بعد تكليف مدبولي بتشكيل حكومة جديدة.. هؤلاء وزراء يختارهم رئيس الجمهورية    جامعة كفر الشيخ تتسلم شهادة رخصة مركز تدريب معتمد من المجلس الأعلي للجامعات    «النواب» يوافق نهائياً على الموازنة العامة للدولة وخطة التنمية الاقتصادية 2024-2025    الاثنين 3 يونيو 2024.. 10 قروش تراجعا في أسعار الدولار مقابل الجنيه بنهاية تعاملات اليوم    السكرتير العام المساعد لبني سويف يتابع مستجدات مشروع كوبري المزلقان على الطريق الزراعي بالواسطى    غدا.. مباحثات مصرية قبرصية بالقاهرة على مستوى وزيري الخارجية    الصين تؤكد دعم جميع الجهود السلمية لحل الأزمة الأوكرانية    بيلينجهام أفضل لاعب شاب في دوري أبطال أبطال أوروبا    شاهد.. مجدي أفشة: أنا أفضل لاعب في مصر.. والقاضية ظلمتني    عاجل.. إحالة قاتل اللواء نبيل فراج للمفتي و3 سبتمبر النطق بالحكم    إصابة 4 أشخاص في انقلاب سيارة بالطريق الصحراوي الغربي بقنا    الليلة.. «المغارة المسحورة» في ختام عروض مسرح الطفل بالإسكندرية    الأربعاء المقبل.. انطلاق مهرجان الأفلام اليابانية بالقاهرة    عقب مشاركته في الافتتاح.. رئيس الوزراء يتفقد المعرض الطبي الأفريقي الثالث    نقيب البيطريين: حصلنا على وعد بضم أعضاء النقابة إلى تعيينات ال120 ألف فرصة عمل    نائب: ضيوف مصر يمثلون عبئا على الموازنة العامة    من الترويج للمثلية الجنسية إلى إشراف «التعليم».. القصة الكاملة لأزمة مدرسة «ران» الألمانية    سلطنة عُمان ترحب بالمبادرة الأمريكية لإنهاء الحرب في غزة    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات والانهيارات الأرضية في سريلانكا إلى 12 شخصًا    6 قرارات للمجلس الأعلى للجامعات لشئون الدراسات العليا والبحوث    التحفظ على مدير حملة أحمد طنطاوي لتنفيذ حكم حبسه في تزوير توكيلات انتخابات الرئاسة    بعد الفوز على الاتحاد السكندري.. أبوقير للأسمدة يجدد الثقة في محمد عطية    نائب رئيس جامعة الزقازيق يتفقد سير الامتحانات بكلية التمريض    بنك القاهرة: 2.7 مليار جنيه قيمة التعاملات عبر محفظة القاهرة كاش بنهاية مارس 2024    محافظ الشرقية: إزالة 372 إعلانا مخالفا وغير مرخص خلال شهر    مجموعة "إي اف جي" القابضة تعتزم شراء 4.5 مليون سهم خزينة    نتنياهو: يمكن بدء تنفيذ خطة التهدئة فى غزة قبل الاتفاق على الشروط بشكل كامل    الفنان أحمد ماهر يبكي من شدة تأثره وسعادته بابنه محمد    هيدي كرم تنشر فيديو من احتفالها بعيد ميلاد والدها    ل الأبراج النارية والترابية.. الكثير من النقود والمكاسب خلال شهر يونيو 2024 (التفاصيل)    أسامة قابيل يوضح حكم تفويض شخص آخر فى ذبح الأضحية؟    مرصد الأزهر: الحفاظ على عقول الأفراد من الانحراف أحد أهم مقاصد الشريعة    مسلم: استقالة الحكومة خطوة نحو تحديث الإدارة الوطنية    صيادلة الإسكندرية: توزيع 4.8 ألف علبة دواء مجانا في 5 قوافل طبية (صور)    الدفاع الروسية: خسائر الجيش الأوكراني نحو 1.7 ألف جندي خلال يوم    الرباط الصليبي يبعد مدافع أتالانتا من قائمة إيطاليا في يورو 2024    رئيس أتليتكو مدريد يكشف حقيقة مفاوضات صلاح.. ومونديال الأندية الجديد ومستقبل فيليكس    السكة الحديد: تعديل تركيب وامتداد مسير بعض القطارات على خط القاهرة / الإسماعيلية    عاشور: الجامعة الفرنسية تقدم برامج علمية مُتميزة تتوافق مع أعلى المعايير العالمية    المؤهلات والأوراق المطلوبة للتقديم على وظائف المدارس المصرية اليابانية    28 يونيو الجاري .. جورج وسوف يقدم حفله الغنائي في دبي    رئيس بعثة الحج الرسمية: الحالة الصحية العامة للحجاج المصريين جيدة.. ولا أمراض وبائية    الحكومة تتقدم باستقالتها.. والرئيس السيسي يكلف مدبولي بتشكيل جديد    دعاء لأمي المتوفية في عيد الأضحى.. «اللهم انزلها منزلا مباركا»    بالأسماء.. شوبير يكشف كل الصفقات على رادار الأهلي هذا الصيف    تحرير 94 محضر إنتاج خبز غير مطابق للمواصفات بالمنوفية    الكشف وتوفير العلاج ل 1600 حالة في قافلة للصحة بقرية النويرة ببني سويف    طريقة التسجيل في مبادرة الأمراض المزمنة.. الكشف والعلاج بالمجان    ما عدد تكبيرات عيد الأضحى؟.. 3 أقوال عند الفقهاء اعرفها    كوريا الجنوبية تعلق اتفاقية خفض التوتر مع نظيرتها الشمالية    شكري: مصر تستضيف المؤتمر الاقتصادي المصري الأوروبي نهاية الشهر الجاري    الطيران الإسرائيلي يغير على أطراف بلدة حانين ومرتفع كسارة العروش في جبل الريحان    هل يجوز للمُضحي حلاقة الشعر وتقليم الأظافر قبل العيد؟.. معلومات مهمة قبل عيد الأضحى    علقت نفسها في المروحة.. سيدة تتخلص من حياتها بسوهاج    تحرك من الزمالك للمطالبة بحق رعاية إمام عاشور من الأهلي    رسومات الأحياء المقررة على الصف الثالث الثانوي.. «راجع قبل الامتحان»    35 جنيها للمادة.. ما رسوم التظلم على نتيجة الشهادة الإعدادية بالجيزة؟    أفشة: ظُلمت بسبب هدفي في نهائي القرن.. و95% لا يفقهون ما يدور داخل الملعب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمود سالم: ما زلت على قيد الحياة
أتمنى جمع ألغاز «المغامرون الخمسة» فى أجزاء حفاظًا عليها من الضياع
نشر في الشروق الجديد يوم 06 - 04 - 2012

يأتيك عبر الهاتف صوت بهاء سلطان باكيا «محدش بقى عايز حد.. محدش بيصدق حد.. محدش بقى حابب حد...» فيصيبك بعض الشك.. وتراجع الرقم من جديد فتتأكد أنك طلبت الرقم الصحيح حتى يرد عليك بعد تلك «الكول تون» المعاتبة فيحسم تلك الحيرة بصوته الهادئ شديد الود.

بادرنى بكثير من الترحاب بعد سؤالى عن صحته التى أصابها الوهن ليس بفعل السن فقط، وإنما لحاجة قلبه الملحّة لصمام يستعيد بعض عافية نبضه من جديد، وما زاد من القلق على صحة هذه القامة الإبداعية هو تردد بعض الأقاويل داخل الوسط الأدبى عن عدم قدرته المالية على التكفل بإجراء هذه الجراحة الدقيقة.


«قلب..»

«الحديث عن عدم إجرائى للعملية الجراحية بسبب تعسر ظروفى المادية غير صحيح، والحقيقة أننى لم يعد لدى عزم حتى أفعل أى شىء بعد» كانت بداية حزينة من رجل ظل قلبه لسنوات طويلة ينبض بالمغامرة، فضخ إبداعا وراء إبداع فيما عرف بألغاز «المغامرون الخمسة» و«الشياطين ال13» التى شكّلت الكثير فى ثنايا عقول صغار هذا الوطن عبر أجيال وأجيال، فتتبع كم المهندسين وأساتذة الجامعات والأطباء والكتاب الكبار الذين كانوا يتلقفون هذه الألغاز وينكبّون على مطالعتها هربا من ملل كتب الدراسة، وربما يراودهم أبطالها (نوسة ولوزة وتختخ وعاطف ومحب وكلبهم زنجر) فى الأحلام حتى لو لم تطأ أقدامهم الصغيرة حى المعادى العريق الذى تدور على مسرحه ألغاز محمود سالم.

هذه المجايلة المدهشة.. وهذا التطور الذى أسهم به هذا الرجل فى الأدب البوليسى يجدد لديك حالة النفور من تلك العقدة التى ننعتها ب«عقدة الخواجة»، التى تجعلنا نتطلع بعيون قزم بائس للقارة البعيدة، مرددين فى انبهار أسماء كتاب مثل أجاثا كريستى وغيرها، لاهين عن اسم محمود سالم أحد رواد هذا الفن فى عالمنا،الذى عاصر عددا من الجهود لترجمة بعض ألغازه إلى الإنجليزية، وإن باءت هذه الجهود بالفشل.


«ألم..»

«أنا شديد الحساسية من الألم، أما الموت فلا أخشى منه، فلقد جاوزت الثمانين من عمرى، عشت بما يكفى، ولكن عندما أتخيل أننى سأخضع لجراحة فى قلبى أخاف وأظن أننى لن أتحمل هذا» هكذا كان رده بعد الكثير من المحاولات التشجيعية لخوض هذه الجراحة التى نصح بها أطباؤه وطمأنوه بشأنها «حياتى طبيعية، أحاول فقط ألا أبذل مجهودا كبيرا».. «كما أننى أسافر أحيانا إلى الإسكندرية» قالها بكثير من الحب فهى المدينة الساحلية الأم، وهو محمود سالم الطفل الفذ الذى كان يخرج كل يوم لصيد السمك بكل ما تحمله هذه الهواية من صبر وفطنة ومغامرة، قال ذات يوم عن نفسه فى إحدى الندوات التى خصصت لتكريمه «كنت أخرج وحيدا وعدتى فى رحلتى اليومية سنارة لصيد السمك.. وفخاخ لصيد العصافير.. وصبر فى انتظار السمكة والعصفور.. وخيال بجوار عصا طويلة أربط فى نهايتها علما أبيض تتوسطه دائرة سوداء كعلم القراصنة.. وكان طعامى طول النهار من البلح المتساقط على تلال شواطئ بحيرة أدكو.. أو من الجميز والتوت من أشجار شواطئ بحيرة المنزلة.. أو من الطماطم والخيار من الحقول المجاورة لبحيرة قارون أو البطيخ القادم من تلال بحيرة البرلس» .

لم يحمل فقط تركيبة الطفل الفذ، وإنما أيضا حكاية صحفى مجدد، حكى يوما أنه كان مكلفا بكتابة موضوع صحفى عن مدينة ديزنى لاند الشهيرة، فقرر كتابته بأسلوب جديد، وهو ما رواه فى إحدى الندوات «لقد تخيلت طفلا يقرأ هذه الرواية، بالتأكيد كان سينتابه الملل لهذا السبب وجدت نفسى أتخيل فتاة تتجول هى وأسرتها داخل المدينة وفجأة لم يجدوها، وظلوا يبحثون عنها فى أروقة المدينة وأثناء البحث قررت أن أستعرض المكان وما به من حدائق وألعاب».

وبعدها أعجبت الأستاذة نادية نشأت، رئيسة تحرير مجلة «سمير» آنذاك، بأسلوب كتابته حتى أنها طلبت منه الإشراف على قسم روايات الأطفال، كما أسندت إليه الإشراف على مجلة «ميكى جيب» الطبعة المصرية، وبعدها اقترح على المجلة نشر لغز أسبوعى، وهو الذى ساهم فى قفز توزيع المجلة من 30 ألف نسخة إلى 80 ألف نسخة فى الشهر.


«قصة حياة..»

يتابع سالم «قمت بما أريد عمله فى هذا العالم» وتحدث عن منجز حياته الشخصية الأول وهم أبناؤه الخمسة أو «المغامرون الخمسة» فى حياته الذين يحملون اسم أبيهم، وعن تجربته الفريدة فى كتابة ألغاز الأطفال أو «القراء الصغار» كما يحب أن يسميهم، وتحدث ببعض الأسى عن غياب هذا اللون من الكتابة هذه الأيام ولفت إلى أن من يجب أن يكتب هذا النوع يجب أن يعرف الكثير عن سيكولوجية الطفل حتى وإن كتب بمفردات أكثر معاصرة بها الكثير من العوالم التكنولوجية.

لا يخفى على أحد حجم التوزيع الضخم الذى حققته «دار المعارف» من كتب محمود سالم فى السبعينيات والثمانينيات التى بلغت ملايين النسخ «من الصعب إعادة هذه الأرقام إلى السوق اليوم، فالناس انصرفت كثيرا عن القراءة، بمن فيهم الأطفال الذين أصبحوا يفضلون التليفزيون أكثر بكل مؤثراته»، يحيله الحديث عن القراءة إلى عالم آخر»، ويستطرد «القراءة عندى هى قصة حياة»، ويروى «كنت أنا وأخى نشترى روايات الجيب ب2 مليم، وكانت أمى تشترى الطماطم بداخل صفحة جريدة، فكنت آخذ هذه الصفحة وأغسلها وأنشرها على الحبل حتى تجف وأقوم بقراءتها آنذاك!!» يقص عليك محمود سالم هذه الحكايات وكأنها تخرج محلقة من صندوق الدنيا السحرى.


«أمنية..»

«فى ناس بتفتكر إنى مت.. لكن فى الغالب إنى ما متش.. لا زلت على قيد الحياة»، يعود الحديث إلى الشجون رغم أن الرجل يقول هذه العبارة بكثير من الراحة، أتحدث إليه عن تراث «المغامرون الخمسة» وعشرات الألغار التى صاغتها يداه وما يعتبر أنه يليق بتكريم هذا العمل الضخم فيقول «أرجو أن يتم جمع هذه الألغاز وتجليد كل مجموعة منها فى جزء منفصل، حتى يتم الاحتفاظ بها فى مجموعات وأجزاء حفظا لها من الضياع» كان محمود سالم يخاطب بهذا الرجاء «دار المعارف» التى أعادت طبع ألغازه أكثر من 17 مرة، أو أى دار نشر تتحمس لهذا الطلب، أحالته تلك الأمنية إلى ذكريات الكتابة التى لم تكن أبدا بالنسبة لمحمود سالم بعيدة عن سياق الحياة العسر «الحاجة كانت تدفعنى إلى العمل.. كنت أحتاج إلى المال فى مقتبل حياتى، فكنت أنكب على الكتابة، وأذكر اننى كنت أكتب اللغز أحيانا فى يوم واحد من الساعة الخامسة صباحا وحتى التاسعة مساء».


«صبر..»

قدَّم لى الكاتب الكبير نصيحة «لا تخافى»، وكان حديثه فى هذا الصدد ضمن حالة تفاؤل كبرى يعيشها الرجل وهو يتأمل أحوال البلاد: «الثورة جعلت مصر تخضع لأكبر عملية جراحية فى تاريخها، ولذلك هى فى حاجة لوقت كى تتعافى»، ودلل على الثورة الفرنسية التى احتاجت لسنوات حتى تحصد نتائجها لذلك «علينا بالصبر».

● بكثير من الود سيخبرك محمود سالم، إذا قمت بالاتصال به، أن اتصالك بالنسبة له أهم بكثير من ألف عملية جراحية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.