«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المثقفون.. ماذا يريدون من الرئيس؟
نشر في أخبار الأدب يوم 23 - 06 - 2013

الثقافة هي القوة الناعمة التي تحمل في طياتها التعبير عن الرأي ورحيق الإبداع وعبير الأمل في مستقبل أفضل، بل هي التي تبدد الظلمات بضياء النور والتنوير والاستزادة من كل العلوم علي اختلاف مشاربها وتنوع رؤاها وتوجهاتها، وهي أيضا التي تحقق العزة والمجد والفخر للدول، لذلك الجميع خاسر في أزمة الحياة الثقافية المصرية التي تعاني من التمزق والتفتت في هذا الوقت الراهن، تلك اللحظة التي تحتاج فيها الثقافة المصرية لتكاتف جميع المثقفين والمهتمين بالشأن الثقافي في مصر، حتي لا تغيب شمس الثقافة ويتغيب وهجها وضياؤها..
لذلك قامت »أخبار الأدب« باستطلاع الرأي حول أزمة الثقافة والسلطة لإصلاح الشأن الثقافي والاهتمام به.
استراتيجيات لثقافة واضحة المعالم
ثورة ثقافية في المفاهيم
أسلوب سلطوي
تري الكاتبة إقبال بركة أن الثغرة الموجودة الآن بين المعارضة والرئيس هي الشفافية والمصداقية وأن الأزمة تحتاج أن يمد يده للمعارضة ويجتمع بهم حتي يصلوا علي الأقل لحل وسط، وأن يعلن علي شعبه من سيختار للمناصب القيادية ففي البلاد المتحضرة يتم عادة استشارة مجلس الشعب في المرشحين للمنصب القيادية الهامة وهذا لم يحدث.. وكنت أتمني من الوزير الجديد أن يتخلي عن العناد والمكابرة، ويجتمع بالمثقفين الكبار ورؤساء المؤسسات الثقافية ليسمع لهم، فما المانع أن يجتمع بخمسين شخصية منهم ويسمع لهم وإنما تعامل مع المثقفين بأسلوب سلطوي إملائي لم يعد يصلح في مصر بعد ثورة 25 يناير.. كيف يمكن أن يستعين إذاً الوزير بشخصيات للقيادة والريادة دون النقاش معهم والسماع لهم.. فهو إذا سيخسر الكثير من المثقفين.. وأنا لا يهمني شخص الوزير ليست هي القضية، الكثير من الوزراء تم الاعتراض عليهم من قبل وحققوا بعض الإنجازات، وإنما القضية هنا هي سياسته وكيف يتعامل مع النخبة في المجتمع.. هل يتعامل بلغة سلطوية أم انه يتعامل بالشفافية التي تحتم عليه عندما يفصل شخصاً ما من منصبه أن يعلن أسبابه الواضحة وإنما هو يجرح الناس ويضعهم في موقف الريبة والشكوك.. فهل نحن نسير بعد ثورة يناير في طريق الديمقراطية.
نبرة تحد
يؤكد الشاعر محمد إبراهيم أبو سنة ضرورة الاهتمام بالشأن الثقافي والاستجابة لرغبات المثقفين الذين يعتصمون منذ وقت طويل يطالبون بإقالة وزير الثقافة، لأنه يخاطب المثقفين بنبرة تحد وأعتقد أن هذا هو الحل لما تعانيه الثقافة الآن، وأيضا يري أبو سنة ضرورة الاهتمام بميزانية وزارة الثقافة لتلبية احتياجات الثقافة من أنشطة وفاعليات هامة بهدف التثقيف، لان الثقافة تعد العمود الفقري للحياة في مصر، ويطالب بالاهتمام بجوائز الدولة والإعلان عنها لأن هناك الكثير من الجدل في هذا الموضوع، وعلي السلطة الاهتمام بالشأن الثقافي في كل المجالات وإلغاء هذه النظرة المتشائمة التي تقول أن النظام يعادي الثقافة والإبداع، فعلي الرئيس أن يبدد هذه المقولة وهذا التصور من خلال نظرة أخري من خلال دعوة لمؤتمر يضم فيه المثقفين لتفهم وجهة النظر الأخري، ليحتوي الأمر وسط هذا الصخب الذي يثير القلق لدي المثقفين، كذلك نريد أن يقدم الرئيس تصوراً أو تصحيحاً لتصور الدولة للثقافة، وتصريحا يبدد قلق المثقفين الشديد من موقف الدولة حيالهم..
قبول الآخر
يتحدث الإعلامي عبدالوهاب قتاية عن أن الأزمة المستحكمة التي تعانيها الآن قضية الثقافة المصرية تتجاوز مشكلات الوزير والوزارة ومؤسساتها كما تتجاوز المطالب الجزئية التي قد تكون إصلاحية، ذلك لأن الثقافة هي قوام الهوية الوطنية والقومية التي تتبلور في بوتقة التفاعل بين عناصر الزمان والمكان أي التاريخ وأحداثه والطبيعة ومقدراتها مع تطلعات الإنسان واحتياجاته من قمم الحرية والحق والخير والجمال. هذا المفهوم لا يتحقق ولا يتوافق إلا مع مشروع قومي شامل يدع مائة زهرة تتفتح ومائة شمعة تضئ تكفل وصول العبير والنور إلي أبناء الشعب، مشروع لا يعادي أو يتجاهل عنصراً من العناصر أو إنجازاُ من الإنجازات ولا ينفرد مستبداً برأي واحد أو ممكناً لتيار واحد بل يعلي قيم قبول الآخر والحوار معه بالتي هي أحسن وبإدارة شئون الوطن بالتعاون والديمقراطية. مشروع يجعل من الثقافة قوة ناعمة غنية ورائدة ومؤثرة بالتعليم والكتاب والسينما والمسرح والإذاعة والتليفزيون والصحافة والفنون التشكيلية والموسيقي والغناء والفنون الشعبية، مشروع يمثل ثوابت في العمل الوطني بصرف النظر عمن يتادولدان السلطة فهل النظام الآن كفيل بذلك؟ الجواب في رأيي .. لا..
هدم الكتلة والنخبة
يطلب د. احمد درويش أستاذ دار العلوم بجامعة القاهرة من الرئيس محمد مرسي أن يري التاريخ الثقافي الواقعي لمصر الذي جعل من الثقافة المصرية قوة ناعمة تضع مصر في مكان القيادة في العالم العربي من حولها علي امتداد أكثر من قرنين من الزمان، وأن يفرق بين هذه المكانة الثقافية الواقعة بين أيدينا وقد جربنا ثمارها ويمكن أن نعالج معاً بعض أوجه القصور فيها وبين الثقافة المتخيلة التي يحلم بها البعض، ممن ليس لهم تجربة ثقافية واقعة أن تحل محل الثقافة الواقعة، وقد لا يكون ذلك ممكناً الآن بين الواقع والمتخيل معاً، بينما ينبغي أن يدرك المسئولون أن هذه الثقافة الواقعة التي مثلت القوة الناعمة القيادية للمنطقة كلها تقوم علي مبادئ أساسية منها مبدأ التنوع، فثقافة مصر مزيج من الثقافة الفرعونية والثقافة العربية والإسلامية الواعية المتسامحة والثقافة المسيحية والثقافة الأفريقية، وثقافة العالم الثالث ومصر لا يمكن أن تهدم بعض أركان هذا التكوين لحساب ركن واحد، وينبغي كذلك أن يدرك أن ثقافة مصر الواقعية هي مزيج مما أنتجه روادها رفاعة الطهطاوي وعلي مبارك وطه حسين وتوفيق الحكيم وشوقي وتيمور والعقاد ومختار المثال وجورج أبيض ونجيب الريحاني، وهي ممكن أن تتسع لما أضافه حسن البنا وسيد قطب أيضاً، دون أن يتراجع محور من المحاور فيها أو أن ينفرد محور بمفهوم محدد للثقافة دونه، وينبغي أن يدرك مفهوم الثقافة في مصر التي بكونها تساعد علي الارتفاع بالكتلة أو بالقاعدة العريضة، ولا يمكن أن تتنازل بين يوم وليلة عن ثقافة النخبة فتهبط بها وتعلي فقط بثقافة الكتلة أو القاعدة العريضة، اعتمادا علي مبدأ الصندوق أو كثرة الأصوات، فالأمم التي جربت هذا الطريق وصلت لهدم الكتلة والنخبة معاً، وينبغي أن يدرك الرئيس أننا الآن في القرن الحادي والعشرين الميلادي، وقد نضيف إليه إننا أيضا في القرن الثامن عشر القبطي والقرن الخامس عشر الهجري، وهذه القرون المتداخلة في تاريخ مصر متداخلة في تاريخ مصر وثقافتها، ولا يمكن أبداً أن تمحو قرنا لحساب قرن آخر وينبغي أن يدرك أن حتي المحافظين وشيوخ الفقه وتاريخ التفكير الإسلامي يعلم جيدا أن واحداً كالإمام الشافعي وهو من أقطاب التفكير المحافظ بعد أن وضع مذهبه الفقهي في بلاد الشام وجاء لمصر قرر أن يغير كثيراً من آرائه من أجل ثقافة مصر المتسامحة وانشأ ما يسمي "مذهب الشافعي الجديد" الذي تفتح فيه طبيعة مصر وثقافة مصر، أن الأفكار التي يحملها التيار الجديد الحاكم بعضها صالح وبعضها جيد وهي ممكن أن تشكل جزءاً من ثقافة مصر، لكن من الخطأ
الشديد أن يظن أحد أن ثقافة مصر ممكن أن تكون جزءاً فقط من ثقافة هذا التيار الجديد في حين أنها يمكن أن تتسع له وترحب به..
زائدة دودية
يشير د. محمد عبد المطلب إلي أن أكثر ما أخذناه علي الثقافة في زمن مبارك، أنها كانت في خدمة السلطة، وهو ما أدي إلي انقسام المثقفين إلي جماعة (في الحظيرة) وجماعة (خارج الحظيرة)، وجاءت ثورة يناير لتدخل مصر في مرحلة انتقال مليئة بالفوضي الثقافية، وهو ما يتطلب من السلطة أن تسعي لمحاصرة هذه الفوضي، سواء كانت المحاصرة لأعوانها أو معارضيها .
ومع الفوضي ارتفعت الأصوات المعادية لحرية الإبداع، بل يمكن القول إنها معادية للثقافة في جملتها، ومن ثم سعت إلي سرقة وزارة الثقافة من المثقفين الحقيقيين، وتسليمها لأدعياء الثقافة، وما أكثرهم اليوم، فهم مندسون بين جبهة المثقفين المعارضين والمؤيدين، فهذه طبيعتهم في تحصيل الغنائم المادية والمعنوية، وفي تصوري أن السبب الرئيسي في كل ذلك هو (وزارة الثقافة) التي أصبحت مثل الزائدة الدودية يجب الخلاص منها، فضررها أكثر من نفعها .
وهناك ظاهرة شغلتني كثيرا في الواقع الثقافي العام أسميها ظاهرة (الراقصون علي السلم) الذين أصبحت الثقافة عندهم حرفة يتكسبون منها ماديا ومعنويا، وقد عايشناهم ناصريين في زمن عبد الناصر، وساداتيين في زمن السادات، ومباركيين في زمن مبارك، وهم الآن حاضرون في الساحة، تجدهم مع المعارضين في الظاهر، ومع المؤيدين في الباطن، ويتحركون من موقع إلي آخر بحساب المكسب، لا بحساب المصلحة الثقافية، فهل من الممكن للسلطة أن تحصر هؤلاء، وتحجب عنه هذه المكاسب المحرمة ؟
إن هؤلاء الراقصين يتزايدون يوما بعد يوم، ويحسنون تسويق أنفسهم، ويفرضون حضورهم في كل مناسبة، لا ينتظرون من يدعوهم، فهم يسعون إلي الشيء ولا ينتظرونه، وقد دمروا الثقافة، وما زالوا يدمرونها بوصفهم النجوم الزاهرة صاحبة الحق الشرعي في التنوير تارة، وفي التحديث تارة، فهل في قدرة السلطة الثقافية الحقه أن تعري هؤلاء، وتفضح ألاعيبهم، وتكشف أساليبهم في الخداع ؟
نظرة شاملة
أما الكاتب فتحي امبابي فيري أنه طوال العقود الماضية ظلت الثقافة المصرية أسيرة أيدولوجيا النظام الحاكم، فمالت في عصر عبد الناصر إلي تبني الثقافة والفنون بأنواعها، مع نشرها بين طبقات الشعب، وكانت السيادة في ذلك الوقتت للمفاهيم اليسارية والقومية والإسلامية التابعة للنظام والمؤيده له، صاحب ذلك اهتمام كبير وواسع بنشر الثقافة الشعبية وأدواتها، في شتي أشكالها، وشهدت الثقافة نمو كبيرا في مجالات الفنون المختلفة من الشعر والموسيقي والمسرح والأدب والسينما والبالية والأوبرا والفنون التشكيلية والشعبية، وواكب ذلك استثمارات كبيرة من قبل الدولة في البنية التحتية للثقافة فأنشئت دور النشر والمسارح ودور العرض والمعارض التشكيلية والمعاهد والأكاديميات المختلفة، وصاحب ذلك مشروع هائل للترجمة من الآداب والفنون العالمية، وانتشرت قصور الثقافة علي امتداد الوطن في محاولة لنقل الثقافة من إطار النخبة والمدينة إلي عامة المواطنين والريف، وكان الكتاب والمسرح علي سبيل المثال في متناول الجميع، ورغم ذلك فمن المؤكد أن الفترة الناصرية شهدت عمليات قمع للحريات ضد خصومها من الشيوعيين والإخوان المسلمين.
فلما جاء السادات أعتبر الثقافة والمثقفين من أهم خصومه الرئيسيين، ولهذا استندت سياسته تجاه الثقافة علي تجفيف وتدمير منابع الثقافة المادية والمعنوية، ورفع الدعم الذي تقدمه الدولة إلي هذا القطاع الذي يمثل روح الأمة وضميرها، وقد خلق هذا فراغا تم ملؤه لصالح الثقافة النفطية وتيارات الإسلام السياسي.
مع مبارك انتبه النظام إلي خطورة هذا الفراغ، وقامت السياسة الثقافية المباركية بتدارك الخطأ الذي وقع فيه الرئيس السادات والذي انتهي باغتياله، فطرحوا ما سمي بثقافة التنوير في مواجهة الظلاميين، فأعادوا الاهتمام بالفنون والآداب، وأعادوا ضخ الأموال في هذا القطاع بعد أن سيطرت عليه ثقافة النفط والتي كانت أبان حقبة الثمانينيات والتسعينيات علي عكس الآن- مغرقة في رجعيتها وتكوينها المتخلف والمحافظ، وتبني القابضون علي سياسة مبارك إغراق الرموز الثقافية المساندة للنظام بالأموال، وسط بيئة من النفوذ والسلطة والشهرة، ولكن ضمن هدف وحيد لا يسمح بالخروج عنه، وهو حماية أسوأ نظام سياسي استبدادي وفاسد في التاريخ المصري الحديث، ولا يمكن تصور حجم الخراب الذي عانت منه مصر والمصريون في عهد مبارك وزبانيته، لكن الخطيئة الكبري والتي لا يمكن أن تغتفر للرموز الثقافة التابعة لهذا النظام، ونهلت من ذهبه واستخدمت سيفه، كان استعدادهم لتمرير مشروع التوريث، وهو الذي يعني العودة بمصر إلي عصر العبودية التي تحاول الخروج منه دون جدوي. ومن هنا يبرز حجم الخديعة للسياسات الثقافية في عصر مبارك ، فإذا كان جوهر فلسفة عصر التنوير الذي توج بالثورة الفرنسية عام 1879 هو حرية الفكر والمواطن، فجوهر سياسة التنوير لرجال مبارك هو العبودية لمصر والمصريين.
والسؤال المطروح الآن هو: هل يقدم النظام الحالي سياسة ثقافية واضحة خارج إطار أيدولوجية الإسلام السياسي التي يتبناها؟
الثقافة في إجازة
تشير د. نوال علي عضو اتحاد المؤرخين العرب الي الثقافة التي غابت مثل كل شيء في مصرنا الحبيبة، فقد غاب كثير من الأمور فليس هناك أمن أو أمان في الشارع المصري، وتوقفت انجازات إبداعية كثيرة، وبدأ الفنانون يشتكون من الكساد الذي طال الابداع الفني كما طال الاقتصاد، ويبدو أن هناك محاولة جادة للقضاء علي حضارة مصر المعاصرة، فقد وجهت السهام الي عقول الأمة، متمثلة في قوانين القضاء والأزهر والإعلام، واخيراً خط الدفاع الأخير للعقل المصري متمثلة في الثقافة والمثقفين وما طالهم بعد تعيين وزير الثقافة الجديد، والذي جلس علي مقاعد عمالقة من وزراء الثقافة استطاعوا وضع مصر علي الخريطة الثقافية العالمية.
وسوف أستعير هذه الفقرة من أحد المفكرين المصريين فقال : زالحاكم المستنير يحتضن الإبداع والمبدعين فهم عقل الأمة ولا يعاديهم إلا مستبد جهول ز وكما استطاعت ثورة 1952 أن تضيف الكثير للتراث الثقافي المصري والذي مازلنا ننهل منه، لذلك يجب علي ثوار ثورة يناير أن يعملوا علي إنتاج إبداعات ثقافية في المجالات المختلفة، ويظهر في مصر مبدعون في الفن والأدب وغير
الثقافة هي قوام الهوية الوطنية والقومية التي تتبلور في بوتقة التفاعل بين عناصر الزمان والمكان
ذلك من المجالات الثقافية، فالثقافة هي التي تعمل علي خلود الثورات».
لأنها منارات إبداعية
ويقول الكاتب والناقد أحمد رشاد حسانين : الابداع ، الثقافة ، منارات العطاء والابداع الحضاري المستنير كانت دائماً سمات مميزة لمصر وللشخصية المصرية حتي في عصور الضعف والتدهور .. في كل العصور كانت الأنظار والقلوب متطلعة إلي مصر ، متوقعة منها الابداع والابهار والاضافة للحضارات الانسانية . من هنا نقول : إن مهمة المسئول الأول عن الثقافة المصرية كبيرة وثقيلة وعبء له أحماله وهمومه التي تنوء بها الكواهل .. إنها مسئولية حضارية وطنية في آن ومطلوب أولاً من وزير الثقافة الجديد أن يكون وزيراً لكل المصريين ، مفسحاً المجال للمثقفين خاصة من ذوي الابداع الحقيقي وبصفة أخص من العناصر الشابة وأن يتواصل أيضاً مع جموع الشباب كلهم وشباب الثورة وصانعيها ومفجريها بصفة أخص . ثانياً : أن يستبعد العناصر الفاسدة والمفسدة وأصحاب المصالح والمنافع والذين استفادوا عقوداً وسنين من كثير من الأوضاع والأحوال غير السليمة والموجودة داخل هياكل وأنسجة الدولة العميقة . ثالثاً : أن يكون لديه مشروع انتفاضة ثقافية عامة ويكون هذا المشروع ذا جدول زمني محدد حتي في تلك المدة القصيرة التي سيتولي فيها المسئولية . رابعاً : أن يوجه الكثير من اهتمامه ورعايته لمثقفي وفناني ومبدعي كل أقاليم مصر ، فهذه الأقاليم حافلة بالمبدعين المهضومين وهم في أشد الحاجة للتشجيع والرعاية والاهتمام . خامساً : أن يوجه اهتمامه أيضاً للمجلس الأعلي للثقافة وأن يحرص أن تكون نخبته من كل المواهب والتوجهات والعناصر الشابة القادرة علي التحدي والعطاء . سادساً : أن يدعم الدور الحيوي الفاعل الذي تقوم به الهيئة العامة لقصور الثقافة وخاصة في مجالات النشر والاهتمام بالمراكز الثقافية في أقاليم المحافظات والحرص علي تواجدها واستمرارية أنشطتها في القري والمناطق النائية وكذا المناطق المحرومة من هذه الخدمة الحيوية . سابعاً : وهي النقطة الأخيرة .. ألا يبادر في ما طرحناه من خطوات إلا بعد فتح ملفات الفساد في الوزارة وفي كل مؤسساتها وهيئاتها وفي هذا الصدد فالمثقفون يباركون الخطوات التي بدأها د. جمال التلاوي رئيس الهيئة العامة للكتاب في فتح ملفات الفساد الإداري والجميع يأمل ويتوقع الكثير من الوزير ومن معاونيه وجميعاً نتفاءل بالغد فالغد أفضل إن شاء الله
مشكلة متفاقمة
يؤكد الشاعر فولاذ عبدالله الأنور علي ضرورة تفهم وزير الثقافة مطالب المثقفين علي الفور، هكذا تكون القيادة دفعا لآلية الثقافة في مصر.. ومن آليات القيادة الناجحة تفهم رغبات من يشكلون ملامح الحضارة الثقافية بفروعها المختلفة، ولا أري تعارضاً علي الإطلاق بين توجه الإسلام السياسي والحركات الليبرالية، إذا أراد لهذا الوطن أن ينهض، أما ترك المشكلات تتفاقم علي مختلف الأصعدة الثقافية والقانونية والسياسية فذلك لا يمكن أن يرتاح له المواطن أو أن يطمئن الي أن قيادته تعمل بجدية من أجل مستقبله ومن أجل حضارة هذا المستقبل، لابد للقيادة في مصر أن تدرك انها قيادة لجميع الفصائل علي اختلاف مشاربها وأفكارها ومعتقداتها وبدون هذا التصور يمكن للنسيج المصري أن يتعرض للتفكك وللاضمحلال، ويمكن للقوة الخارجة أن تطمس هويته وتقضي علي إرثه الحضاري المتوارث منذ آلاف السنين، لذلك أوجه رسالتي كمواطن مصري قبل أن أكون شاعراً أو مثقفا إلي القيادة في مصر بأن تخرج من عندها المبادرة بإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل أن تستفحل الأمور وتفلت من أيدينا فرص المصالحة التي دعا إليها الرئيس، وأريد أن أضيف شيئا مهما اننا كمواطنين محتاجون الي تغيير لهجة الخطاب السياسي وما يتضمنه من رؤية ثقافية ليجد قبولا لدي المهتمين بالثقافة والمحركين لعجلة العمل الإبداعي في مصر، قليل من الإحساس بإشراك هؤلاء في عملية المشروع الثقافي المفترض أن يضع حلولا جذرية للمشكلة المتفاقمة لدي المثقفين هذه الأيام، لابد للقيادة أن تضم تحت جناحيها هؤلاء المعنيين بالثقافة حول مائدة مستديرة يتم بها التوصل الي رؤيا مشتركة، لان الجالسين حول المائدة هم أبناء مصر أولا وفوق أي انتماءات حزبية أو تحزبية تضر توجهاتها بالوطن علي سبيل المثال لابد أن تكون هناك طمأنه جادة بان الميراث الثقافي علي امتداد أجياله سيظل موضع اهتمام القيادة وتفهمها وعدم المساس به لتعود مصر كما كانت منارة للمنطقة من حولها في مختلف المعارف والآداب والفنون.. لابد إذاً للمثقف المصري أن يستشعر في الخطاب السياسي تغييرا نوعياً يتسم بالمصداقية والجدية، وكل الأمل أن نسابق الأيام المتلاحقة قبل انفجار يكاد يكون وشيكا يجعلنا نعود الي الوراء سنوات لنبدأ من جديد من تحت نقطة الصفر..
استراتيجيات للثقافة
يقول الكاتب العربي عبدالوهاب: علي المستوي الثقافي أتمني أن يعود السلوك المتحضر الذي واكب أيام الثورة (25 يناير) لكل أفراد الشعب وأن تختفي حالة الانقسام والوعيد من الفصائل لبعضها البعض .. وتعود كل طوائف الشعب كيانا واحدا .. ربما كان هذا حلما الآن لكنه ليس ببعيد .. كان حقيقة ملموسة خلال ال 18 يوما من عمر الثورة .
أما كيف أجهر بهذا الحلم وأهمس به في أذن الحكومة وسيدي الرئيس ذلك أننا أصبحنا شيعا وفرقاء وكل فريق يتربص بالآخر .. وحتي تعود الثقافة إلي سلوكها المتحضر لدي طوائف الشعب كافة .. يجب أن يعود الأمل والطموح والحلم لكل أبناء الشعب وأن نشعر بأن السياسة والاقتصاد والثقافة تنهض باستراتيجيات موحدة ومتعاونة ومتضافرة في جهودها الخلاقة ولأن هذا العمل المرجو هو عمل مؤسسات كبيرة فيجب أن يقوم علي رأس الوزارات وزراء أكفاء ويجب أن ....ويجب أن ...يكون القانون حاضرا ورادعا لكل مظاهر الفوضي والتخلف التي تنال من هيبة الدولة ، كما أنني أتمني أن يتوحد المثقفون ويعملوا علي دفع العجلة للأمام .
ويقول الشاعر محمد عبد القوي حسن (المنيا): نريد من الرئيس محمد مرسي أن يكون رئيسا لكل المصريين وليس لجماعة الإخوان فقط نحن نؤيد السيد الرئيس ونحن لسنا ننتمي إلي جماعة الإخوان ولم نر أي تحسن في البلد ملموس ولكن نؤيده حتي يستمر البلد في طريقه إلي النمو بعض الشيء. ما نريده ثقافيا أن يعطي العيش لخبازيه ويتولي الأدباء مهام الوزارة من ساسها لرأسها ويتخلص الوزير الدكتور علاء عبد العزيز من كل الفلول ويستمر في حملة تطهير الوزارة من هؤلاء الذين أعانوا مبارك علينا فالابنودي عندما مرض أرسله المخلوع في طائرة خاصة لفرنسا للعلاج وغيره من هؤلاء شعراء وأدباء السلطة ماعلينا نحن الآن بصدد ما ننتظره ونحلم به أن يأخذ الأدباء دورهم في اتخاذ القرار الثقافي وفي كل الإصدارات والمؤتمرات المختلفة .
تفكيك دوائر الفساد
يقول الدكتور وجيه عبد الكريم خبير الدراسات الآسيوية: الشعوب ذات الحضارات العريقة ، وصاحبة التاريخ والثقافة التليده ، قد تتعثر بعض الوقت أو في فترة من الفترات الزمنية ، إلا أنها لا تموت بل تستيقظ وبكل قوم وعزم لاستعادة ريادتها الثقافية والحضارية ، معتمدة علي الإرث التاريخي العريق .
ونناشد الرئيس النظر إلي الشعب وقضاياه ومشاكله ، فالسياق والظرف التاريخي الحالي للثقافة المصرية قد لا يعبر عن واقع حضارتنا ، بيد أن الأيام القادمة بتكاتف جميع قوي الشعب والنخب السياسية ، والمثقفين علي اختلاف رؤاهم يبدو في الأفق القريب تغير للمشهد الثقافي لأفضل مما سبق ، مستندا في ذلك لواقع اجتماعي وتاريخي وسياسي مغاير لما سبق ، فالتجديد والتغيير سمة من سمات المجتمعات الحضارية صاحبة الثقافة العريقة ، ومصرنا الغالية تسير في اتجاه صحيح نحو منعطف ثقافي مغاير ، قد يتميز بالحداثة في الفكر ، والتجديد في المضمون بما يكفل عصراً قد نطلق عليه في المستقبل عصر الثقافة الجديدة ز بما يتفق وظروفنا الموضوعية وعروبتنا ومصريتنا .
تفكيك السلاسل
ويقول الشاعر أحمد توفيق: أقول للوزير علاء عبد العزيز وزير الثقافة أنا معك طالما تحقق ما كنا نرجوه منذ سنوات عدة ، طالما تسعي جاهدا لفك تلك السلاسل التي انتشرت في كل مؤسسات الدولة تعيث فيها فسادا وإفسادا ، أنا معك طالما تحقق للأغلب الأعم من المثقفين الحقيقيين الذين ابتعد عن سيطرة النظام الحاكم الفاسد فابتعدوا عن الإعلام والمسئوليات ، وتركوا الساحة الثقافية لتلك الفئة التي فسدت وأفسدت بفعل عطايا النظام .
هذه الدوائر المحكمة من الفساد لا يمكن تفكيكها بالروية وبهدوء ولكنها تحتاج لشخصية جريئة لديها القدرة علي اتخاذ القرار ومواجهة تلك العواصف من هجمات المفسدين في تلك الوزارة .
وأنا مع الرئيس في هذه القرارات ولو لم تفعل سوي هذا الفعل - تفكيك دوائر الفساد - فقط سوف يذكر لك التاريخ ذلك .
كفانا فسادا ومفسدين في ظل هذا الاستقطاب الحاد الذي لا تحركه إلا المراهقة الفكرية ، فلن يعجب تصرفك أحدا فافعل ما يمليه عليك ضميرك دون النظر إلي هؤلاء .
ويقول محمود الأزهري( نجع حمادي / قنا): أريد رحيل وزير الثقافة لأنه لا يمتلك رؤية واضحة لسير العمل في واحدة من أهم الوزارات في مصر ، ولأنه حين يقيل قيادات ثقافية نري كفاءتها بتهم الفساد دون تحقيق فإنه يكون قد
اختيار ادباء الأقاليم في لجان المجلس الأعلي للثقافة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.