أكدت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة، في حكم تاريخي لها لصالح المرضى من الفقراء وغير القادرين على العلاج المجاني لهم ، حتى ولو كان الدستور الصادر في 25 دسيمبر 2012 معطلا بموجب بيان المجلس الأعلى للقوات المسلحة الصادر في 3 يوليو 2013. وأضاف "القضاء الإداري" أن الإعلان الدستوري الصادر من الرئيس المؤقت للبلاد في 8 يونيو الماضي قد خلا من النص على الرعاية الصحية للمواطنين غير القادرين مجانا على الرغم من أن الرعاية الصحية من الحقوق الدستورية الأصيلة التي تشملها الإعلانات الدستورية العالمية التي توضع في كل وقت ولو عقب الثورات وإن الإغراق في معالجة الحقوق السياسية للمواطنين في الإعلان الدستوري المشار إليه كان لا يجب أن يحرم المواطنين من حقوقهم الاجتماعية وعلى قمتها الرعاية الصحية والعلاج المجاني لغير القادرين خلال الفترة الانتقالية مما لا مناص معه للمحكمة من الرجوع إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي وافقت عليها مصر حتى لا تتعرض حياة المواطنين للخطر والهلاك ذلك أن الحق في الحياة يجب أن يسمو على أي حق آخر. وقضت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية المستشارين عوض الملهطاني وخالد جابر نائبي رئيس مجلس الدولة، بإلزام الدولة بعلاج عشرة مواطنين مجانا من بينهم ثمانية سيدات يعانون من تصلبات متعددة بالنخاع الشوكي وتليف في الجهاز العصبي وعرض حالتهم الصحية على الطبيب المختص دوريا وتنفيذ الحكم بمسودته بدون إعلان وألزمت الحكومة المصروفات. وقالت المحكمة، إن الرعاية الصحية للمواطنين والعلاج المجاني لغير القادرين من حقوق الإنسان، وهي من أخص الواجبات المفروضة على الدول لكافة الشعوب حرصت الدساتير والإعلانات الدستورية على النص عليه بحسبانها على القمة من الحقوق الاجتماعية. وأضاف "القضاء الإداري" إن خلو الإعلان الدستوري الصادر في 8 يونيو الماضي من النص عليه لا يحول دون علاج المواطنين رغم الإغراق في ذكر الحقوق السياسية فيه مما لا مناص معه للمحكمة من الرجوع إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948 الذي نص على وجوب الرعاية الصحية وأنه بموجب الفقرة الأولى من المادة 25 منه لا يجوز لأي دولة أو جماعة أو فرد في القيام بنشاط أو تأدية عمل يهدف إلى هدم الحقوق والحريات الواردة فيه. وتابعت "المحكمة" كما أنه بموجب المادة 12 من الاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16 ديسمبر 1966 ووقعت عليها مصر في 4 أغسطس 1967، وصدر قرار جمهوري مصري رقم 537 لسنة 1981 بالموافقة عليها ومن ثم أضحت قانونا من قوانينها إنه يتعين على الدول الأطراف في هذه الاتفاقية تقرير التمتع لكل إنسان بأعلى مستوى من الصحة الجسدية والعقلية وتأمين الخدمات الطبية للجميع في حالة المرض وعليها وقاية وعلاج ومكافحة الأمراض الوبائية والمتوطنة والمهنية. وأضافت المحكمة أن الامتناع عن علاج غير القادرين مجانا بحجة أن مصر تمر بمرحلة انتقالية بعد 30 يونيو 2013 وان الإعلان الدستوري الجديد خلا من النص على إلزام الدولة عليه وان الدستور الصادر فى 25 ديسمبر2012 معطلا ,من شأنه أن يؤدى إلى تعريض حياة المواطنين للخطر ومن ثم يلزم على الدولة مواجهته لما فيه من مساس بحق الإنسان فى الحياة مما يتوجب معه على الدولة بذل العناية اللازمة لتخفيف ألام المرض العضال إلى ألم بالمواطنين بحسبان أن ذلك الحق من اوجب حقوق الإنسان . وأشارت المحكمة إلى أنه يجب مراعاة " ومصر بصدد مرحلة جديدة في البناء الديمقراطي " أن العبرة ليست بالنصوص الدستورية في ذاتها بل بتطبيقاتها في الحياة العملية، وان المحكمة أصدرت مئات الأحكام في ظل النظام السابق بعلاج غير القادرين مجانا رغم أن الدستور حينذاك كان ينص عليه مما جعل هؤلاء البسطاء معرضون للجفوة من النظام وهو ما يوجب على المسئولين في المرحلة الجديدة مراعاة ثقافة احترام تطبيقات الحقوق الدستورية، ذلك أن إرادة الشعوب وقدرتها على التمسك بهذه الحقوق وإرغام الحكومات على احترامها وعدم المساس بها هو انتصار لحقوق الإنسان ويجب التأكيد عليها في الدساتير وإعلاناتها . كما قضت المحكمة بذات الجلسة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة بإلزام الدولة بتركيب دعامتين بالشريان التاجي الأمامي الأيسر والجانبي لأحد المواطنين بإدارة غرب التعليمية طلبت منه الدولة 20 ألف جنيه لإجرائها، وأمرت المحكمة الحكومة بإجرائها مجانا باعتبار المدعى من غير القادرين.