أرجع الكاتب الروائي السنغالي شيخ حميدو كان (82 عاما) استبعاد اسمه من الترشح لجائزة نوبل للآداب سنة 1986 ومنحها للنيجيري وول سوينكا إلى أسباب دينية كونه مسلما. ونقلت صحيفة "الوطن" السعودية عن حميدو قوله أن إشكاليته مع الغرب، وتحديدا فرنسا بدأت في الستينيات حين كتب أشهر رواياته "المغامرة الغامضة" التي تنتمي لمجموعة أعمال كتبها كتاب من العالم الثالث تبحث في مسألة الهوية ومفهوماتها. وقال حميدو: ما دفعني لكتابة هذه الرواية مابين عامي ( 1958 -1961 م) هو التنقيب عن سيرة الأسلاف عبر تلخيص سيرتي الذاتية منذ أن كنت في الكتاب إلى دخولي المدرسة الفرنسية الثانوية. هذا الكتاب دفع كثيرا من النقاد في الغرب لنقده، رغم أنه يدرس ضمن المنهج في كثير من الجامعات الإفريقية المهتمة باللغة الفرنسية وكذلك الجامعات الفرنسية والألمانية والإنجليزية. وحول مقارنة المغربي عبد الله العروي بينه وبين طه حسين وذهابه إلى أن حميدو كان ظهر أكثر نقدا للحضارة الغربية، وأكثر حرية في التعبير عن أفكاره، قال: حسين لم يتعامل مع الفرنسيين ولم يدمروا ثقافته وحضارته من جهة، ومن جهة ثانية الفرنسيون كانوا يعترفون ولو بشكل ضئيل بالثقافة المصرية لكنهم لم يعترفوا بالثقافة الإفريقية لذلك كنت أعنف من طه حسين. وأضاف حميدو: الفرنسيون والغرب بشكل عام في سنوات ظهور الرواية كانوا لا يجدون مفرا من الاعتراف بالثقافة العربية المصرية، لأنهم أخذوا منهم الكثير، وسرقوا منهم واعترفوا بحضارتهم، أما في إفريقيا جنوب الصحراء فحدث العكس، المستعمرون لم يحاولوا أن يفهموا الثقافة، هذا هو سبب نقدي. وكوني مسلما عطل كثيرا من مشاريعي، فالفرنسيون حين أنجزت كتابي لم يقدروه ، بل فوجئوا بأن ينتقدهم كاتب سنغالي بهذه القوة، وغضبوا ثانيا لكوني مسلما. وإذا كان عدد من النقاد يتهمون الأفارقة أنفسهم بأنهم لم يظهروا ثقافتهم وحضارتهم ويقدموها للآخر، قال حميدو أن عدم الدفاع عن الثقافة الإفريقية له سببان الأول تاريخي، والآخر بنيوي يتمثل في كون الثقافة الإفريقية شفهية غير مكتوبة، وهذا لا يعني عدم وجود ثقافة، فالإفريقي يعرف كيف يتعامل مع أهله وأبنائه وله قيمه ومبادئه وموروثه، لكن بما أنها ثقافة وحضارة غير مكتوبة، لا يستطيع الآخر أن يعرف هذه الثقافة، وأحسن حل لتجاوز هذه المسألة هو عودة الأفارقة إلى أنفسهم ومحاولة كتابة تاريخهم. على نحو ما فعل احمد بمبا، وهناك شئ كتب عن الثقافة الإفريقية، في السنغال خصوصا أنه كتب باللغة العربية، لأن العربية كانت هي السائدة قبل دخول المستعمر، والحل هو ترجمة تلك الكتب ومحو الحاجز اللغوي. أما السبب التاريخي في غياب الثقافة الإفريقية عن المسرح العالمي، فيرجعه حميدو إلى مسألة العبودية فالغرب وشعوب أخرى جاءوا إلى إفريقيا واخذوا الناس، هذه الحادثة المرعبة تسببت في غياب الحضارة الإفريقية، لأن الآخر لا يهتم بحضارتك، ثم جاءت مشكلة الاستعمار. نحن الآن في زمن الحرية إذن يجب على ا لمستعرب والمتفرنس الإفريقي أن يهتم بجمع الثقافة الإفريقية. وفي هذا السياق كشف حميدو عن مشروع ضخم يشتغل عليه يتمثل في كتاب عن الثقافة الإفريقية منذ 1236 تاريخ بداية إمبراطورية مالي يتضمن العلوم والمعارف وأنماط الحياة وسيعرض في مهرجان كبير للفنون والثقافة الإفريقية سيقام في السنغال. يشارك فيه أدباء وفنانون من كل القارة.