استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم 24 مايو 2024    عاجل| جيش الاحتلال يكشف عدد ضحاياه في الحرب على غزة (رقم كبير)    الصين تتهم تايوان بدفع الجزيرة نحو الحرب    غارات إسرائيلية تستهدف عددا من المناطق جنوب لبنان    ندالا يبشر الأهلي قبل مواجهة الترجي في إياب نهائي دوري أبطال إفريقيا    أنشيلوتي يتحدث عن.. اعتزال كروس.. مشاركة مبابي في الأولمبياد.. وموقف تشواميني من نهائي الأبطال    محمد عادل: فرصة مصر قوية للتأهل لكأس العالم لكرة القدم للساق الواحدة    غدا.. 27 ألف و779 طالبا وطالبة يؤدون امتحانات الدبلومات الفنية ببني سويف    سياحة ومصايف الإسكندرية: نسب اشغال الشواطئ مرتفعة ورفع الرايا الحمراء في غرب    منتظرون بشغف: كل ما تريد معرفته عن موعد وقفة عيد الأضحى 2024    تعرف على موعد ومكان عزاء شقيق الفنان مدحت صالح    عائشة بن أحمد تكشف سبب هروبها من الزواج    صحة دمياط تنظم قافلة حياة كريمة في قرية أبو عدوي    تحرير 21 ألف مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    مدير جمعية الإغاثة الطبية بغزة: لا توجد مستشفيات تعمل فى شمال القطاع    حصاد البرلمان | إصدار قانون إدارة وتشغيل وتطوير المنشآت الصحية.. الأبرز    الاحتفال باليوم العالمي لارتفاع ضغط الدم بطب عين شمس    قائمة أسعار الأجهزة الكهربائية في مصر 2024 (تفاصيل)    وزير الري: إفريقيا قدمت رؤية مشتركة لتحقيق مستقبل آمن للمياه    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من ميت سلسيل بالدقهلية    وزارة الداخلية تواصل فعاليات مبادرة "كلنا واحد.. معك في كل مكان" وتوجه قافلة إنسانية وطبية بجنوب سيناء    ضبط شخص بأسيوط لتزويره الشهادات الجامعية وترويجها عبر فيسبوك    الشرطة الإسبانية تعلن جنسيات ضحايا حادث انهيار مبنى في مايوركا    لمدة 4 ساعات.. قطع المياه عن منطقة هضبة الأهرام مساء اليوم    راشد: تصدر جنوب الجيزة والدقي وأوسيم ومديرية الطرق إنجاز المشروعات بنسبة 100%    هشام ماجد يكشف عن مفاجأة بشأن مسلسل "اللعبة"    الإفتاء: الترجي والحلف بالنبي وآل البيت والكعبة جائز شرعًا في هذه الحالة    «التنمية الصناعية»: طرح خدمات الهيئة «أونلاين» للمستثمرين على البوابة الإلكترونية    "طرد للاعب فيوتشر".. حكم دولي يحسم الجدل بشأن عدم احتساب ركلة جزاء للزمالك    تعشق البطيخ؟- احذر تناوله في هذا الوقت    نقيب المحامين الفلسطينيين: قرار محكمة العدل ملزم لكن الفيتو الأمريكي يمكنه عرقلة تنفيذه    السيدة زينب.. هل دفنت في مصر؟    في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا (4)    وزارة الثقافة تحتفي بأعمال حلمي بكر ومحمد رشدي بحفل ضخم (تفاصيل)    15 دقيقة لوسائل الإعلام بمران الأهلى اليوم باستاد القاهرة قبل نهائى أفريقيا    أبرزها التشكيك في الأديان.. «الأزهر العالمي للفلك» و«الثقافي القبطي» يناقشان مجموعة من القضايا    واشنطن تدرس تعيين مسئول أمريكى للإشراف على قوة فلسطينية فى غزة بعد الحرب    ظهرت الآن.. رابط بوابة التعليم الأساسي للحصول على نتيجة الفصل الدراسي الثاني 2024    4 أفلام تتنافس على جوائز الدورة 50 لمهرجان جمعية الفيلم    الإسلام الحضاري    الأكاديمية العسكرية المصرية تنظم زيارة لطلبة الكلية البحرية لمستشفى أهل مصر لعلاج الحروق    جوميز يخطر لاعبي الزمالك بهذا القرار بعد التعادل مع فيوتشر    وزير العمل يشهد تسليم الدفعة الثانية من «الرخص الدائمة» لمراكز التدريب    مجلس أمناء جامعة الإسكندرية يوجه بضرورة الاستخدام الأمثل لموازنة الجامعة    رئيس الأركان يتفقد أحد الأنشطة التدريبية بالقوات البحرية    الإسكان: تشغيل 50 كم من مشروع ازدواج طريق «سيوة / مطروح» بطول 300 كم    أخبار الأهلي : دفعة ثلاثية لكولر قبل مواجهة الترجي بالنهائي الأفريقي    سول تفرض عقوبات ضد 7 أفراد من كوريا الشمالية وسفينتين روسيتين    17 رسالة من «التربية والتعليم» لطمأنة الطلاب    بوتين يوقع قرارا يسمح بمصادرة الأصول الأمريكية    «الحج بين كمال الايمان وعظمة التيسير» موضوع خطبة الجمعة بمساجد شمال سيناء    الصحة العالمية: شركات التبغ تستهدف جيلا جديدا بهذه الحيل    حظك اليوم برج العقرب 24_5_2024 مهنيا وعاطفيا..تصل لمناصب عليا    مقتل مُدرس على يد زوج إحدى طالباته بالمنوفية    مدرب الزمالك السابق.. يكشف نقاط القوة والضعف لدى الأهلي والترجي التونسي قبل نهائي دوري أبطال إفريقيا    التموين تعلن التعاقد علي 20 ألف رأس ماشية    شخص يحلف بالله كذبًا للنجاة من مصيبة.. فما حكم الشرع؟    نقيب الصحفيين يكشف تفاصيل لقائه برئيس الوزراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات الثورة لسعد القرش تكشف رجال النفاق في زمن مبارك
نشر في محيط يوم 16 - 05 - 2012

• أنيس منصور قال أنه شاهد حزب الله في ميدان التحرير
• مبارك وضع صورته مكان الشاذلي مخطط حرب أكتوبر
• قائمة بالفنانين والمشايخ والصحفيين الذين نافقوا النظام السابق
كتبت – شيماء عيسى
في مستهل كتابه "الثورة الآن" ، يشبه الكاتب الصحفي سعد القرش مصر في نهاية عام 2010 أي قبل اندلاع ثورة 25 يناير بحالها نهاية القرن التاسع عشر، حيث الفتوات أذرع تستعين بهم الحكومة، حين تعجز أجهزة الدولة.
يروي القرش أنه كان بصدد التجهيز لكتاب يرسله لمبارك شخصيا قبل رحيله عن الحكم يحمل اسم "كلام للرئيس .. قبل الوداع" ، ولم يكن يعلم وقتها بأن ثورة ستقوم أو ستؤدي لخلع مبارك، ولكن صحة الرجل كانت معتلة وربما ذلك ما دفعه لأن يفكر في تذكيره بوعوده للمصريين . في بداية حكم مبارك استبشر الجميع بالرئيس الذي قال بحسم : " لن أرحم أحدا يمد يده إلى المال العام، حتى لو كان أقرب الأقرباء، إنني لا أحب المناصب ولا أقبل الشللية، وأكره الظلم ولا أقبل أن يظلم أحد، وأكره استغلال علاقات النسب" ( صحيفة مايو 18-10 – 1981) ، لكن ومع مرور الوقت أصبح خير مصر يباع بخسا ، وقد وزع للسلطان والأغنياء والجيش ، ولم يحظ المواطن البسيط بأي شيء .. كتب سعد القرش برسالته لمبارك كيف تدهورت الزراعة والصناعة والتعليم والصحة ، وكيف أصبح الأمن مقيدا لأي حياة طبيعية على سطح مصر ، وقد تحولنا لألعوبة بيد نجله جمال ، تماما كما جرى في العراق في عصر صدام حسين ونجليه عدي وقصي..
ويتذكر القرش كيف كان مبارك يبيح التزوير في التاريخ لتمجيد ذاته، فقد استبدل صورة البطل اللواء سعد الدين الشاذلي قائد الأركان والتي يشير فيها لخطة عمليات الهجوم في حرب أكتوبر بصحبة الرئيس السادات ووزير الدفاع أحمد اسماعيل ورئيس هيئة العمليات عبدالغني الجمسي ، ووضع صورته . كما سخر مبارك من فيلم يصور بطولات الدفاع الجوي في حرب أكتوبر وقائدها الفريق أحمد فهمي، وفهمت سخريته بالطبع بشكل لا يسمح بعرض الفيلم لأن مبارك لابد أن يظهر أمام الجمهور صاحب الضربة الجوية التي أنجزت حرب أكتوبر لصالحنا .
كتّاب السلطان
كانت عضوية لجان سياسات الحزب الوطني هي الحصانة المانعة لأعضائها وتجعلهم فوق أي قانون . وتضم اللجنة الثقافية بالحزب الوطني المنحل أسماء بينها "السيد يسين وفوزي فهمي وجابر عصفور وعماد أبوغازي ومحمد الصاوي ويوسف القعيد والناشر إبراهيم المعلم " كلهم ربطتهم اجتماعات بالوريث الجديد ، أو السيد جمال مبارك . الغريبة أن الثورة بعدما تنجح سيعلن جابر عصفور في صحيفة "الأهرام" ما أسماه "كوارث الحزب الوطني" ورئيسه مبارك ، والذي أفسد الحياة السياسية باحتكار السلطة وتزوير الانتخابات وتشجيع تحالف السلطة ورأس المال !! وهذا العصفور سيلهث فيما بعد حتى يصبح وزير ثقافة في حكومة أحمد شفيق التي عينها مبارك قبل خلعه .. في تحد بالغ لدماء الشهداء .
ويتعجب القرش مؤلف الكتاب من هؤلاء الكتاب الذين يدعون الثورية اليوم ويلعنون زمن مبارك بينما هم من سارع لمقابلة مبارك بعد وعكته الصحية الأخيرة، وخرج كل منهم يمجد في شخصه وفكره وحكمته على صفحات الجرائد الحكومية ، ومن بين هؤلاء فوزي فهمي وصلاح عيسى ويوسف القعيد ومحمد سلماوي وعائشة أبوالنور والسيد يسين وأنيس منصور وسامية الساعاتي وأحمد عبدالمعطي حجازي وجابر عصفور وخيري شلبي وجمال الغيطاني . .
من بين المنافقين الذين رسم الكتاب ملامحهم بقوة أنيس منصور، وهو الذي اتهم الثوار بالخيانة في باديء الثورة، ثم إذا به يشيد بالثورة بعد نجاحها ويؤكد أنها لا مثيل لها في التاريخ وأشاد العالم بسلميتها . ثم واتته الشجاعة وقال للرئيس ، بعد أن تأكد له أنه ميت إكلينيكيا، أن المليارات التي تملأ جيبه هي من قوت الشعب ولن تنفعه شيئا "صحيفة الشرق الأوسط 29-3-2011 " بل وأكد بمقال تال شهادته على أن الضربة الجوية كانت مجرد وهم ، وأنها طلعة عادية للطائرات لم تؤد لنصر أكتوبر، وأن صاحبها ليس إلا سارق لقيادة مصر بلا أدنى مؤهلات !.
أما جمال الغيطاني فقد كتب بعد لقائه بمبارك " لقد جنبت خصاله القيادية مصر الكثير من المخاطر في ظروف عالمية ومحلية مضطربة" ، ثم بعد نجاح الثورة في خلع مبارك يقول الغيطاني بإحدى الندوات : " إن نظام مبارك أسوأ نظام مر على مصر .. حتى من الاحتلال الأجنبي " مؤكدا أن خطابات مبارك تؤكد الاستخفاف بهموم المصريين والسخرية منها !.
ويقارن القرش بين حالة مصر مبارك وليبيا القذافي، ويأسف لأن كياناتنا الثقافية صارت منافقة لدرجة بائسة، فاتحاد كتاب العرب برئاسة محمد سلماوي يمنح القذافي درعه بصفته "أديبا عظيما" ، وهو الذي لم يضع سوى قصص قليلة تافهة للغاية، وكلهم يعلمون أن يديه ملوثة بالدماء. وفي الوقت الذي قبل فيه عصفور جائزة القذافي للأدب، قال الأديب العالمي خوان جويتسولو أنه لا يمكنه قبول جائزة ديكتاتور.
رجال مبارك
تعرض القرش في كتابه لعدد من رجال مبارك البارزين للتدليل على فساد حكمه، وبينهم أنس الفقي وزير الإعلام الذي ترقى من مندوب مبيعات لرئاسة قصور الثقافة وهيئة الكتاب وكان يتعمد تذليل ماسبيرو لخدمة بيت الرئيس .
وتحدث أيضا عن أسامة الباز والذي درب مبارك كي يصبح رئيسا وأصبح من أقرب مستشاريه السياسيين ثم درب نجله ليتولى مكان أبيه ، وكان جمال مع ذلك يفخر بأن يناديه يا "أسامة" على الملأ بلا ألقاب .
ومن بين هؤلاء أيضا الدكتور مصطفى الفقي، والذي حاول أن يرسم لنفسه صورة الدبلوماسي المحايد النزيه، ولكنه فشل حيث كان يصرح أن ولاءه لأسرة مبارك وكان معروفا بدعمه لأمانة السياسات بالحزب الوطني الحاكم .
وتطرق المؤلف سعد القرش للجنة الحكماء التي ظهرت قبل خلع مبارك والتي راحت تتحدث بلا أي تفويض نيابة عن ميدان الثورة وتلتقي بعمر سليمان نائب الرئيس المخلوع ، وخص من أعضائها نجيب ساويرس الذي صرح بأنه لم ينزل لميدان التحرير وان غالبية الشعب المصري يرفضون مطلب رحيل مبارك من السلطة .
آلة الكذب
معظم صفحات الكتاب تجسد عملية النفاق في أسوأ أشكالها التي مارستها الصحف القومية وعدد كبير من الأسماء اللامعة بالكتابة الصحفية ، والذين هللوا للنظام الفاسد ثم صبوا فوقه اللعنات بعدما سقط ، وكأنهم يتحدثون لشعب بلا ذاكرة . وبينهم "حسين عبدالغني" الذي طلب منه جمال مبارك أن يرد على الصحفيين الذين ينتقدونه ، والكاتب أنور الهواري الذي كرس قلمه لتأكيد مؤهلات جمال مبارك لقيادة مصر لبر الأمان .
وفي صحيفة الأهرام يكتب القرش عن أسامة سرايا رئيس التحرير وإبداعاته في مدح مبارك، ففي عيد ميلاده 2008 أفرد صدر الصفحة الأولى لصورة للرئيس تحتها "يوم أن ولدت مصر من جديد" ، أو من ينس ممتاز القط محرر مجلس الوزراء الذي صار فجأة رئيسا لتحرير صحيفة "الأخبار" فظل شغله الشاغل التسبيح بحمد مبارك .
ضمن مسلسل النفاق هناك "علي هاشم" رئيس مجلس إدارة "دار التحرير" الذي اقترح بعد الثورة إعداد كتاب وثائقي لكل من نافق مبارك، ونسى أنه أحدهم، فهو من كتب في أواخر 2010 عقب تزوير الانتخابات لصالح الحزب الحاكم ، كتب يقول : " رسم مبارك زعيم الحزب ملامح البرنامج بعناية المستقبل .. ليت أحزاب المعارضة التي ملأت الدنيا ضجيجا تلتفت للمنهج المنظم للحزب الوطني " .
ويعدد الكاتب أسماء كثيرة لمن باعوا ميدان الثورة ولم يعودوا إليه إلا بعد رحيل مبارك، ومنهم أحمد مجاهد بقصور الثقافة ومجدي الدقاق بمجلة أكتوبر وطارق حسن بالأهرام المسائي . وفي التليفزيون فحدث ولا حرج ويكفي مثلا بقناة المحور لصاحبها حسن راتب ، التي اشتهر من خلالها سيد علي وهناء السمري ، يقولان بالفم المليان أن ميدان التحرير يضم عناصر حماس وليس الثوار المصريين . وقد استعانا بأدلة بشرية تؤكد تلقيها تدريبات على قلب نظام الحكم في الدوحة وأمريكا . ونفس الشيء فعله خيري رمضان بينما قاد عبداللطيف المناوي رئيس قطاع الأخبار ماكينة كذب أكثر خطرا.
وعاظ السلطان
في كتابه ، ينتقد القرش الأحزاب التي تدعي الثورية اليوم وهي أول من عارض الثورة وهاجمها حين انطلق بها الشباب، ومن هذه الأحزاب : الوفد والتجمع والعربي الناصري وجماعة الإخوان المسلمين، ويشترك في ذلك قادة الجماعات السلفية وبينهم الداعية أبواسحق الحويني ومحمد حسان ، فقد اعتبر الأول أن المظاهرات ظاهرة سلبية وتهريج، وبينهم أيضا خالد الجندي صاحب فضائية "أزهري" الذي قال للثوار بعد 25 يناير "ماذا تريدون من هذا الوطن ؟" وقال في حديثه لمحمود سعد الإعلامي ، "زعيمي الوحيد هو حسني مبارك" ، ثم التقى بمذيعين من نوعية عمرو أديب زوج لميس الحديدي مسئولة حملة الدعاية لمبارك بانتخابات الرئاسة 2005 ورولا خرسا زوجة رئيس قطاع الأخبار عبداللطيف المناوي، وقال لهم تعقيبا على كلام مرتضى منصور المحامي الشهير بخصوص موقعة الجمل والتي رأى أنها تمثل بيعا لمصر في ميدان التحرير، بأن كلامه جميل وأن من هناك ليسوا مصريين جميعا وبينهم عرب .
أما من يسميهم مؤلف الكتاب ب"وعاظ السلطان" فقال عنهم سعد القرش أن بينهم المفتي الذي قال عن الثورة أنها "فتنة لا يرضى عنها الرب" فيما تطوع الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر وعضو لجنة السياسات بالحزب الوطني بفتوى تحرم التظاهر ضد مبارك . وبسخرية يقول المؤلف : "ظهرت الوحدة الوطنية في موقف الكنيسة المصرية والأزهر ، فقد اتفقا على تحريم التظاهرات" .
يوميات الثورة
ترك سعد القرش عمله الصحفي بالأهرام وتفرغ للثورة حتى تنحى مبارك عن الحكم . راقب ليلة 25 يناير استعدادات الشرطة المهولة لمجابهة المتظاهرين ، وكيف هتف الشباب في الصباح ضد مبارك ونجله ووزير داخليته ومجلس الشعب المزور .. كانت هناك ملحمة من الهتاف المتواصل ضد الفساد تشارك فيها مدن مصرية وأشهرها السويس والمحلة الكبرى والإسكندرية والإسماعيلية والعريش والمنصورة.
بالطبع كانت الصحف القومية وكافة وسائل الإعلام تصف المظاهرات بأنها محاولة لزعزعة الاستقرار ونشر الفوضى والتخريب، وأن عناصر "المحظورة" أي جماعة الإخوان تقف وراءها ، لكن مع الوقت تغيرت النبرة وأصبحوا جميعا متفقين على أن هناك أيدي أجنبية ( إيران وحزب الله وحماس بالخصوص) تقف وراء مطالب إسقاط النظام.
كان الثوار في الميدان لا يهمهم ماكينة الكذب الإعلامية، ويواصلون كفاحهم والأهالي يلقون إليهم بزجاجات المياه والخل لحمايتهم من قنابل الغاز . يتذكر الكاتب : كانت الرصاصات تنطلق في كل مكان صوب المتظاهرين بينما تهرب مدرعات الشرطة في لمح البصر وتعود لتظهر من جديد . وكان البلطجية محتشدون أيضا في المشهد بكافة أسلحتهم يكملون مهمة "القتلة الرسميين" . وكان انقطاع شبكات المحمول مصيبة منى بها الثوار، فهم لا يعرفون ما يدور إلا أمامهم فقط ولا يطمئنون على زملائهم وإن سقط شهيد فلن تسعفه سيارة إسعاف .
وخلال يومياته يصف القرش عمليات تأمين المتحف المصري من السرقة وحرق الحزب الوطني بالقاهرة وهتافات الجماهير "الجيش والشعب إيد واحدة " التي كانت تلطف النفوس ، في هذا التوقيت، كان الجيش فعلا يحمي الثورة ،فيكفي رؤية مدرعاته بالشوارع المحيطة بالميدان ليشعر المتظاهرون بالإطمئنان .
. في اليوم التالي استيقظ الناس على خبر مفزع وهو اختفاء الشرطة وفتح السجون ، وكأنه مخطط متكامل لمعاقبة المصريين على ثورتهم .. بالطبع انطلقت آلة الإعلام تحذر الناس من نزول الميادين لأن بيوتهم وشوارعهم ستكون معرضة لهجمات البلطجية .
رغم ذلك لم يأبه الناس للخوف الغريزي لا من الموت ولا من أرباب السجون، شكلوا لجانا شعبية لحماية بيوتهم، ونزلوا أيضا للميدان وهتفوا "ارحل يا مبارك .. تل أبيب في انتظارك" وقد زين ميدان التحرير بصور الشهداء المخضبة ملابسهم بالدماء .
كانت استجابات نظام مبارك بطيئة كعادتها، فقد عين نائبه رئيس المخابرات السابق عمر سليمان، وجعل تلميذه وزير الطيران أحمد شفيق رئيسا للوزراء ، ولكن الشارع لم يكن يريد كل هذه الأفعال المسرحية وكان فقط يريد سماع عبارة "فهمتكم" التي سبقت هروب بن علي من تونس . ونفس الفهم البطيء قاد مبارك لتغيير قيادات الحزب الوطني وإقالتهم بما فيهم نجله وتعيين حسام بدراوي أمينا للحزب الذي سيحمل راية التغيير الكاذب !
كان ميدان التحرير يشبه الأرض التي يتطهر كل من دخلها، فلا سرقة ولا تحرش ولا شيء سوى المجاهدة لإزاحة الفساد .. وكانت تتخلل ساعات النهار أوقات كثيرة للمرح فهناك منصات تبث الأغاني الوطنية وهناك يافطات ورسوم تشكيلية تحمل عبارات ساخرة ومنها ما يخاطب مبارك : "لو كان عفريت كان انصرف" ، و"الرجل الغامض بسلامته .. مكسوف م الطيارة" أو "المنوفية تعتذر للشعب المصري" ، وبعضها حمل العبارات الحكيمة كبيت ابن عروس "ولابد من يوم محتوم تترد فيه المظالم أبيض على كل مظلوم أسود على كل ظالم".
ويسترجع كتاب القرش عددا من التواريخ الهامة من بينها يوم 26 – 5- 2011 حين نشرت الصحف تصريح عمر سليمان بأن مبارك قتل الثوار وأنه لم يأمر أبدا بوقف إطلاق الرصاص على الثوار، وأنه كان يعلم من وزير داخليته كل لحظة بأعداد الشهداء في الميادين حتى الأطفال منهم . ومن بين هذه التواريخ في 7 - 7 - 2011 حين أحال المستشار محمد السبروت قاضي التحقيقات في موقعة الجمل 25 متهما إلى محكمة الجنايات ، بتهمة الشروع في قتل المتظاهرين سلميا، وبينهم فتحي سرور وصفوت الشريف وعضو البرلمان المنحل محمد أبوالعينين ورجل الأعمال إبراهيم كامل وحسين مجاور رئيس اتحاد العمال والوزيرة عائشة عبدالهادي – والتي قالت للزميلة الصحفية آمال عويضة بعد تجييش العمال لمناصرة مبارك محملين بالأسلحة – إن الذين في الميدان يستحقون القتل !
وقفات
.. في جنازة الشهيد أحمد محمود هتف الصحفيون ضد النقيب مكرم محمد أحمد ووضعوا قائمة سوداء بالصحفيين الذين تلوثوا بالكذب والفنانين ولاعبي الكرة . ومن بين هؤلاء لاعبا الكرة حسام وإبراهيم حسن الذين طالبا بمنع الطعام عن المعتصمين بالميادين ضد مبارك . وبين الفنانين عادل إمام وسماح أنور ويسرا وحسن يوسف والأخير كان أول من أكد وجود عناصر إيرانية بالميدان وأن وجبات كنتاكي توزع عليهم . والملحن عمرو مصطفى واشرف زكي وماجدة زكي والتي وقفت بميدان مصطفى محمود تهتف بجوار أخيها : يا جمال قل لأبوك المصريون بيحبوك . وتامر حسني ونهال عنبر والهام شاهين ومي كساب وغادة عبدالرازق وايهاب توفيق ونادية الجندي ودلال عبدالعزيز التي شبهت الثوار بالمخنثين .
.. مبارك قبل خلعه اتصل بالوزير الإسرائيلي بن اليعاذر والذي صرح بتفاصيل المهاتفة للتليفزيون الإسرائيلي مؤكدا أن مبارك حذر من عدم تفهم الثوار لمعنى الديمقراطية وأنهم مقبلون على دولة تشبه حماس أو إيران حيث سيصعد الإسلاميون المتشددون ، وبأسف بالغ قال بن اليعاذر أن مبارك رفض عرض اللجوء السياسي لإسرائيل وأكد أنه كان صديقا عزيزا لديهم .
.. بعد جمعة الرحيل 11 فبراير كان الجميع يتبادل التهنئة لخلع مبارك .. وضج الميدان بالفرح وكل شوارع مصر ما بين نفير سيارات وغناء للصبح وزغاريد ، فيما أشاد زعماء العالم بالثورة المصرية ووصفوا شعبها بأنه أعظم شعوب الارض وبينهم رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرن الذي قال يجب أن ندرس الثورة المصرية في المدارس ، ورئيس النمسا الذي قال أن شعب مصر أعظم شعوب الأرض وأوباما الرئيس الأمريكي الذي أبدى انبهاره بما فعله المصريون .. فيما قال برلسكوني رئيس وزراء إيطاليا "صنع المصريون التاريخ كالعادة .." .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.