة من 30 ألف نسخة إلى 80 ألف نسخة في الشهر. وأخيرا يقول الكاتب: سألوني كثيرا لماذا اخترت المعادي مسرحا للأحداث، وللعلم لم أكن قد ذهبت للمعادي عندما كتبت "المغامرون الخمسة"، ويؤكد علي ضرورة التجربة والخوض في العمل فالذي "لا يركب الخطر لا يصل لشىء". كاتب الألغاز من شاطئ البحر انطلق خياله على شواطئ البحار والبحيرات تربي محمود سالم حتى الرابعة عشرة من عمره بحكم عمل والده في مصلحة السواحل ومصائد الأسماك. يقول سالم "كنت أخرج وحيداً وعدتى في رحلتى اليومية سنارة لصيد السمك.. وفخاخ لصيد العصافير.. وصبر في انتظار السمكة والعصفور وخيال بجوار عصا طويلة أربط في نهايتها علماً أبيضا تتوسطه دائرة سوداء كعلم القراصنة .. وكان طعامى طول النهار من البلح المتساقط على تلال شواطئ بحيرة أدكو .. أو من الجميز والتوت من أشجار شواطئ بحيرة المنزلة .. أو من الطماطم والخيار من الحقول المجاورة لبحيرة قارون أوالبطيخ القادم من تلال بحيرة البرلس" . بدأ مشواره في عالم الصحافة بداية الخمسينات بجريدة "الرسالة الجديدة" وكان رئيسها آنذاك طه حسين، وانتقل بعدها إلى جريدة المصور، وكان يعمل هناك على إعادة صياغة بعض المواضيع الصحفية، وقد تخصص الكاتب في أدب الطفل من خلال السلاسل البوليسية وأهمها سلسلة "المغامرون الخمسة"، كما قدم للأطفال السيرة النبوية في شكل مبسط وواضح. المغامرون "المغامرون الخمسة" سلسلة قصص مغامرات، صدرت عن دار المعارف في السبعينيات من القرن الماضي.. أبطالها هم تختخ ولوزة وعاطف ومحب ونوسة الذين رافقوا أجيالا متعاقبة في الوطن العربي، وقد صدر منها عشرات الكتب وقدمت في عدة مسلسلات كرتونية ، عن السلسلة يقول المؤلف "أعتقد أن المغامرين الخمسة هي نوع من استعادة شجون وذكريات طفل متوحد ومنعزل".