فى الحقيقة ان مصر الآن على حافة الهاوية بعد مرور عامين من الثورة، ولكي نصدق هذا التعبير يجب علينا ان ننظر الى الحالة المصرية بمختلف اشكالها السياسية ،الاقتصادية ،الاجتماعية فى ثلاثة أوقات وهى مصر قبل الثورة ،الرؤية الثورية وتطلعاتها الى بناء مصر، ما آلت إليه الثورة. قبل الثورة عاشت مصر بعيدة كل البعد على مدى عقود طويلة عن الديمقراطية الحقيقية ،والمشاركة الفعالة بين مختلف القوى القوى السياسية ؛ وتحت هيمنة حزب واحد عمل على قهر معارضيه بمختلف اشكالهم وإضعاف نفوذهم ، وعمل على ترسيخ شرعيته من خلال نفسه وبعيدا عن شرعية الشعب! الذى كان يراه مجرد عبيد عنده!! واستبد بالشعب وزاد فساده للحياة السياسية عندما زوج ما بين السلطة والمال ، وادخال رجال الأعمال فى الحياه السياسية حيث اطلق على اخر مجلس شعب" برلمان رجال الأعمال" انها سياسة دكتاتورية حيث ان الأسماء فى الساحة السياسية لم تتغير كثيرا وان تغيرت مناصبهم ومن الاسماء" صفوت الشريف ، و فتحى سرور، ، .زكريا عزمى، وغيرهم من الاسماء اللامعة فى الساحه السياسية". وعمل ايضا على اخفاء الشباب من تلك الحياة السياسية. اما بالنسبة للأقباط فقد استخدم لهم فزاعة الاسلاميين ودورهم كان محدود فى الحياة السياسية فقد كان تمثيلهم ضئيلا للغاية وكان وجودهم فى تلك الحياة مجرد منحة من رئيس الدولة فقد كان شعب حبيس داخل اسوار الكنيسة! والبابا هو ممثلهم أمام النظام والمتفاوض باسمهم امام الدولة وكلمة الاب نافذة .هكذا كانت الحياة السياسية المصرية. كما اتسمت الحياة الاقتصادية بالضعف الشديد وذلك باتباع النظام سياسة الانفتاح الاقتصادى ،واتباع برنامج الاصلاح الاقتصادى،واتباع سياسة تعويم الجنيه المصرى ."تحرير سعر الصرف “بغرض زيادة الصادرات مما ادى الى اضعاف قيمة الجنيه بين العملات الاخرى ولم تزيد الصادرات، وابرام معاهدات تصب فى صالح الغير مثل" اتفاقية الجات ومنظمة التجارة الدوليه “وغيرها من المعاهدات التى جعلت من مصر سوق لكل الدول الكبرى بلا استثناء ليس ذلك فحسب بل اتبعت الحكومه سياسة الخضخصة:"ذلك بتحويل كل ماهو عام الى خاص" وجعلت بذلك العمال ملك لرجل الاعمال يستبد فيهم كيفما يشاء باجور بخسة ؛ولم تراع الدولة الصناعات الصغيرة والناشئة بل عملت على اجهادها لصالح كبار رجال الاعمال الذين اتبعوا سياسة الاحتكار، والاهتمام بالمشروعات الخدمية التى ياتى من وراها العائد فى وقت قصير.. وملخص تلك الحياة انها كانت مجموعة من الافراد هى التى تتحكم فى اقتصاد مصر مثل" احمد عز ،وابراهيم كامل ،ومحمد ابو العنين" وحسين سالم" وغيرهم من الاسماء فى الحياة الاقتصاديه الذين تجمعهم علاقات وثيقة ووطيدة بالنظام وحاشيته انه استبداد اقتصادى . ونتيجة لذلك فان مصر كانت عبارة عن شعبين شعب يزداد غنى فوق غناه وهو النظام وحاشيته والمقربين لهم؛ وشعب يزداد فقرا فوق فقره كل يوم، وهو جموع الشعب الذليل البائس الذى يتخرج ابنه ويجلس بلا عمل مع حصوله على اعلى التقديرات فى حين يتعين ابن المسئول باقل الدرجات" فترة طويلة انعدمت فيه العدالة الاجتماعية" زمن يموت فيه المريض لانه ليس معه حق الدواء، اتي الزمن الذى تفرط المرأة فى عرضها مقابل المال من أجل الطعام والسكن . اتجه الشعب للسكن فى المقابر لانه ليس عنده سكن يأويه. أصبح الذى يتزوج الرجل فيه في قرابة الاربعين من عمره لانه مازال يكون نفسه ويجمع المال جاهدا لكي يستقر ،وتتعنس فيه الفتيات اصبح اكثر من ثلث الشعب معدما لايملك قوت يومه ؛ ويتشاجر من أجل رغيف خبز انها مصر التى انعدمت فيها كرامة ابنها الذى يحبس ظلما ،وتهان كرامته داخل اقسام الشرطة، ويضرب ويقتل دون سبب انه الشعب الذى انعدمت فيه كل معانى الحياة بالنسبة للفقراء بسبب نظام فاسد . الثورة وتطلعاتها فقد كان لغلاء الأسعار ،والبطالة ، واهانة المواطن خارج وطنه وداخله ،ومقتل / سيد بلال وخالد سعيد وغيرهم على ايدى رجال الشرطه ،ونجاح الثوره التونسيه؛ دوافع لخروج الشباب المثقف الذى لا يعبر عن أحزاب، أو جماعات! أو تيارات فى يوم 25 يناير الى" ميدان التحرير" ذلك المكان الذى له قدسيته، وتشعر برجفه فى قلبك عندما تنزله انه كان افضل مكان ترى فيه المساواه فالمرأة تقف بجوار الرجل ؛والغفير يقف بجوار صاحب المشروع ؛والغنى ياكل مع الفقير ، ومن وارهم الشعب كله بثوره ابهرت العالم كله سواء المحبين ،او الباغضين! لمصر من عظمة تلك الثوره فى سلميتها حيث خرج الجميع فى هتاف واحد رجل ،امراه ،وشاب ،وشابه ،والشيخ ،والطفل ،مسلم ،قبطى... لا فرق بيننا كلنا مصريين الشعب" يريد اسقاط النظام" ليصل الصوت الى عنان السماء من كل ميدان فى مصر، ثار الشعب واريقت دماء طاهره تروى ميادين مصر، ومع كل قطرة دم يعلى الهتاف ! واستجاب الله الينا واسقط النظام الذى افسد كما ذكرنا سلفا الحياة الاقتصادية والسياسيه والاجتماعيه وقد كانت التطلعات تبشر بالخير فقد امل الشعب فى حراك سياسى وديمقراطية وحريه الرأى والتعبير وعدالة اجتماعية وحفظ كرامة المواطن داخل مصر وخارجها وحياة كريمه لكل مصرى ومشاركه فعاله فى بناء اقتصاد قوى وغيرها من الاهداف العظيمة كالقصاص لقتلة الثوار واستقلال وطنى حقيقى . لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو ما هى النتائج التي آلت اليها الثورة؟ سياسيا: ادت الثوره الى خروج الاقباط وظهورهم على الساحه السياسيه فلم يعد شعب حبيس داخل اسوار الكنيسه وتكوينهم لبعض الاحزاب والجماعات لتعبر عنهم مع اختلاف طوائفهم. وظهور قوى للاحزاب السياسيه التى كانت مهمشة . وبرزت الجماعات التى كانت محظوره لوقت قريب ومصنفه ضمن الجماعات الارهابيه الى سدة الحكم فى مصر والمتحدثه باسم الثوره التى صنعها الشباب وحرموها هم فى بدايتها واصرافهم الشعب الى هوية الدوله هل هى مدنيه ام اسلاميه ؟ ونسوا ان الشعب المصرى هو شعب متدين بطبعه!!!! ولا يحتاج الى من يعلمه صبغة دولته، واستغلال اسم الدين فى مجال الصراع السياسى امام المثقفين الثورين سواء من الليبرالين او الاشتراكين اصحاب الثوره الحقيقيه ،وهم الاجدر على ادارة البلاد سياسيا واقتصاديا من هولاء. ومحاولة حزب واحد على هيمنة حكم واحد واقرار دستور لم يوافق عليه كثيرا من ابناء الوطن وحدث حالة من الفرقه ؛ واعادة نفس سناريو مبارك السياسى من محاولة اقصاء المعارضه عن تلك الحياة فهذا ما اقيمت الثوره ضدده وبسببه اريقت الدماء. اقتصاديا: لم يقتصر الأداء السئ على الحياه السياسيه فحسب بل امتد ليطول الحياه الأقتصاديه حيث لم تغير الدولة من سياستها اتجاه تلك المعاهدات والاتفاقيات التى تصب فى صالح الغير وتلحق الضرر بمصر ،وقد أدى الاداء السياسى السئ الى سحب بعض رجال الأعمال استثمرته من مصر، والى اغلاق عدد كبير من المصانع وتشريد الالف من العمال من اعمالهم وزيادة الأضطرابات الفئويه مما ادى فى النهايه الى دخول الأقتصاد المصرى فى أزمه وانسحاق قيمة الجنيه المصرى أمام العملات الأخرى وهذا لايساوى التضحيه التى قدمها الشهداء لكى تنهض مصر اقتصاديا . اجتماعيا: ارتفاع متواصل فى الاسعار دون تدخل من الحكومه لوضع سقفه الى ذلك الارتفاع والحد منه؛ تفشى نسبة البطاله وخصوصا بعد ذيادة الأضطرابات العماليه واغلاق عدد كبير من المصانع، استمرار الرشوه والمحسوبيه والوساطه، وانفلات امنى رهيب يسود المجتمع،ظهور اعمال بلطجه واسعه فى جميع انحاء الوطن،زيادة نسبة الكوارث المصطنعه. وملخص ذلك ان ما آلت اليه الثوره لايحقق طموحات الشعب وأهدافه سواء سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا وما كان يرغب فيه وان لم تغير الحكومه من سياستها تجاه ذلك فان ذلك سوف يؤدى الى حدوث ثوره أخرى لتحقيق اهدافها السامية من عيش..حريه...عداله اجتماعيه..كرامة انسانية.والقصاص للشهداء التى روت دماهم قلوبنا قبل ان تروى ميادين مصر.حقا اصبحت على حافة الهاوية