أعرب الفنان القدير عبدالعزيز مخيون خلال حواره مع "شبكة الإعلام العربية محيط" عن أسفه لإخلاء سبيل الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، واعتبر أنه كان يجب أن تتم محاكمته محاكمة ثورية. وطالب بالتحالف الوطني وتلافي العيوب التي اتبعت في كتابة دستور 2012، وتطبيق قانون العزل السياسي لمدة خمس سنوات على كل من مفسدي الحزب الوطني، ومتطرفي الإسلام السياسي وإليكم الحوار: تحدثت في مقالتك التي نشرتها في "محيط" أول أمس عن التحالف الوطني الذي فشل حدوثه خلال عامين ونصف. من وجهة نظرك كيف نستطيع تحقيق ذلك؟ اعتبر التحالف الوطني مطلب حيوي وأساسي لجماهير الشعب المصري، فعاجلا أم آجلا سوف تفرز الجماهير الطليعة السياسية القادرة على تمثيلها وتحقيق هذا المطلب، الذي يتطلب جهود مضنية من السياسيين الذين يقدرون المسئولية التاريخية والذين يعملون بجد وإخلاص وهم متطهرون من أي مصالح أو هوى سياسي أو حزبي أو شخصي. هناك من يعتبرون أن الفريق عبدالفتاح السيسي زعيما لمصر، ما موقفك من هذا؟ أرى أنه قد بدأ بداية جيدة مبشرة، واستطاع أن يجنب البلاد صدام يهدد السلم الأهلي. لكن التعجل برفع صور الفريق السيسي نتيجة لشوق الجماهير وتعطفها للزعامة من بعد عبدالناصر؛ لأن مصر كانت عبارة عن صحراء تخلو من أي عود خضرة وهو الزعيم؛ ولذلك هناك تعطاف وتعجل في هذا الأمر، ولكن سوف يكون السيسي زعيما بحق عندما يتبنى مطالب وأماني وطموحات الشعب المصري، وأن يصر على الاستقلال الوطني والكرامة المصرية، وسيادة القرار المصري، وعدم الخضوع للإملاءات الأمريكية، والسعي لإعادة مصر إلى دورها الإقليمي والعالمي، في هذه الحالة أكون من مؤيدية، ولم يكن عندي أي حساسية من ناحية العسكر والعسكرة فطالما هو مصري ووطني مستقل منحاز لجماهير الشعب والعدالة الاجتماعية فسيأخذ صوتي. ما تعليقك على فض اعتصامي رابعة والنهضة، والأحداث الدموية التي نتجت عنه من تفجيرات واقتحام سجون وخلافه؟ بخصوص الاعتصام كنت أفضل أن يتم محاصرته تدريجيا من بعد العيد مباشرا؛ حيث يسمح بالخروج ويمنع الدخول، فعند خروج مسيرة لا يسمح لها بالدخول مرة أخرى. ثم يكون هناك مرحلة ثانية في التصعيد كمنع المياة وقطع التيار الكهربائي والاتصالات الهاتفية، وبذلك كان الاعتصام سيسقط وسيتآكل تدريجيا. وكان من الضروري فضه، ولكن بأقل الخسائر وتجنب إراقة الدماء كي لا نعطي لهم فرصة للمتاجرة بالمظلومية. وأيضا الدماء التي تسبب جرح غائر في الجسد المصري وهذا ما يحدث حاليا، فكيف يلتئم هذا الجرح؟!، فعندما أقرأ عن الشاب الذي كان من فناني التحرير ومات في سيارة الترحيلات أأسف أن هناك أشخاص "تأخذ في الرجلين"، كما أن هناك أشخاص يأتون من الأرياف مغرر بهم، فلا يصح أن نترك أبناء الوطن حوالي 40 عاما للتصحر الثقافي وعدم الوعي وفقر المعرفة، فيلجئون للدين باحثين عن هوية وأنتماء، ثم نضربهم بهذا الشكل. ما تعليقك على استقالة د. محمد البرادعي؟ الإعلام عندنا اعتبره إعلام "الغجر" و"الغوغاء"؛ فالبرادعي عندما يستقيل نحترم رأيه وحقه في التعبير عن نفسه بوجهه نظره، لكن أن نذبحه ونقيم له المسلخة فأنا ضد هذا. وأعتبر أن البرادعي لم يسقط وإن كنت اختلف معه في توقيت الاستقالة لكني احترم وجهه نظره وهو حر فيها. بماذا تنصح عند كتابة دستور مصر الجديد؟ أن يعي القائمون على إنشاء الدستور ما حدث سابقا؛ حيث تم تشكيل الجمعية التأسيسية بنظام المحاصصة وحصول السلفيين والإخوان على الأغلبية في مجلس الشعب المنحل، والذي اعتبره ظرفا استثنائيا بغيبة القوى المدنية العاجزة عن تنظيم نفسها والوصول للجماهير؛ ولذلك فيجب أن ينال الدستور الجديد أكبر مساحة من التوافق القومي، حتى لا تتكرر مأساة دستور 2012. وما يتعلق بالمواد التي تخص الثقافة والفنون والآداب والتراث والإعلام ومركزية الثقافة وثقافة المناطق المهمشة والنائية، كنت تقدمت للجمعية التأسيسية الأولى لمجلس الشورى في جلسة الاستماع بخمس ورقات حول هذه المواد، وعندما صدر الدستور وجدت أن هذه المواد قد جاءت غير محددة وغير واضحة ومبتثرة، وعدت وأرسلت للجنة العشرة نفس الورقات الخمس على البريد الإلكتروني ولم اتلقى ردا إن كانوا قد نظروا في هذه الأوراق أم لا. هل تؤيد تطبيق العزل السياسي؟ اطالب بشكل محدد وواضح تطبيق العزل السياسي لمدة خمس سنوات على الفاسدين والمفسدين من الحزب الوطني وأعوان مبارك من رجال الأعمال، وتطبيقة أيضا على المتطرفين من أصحاب الإسلام السياسي، والذين اجرموا وتلوثت أيديهم بالدماء والتحريض على العنف والقتل، وهذا مهم جدا للانتخابات القادمة، كما اطالب بتحديد سقف أقصى للإنفاق على الدعايا الإنتخابية، وإصدار قانون يمنع استخدام المساجد في الدعايا السياسية، وتجريم الرشاوى الانتخابية، ولسنا في حاجة للحديث عن جريمة تزوير الانتخابات لأنه يجب أن نكون تجاوزنا هذه المرحلة، وهذا من مكاسب ثورة 25 يناير. ما رأيك في الحكومة الحالية وهل لها من إنجازات؟ أرى أن الحكومة الحالية حكومة انتقالية لا تنطلق من عقيدة سياسية موحدة، ولكن مطلوب منها تحقيق إنجازات ملموسة وسريعة على الأرض، خصوصا في المحافظات والأقاليم لكي تكتسب تأييد شعبي، لكني أرى أنها بطيئة في اتخاذ قراراتها، وأن هناك طردي في الخدمات للمحافظات والأقاليم كإنهيار الطرق العامة، تدهور حالة المدن الأقليمية وحالة المواصلات العامة، مزلقانات السكك الحديد وخطرها الذي يعاني منه الناس، وكذلك قطع الطرق والمطبات الصناعية وعدم احترام مياة النيل وتلوثها، والأسواق والباعة الجائلين والعشوائيات؛ ولذلك لا نجد أي نوع من التنسيق الحضاري في حياتنا، والحالة بشكل عام مطردية خصوصا في المدن الصغيرة والمحافظات، وكان يجب على الحكومة تحقيق إنجاز سريع في هذا الصدد وأن يشعر المواطن بأن القانون ينفذ وأن الدولة موجودة. فنحن قبلنا بوجود وزير تنمية محلية كان من الشخصيات التي خدمت طوال حياتها في جهاز أمن الدولة في نظام مبارك، وقيل أنه كان في "المطبخ" الإداري والحكم المحلي منذ سنوات، وأنهم أتوا به من أجل إنجاز العمل، لكن أين الإنجازات التي جرت؟!! هذا يعني أن الثورة تحكم بالوكالة!! ولذلك اناشد الوزارء المحسوبين على الثورة كحسام عيسى وكمال أبو عيطة وأحمد البرعي بأن يمثلوا الثورة داخل مجلس الوزراء، وأن يقودوا المجلس ويضغطوا عليه في سبيل تحقيق مطالب الشعب. ما تعليقك على إخلاء سبيل مبارك؟ أنا ضد الإفراج عن مبارك لأننا من البداية طلبنا بمحاكمة فورية لهذا المجرم الذي افسد بلد وجرفها ووصلها لهذا الدرك الأسفل من الخراب، وافقد مصر دورها الإقليمي والعالمي، فكان يجب أن يخضع لمحاكمة ثورية تحاكمه على فساده وعلى تجريفه وتخريبه لمصر والمجتمع المصري، ومازلت عند هذا الرأي. ومن هنا أطالب باصدار قانون العدالة الانتقالية، حتى لا تمر الأيام وتجد مصر نفسها كرومانيا، فنحن اعترضنا على نظام الإخوان وسياستهم وقلنا أنه نفس نظام مبارك ولكن بوجوه ذات لحى، والآن وبعد دخول الثورة المصرية في عامها الثالث يفرج عن مبارك وتظهر هذه الوجوه الإعلامية الكريهة وضيوفهم من خُدام مبارك فإن الشعب لن يسمح بعودة نظام الفساد والتبعية مرة أخرى، وأي أحد يتصور ذلك يكون واهما. وأنا احذر وأنبه الثوار مما حدث في رومانيا فعليهم أن ينتبهوا حتى لا يحدث مرة أخرى في مصر. ماذا تقول لشباب الثورة؟ أين أنتم من الإفراج عن مبارك؟!، وأين أنتم من بطء الحكومة التي لم تقدم شيءا ملموسا للناس؟!. هل ستوقع على استمارة إدراج جماعة الإخوان كمنظمة إهابية مصرية ومصادرة أموالهم؟ لابد من وجود مساواة؛ فعندما يصدر قانونا للعدالة الانتقالية سأوقع على الاستمارة، بمعنى أنه إذا تم مصادرة أموال الإخوان هناك مجرمون من نظم مبارك نهبوا المال العام وصادروا أراضي مصر لحسابهم فيجب مصادرة أموالهم. هل توافق على مقاطعة الدراما التركية بسبب تدخل أردوغان في الشأن المصري؟ لا أرى أي فائدة تعود علينا من عرض المسلسلات التركية، وإذا اتفقوا على مقاطعتها فليكن. بعد موقف الفنانين والمثقفين من إصدار بيان بعدة لغات لمخاطبة فناني ومثقفي العالم عن عدم تدخل الدول في شئوننا وأننا نواجه الإرهاب، هل ترى أن هذا سيجدي مع حكومات الشعوب الأخرى؟ العالم لم يكن ساذجا وكله عيون واصبح قرية صغيرة يرى كل شيء داخل أعماق مصر، المهم عندنا هو الداخل الذي يجب التركيز عليه، ووضع خارطة طريق نتجه في مسارها، وأن نصدر قوانين لذلك، وعندما نظبط أمورنا من الداخل سيكون هذا أبلغ تعبير أننا نسير بشكل صائب. لديك مشروع ثقافي كبير سيخدم المجتمع المصري بكل طوائفه، أحكي لنا عن هذا المشروع وكيفية تنفيذه؟ هذا المشروع بداية ولم تكن فكرته نهائية لكني اطرحها للنقاش، فأجيال كاملة تركت للتصحر الثقافي والمعرفي؛ حيث أن نظام الرئيس الأسبق أنور السادات كان يشك في الثقافة والمثقفين، ويغشى من المثقف على نظام حكمه، وحاول أن يصنع من الفنانين والمثقفين جوقة تطبل وتزمر له، وجاء نظام مبارك لا يعرف الثقافة ولم تكن على برنامجه، وأتى لنا بوزير يقول أنه أدخل المثقفين في حظيرة النظام، في ظل هذه النظم المعادية للفكر والثقافة انتشر المد الديني الغيبي والإتكالي والمتطرف، وفرض على العقل المصري مفهوم فصيل واحد من الإسلام، وغيب الفهم الأكثر تقدما ورقيا للإسلام، فالشباب دُفع بهم إلى الجماعات الإسلامية التي احتوتهم؛ لأنهم في الأصل باحثين عن هوية وانتماء ومشاركة المجتمع؛ ولذلك اتقدم بمشروع ثقافي ينقذ هذه الأجيال ويصحح المسار؛ حيث كانوا لعقود بلا رعاية ولا تعليم جيد، تركوا للتسلية الرخيصة للسينما والتليفزيون ثم للفضاء الإلكتروني، واتجه كثير منهم إلى المسجد والكنيسة ووقع منهم ما وقع في براثم التطرف الديني، وسيطرت عليهم الغيبيات وعلى كثير منهم القيم الاستهلاكية والتطلعات المادية، وها هو واقع الحال، فالمشروع يحاول مرة أخرى النهوض بالشباب، وتوظيف طاقاتهم واكتشاف مواهبهم، وتأكيد انتماءهم بالعمل الثقافي الجاد. والمشروع يحمل أسم "المشروع الثقافي والمعرفي لعموم مصر.. رواد الثقافة"، فنحن نؤسس على تجربة الثقافة الجماهيرية في الستينيات ونطورها ونستفيد من التجارب الناجحة في العالم مثل تجربة "كوبا" "مرشدو الثقافة"، وتجربة السويد منظمة "إنجا أونجر"، وندعو لإعادة إحياء مركز إعداد الرواد لتخريج الرائد الثقافي المتخصص في المسرح والسينما والأدب والفن التشكيلي والعلوم الإنسانية "تاريخ، جغرافيا، حضارة إنسانية، وحضارة إسلامية"، هذا الرائد الثقافي عندما يتخرج سينزل كل متخصص في مجالة إلى ميدان العمل في قصور وبيوت الثقافة ومراكز الشباب والنقابات الموجدة في الأقاليم والقرى، بحيث يمارس الشباب العمل الثقافي في كل فروع المعرفة والثقافة تحت إشراف الرائد المتخصص، وبالطبع سوف يكون هناك إنتاجا فنيا وأدبيا ومعرفيا يعرض على المجتمع في قنوات التليفزيون، والساحات العامة، وفي دور النشر، ويسلط عليه الضوء، ويمثل مصر في مهرجانات عالمية، هذا العطاء والعمل الثقافي المستمر على مدى سنوات قليلة سوف يعبأ الشباب بالمشروع التنموي النهضوي الدفاعي الذي نرجوه أو نتمناه لمصر. وعلى مستوى آخر سوف يضع الشباب على المسار الصحيح، وينقذهم من خديعة التطرف الديني. وأنا أطرح الفكرة للنقاش العام. والمشروع سأقدمه لوزارة الثقافة، لكن في البداية سأطرحة على الرأي العام؛ لأن مصر في مرحلة تحول كبير وتحتاج كل الجهود. ما الذي تنوي تنفيذه الفترة المقبلة؟ من ناحية الفن أشارك في فيلم قصير عن الثورة مع مجموعة من الشباب من مكتبة الإسكندرية، وسوف نقوم بتصوير الفيلم في 15 سبتمير القادم في الإسكندرية. كما سأشارك في أمسة شعرية موسيقية غنائية قريبا في أوبرا دمنهور لكنني انتظر أن تهدأ الأمور.