الحصار والحواجز والمنع من دخول الأماكن المقدسة تهدد 25 ألف فلسطينى بمدينة الخليل القديمة . وآثار الخليل بالمدينة القديمة تعانى المنع من الدخول أو الدراسة أو الحماية أو أى أعمال تنقيب علمى عن الآثار لاكتشاف الجديد فى وجود 400 مستوطن صهيونى بالمدينة يتحكمون ويمنعون كل شئ عن أصحاب الأرض الحقيقيين الفلسطينيين .
هؤلاء يبيحون الأرض للمحتل الصهيونى ومن هذا المنطلق كانت معاناة باحثة فلسطينية فى مجال الآثار الإسلامية فى منعها من الحق الطبيعى فى دراسة آثار بلدتها والعناية بها وترميمها وتطويرها .
ورغم ذلك تتحدى الدكتورة سارة محمد الشماس مدرس الآثار الإسلامية بجامعة الخليل، تتحدى الحصار بكل قوة شاهرة سلاح العلم فى وجه المحتل مستنطقة آثار فلسطين لتتحدث عن نفسها لتؤكد للمحتل الصهيونى أن التراث الفلسطينى هو أكبر شاهد على أن الدولة الصهيونية قامت على أساطير وأوهام . مدينة الأشباح
تشير الدكتورة الشماس إلى مدينة الخليل إبراهيم عليه السلام التى أصبحت مدينة الأشباح تقطعت أوصالها وقبع سكانها فى منازلهم بعد إغلاق 512 محل تجارى بواسطة سلطة الاحتلال وأصحاب المحال أنفسهم .
يجيء ذلك وسط انتشار البؤر الاستيطانية فى قلب الخليل القديمة التى تضم المسجد الإبراهيمى وتقسيم المدينة إلى ثلاث مناطق منطقة C تابعة للحكم العسكرى الصهيونى مما يسمى بالإدارة المدنية .
وهي تؤكد عدم وجود سيطرة فلسطينية على المدينة من الناحية الأمنية أو الإدارية ومنطقة A الخاضعة للسيطرة الفلسطينية تحت الحصار الصهيونى ومنطقة مشتركة والمناطق بأكملها بمدينة الخليل تتعرض للانتهاكات الصهيونية ليل نهار مما يهدد حياة سكانها وأرزاقهم ويهدد مقدساتها وآثارها
وتضيف د. سارة بأن أسواق البلدة القديمة في الخليل تعانى سياسة الاحتلال الإسرائيلى التى منعت التواصل مابين أسواق البلدة القديمة والأحياء الأخرى من خلال الإغلاقات والمضايقات على سكانها بهدف إفراغهم من البلدة القديمة لتتوسع البؤر الاستيطانية فيها .
كما تم منع أصحاب المتاجر من فتح حوانيتهم بعد الإغلاق ووضع الحواجز على مداخل الأسواق التى تعمل على تقطيع أوصال الخليل القديمة وتعيق التواصل الاجتماعى بين السكان
مضيفة أن الحركة التجارية أصبحت شبه معدومة فيها بحيث أن الزائر لأسواق المدينة القديمة يلاحظ الانخفاض فى حركة المواطنين والزائرين للبلدة القديمة وذلك بسبب سياسة الاحتلال الإسرائيلى بالتضييق لجعلهم يغادرون مساكنهم وحوانيتهم التجارية .
وتشيد الباحثة بدور محافظ الخليل كامل حميد والقائمين على المحافظة ودور لجنة إعمار الخليل الذين عملوا جاهدين على قلب هذه المعادلة والوقوف فى وجه الخطط الاستيطانية وتهويد التراث من خلال العمل الدءوب على إحياء البلدة القديمة وإعادة تأهيل الأسواق الرئيسية الخليل القديمة
تصف د. سارة مدينة الخليل القديمة بأن كل ما فيها يوحى بالسحر إلى درجة تجعل منها لوحة فنية أكثر منها مدينة للمعيشة ؛ بيوتها وشرفاتها الضيقة وحوانيتها المغمورة داخل ظلامها وروائح أسواقها المسقوفة تجعل لها نكهة خاصة تدخل بك لعالم الأساطير بين أريج عطورها
وتقول : كل قطعة في المدينة تحكى تاريخ قديم ممتد لهذه اللحظة رغم كل التخريب الذى شهدته فى ظل الاحتلال الإسرائيلى الذى حولها لمدينة أصابها الموت الإكلينيكى .
واشتهرت الخليل القديمة منذ مئات السنين بأسواقها البسيطة والتقليدية المغطاة التى تحجب شمس صيف الخليل الحارة وأمطار شتائها الغزيرة .
ومن الممتع التجول في هذه الأسواق التى تخصص كل منها بمنتج وصنعة معينة وتتميز أسواق الخليل القديمة بعمارتها الفريدة الحانية بظلمتها الندية من خلال سقوفها ذات الشكل المقنطر والمحدب والهرمى فى حين هدمت بعض الأسواق أثناء عملية هدم بعض المبانى القديمة لتوسيع الساحات حول المسجد الإبراهيمى عام 1964كسوق البازارالذى يقع في حارة القلعة المحاذية لجدار القلعة الغربى .
ويتكون سوق البازار من ساحة سماوية يلتف حولها الحوانيت المخصصة لبيع الحبوب ويحرص أصحاب الحوانيت بالبلدة القديمة على بيع التراثيات والشرقيات والمنتجات التقليدية التي تستهوي زوار الحرم الإبراهيمى .
وأجمل ما فى أسواق الخليل القديمة مبانيها المتكاملة المتصلة ببعضها البعض بحيث يتمكن المتجول من زيارتها كلها فى يوم واحد وتضم أيضا العديد من الأماكن التاريخية الهامة كالوكالات والخانات والجوامع والحمامات القديمة التى تحكى قصص التاريخ وبطولات الأجداد يرويها حكواتي البلدة القديمة وهى متعة المتسوق ووجود الاحتلال قضى على هذه المتعة وساهم فى اندثار الكثير من الحرف التقليدية أسواق الخليل
عن أسواق الخليل توضح سارة أن أشهرها سوق القزازين فهو قلب أسواق البلدة القديمة النابضة بالحياة حيث تحيط به البيوت والحارات ويمتد من ساحة عين عسكر مخترقة حارة القزازين حيث كان يصنع فيها الزجاج لما تنتجه من تحف زجاجية بطرق فنية وأشكال تقليدية متنوعة منها الفازات والأباريق أبدعته أيدى حرفييها من روائع زخرفيه وتوارثتها الأجيال .
وقد ظلت صناعة الزجاج التقليدية تحتل مكانها المرموق فى الصناعات التقليدية فى الخليل على الرغم من التطور الآلى الحديث للزجاج
ومن الأسواق سوق اللبن الذي يمتد من مفترق "مربعة السوق",حيث يلتقى سوق الخضار ,الإسكافية , المغاربة ويتجه جنوبا من الشارع المستقيم إلى حارة حوشية المحيطة بهذا السوق يتم فيه تسويق اللبن ومنتجاته على الطريقة التقليدية .
يلي ذلك سوق الإسكافية الذى يقع فى حارة العقابة يبدأ من "مربعة السوق" شرقا وهو عبارة عن سوقان القديم والحديث البناء الموازى للسوق القديم الذى عرف بسوق الإسكافية الجديد وخصص لتصنيع وبيع جميع منتجات الجلود "المصنوعات الجلدية " ,وقد تطورت هذه الحرفة لصناعة المقاطف والأحذية ومن الأسواق الشهيرة بالخليل القديمة سوق العطارين الذى يمتد من مفترق "مربعة السوق" حتى زاوية الأشراف حيث تتوفر فيه الحوانيت التى تقع على جانبى السوق وبها مستلزمات العطارة والبهارات والأعشاب الطبية وزيوت النبات والأصباغ والفواكه المجففة وقمر الدين وهى من الصناعات الخليلية الغذائية التى تصنع بشكل يدوى تهويد الأسواق
من الأسواق التجارية القديمة العريقة التى تعانى شبح التهويد وهى أسواق متلاصقة سوق خزق الفار الذى يؤدى لسوق الخضار الذى يتفرع منه أسواق وأزقة عديدة ومن قنطرة خزق الفار يبدأ سوق اللحامين الممتد باتجاه المسجد الإبراهيمى .
وقد انتشرت حوانيت الجزارين على جانبى السوق المخصص لبيع كافة أنواع اللحوم والأسماك والمجمدات .
ويقع إلى الشرق سوق الحصرية الذي اشتهر بالحوانيت التى تبيع الحصر المصنوعة يدويا من القش وأشجار النخيل لارتباطه بالتراث وامتازت هذه الصناعة التقليدية بالجودة العالمية والزخرفة الجميلة التى تستخدم لفرش أرضيات البيوت والبسط والمزاود التى تجهز فى جهاز العروس .
وهناك بيوت الشعر الذى اشتهر بصناعتها أهل البادية من شعر الحيونات وهناك سوق الزياتين لبيع الزيوت وبه معاصر تقليدية لاستخراج الزيت من الزيتون والسيرج من السمسم .
كما ذكرت الباحثة سوق الغزل الذى يقع مقابل مسجد ابن عثمان عند مدخل حارة العقابة بالقرب من زاوية المغاربة وتتم فيه حرفة الغزل والنسيج وقد اشتهرت الخليل بغزل القطن .
أما سوق الخواجات فيمتد فى المسافة القصيرة الواقعة مابين مفترق مدخل مسجد ابن عثمان وسوق الغزل وحارة العقابة وبين مفترق "مربعة السوق " البلدة القديمة حيث كان التجار يشغلون الحوانيت على جانبيه لعرض البضائع المستعملة