استنكر الروائي الدكتور يوسف زيدان تعامل العرب والمسلمون مع أزمة الفيلم المسئ للنبي صلّ الله عليه وسلم، فائلاً أن إيذاء النبي ممتد منذ عهد النبوة الأول، وبعثته الشريفة لكن أسلوب التعامل معه أشد رقياً وحضارة مما عليه الآن. جاء ذلك خلال صالونه الشهري الذي استضافته ساقية الصاوي أمس الأربعاء. وتابع قائلاً أن ما جرى في ليبيا من قتل السفير الأمريكي، وما حدث من مظاهرات في مصر بسبب الفيلم وأزمة الرسوم الفرنسية المسيئة التي كان صداها أشد في الدول الإسلامية بآسيا، هو جهل، وهذا الجهل هو سبب الاستخفاف بالمسلمين الذين مع الأسف يستحقون أن يستخف بهم.
وعرج زيدان تاريخياً على بداية إيذاء النبي الكريم محمد صلّ الله عليه وسلم وذلك منذ بداية نزول الوحي عليه، والبدء في إظهار شعائر الإسلام، وكأن أول إيذاء للنبي في تقدير زيدان حين أقام الصلاة في الكعبة فآذاه بعض المشركين إيذاء بيناً، حين أحضروا أمعاء ناقة أو شاه كانت تذبح ووضعوها بين كتفيه الشريفتين أثناء سجوده، ورفعته عنه ابنته فاطمة الزهراء رضي الله عنها.
لم يتوقف الإيذاء وتنوعت أشكاله كما يقول زيدان، حتى أن النبي الكريم تعرض للإيذاء من الأطفال في الطائف، ومن الكبار في مكة، ومن أقاربه فلا يجب على المسلمين الإندهاش حين يهاجم النبي لأن أثره في البشرية ليس ضئيلاً، وهو ذاته ليس بالشخص البسيط لذلك فهناك كثير ممن يهاجمه ويقف ضد دعوته، لافتاً إلى أنه قالوا عن المسيح وأمه ما يخجل ذكره فهل غير هذا في الإسلام او المسيحية شئ، بالطبع لا.
واستعجب الروائي الكبير من أن الإساءات المعاصرة تنتقد النبي في أمور غريبة، منها أنه يحب النساء لافتاً إلى أن النبي محمد صلّ الله عليه وسلم لم يتزوج بقدر ما تزوج أنبياء اليهود، فأين وجه الانتقاد إذاً، واكد ان الثورة ضد مثل هذا الفيلم هو نوع من عدم الفهم، لذلك فإيذاء المشركين للنبي في عهد النبوة لم يذكر مثل هذا الانتقاد لأن الزواج حينها كان أمراً معتاداً.
يواصل: لكن الكفار اتبعوا أساليب أخرى، فأنشدوا شعراً ضده، وألصقوا به صفات مثل أنه قاطع طريق، وساحر وغيره، لكن الله قالها صريحة في كتابه العزيز "إنا كفينا المستهزأين"، وهناك آيات لا حصر لها تحث على الإعراض عن الجاهلين.
واستدل زيدان بما فعله النبي مع كعب بن زهير بن أبي سلمى، المزني، حين ظهر الإسلام هجا النبي ، فأهدر النبي دمه فجاءه كعب مستأمناً وقد أسلم وأنشده لاميته المشهورة التي مطلعها: "بانت سعاد فقلبي اليوم متبول"، فعفا عنه النبي، وخلع عليه بردته، ولا أحد يتذكر الأبيات التي هجت النبي لكن قصيدته في مدح النبي بقيت إلى يومنا هذا، ومدح النبي في أبيات منها: "إِنَّ الرَسولَ لَنورٌ يُستَضاءُ بِهِ/ مُهَنَّدٌ مِن سُيوفِ اللَهِ مَسلولُ".
وأثناء الحملات الصليبية حدث نزاع عقائدي بين المسلمين والمسيحيين، شكك المسلمون في صلب المسيح، وشكك المسيحيون في صدق النبي محمد صلّ الله عليه وسلم، وحين وجد الإمام البوصيري الهجوم يشتد على النبي ألّف قصيدة أسماها "البردة"، ليلفت أنظار الناس إلى الطريقة التي يجب التعامل بها مع الهجوم على النبي.
في بدايات القرن العشرين – يتابع – وانتشار دعاوى الاستشراق والهجوم على النبي والإسلام، ألّف أحمد شوقي حسنها قصيدته "نهج البردة" جاء فيها: لقَّبتُموهُ أَمينَ القَومِ فيصِغَرٍ/ وَما الأَمينُ عَلى قَولٍ بِمُتَّهَم/ فاقَ البُدورَ وَفاقَ الأَنبِياءَ فَكَمْ/ بِالخُلقِ وَالخَلقِ مِن حُسنٍ وَمِنعِظَمِ/ جاءَ النبِيّونَ بِالآياتِ فَاِنصَرَمَتْ/ وَجِئتَنا بِحَكيمٍ غَيرِمُنصَرِمِ/ آياتُهُ كُلَّما طالَ المَدى جُدُدٌ/ يَزينُهُنَّ جَلالُ العِتقِ وَالقِدَمِ.
وفي ختام محاضرته لفت زيدان إلى أن التعامل مع الهجوم على النبي صلّ الله عليه وسلم قد ينتج عنه عنفاً كما حدث في ليبيا وقتل سفراء دخلوا بلادنا بعهود أمان، وقد ينتج عنه أدباً رقيقاً مؤثراً مثل القصائد الثلاث السالف ذكرهم. مواد متعلقة: 1. زيدان يصدر "السباعيات" ويتوقف عن الكتابة ل"المصري اليوم" 2. يوسف زيدان يشارك في مهرجان الأدب البريطاني 3. يوسف زيدان: مصر تعاني "غباء إداري" .. وبن لادن ليس منفذ هجمات سبتمبر