أ.ش.أ: كشفت مجلة "تايم" الأمريكية في معرض تعليقها على آخر تطورات الأزمة السورية الأسباب الرئيسية الكامنة وراء صمود نظام الرئيس السوري بشار الأسد وبقاءه في السلطة حتى الآن، وذلك على الرغم من مرور أكثر من عام ونصف على اندلاع الثورة في بلاده. ورأت المجلة الأمريكية - في سياق تقرير أوردته على موقعها الالكتروني أمس السبت - أن من أهم العوامل وراء استمرار الأزمة السورية هو انقسام المجتمع الدولي حول سبل تسوية النزاع الدائر في دمشق، ولاسيما عدم توصل الدول الداعمة للمعارضة السورية لإستراتيجية مشتركة، فضلا عن حالة الفوضى التي تعم صفوف المعارضة السورية، وانقسامها حول تأييد خيار التدخل العسكري الأجنبي فى البلاد.
وأشارت إلى انه على الرغم من احتدام الصراع بين طرفي النزاع في سوريا, وانجراف البلاد إلى حالة اقرب للحرب الأهلية في الوقت الراهن، إلا أن الأسد هو المستفيد الوحيد من كل هذه العوامل التي تحول دون الإطاحة به وتبقيه فى السلطة لأطول فترة ممكنة.
وقالت إن الاسد نجح سواء عن طريق المصادفة أو نتيجة تخطيط محكم لخلق حالة من الفوضى فى البلاد، فضلا عن تصدير هذه الفوضى للدول المجاورة لسوريا، وهذه الحالة التى قد تستمر لعدة سنوات تمكنه من التشبث بالسلطة.
وقالت مجلة "تايم" الأمريكية إن هناك أربعة أسباب رئيسية وراء صمود الأسد في السلطة حتى الآن، أولها أن سقوط الديكتاتوريين يبدأ عند تلاشي الخوف الذي زرعوه في قلوب شعوبهم ونزولهم إلى الشوارع للتنديد بحكمهم المستبد، وينتهي عند تخلي مؤيديهم الذين كانوا على استعداد لقتل هؤلاء المتظاهرين المعارضين لهم عنهم وهروبهم للنجاة بحياتهم، حيث يضطر "الديكتاتور الوحيد" وقتها إلى الهرب هو الآخر للنجاة بحياته هو وأسرته.
وأضافت المجلة أن الخوف زال من قلوب الشعب السوري في شهر مارس 2011 عند اندلاع الثورة، مشيرة إلى أنه بالرغم من موجة الانشقاقات التى حدثت بصفوف النظام السوري فإن قوات الأسد لا تزال أكثر تصميما على خوض غمار الحرب ضد المعارضة في البلاد.
وأوضحت أن الأسد لا يزال يحتفظ بولاء الطائفة العلوية التي تمثل أقلية في سوريا، فضلا عن دعم المسيحيين والدروز والأكراد ولاسيما العسكريين ورجال الأعمال والسياسيين السنة الذين يدينون بالولاء له.
وأشارت إلى ان صمود الأسد نابع من التفاف جميع ممثلي هذه الطوائف حوله، وذلك نظرا لإيمانهم بأن مصيرهم يرتبط بمصير الأسد نفسه، وخشيتهم - فى حال الإطاحة به - من التعرض للإقصاء أو القصاص منهم من جانب المعارضة.
وقالت مجلة "تايم" الأمريكية إن السبب الثاني وراء صمود الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة حتى الآن هو محاولة الأسد تصدير أزمة دمشق إلى البلاد المجاورة لسوريا، مشيرة إلى تصعيد المواجهات بين المعارضة التي تقاتل قوات الأسد في جنوب شرق البلاد، وذلك بدعم من العشائر السنية في غرب العراق التي لطالما عارضت الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة في بغداد.
وأضافت المجلة أن ذلك يأتي بالإضافة إلى الاشتباكات العنيفة التي حدثت بين أنصار المعارضة السورية من السنة وأنصار العلويين في لبنان والتى أسقطت عشرات القتلى على مدار الشهور القليلة الماضية، موضحة أن مثل هذه المواجهات قد تشعل فتيل الحرب الأهلية في لبنان من جديد.
ولفتت إلى قيام الأسد بتسليم المهام الأمنية فى بعض المدن الواقعة شمال شرق سوريا إلى الأكراد، مما يمثل كابوسا لتركيا التي تكافح التمرد الكردي الذي يهدد استقرارها، نظرا لقيام الأكراد التابعين لحزب العمل الكردستاني بشن هجمات على الأراضي التركية.
وأوضحت أن المشكلة الأكثر إلحاحا لدول الجوار السوري فى الوقت الراهن هي تزايد تدفق اللاجئين السوريين إليهم، مشيرة إلى تدفق اللاجئين إلى الحدود التركية والأردنية والعراقية بواقع آلاف الأشخاص يوميا، وهو ما يثقل كاهل هذه الدول التي تكافح من أجل إقامة مخيمات وتقديم مساعدات للشعب السوري الهارب من الصراع الدائر في بلاده .
واعتبرت مجلة "تايم" الأمريكية أن السبب الثالث وراء صمود الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة حتى الآن هو عدم قدرة المعارضة في بلاده على توحيد صفوفها، ولاسيما مع افتقارها لإستراتيجية واضحة.
وأوضحت المجلة أن المعارضة السورية تفتقر إلى وجود مظلة سياسية تمكنها من الوصول إلى قيادة البلاد، مشيرة إلى أن الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند دعا الأسبوع الماضي المعارضة السورية إلى تشكيل حكومة انتقالية تعترف بها القوى الغربية كقيادة شرعية لسوريا.
وأشارت إلى أن المعارضة قد تنجرف في أعمال انتقامية من الموالين للأسد في حالة الإطاحة بالنظام السوري، وذلك في ظل غياب قيادة سياسية لها، معيدة إلى الأذهان الأعمال الانتقامية التي ارتكبها الثوار الليبيون بحق الموالين للزعيم الليبي الراحل معمر القذافي عقب الإطاحة به.
ورأت المجلة الأمريكية أن السبب الرابع والأهم هو المنافسات الإقليمية والدولية من قبل القوى الدولية حول قيادة ملف التسوية السورية، مشيرة إلى عدم قدرة المجتمع الدولي على توحيد موقفه بشأن سوريا على الرغم من مرور أكثر من عام ونصف على الثورة السورية.
ولفتت إلى معارضة روسيا والصين، الحليفين الرئيسيين لسوريا، لجميع قرارات مجلس الأمن الدولي بشان تسوية الأزمة السورية والإطاحة بالأسد، وكذلك معارضة الولاياتالمتحدةالأمريكية لأي دور من جانب إيران لحل الأزمة السورية، بل واتهامها لها بتأجيج الحرب في سوريا بإرسالها قوات لقتل الثوار، فضلا عن فشل المبعوث الأممي السابق لسوريا كوفي أنان فى مهمته لتسوية الأزمة، معتبرة في ختام تقريرها أن سوريا أضحت ساحة ل"معركة جيوسياسية".