نشرت صحيفة «التحرير» ما كتبه الاقتصادى العالمى الدكتور محمد العريان، بطريقة علمية موجزة، لبيان منهج الإصلاح الاقتصادى فى هذه المرحلة الصعبة، واستراتيجية العمل المطلوب تنفيذه فورا، لكى تخرج مصر من أزمتها الاقتصادية المتفاقمة. وبالإضافة إلى ما كتبه د.العريان من «روشتة» مجانية لإنقاذ الاقتصاد المصرى من الانهيار التام، أعتقد، أيضا، أن مصر بها عدد كبير من الخبراء الاقتصاديين المخلصين، والقادرين على تحديد الخطوات الواجب اتباعها، لكى نخرج مما نحن فيه من أزمة اقتصادية مستحكمة، دون أن تتحمل الطبقات الفقيرة أكثر مما تتحمله فعلا من معاناة شديدة لتوفير ضرورات الحياة اليومية. لكن الحقيقية أن مشكلتنا الكبرى لا تتعلق فحسب، بالوضع الاقتصادى المتردى، وإنما تتعلق بالوضع السياسى المحتقن، كما نعانى من هذه الفُرقة (المؤلمة) بين أبناء الوطن، وهذه وتلك من آثار قرارات الرئيس مرسى الخاطئة، وبسبب التصرفات الحمقاء لجماعة الإخوان، وأتباعهم من السلفيين، فقد مارسوا العنف، بل والقتل والتعذيب فى الشوارع والمساجد، واعتدوا على مقرات الأحزاب السياسية، وروَّعوا المواطنين، وسحقوا القانون بقوة السلاح، وتحت حماية الرئيس وحكومته! ومن ثم فالقضية لا تتعلق بمعرفة خطوات الإصلاح الاقتصادى المطلوب اتباعها، ولكنها تتعلق بالعقلية التى تحكم البلد فى هذه المرحلة الخطيرة، فلا يمكن أن يتم أى إصلاح من أى نوع، بدون إرادة سياسية واعية، تتمتع برؤية شاملة لمواجهة أوضاعنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بطريقة علمية صحيحة. ولعل السؤال الآن هو: هل السياسة التى يتبعها نظام حكم الإخوان، والتى شاهدناها جميعا فى الشهور الماضية، يمكن أن تتغير تماما من النقيض إلى النقيض؟! فهل يمكنك مثلا أن تتصور أن الرئيس مرسى وجماعته، يستطيعون، بعد كل ما ارتكبوه من جرائم، لمَّ شمل الأمة؟! وهل سيتوقفون عن سعيهم الحثيث للاستحواذ وحدهم على جميع مقاعد السلطة؟! وهل سيستطيع الرئيس وأهله وعشيرته أن يحلوا المشكلة الحادة التى صنعوها مع السلطة القضائية؟! وهل ستواصل مؤسسة الرئاسة سياسة رفع القضايا على الصحف، والمحطات الفضائية، والإعلاميين، والكتّاب، وأصحاب الرأى؟! وإلى أى حد سيستمر الرئيس مرسى فى سعيه إلى تحجيم دور وسائل الإعلام الحر من خلال سياسة «التجانس والتكامل» التى يدعو إليها، كشكل جديد لإعادة الإعلام الموجه القديم؟! وهل سيوقع الرئيس مرسى، مرة أخرى، على قرار زيادة ضريبة المبيعات على نحو خمسين سلعة، فى هذا التوقيت الحرج؟! وهل سيحتمل شعبنا الكادح الزيادات الكبيرة فى أسعار السلع والخدمات نتيجة انخفاض قيمة الجنيه فى مقابل العملات الصعبة؟! إن المشكلة الاقتصادية وحدها، يمكن حلها باتباع الأسلوب العلمى، ونصائح الاقتصاديين الوطنيين المخلصين، أما مشكلتنا الكبرى فمع العقلية الاستبدادية الرافضة تماما للديمقراطية، وهذه العقلية لا يمكن أن تعيش على أرض المحروسة بعد ثورتنا العظيمة، فشعبنا الأبىُّ لن يسمح أبدا بوجود أى شكل من الديكتاتورية فى مصر.