صادقت لجنة الحقوق والحريات إحدى اللجان الست التي تعمل على مشاريع قوانين الدستور التونسي الجديد بأغلبية أعضائها على تجريم التطبيع مع إسرائيل وهو ما أثار ردود فعل غاضبة نتيجة احتمال عدول المجلس الوطني التأسيسي التونسي عن إصدار بندا صريحا يجرم التطبيع الإسرائيلي. ووفقا لما جاء على وكالة "سما" للأنباء الفلسطينية فقد صادقت لجنة الحقوق والحريات فى وقت سابق بأغلبية أعضائها على تجريم التطبيع في الدستور.
لكن بعد إحالة اللجنة لمشاريع قوانينها إلى هيئة الصياغة (التي تنسق المادة الدستورية) قدرت الأخيرة أن تحيل المادة إلى اللجنة التحضيرية للدستور، المكلفة بصياغة المبادئ العامة.
واحتجت المنظمات التونسية الداعمة للمقاومة العربية على ترحيل مشروع البند ال27، المجرم للتطبيع، إلى اللجنة التحضيرية خشية أن يقع التخلي عن هذا البند بالدستور.
ويقول رئيس الهيئة الوطنية لدعم المقاومة العربية أحمد الكحلاوي إن ترحيل "البند" إلى اللجنة التحضيرية فيه "تمييع" لمبدأ تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني.
وأكد أن تجريم التطبيع مع إسرائيل مطلب شعبي وهدف من أهداف الثورة لا يقل أهمية عن تأمين الوظائف، مطالبا الفاعلين السياسيين بأن يتحملوا مسؤوليتهم في ذلك.
وعبر عن خشيته من الاكتفاء بإشارة فضفاضة لدعم المقاومة الفلسطينية في مقدمة الدستور، كاشفا عن ضغوطات أجنبية على تونس للعدول عن تجريم التطبيع.
وكان عضو لجنة الحقوق والحريات النائب مراد العمدوني كشف أن أطرافا في يهود تونس-البالغ عددهم نحو 1500 يقيم أغلبهم بجزيرة جربة طالبت بعدم تمرير البند. وقال إن وفودا برلمانية أجنبية زارت المجلس التأسيسي وطالبت بالتخلّي عن إقرار البند المجرم للتطبيع مع إسرائيل.
وتتعرض تونس إلى "ابتزاز اقتصادي" من قبل الصهاينة وسفارات أجنبية ومؤسسات مالية دولية "لها شروط سياسية لتمكين تونس من قروض" وفق الكحلاوي.
وأقر الكحلاوي بأنّ إقرار مادة دستورية تجرم التطبيع ستكون له تكلفة على العلاقات السياسية والاقتصادية مع الغرب، محذرا من "التواطؤ" مع إسرائيل لأجل "حفنة" من الهبات والقروض.
وكانت تقارير إسرائيلية تحدثت عن مطالبة وزير خارجية أفيجدور ليبرمان من محافظ البنك المركزي الإسرائيلي التصويت ضد التعاون بين البنك الأوروبي وتونس بسبب البند المذكور.
وترى رئيسة لجنة الحقوق والحريات فريدة العبيدي أن تجريم التطبيع مع إسرائيل "لا جدال فيه" لكنها تقول إن هناك تقديرا بأن المسألة لا ترتقي إلى مستوى الدستور. وأوضحت للجزيرة نت أنّ تجريم التطبيع يمكن أن يُفرد بنص قانوني خاص.
ويقول مقرر الدستور حبيب خضر ل"الجزيرة نت" إن ترحيل المادة إلى اللجنة التحضيرية جاء بعد تقدير هيئة الصياغة والتنسيق بأنّ تجريم التطبيع ليس متصلا بلجنة الحقوق والحريات. وأشار إلى أنّ هيئة الصياغة والتنسيق لم تقرر شطب المادة بل إحالتها من لجنة إلى أخرى.
في المقابل، وجه نقدا لاذعا لرئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر، مشيرا إلى أنه وصف المطالبين بتجريم التطبيع مع إسرائيل "بأقلية متطرفة".
ويتهم البعض حركة النهضة، الحاصلة على أغلب مقاعد المجلس التأسيسي بالتخلّي عن مبدأ تجريم التطبيع، إلا أنّ الكحلاوي أشار إلى أنّها تبنت هذا المبدأ في مؤتمرها الأخير.
وتوعدت منظمات تونسية بتصعيد تحركاتها في الأيام المقبلة من أجل الضغط لتضمين الدستور الجديد بندا صريحا يجرّم التطبيع.
ويقول النائب عبد الرؤوف العيادي إنه من الضروري أن يقع التنصيص على تجريم العلاقة مع إسرائيل، مشيرا إلى أن النظام السابق كان متواطئا مع إسرائيل والموساد.
وطالب بالكشف عن أرشيف الزعيم الراحل ياسرعرفات بتونس وتفكيك علاقة النظام السابق مع إسرائيل لمعرفة مضمونها وهويات المتورطين فيها.
في هذا السياق، يؤكد الكحلاوي أن حجم التطبيع بين النظام السابق وإسرائيل كان كبيرا وشمل بعض العلاقات العامة والبرلمانية ومصالح رجال أعمال وأكاديميين وفنانين.
وذكر بأن بلحسن الطرابلسي صهر الرئيس المخلوع كان يدير خط طيران بين جزيرة جربة وتل أبيب لنقل اليهود في أوقات حجهم إلى معبد الغريبة وخارجه. مواد متعلقة: 1. إضراب المترو والحافلات العمومية يشل تونس 2. تونس تتكفل بنفقات حج أم "مفجر الثورة" 3. أهالي "مهد الثورة التونسية" يهددون بالإنتحار الجماعي