عن المركز القومي للترجمة، صدرت النسخة العربية من كتاب "مصادر الطاقة غير التقليدية" من تأليف د.س.شاوهاون و س ك سريفاستافا ومن ترجمة وتقديم عاطف يوسف محمود. على مدار 539 صفحة من القطع الكبير، ومن خلال خمسة عشر فصلا؛ يستعرض الكتاب - بدايةً – مختلف أشكال الطاقة، مصنفا إياها إلى تجارية وغير تجارية، وتقليدية وغير تقليدية، ومتجدّدة وغير متجددة، ثم ينتهي إلى الحقيقة الحتمية الأسيفة، وهى وشك نفاد مصادر الطاقة من المصادر الأحفورية في صورها المختلفة، من فحم ونفط غاز طبيعي، نظراً لمحدودية احتياطيات العالم منها، ومن ثم حتمية اللجوء إلى بدائل الطاقة غير التقليدية التي لا تُستنفد، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والمحيطات والطاقة الحيوية وغيرها. ومن هنا كانت أهمية البحث عن مصادر بديلة وملائمة للطاقة، ومن ثمَّ تنبع أهمية هذا الكتاب الذي يتقصى بالتحليل والتفصيل مصادر الطاقة غير التقليدية، ومدى جدوى استغلالها،ويومئ الكاتبان إلى ما تشير إليه تقارير منظمات التغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة عن استهلاك الطاقة على مستوى العالم ، وعن الهوّة الشاسعة التي تفصل ما بين البلاد المتطورة صناعيًّاً وتلك النامية في هذا الشأن، حيث يصل استهلاك الفئة الأولى إلى نحو 66% من إجمالي الاستهلاك العالمي، في حين يصل تعداد ساكنيها إلى ما لا يربو على رُبع تعداد العالم، وذلك في مقابل اقتصار استهلاك الدول النامية التي تحتضن ثلاثة أرباع سكان المعمورة على 34% من ذلك الإجمالي. ويتطرق المؤلفان بعد ذلك إلى استعراض أساليب الطاقة غير التقليدية مبيِّنيْن كيف أن الاعتماد عليها، كفيل بحل مشكلتين متلازمتين فيما يتعلق بالإمداد بالطاقة، فهى – من جهة – تحقق اللامركزية في التزوّد بها ، ومن جهة أخرى تضرب بسهم وافر في الحفاظ على نظافة البيئة، تلك القضية التي باتت تؤرق العلماء والخبراء العاملين في مجالها. ويوصي الكتاب بضرورة وضع البرامج اللازمة للإفادة من كافة مصادر الطاقة المتجددة، وتطوير التقنيات في سبيل استغلالها. وإذا كان الكتاب – ومؤلفاه خبيرا طاقة هنديان – يتسم بالتركيز الشديد على ظروف شبه القارّة الهندية وملابسات البيئة بها، فما من ريب في إمكانية تطبيق الكثير، بل والكثير جداً من معطياته على مصر والبلدان العربية، باعتبارها بلداناً نامية، تربط ظروفها بظروف الهند وشائج قوية. وما من شك في أن الهند في نهضتها الحديثة التي برزت بها ، تنهض مثلاً لما يمكن أن تتأثّره مصر وتترسم خطواته في هذا السبيل الذي قطعت فيه الهند شوطاً لا يُستهان به. يحلل الكتاب بعد ذلك كلا من مصادر الطاقة غير التقليدية، بادئا بالطاقة الشمسية التي تحظى بلادنا العربية – على نحو خاص – بقسط وافر منها، مشيرا إلى ما يحدّ من انتشار المنظومات الشمسية، من ارتفاع الاستثمارات الابتدائية اللازمة لها وكبر مساحات الأراضي الضرورية لإقامة تلك المظومات، والعوامل التي تؤثر في أداء الخلايا الشمسية من عدم انتظام الإشعاع الشمسي على مدار اليوم، بالإضافة إلى صعوبة تخزينه . ثم يتطرق الكتاب إلى أحدث التطورات في مجال تصميم الخلايا الكهروضوئية والتي تكفل رفع كفاءتها وتقليص عناصر تكلفة تصنيعها وتنويع تطبيقاتها، وبصفة خاصة في المناطق الريفية والمحرومة من الكهرباء،ثم يعرج الكاتبان على صور الطاقة المنتجة من الكيانات الحيوية وكيفية الإفادة منها، من نفايات مادية عضوية أو محاصيل تُستزرع بغرض توليد الطاقة، مع مراعاة الظروف المناخية والزراعية المتباينة ، وكيف يوفر الغاز الحيوى المستخلص من هذه النفايات ، وقوداً نظيفاً ورخيصاً، يصلح لمتطلبات الطهى والإنارة وإدارة المحركات الصغيرة. ثم يتحدث الكتاب عن صور طاقة المحيطات التي بالوسع استغلالها، من طاقة حرارية مستفادة من فرق درجات حرارة سطح المياه وباطنها، وتسخير طاقة الأمواج المتمثلة في حركتها الدائبة ارتفاعاً وانخفاضاً، وطاقات موجات المد والجزر الناجمة عن الشد الجذبوي لكل من الشمس والقمر، وما تم تشييده بالفعل من محطات قوى تعمل على أساسها، وكذلك الطاقة المستمدة من منحدر درجة ملوحة مياه المحيطات وظاهرة التناضح التي تصلح لتوليد الكهرباء. ثم يعرج المؤلفان على الحديث عن طاقة الرياح، التي تبرز كواحدة من أهم مصادر الطاقة البديلة ذات الإمكانيات الهائلة والقدرة على المساعدة – إلى حد بعيد – على عبور الفجوة بين الاحتياجات المتنامية إلى الطاقة والمعروض منها، تلك الطاقة التي تعود إلى تحرك الكتل الهوائية الضخمة نتيجة التفاوت في معدلات تسخين الشمس لطبقات الجو، واستغلال تلك الطاقة لتشغيل توربينات رياح تولد الكهرباء لرفع المياه من الآبار وضخها. ثم يتطرق الكاتبان إلى طاقة جوف الأرض الحرارية، وهى الطاقة الناجمة عن العمليات الطبيعية التي تحدث في باطن الأرض والتي تنتج من الصّهارة الموجودة بها وبالمقدور تسخيرها لأغراض التسخين وتوليد القوى من البخار الطبيعي خلال توربينات لتوليد الكهرباء، ثم يعرض الكتاب لبقية صور الطاقة غير التقليدية، كالقوى المغناطيسية الهيدروديناميكية، وطاقة الهيدروجين، ومحطات القوى الكهرومائية متناهية الصغر، مستفيضاً في شرح ميزات كل منها والصعوبات التي تكتنف استغلالها. وقد تم في الكتاب تغطية رؤوس موضوعاته بصورة وافية، بما يكفل الانتفاع به في خطط التنمية للبلاد النامية. ومؤلِّفا الكتاب من الأساتذة المرموقين في مجالات هندسة القوى ونظمها، والطاقة غير التقليدية ، ولهما ما يربو على التسعين بحثاً علمياً في تلكم الميادين ، مما يضفي على الكتاب أهمية خاصة عند الحديث عن خطط التنمية التي لا غنى عنها للبلاد التي تتلمس سبيل اللحاق بركب التقدم . فالطاقة ... هى قاطرة التنمية ، وما من سبيل – في مصر أو في أى مكان من العالم – أن تنهض تنميةٌ دون كهرباء ، فهى عصب الحياة. يخلص الكاتب في النهاية الى ان تأمين إمدادات الطاقة من القضايا التي تحتل بؤرة اهتمام دول العالم، توخّياً لحماية أمنها القومي وتأمين احتياجات الأجيال القادمة من الطاقة، بأسلوب يكفل توفيرها بما يتناسب مع متطلبات التنمية وتقوم السياسة الرشيدة لقطاع الطاقة على عدد من المحاور: أولها هو تنويع مصادر الطاقة ، والمحور الثاني هو الاستغلال الأمثل لمصادر الطاقة المتاحة، والمحور الثالث: تحسين كفاءة ذلك الاستغلال مع الحفاظ على البيئة. المؤلفان ،د.س.شاوهان، هو نائب رئيس الجامعة الفنية في لوكناو، حاصل على درجات البكالوريوس والماجستير والدكتوراة في الهندسة ونظم القوى،له بحوث عديدة مع وكالة ناسا، ونال جائزة "المهندس"، كما ان له بحثا في مجالات الطاقة،أما المؤلف الاخر س.ك.سريفا ستافا، هو أستاذ الفيزيائيات في معهد الهندسة و التكنولوجيا بلوكناو، حاصل على الماجستير والدكتوراة في مجال الطاقة غير التقليدية،حاصل على الماجستير والدكتوراة في مجال الطاقة غير التقليدية، وله فيها 50 بحثا ،كما انه اشرف على العديد من الرسائل العلمية عن الطاقة المتجددة. الدكتور عاطف يوسف محمود،حاصل على درجة الماجستير والدكتوراة في صناعة الحديد والصلب،حائز على لقب مهندس استشاري من نقابة المهندسين المصرية في مجال دراسات الجدوى وتقييم المشاريع الصناعية،قام بترجمة عدد كبير من كتب الثقافة العلمية بالمركز القومي للترجمة،نذكر منها،"السفر عبر الزمن في كون اينشتاين"،"المرجع في روايات الخيال العلمي"،"منظور جديد في كونيات الفيزياء الفلكية"،منظومتنا الشمسية بين الصدفة والمصير.