إنتعاش أسعار الذهب من أدنى مستوياته في أسبوعين    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الاثنين 18 أغسطس 2025    مؤشر نيكاي الياباني يسجل مستوى قياسي جديد    مجرد أساطير بلا أساس علمي.. متحدث الصحة عن خطف الأطفال وسرقة أعضائهم (فيديو)    نصائح لحمايتك من ارتفاع درجات الحرارة داخل السيارة    تعرف علي ترتيب جدول الدوري قبل انطلاق الجولة الثالثة غداً    الأرصاد الجوية: حار نهاراً ونشاط رياح يلطف الأجواء والعظمى بالقاهرة 35 درجة    منذ قليل .. بدء امتحان اللغة الأجنبية الأولى لطلاب الثانوية العامة الدور الثانى    للأسبوع الثالث .. تخفيضات الأوكازيون الصيفي 2025 تنتشر فى الأسواق    قوات الاحتلال تعتقل 12 فلسطينيا من محافظة بيت لحم    بكم العدس والفاصوليا؟.. أسعار البقوليات في أسواق الشرقية اليوم الإثنين 18 أغسطس 2025    بينهم 22 من طالبي المساعدات.. شهداء وجرحى في قصف للاحتلال على قطاع غزة    يسرا عن رحيل «تيمور تيمور»: صعب تلاقي حد بالصفات دي في حياتك    رنا سماحة تطلق ألبومها "مهري حياة" بثلاثية فنية راقية مع محمود سليم    التعليم العالى: المعهد القومى للمعايرة يحصل على الاعتراف الدولى ل19 قدرة قياس    وظائف شاغرة ب«الكهرباء».. التخصصات المطلوبة وآخر موعد للتقديم    تحرك الدفعة ال 17من شاحنات المساعدات إلي معبر كرم أبو سالم    القافلة ال17، بدء دخول شاحنات المساعدات الإنسانية من مصر إلى قطاع غزة (فيديو)    كل ما تريد معرفته عن مسابقة توظيف بريد الجزائر 2025.. الموعد والشروط وطريقة التسجيل    مراد مكرم عن رحيل تيمور تيمور: «مات بطل وهو بينقذ ابنه»    مي كساب تحتفل بمرور 10 سنوات على زواجها من أوكا: «ماكانوش سهلين» (فيديو)    دعه ينفذ دعه يمر فالمنصب لحظة سوف تمر    مصرع سيدة في حادث سير ب شمال سيناء    قرارات صارمة من وزارة التربية والتعليم استعدادًا للعام الدراسي الجديد 20262025 (تعرف عليها)    إصابة مُسن إثر انفجار أسطوانة غاز داخل شقة بمدينة بنها    تامر عبدالمنعم: «سينما الشعب» تتيح الفن للجميع وتدعم مواجهة التطرف    أرتفاع الحديد.. أسعار مواد البناء اليوم الإثنين 18 أغسطس 2025    رئيس الأركان الإسرائيلي يصادق على خطط احتلال غزة: معركة طويلة متعددة الجبهات    إساءات للذات الإلهية.. جامعة الأزهر فرع أسيوط ترد على شكوى أستاذة عن توقف راتبها    وصفة مغذية وسهلة التحضير، طريقة عمل كبد الفراخ    أسفار الحج 13.. من أضاء المسجد النبوى "مصرى"    قد يكون مؤشر على مشكلة صحية.. أبرز أسباب تورم القدمين    الرئيس اللبناني: واشنطن طرحت تعاونًا اقتصاديًا بين لبنان وسوريا    التحقيق في مقتل لاعبة جودو برصاص زوجها داخل شقتهما بالإسكندرية    أبرز تصريحات رئيس الوزراء خلال لقائه نظيره الفلسطيني الدكتور محمد مصطفى    أوسيم تضيء بذكراه، الكنيسة تحيي ذكرى نياحة القديس مويسيس الأسقف الزاهد    أمير هشام: الأهلي سيقوم بتحويل قيمة جلب حكام اجانب إلى الجبلاية    "لا يصلح"... رضا عبدالعال يوجه انتقادات قوية ليانيك فيريرا    "لحد البيت".. أفشة يهدي قميصه لنجل علي غزلان (صور)    أحمد شوبير يكشف موعد عودة إمام عاشور للمشاركة في المباريات مع الأهلي    رئيس "حماية المستهلك": وفرة السلع في الأسواق الضامن لتنظيم الأسعار تلقائيًا    سامح حسين يعلن وفاة نجل شقيقه عن عمر 4 سنوات    بدء اختبارات كشف الهيئة لطلاب مدارس التمريض بالإسكندرية    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 18 أغسطس 2025 في القاهرة والمحافظات    احتجاجات غاضبة أمام مقر نتنياهو تتحول إلى مواجهات عنيفة    مصرع طفل أسفل عجلات القطار في أسيوط    حضريها في المنزل بمكونات اقتصادية، الوافل حلوى لذيذة تباع بأسعار عالية    السكة الحديد: تشغيل القطار الخامس لتيسير العودة الطوعية للأشقاء السودانيين    أشرف صبحي يجتمع باللجنة الأولمبية لبحث الاستعدادات لأولمبياد لوس أنجلوس    أمسية دينية بلمسة ياسين التهامى فى حفل مهرجان القلعة    وزير الثقافة ومحافظ الإسماعيلية يفتتحان الملتقى القومي الثالث للسمسمية    رضا عبد العال: فيريرا لا يصلح للزمالك.. وعلامة استفهام حول استبعاد شيكو بانزا    ننشر أقوال السائق في واقعة مطاردة فتيات طريق الواحات    بداية متواضعة.. ماذا قدم مصطفى محمد في مباراة نانت ضد باريس سان جيرمان؟    مواجهة مع شخص متعالي.. حظ برج القوس اليوم 18 أغسطس    تنسيق الثانوية العامة 2025 المرحلة الثالثة.. كليات التربية ب أنواعها المتاحة علمي علوم ورياضة وأدبي    هل يجوز ارتداء الملابس على الموضة؟.. أمين الفتوى يوضح    مرصد الأزهر: تعليم المرأة فريضة شرعية.. والجماعات المتطرفة تحرمه بتأويلات باطلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبود الزمر يروي ل"محيط"مذكراته بعد السجن..عامان من الحرية بطعم الأشغال الشاقة!!(14)
نشر في محيط يوم 11 - 05 - 2013

*لم أكن أريد إجراء حوارات تليفزيونية بعد الإفراج عني
*كنت أريد بعض الوقت لترتيب الأوراق
*الفضائيات كانت تحاصرني بالأسئلة فى مساحة الماضي
*إجاباتي عن اغتيال السادات كانت بسلامة نية وعن أشياء حكم فيها القضاء
*لم أكن فى الخدمة العسكرية أثناء العرض العسكري
*لم أقابل خالد الإسلامبولى ورفاقه
*لم أكن موافقاً على فكرة الإغتيال من الأساس
*هناك من الإعلاميين من حذف جوانب المستقبل من حوارى
*الكثافة الإعلامية والحضور لعدة أيام ربما أزعجت المناوئين
*يوم الانتخابات علي الدستور والبرلمان والرئاسة شعرت بالحرية الحقيقية
*أقول لكل من صوّت بلا عليك أن ترضى بما إختاره الشعب
الحقيقة أننى منذ اليوم الأول لإطلاق سراحى وأنا أشعر بأننى مقدم على حياة جديدة لاتقل صعوبة عن أيام السجن , فشعورى بأن هناك فريقاً من إخوانى لم يُفرج عنهم جعلنى فى حالة من الضيق والحزن , وكنت أنتوى الخروج إلى رئاسة الوزراء ورئاسة المجلس العسكرى لتسجيل شكرى وتذكرتى لهم بضرورة الإفراج الفورى عن جميع المظلومين فى عهد حسنى مبارك , ولكنى خرجت فى هذا اليوم متأخراً فلم أتمكن من ذلك , وذهبت إلى بلدتى ناهيا مع حشد من أقاربى وأصدقائى من المحافظات المختلفة واختلطت مشاعر الفرح بالدموع , وعادت إلى ذهنى كثير من الذكريات , ولكنى لم أشعر أننى عدت إلى بلادى لأن كل شئ قد تغير{ الناس ,المبانى , الزحام , الصخب , الأضواء , لغة الخطاب , المعاملات !!} وإذا كنت بصدد كتابة شئ عن هذه الحزمة من الأيام فإن العنوان الذى أخترته هو ما عنونت به هذه المقالات يكون هو أنسب ما يمكن التعبير به عن هذه الفترة .
فالحرية شئ جميل بل هى من أهم الأشياء فى الحياة حتى أن بعض الطيور والحيوانات تموت حزناً بعد أن تقع فى شباك الصياد، والسجن بالتأكيد يحمل فى طياته الظلم والقهر ولكنه قد يكون لصاحب المبادئ نجاة مما هو أشد لأن الإنسان المطلق السراح قد يكون معذباً لكونه يعيش فى أجواء ظلم وفساد واستبداد مثلما عاش الشعب المصرى ردحاً من الزمان فى عهود حكام ديكتاتوريين صادروا حق الجماهير فى ممارسة العمل العام ووضعوا القيود والعراقيل أمام كافة الأنشطة السياسية فلم يشعر المواطن المصرى بحريته بالرغم من وجوده خارج أسوار السجون!!
ولقد شعرت بطعم الحرية حينما كنت سجيناً وذلك لكونى تمسكت بما رأيته حقاً وصواباً ولم أخضع لضغوط السلطة فكانت آثار الهزيمة التى أراها فى أعين الأجهزة الأمنية تثلج صدرى وتتلاشى أمامها كل
المضايقات التى كانوا يقومون بها ضدى وضد الدكتور طارق فما لبث أن حاق المكر السئ بمن مكر بنا وصدق قول الله تعالى { ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله }
ولست بصدد كتابة هذه الأيام على نحو الترتيب اليومى ولكنى أوجزت ذلك تحت عناوين عامة أشرح فيها بعض التفصيلات التى تحيط القارئ علماً بما جرى وربما تفيده كدرس مستفاد فى الحياة .
الصدمة الإعلامية :
لقد وصلت إلى بيتى منهكاً ومجهداً لأجرى بعض الحوارات التليفزيونية التى كانت فى إنتظارى .. وهنا لابد وأن أنوه أننى لم أكن أريد إجراء حوارات تليفزيونية أو صحافية حيث كنت أود أن أعلن كلمة قصيرة ثم أحتجب لفترة زمنية لاتقل عن الأسبوع لتقويم الموقف ودراسة المستجدات وتحديد لغة الخطاب مع الواقع الجديد وبالفعل أعلنت أمام الإعلام هذه الكلمة .
وأكدت أنه لابد من أن يمنحونى بعض الوقت لترتيب الأوراق , ودراسة الواقع , ولكن هذا الأمر لم يتحقق أمام ضغوط متنوعة لإجراء العديد من الحوارات فى وقت قصير , ولقد لاحظت أن بعض القنوات كانت تحاول أن تحاصرنى بالأسئلة فى مساحة الماضى فأجبت بسلامة نية حول مسائل تاريخية حكم فيها القضاء وانتهت فيها الأحكام , ولو أعيدت المحاكمة لايمكن أن يوضع إسمى أو أسم الدكتور طارق وكثير من إخوانى فى قائمة المسئولين عن مقتل السادات .
لأن مواد الإتهام قد سقطت دستورياً بحكم المحكمة الدستورية العليا , فضلاً عن أننى لم أكن فى الخدمة العسكرية ولم أكن من بين المشاركين فى العرض وكنت هارباً بعد تفتيش منزلى بالجيزة , ولم أقابل خالد الإسلامبولى ورفاقه الذين اشتركوا في العرض , بل ولم أكن موافقاً على هذه الفكرة حين علمت بها وعرضت تصورات بديلة عن ذلك لأننى كنت من أنصار التغيير الشامل وليس فكرة إزاحة رئيس ليحل رئيس آخر لا يعرف أحد هويته ولاندرك ماذا سيفعل بمصرنا ؟!
ولكن المجموعة المنفذه صممت على رأيها وتم التنفيذ ... ولقد حمّلنى وزير الداخلية آنذاك مسئولية التخطيط للعملية بالرغم من عدم مسئوليتى فعلاً عن ذلك , فالتصق فى أذهان الناس أننى كنت أحد
المشاركين فى العرض وهو مخالف للحقيقة التى يلزم إيضاحها للكافة كما أسلفنا .
ولذلك استقبلنى الإعلام المصري مستفسراً عن دورى وعن قضايا فقهية متعددة أجبت عنها فى إطارها فلم يعجب ذلك بعض المشاهدين بالرغم من أننى أوضحت رؤيتى الجديدة , ولكن حجم المساحة التى أفردها الإعلام لحادثة مقتل السادات جعلت الحديث عن المستقبل وعن الجانب المضئ يتلاشى أمام المشهد التاريخى للمنصة الذى نال القسط الوافر فى الحديث .
ولقد اكتشفت أن هناك تعمداً من البعض لإبراز المشهد التاريخى وكأنه هو المستقبل الذى أسعى إليه لدرجة أن هناك من الإعلاميين من حذف جوانب المستقبل من حوارى واقتصر على جانب الماضى يدور حوله ويكرر السؤال بأكثر من صورة حتى ينطبع فى ذهن المشاهد أثراً مزعجاً عن شخصيتى وانتبهت لذلك ولله الحمد وقمت بتوضيح ذلك فى مساحات إعلامية كبيرة على مستوى داخل البلاد وخارجها مما أظهر الصورة الحقيقية بعيداً عن التشويه الذى أراده الخصوم من فلول النظام السابق ..
ولقد فوجئت بنائب رئيس الوزراء يقحم موضوع الاستقبال الشعبى الذى حدث معى والدكتور طارق الزمر فى أثناء حديث حول موضوع آخر بشكل أثار إستفهام كثير من الناس الذين أعربوا عن سخطهم تجاه نائب رئيس الوزراء ولكنى عرفت السبب فلقد كان التقدير الذى ناله المستشار طارق البشرى فى تصريحاتنا الإعلامية الأثر المباشر فى إغضابه حيث كان المستشار البشرى يمثل البديل الدستورى الذى حل مكانه بعد أن تم إستبعاده من لجنة صياغة الدستور.
ولقد كانت هناك صدمة إعلامية آخرى أحسست بها حين تمت مهاجمة التيار السلفى كله من خلال قضايا لم يفعلها فنسبوا له أنه يقطع الأذن كحد من حدود الله !! وهذا لم يحدث فليس هناك حد اسمه قطع الأذن , فضلاً عن أن الموضوع لا علاقة له بالسلفية !! ولقد وفقنى الله تعالى للدفاع عن ذلك فى الفضائيات والحوارات الصحفية حين توجهوا الىّ بالسؤال , ولقد كانت الحملة على أشدها فى أعقاب الإستفتاء الذى حصل فيه الرأى الذى كان يدعمه الإسلاميون على 77% فاشتاط العلمانيون غضباً , وزادوا من هجومهم ووحدوا أقلامهم بهدف الالتفاف على نتائج الاستفتاء , وانقلبوا على مبادئهم التى يزعمونها واخذوا من الخطوات العجيبة التى تكشف حقيقة موقفهم من الديمقراطية , وأن الرأى الذى يجب أن يمضى هو رأيهم بصرف النظر عن أنهم أغلبية أم أقلية !! ولكن إرادة الشعب ستنتصر فى النهاية بإذن الله ولن يصح إلا الصحيح فنحن قد ودعنا الدكتاتورية إلى غير رجعة.
ولقد فوجئت بمن يبلغنى أن هناك هجوماً على الفيس بوك يتناول بعض مقالاتى مثل غيرى من كتاب التيار الإسلامى ورموزه فلما نظرت فى التعليقات وجدتها غير ذات موضوع ولايستفاد منها بكلمة فكلها شتائم تدل على أن قائلها لم يتلق فى حياته شيئاً عن أدب الحديث أو النقد فصرفت نظر عن متابعتها فضلاً عن قراءتها أصلاً .
وأود أن أشير فى هذا الموضع الذى أتكلم فيه عن الإعلام فلم أكن داعياً إلى حضور أحد من القنوات الفضائية فلقد حضر الكثير منهم لتغطية حدث ليس أكثر, فكانت الكثافة الإعلامية والحضور لعدة أيام متتالية سبباً فى قلق العديد من الشخصيات التى تناوئ التيار الإسلامي ولا ترغب فى وجوده على الساحة شأنها شأن الحاكم المستبد الذى يكره أن يرى غير نفسه ويحب كل من يمتدحه ويثنى عليه وهو يعلم فى قرارة نفسه كذب هذه المقولات .
ولم أك أتصور أنه لازال – بعد الثورة – من يمسك بمقاليد الإعلام ويوجهه نحو ذات الوجه السالفة الذكر والتى ينبغى أن يتطهر الإعلام المصرى من رجس هؤلاء الذين أسهموا فى إفساد الحياة السياسية بكتاباتهم التى تمتلئ نفاقاً وإطراء لمن لا يستحقون إلا الزجر والعتاب والانكار على فعالهم السوداء ..
يوم الاستفتاء:
خرجت من بيت أخى الأستاذ أحمد الزمر إلى لجنة المدرسة بناهيا وسط مجموعة كبيرة من أقاربى كى أدلى بصوتى الانتخابى بعد سجن دام ثلاثين سنة بل إننى لم أدل بصوتى مطلقاً لكونى كنت ضابطاً فى القوات المسلحة وهو ما يمنعه الدستور المصرى واليوم أدلى بالرأى وأنا حر طليق لا يمشى
ورائى ضابط أمن أو شرطى سرى , فكنت سعيداً مع كل خطوة أخطوها نحو اللجنة وبالفعل ذهبت وقلت نعم بعد أن قدمت تحقيق الشخصية ( بطاقة الرقم القومى ) والتى إستخرجتها قبل خروجى من السجن .
ولا أخفى على القارئ سراً أن سعادتى وأنا أرى مدى شفافية التصويت الانتخابى وحياد اللجان كانت أكبر من أن انتظارى لنتيجة التصويت حتى لو جاءت مخالفة لما أراه ما كنت سأغضب أو أحزن لأن استعادتنا لإرادة التعبير بصراحة وعدم تزوير الإرادة الشعبية هى المكسب الرئيس الذى حققناه , ومن هذا المنطلق أقول لكل من صوّت بلا عليك أن ترضى بما إختاره الشعب لأن المسألة من الأمور الاجتهادية لاينكر فيها طرف على آخر ولا يصح أن يتذمر أو يتحرك احتجاجياً ويعطل المرافق ليضغط بهدف إلغاء رأى الأغلبية فهذا من صنع الأنظمة المستبدة التى كانت تعلم أنها أقلية وغير مرغوب فيها وتستخدم الأساليب غير المشروعة كى تحقق ما تريده رغماً عن رأى الجماهير الحاشدة التى ظهرت فى مليونيات كبيرة طالبت بإسقاط النظام كله .
ولقد تعجبت أكثر حين رأيت أن هناك من يطالب بالدستور أولاً لأن معنى هذا هو رفض لإرادة جماهير إختارت الانتخابات أولاً وحسمتها نتائج الإستفتاء ... ومما لا شك فيه أن من حق الشعب أن يطالب بالإسراع فى محاكمة المسئولين عن الفساد بشرط أن تكون المحاكمة عادلة وأمام قضاء طبيعى وفى جو هادئ بعيداً عن التوتر الذى يضغط على أعصاب الهيئة القضائية لأننا باختصار شديد لا نحب أن يحاكم أحد من الشعب وفق نظام لم نكن عنه راضون فليس من العدل أن نرضى لغيرنا ما لم نرضه لأنفسنا قال تعالى { ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا إعدلوا هو أقرب للتقوى } ثم إنه لا معنى لأن تحشد أقلية قوتها فى الشارع لتعطيل حركة الحياة لإجبار الأغلبية على الرضوخ وتغيير الإرادة سوى إستبداد سياسى ورفض للآخر مهما كان ثقله فى الشارع السياسى .
ثم إننى لا أرى ضرورة أن تقوم الأغلبية بحشد قوتها لتقول لنا الإنتخابات أولاً .. لأن النتيجة ظهرت فى الاستفتاء تؤيد رأيها وتعبر عن ثقلها فلا معنى لأن تعيد الكرّة وهى أغلبية ساحقة قالت كلمتها ويبقى على الجهات المختصة التنفيذ ..
إننا بحاجة إلى التوازن النفسى الذى يجعلنا نرضى باختيار الأغلبية ولا ننفعل إذا كان القرار على عكس اختيارنا لأن هذه القاعدة لو هُدمت ستفتح علينا أبواب صراعات لا نهاية لها وسنكون فى حالة أشبه بالفوضى ونسأل الله العافية من كل سوء..
الفتنة الطائفية :
هى من أخطر ما يعوق نجاح الثورة حيث استخدمها النظام السابق من خلال جهازه الأمنى لإشعال النار بين المسلمين والأقباط وعدم تطبيق القانون على الجناه وغلق الملفات لتبقى النار تحت الهشيم تتأجج كل فترة لأن النفوس لم تهدأ بعد , ولقد كشفت بعض بقايا الأوراق المحترقة فى أجهزة أمن الدولة عن تدخلات خطيرة للأمن حول دور الجهاز الأمنى فى بعض الأحداث الطائفية , وهذا معناه أن النظام السابق كان يلعب بورقة الفتنة الطائفية لتحقيق مكاسب سياسية وكى يبقى هو وكأنه الحارس الأمين لهذا الوطن فى الوقت الذى كان يقوم فيه بدور العميل الخائن لبلاده .
وحينما تفجرت أحداث إمبابة أُصبت بحالة حزن شديد على إنجازات الثورة من الضياع وشعورى أن فتح هذا الباب فى هذا الوقت بالذات هو من صناعة النظام السابق الذى يريد بالبلاد شراً فأسرعتُ إلى المشاركة فى مؤتمرين شعبيين فى المنيا وأسيوط لرأب الصدع وتهدئة الخواطر لأن هاتين المحافظتين هما أكثر المحافظات تأثراً بالأحداث الطائفية .
وجبنا الشوارع هناك نهتف فى جموع المواطنين شعارات تدعم الوحدة الوطنية وترفض الصراعات الطائفية ومن بين تلك الشعارات شعار يقول { لا للفتنة الطائفية علشان مصر تبقى قوية } فلقينا تجاوباً من أهالى المحافظتين وحضر آلاف المواطنين وأحسنوا إستقبالنا وحيانا المسلمون إلى جوار الكثير من الأقباط فى الشوارع لدعم مساعينا الحميدة نحو تدارك أى صراع فى هذا الشأن ولقد تحدثنا فى المؤتمرات التى عُقدت هناك بما يخدم انجازات الثورة ويغلق الطريق أمام كل من يحاول الالتفاف عليها من بقايا وفلول الحزب الوطنى التى تستخدم أكثر من سلاح فى موجهة الثورة كالطائفية والبلطجة وقطع الطرق وإثارة الذعر بين المواطنين ونحو ذلك من الأمور المعوقة لحركة بناء المجتمع وإعادة ترتيبه .
ولقد تلقيت التهنئة من بعض المواطنين حول نجاح هذه المؤتمرات وأثرها على تهدئة الأحوال والتوعية من مخاطر الانزلاق إلى الفتن التى تسير بالبلاد إلى طريق آخر لا نريده لمصرنا الغالية.
صعوبات واجهتنى
خرجنا من السجن ولم نكن منقطعين عن العالم بل نتابع الأحداث بشكل منتظم فلم يحدث معنا مثلما حدث فى عصور سابقة حيث كان يخرج السجين ليسأل عن الملك فيكتشف ان الملك مات منذ سنوات طويلة !! ولكننا كنا نعرف التطورات يوماً بيوم ولم يكن ذلك يرضى النظام السابق بل كان يريد أن يمحو ذاكرتنا عن الماضى والحاضر ولا نفكر فى المستقبل من باب أولى !!
ولكن قمنا برفع قضايا فكسرنا الحبس الانفرادى واستعدنا حقنا فى الدراسة بالكليات وكذا فى مطالعة الكتب والمجلات واقتناء الراديو , ونجحنا فى السنوات الأخيرة فى تهريب الدش مفككاً إلى أجزاء وتمت إعادة تجميعه وبالتالى أمكننا متابعة الفضائيات مما جعلنا نستوعب ما يدور على الساحة المحلية والدولية بعد أن أرهقتنا السلطات بمشاهدة القنوات المحلية فكان ذلك أقرب إلى العقاب !! لأن الإعلام المصرى فى القنوات الأرضية كان حكومياً وموجهاً إلى خدمة كرسى الحكم . فكانت البرامج مملة والضيوف لا تأتينا بجديد !!
ولكن الذى شعرنا بصعوبته هو مواجهة الواقع العملى فوجدت صخباً شديداً وزحاماً أشد وأضواء مبهرة ليلاً ولافرق بين الليل والنهار فى الشوارع ولاحظت أن نشاط معظم السكان يبدأ بعد الظهر لأن الكثير ينام حتى هذا التوقيت ونحن اعتدنا على الاستيقاظ مبكراً .
ولاشك أن من أخطر الصعوبات هى معرفة الأشخاص لأن مرور ثلاثين عاماً على الشخص حولته من شاب إلى أب أو جد فيصعب علىّ معرفته فكان مطلوباً منى إعادة رسم خارطة الصور من جديد لعدة الآف من أقاربى وأصدقائي سواء الذى رأيته منهم قبل السجن أو الذين ولدوا من الأبناء والأحفاد خلال الفترة التى قضيتها وراء القضبان وهو عمل شاق على الذاكرة فى خريف العمر .
الواجبات أكثر من الأوقات ..
وهى مشكلة كبيرة حيث المطلوب منى أداؤه يفوق أوقاتى بكثير وبالتالى يلزم ترتيب الأولويات وتقديم بعض الأمور على الأخرى وهذا ليس سهلاً لأننى لو ذهبت لحضور عقد قران غضب منى من دعانى ولم أحضر لانشغالى بشئ آخر أكثر أهمية كمؤتمر إسلامى أو عزاء لأن الداعى إلى عقد القران ينظر إلى أننى استجبت لفلان ولم ألب دعوته , وهكذا حسابات دقيقة تلزمنى حتى لا يحزن منى المحبين والأصدقاء المقربين .. ومن هذا المنطلق أديت ما أستطيع من الواجبات التى علىّ واعتذرت عن بعضها وكان الناس كرماء معى فى قبول أعذارى وعدم الضغط علىّ والسماح لى بتعديل المواعيد وهو ما ينبغى أن نتحلى به فى العلاقات بأن يعذر بعضنا بعضاً .
ونعفو عن التقصير فى حقنا ونتسامح عمن شغلته أمور الحياة عن القيام بواجباته نحونا .. وأخطر ما يمكن أن يتعرض له الإنسان هو التقصير فى طاعة الله لأن حجم الانشغال مع الخلق يكون دائماً على حساب الخالق فحينما يسهر المرء منا فى زيارة لأصدقائه وعاد متأخراً فإنه ينام من الإجهاد قبل أن يُصلى شيئاً من الليل كعادته أو ينام قبل أن يوتر وربما لم يجد وقتاً للدعاء أو قراءة القرآن الذى اعتاد عليه فى الأيام العادية أما فى حالة الأيام الشاقة التى تزدحم فيها الأعمال فإن أسهل ما يكون التقصير فيه هو جانب الله لأن الله لا يعتب على الإنسان فى الحال ولكن أثر التقصير فى الطاعة ينعكس سلباً على القلب والسلوك والتوفيق إلى صالح الأعمال ومراشد الأمور فالحذر كل الحذر أن ينشغل العاملون فى الحقل الإسلامى بمرضاة الخلق على حساب الخالق ...
ومن المشكلات التى تواجهنى هى كثرة إستعمال المحمول فالإتصالات كثيرة تحمل فى طياتها المحبة والتواصل ولكنها أخذت الكثير من الوقت فإذا أغلقت المحمول للنوم أو الراحة تعرضت للوم وإذا تكلمت فى وجود أضياف معى شق عليهم ذلك , وإذا اعتذرت لمن يهاتفنى بوجود ضيوف إعترته سحابة حزن تحيط بصوته وهكذا مجموعة من التشابكات تحتاج إلى عون من الله لفك رموزها .
ومن الأشياء المزعجة ما يسمى بالتوكتوك وهو موتوسيكل صغير صنعوا حوله صندوقاً من القماش والجلد فصار كعربة صغيرة تقوم بمهمة نقل الأفراد داخل القرى والمدن بعيداً عن الطرق الرئيسية وهى وسيلة مواصلات مفيدة للناس ولكن الذى يزعج وجود جهاز عالى الصوت يوقظ النائم فى الأدوار العليا بالموسيقى الصاخبة وهذا أمر لا يجوز شرعاً لأنه يقلق راحة الإنسان ويتعدى على حقه فلا ضرر ولا ضرار .
ومن الأشياء التى أتعبتنى السير فى الطرقات حيث الحفر والمطبات وتعثرت أكثر من مرة والحمد لله نجوت من السقوط ولكن فى النهاية الطرق الجانبية فى شوارع البلاد تحتاج إلى إعادة رصف وصيانة فضلاً عن ضرورة رفع القمامة المكدسة عند النواصى وفى مناطق الفضاء فهو أمر فوق الوصف بل ويحتاج إلى مشروع قومى للنظافة يتعاون فيه السكان مع مسئولى الأحياء والمدن تحت إشراف المحافظات .
تهانى وتحيات :
فى وسط زحام العمل كانت تأتينى بعض التهانى التى تروح عنى وتعيد إلىّ ذكريات الصداقات القديمة فشكراً لكل من أسهم فى مواساتى ولقد دعانى عدد من أقاربى وأصدقائى لزيارتهم فاعتذرت للبعض ولبيت دعوة البعض الآخر طبقاً لظروف خاصة إما لانشغالى بمواعيد سابقة أو حالتى الصحية فأرجو قبول عذرى وشكرى .
ملاحظات آلمتنى :
لاحظت أن الأبناء لاتحترم جيل الآباء كما كان على عهدنا أو من سبقونا الذين شاهدناهم ونحن صغار السن فالابن يدخن السجائر أمام والده بلا حرج ويجلس وقد وضع ساقة فوق الساق وبرقع صوته فى حضوره وربما يطلب منه أشياء يحضرها له عند خروجه إلى الشارع ووجدت جفوة بين الأقارب فهناك من يقاطع قريبه منذ سنوات لأسباب بسيطة وهناك من لايتصل بأخيه إلا عبر المحمول وهناك من يكتفى بالرنة الصوتية دون حديث وذلك لمجرد الإطمئنان !!
ولقد أصبحت المواصلات تشكل عائقاً كبيراً أمام التزاور الذى كنا حريصين عليه فى الماضى وكذلك التكاليف الاقتصادية التى أصبحت تمثل مشكلة أمام معظم طبقات الشعب كى يقوم ببعض الواجبات تجاه أقاربه فى النوازل أو الأفراح .
ومما لاشك فيه أن نظام مبارك الفاسد يتحمل جانباً كبيراً من هذه المشكلة لبرامجه التى تؤدى إلى تفكيك الروابط الأسرية وتغيير السلوكيات والثقافات وفتح الأبواب أمام تغريب المجتمع وجعل التجويع سياسة ليبتعد الناس عن شئون الحكم وينشغلوا بلقمة العيش يلهثون وراءها معظم الأوقات ..
ولاحظت أن شباباً صغير السن يدخن السجائر فى الطرقات بشراهة وهو ما جعلنى أشعر بالخطر على مستقبل صحة الشباب وقوته ومدى عطائه كما وجدت إنشغالاً معظم أوقات الليل على المقاهى بما يوحى للمشاهد أن هذا الكم الهائل سينام حتى الظهر وهو ما يؤكد على أن رواد هذه المقاهى معظمهم من العاطلين عن العمل !!
وبلغتنى شكاوى عديدة من الأمهات بأن الأبناء فى سن المراهقة يأخذون الأموال من عائلتهم بنوع من الإبتزاز وهناك من يشكو من اختفاء الأموال من الأدراج فى المنازل وربما بعض المصوغات وهم على يقين أن السارق هو أحد الأبناء , وهناك من يشكو من البنات التى تتأخر فى الشارع إلى بعد منتصف الليل وتؤكد أنها كانت عند صديقة لها وهو ما يسئ إلى الأسرة ويضع البنات فى موضع الشبهات التى تحول دون زواجها إذا سأل الخاطب عنها أهل المنطقة التى تسكن فيها وأن الفتيات لا تستوعب معنى سمعة الإنسان وتجدها تقول ( أننى واثقة من نفسى ولا يهمنى رأى الناس !! )
وكان أيضاً من المحزن لى أن أرى الكثيرين من القراء يهتمون بالعناوين البراقة ولا يقرأون محتوى الخبر الذى غالباً ما يكون فيه التفصيل الذى يوضح غموض العناوين خاصة أن المانشيت الصحفى يهتم بالجذب لصالح التربح فلا يكون العنوان معبراً بدقة عن مضمون الخبر أو التصريح وهو ما أوصى به القارئ كى ينتبه وأعتب فيه على الصحفى الذى ينتهج هذا اللون من الدعاية تحقيقاً لأعلى نسبة من التوزيع ويكون ذلك على حساب الحقيقة فلابد من رعاية ذلك .
كل هذا كان من أسباب آلامى وشعورى بالحزن فى هذه الفترة .
انتظرونا في الجزء الثاني
معركة الرئاسة وقسوتها
قصة التحضير لبناء حزب البناء والتنمية وأشياء أخري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.