السيد المشير أكد مراراً أن رئيس مصر المقبل سينتخبه الشعب بإرادته الحرة، والجيش سيسلم السلطة إليه، ويحمي الشرعية، ورفض كافة العروض التي قدمت إليه، وقدمت إلي أبرز أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة البطل للترشح علي موقع رئيس الجمهورية، وأكد احترام الجيش لثورة الشعب، ولما يحمله من أمانة.. وعلي الرغم من تأكيداته المتواصلة علي تلك الخيارات، إلا أن قوي سياسية وعناصر نحسبها غير سوية وتحتاج للعلاج النفسي تصر علي أن الجيش يطمع في السلطة، ويخطط للاحتفاظ بها وإجهاض الثورة. وعلي أصحاب هذا الإفك المبين أن يعلموا جيداً، أن غالبية أبناء شعب مصر ضاقت بهم زرعا ً وباتت لا تريدهم ولا تريد أن يصلوا للحكم، فلقد نجحوا من خلال رغبتهم الشديدة في الاستحواذ علي السلطة وطمعهم فيها، وبعد أن فهموا نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة للأسف خطأ، نجحوا بسياساتهم وسلوكياتهم أن يجعلوا غالبية أبناء مصر تكرههم بسرعة الصاروخ، كما منحتهم تلك الأغلبية من قبل أصواتها بنفس السرعة تقريباً،بعد أن توسمت فيهم خيراً لطرحهم الديني، وعلي أمل أن يكونوا بديلاً مناسباً لنظام مبارك الفاسد، إلا أن الجماهير التي منحتهم أصواتها خاب ظنها.. بل وإننا هنا نزعم أن القوات المسلحة لو أعلنت الاستمرار في السلطة لبعض الوقت حتى يجري ترتيب بعض الأمور الحتمية، فإنها ستحظي بتأييد شعبي كاسح، ولو رشحت أحداً من قادتها لفاز في ظل انتخابات حرة باكتساح.
وعلي الرغم من "الإرتيكاريا" التي تصيب البعض من طرح ترشيح عسكري للرئاسة، فمن من جهتنا لا نري عيبا أن ترشح المؤسسة العسكرية أحد أبنائها لرئاسة مصر، وإلي جوارنا "إسرائيل"التي تغتصب فلسطين، كل قادتها ينتمون إلي المؤسسة العسكرية الصهيونية، وشغلوا مواقع مرموقة فيها كوزراء دفاع ورؤساء أركان وقادة أفرع رئيسية بها، وهذا يجعل كل من يخططون لمستقبل ثورة مصر أن يضعوه في اعتبارهم.. والرجل العسكري منظم، منضبط، وملم بالأسلوب الصحيح للقيادة وبعلوم السياسة والأمن والجغرافية والتاريخ والإستراتيجية، وأبناء شعبنا العظيم يحبون بفطرتهم جيشهم، ولذلك نلاحظ أنه علي الرغم من الحملات الإعلامية المشبوهة التي استهدفت النيل من الجيش وقيادته علي مدار الشهور الطويلة الماضية، وعلي الرغم ما قيل بحق قادة هذا الجيش من معلومات غالبيتها لا أساس لها من الصحة، فإن تلك الحملات فشلت فشلاً زريعاً في أن تبدد هذا الحب من قلوب أبناء الشعب للقوات المسلحة، والتي أزعم أنها المؤسسة الوحيدة التي يثق فيها الشعب ويشعر في حضنها ورعايتها بالأمن والأمان .
لكن توجد بعض القوي التي كانت تعاني الظلم والقهر ومصادرة الحريات وتعرضت للأذى قبيل الثورة بمعرفة نظام مبارك، باتت فاقدة الثقة في الجيش ورجالاته ولو تمكنت منهم أو من الجيش لفككته وأعدمت قادته في ميدان عام، حتى وان قالت تلك القوي أنها تحترم الجيش وتكره قياداته فلا أحد يصدقها لأن أفعالها علي الأرض تشير لغير ذلك، تلك القوي ظلت بعد قيام الثورة تعاني من أمراض نفسية خلفتها سنوات القهر والعذاب لقياداتها وكوادرها وبات كل ما يسيطر عليها كيف تنتقم من الجيش الذي تتصور بشكل خاطئ أنه كان حامياً لنظام مبارك واستخدمه مبارك في التنكيل بكوادر تلك القوي، ومن هنا تتحدث تلك القوي بكراهية وتكن روح عدائية مقيتة للجيش وقياداته، ومن هنا قلنا مراراً أنه ما كان للثورة أن توافق علي عمل تلك القوي بالسياسة فور قيام الثورة، وكان يتعين علي من أداروا مرحلة الثورة الانتقالية أن يضعوا في اعتبارهم أن تظل تلك القوي فترة انتقالية تعالج خلالها من أثار الماضي ومن أمراضها النفسية حتى لا تخرج علينا وكل هدفها الانتقام وتصفية الخلافات والأوطان لا تبني بهذا الأسلوب.
وهنا نقطة يتوجب أن نتوقف عندها، ألا وهي أن تلك القوي غالبيتها لم يدخل أبناء لها الجيش لكون أن نظام مبارك كان يختار عناصره علي الفرازة بحيث لا يمتون بأية صلة قربي للقوي التي كان يتصور أنها تهدد نظامه، ومن هنا نفهم لماذا لم يوجد داخل قلوب كوادر تلك القوي أية رحمة بالجيش وقياداته، علي الرغم من أن الجيش يتكون من رجال هُم من رحم ضمير مصر، وسيماتهم الشرف والوطنية والوفاء والشجاعة وطاعة الأوامر، لذا أسماهم رسولنا الحبيب محمد صلي الله عليه وسلم بأنهم خير أجناد الأرض، وباركهم السيد المسيح عليه الصلاة والسلام عندما مكث بين أهل مصر وعاش وأكل وشرب مع العائلة المقدسة.
إذن في ظل الوضع الراهن، نجد حزب "الحرية والعدالة" وحليفه حزب "النور" إلي جانب الكتلة والوفد وحتى المستقلين وبقية الأحزاب الممثلة بمجلس الشعب، فشلت كلها فشلاً ذريعا في أن تضع دستور تحكم به البلاد، بل أن "الجمعية التأسيسية" لم تشكل بعد، في وقت يتبقي فيه شهراً واحداً لا أكثر علي انتخابات الرئاسة وشهرين علي تسليم السلطة للشعب، إذن ما العمل؟.. لا يمكن أن تسلم السلطة أو تجري الانتخابات و"الدستور" لم يوضع بعد، والصراع علي السلطة بات في أوجه، والناس تعاني من مشاكل حياتية وانفلات أمني، وأخيراً حرائق باتت تهدد مرافق مصر الاقتصادية بدأت بحرق أهم شركات السويس وامتدت لطنطا ولا نعرف الثالثة ستكون أين ربما في الإسكندرية أو أقاصي الصعيد، وهذا قمة الانفلات الأمني.
إذن علي القوي السياسية بعد أن عرفت بأن المجلس الأعلى للقوات المسلحة كل همه وأمنيته واليوم الذي ينتظره هو تسليم السلطة لرئيس منتخب ليعود الجيش لثكناته، علي تلك القوي أن تتوافق في الأيام القليلة الماضية علي لجنة تأسيسية تسرع بالانتهاء من وضع الدستور، وعلي مجلس الشعب أن لا يهدر وقته علي رد الفعل والذي ظهر بوضوح في قانون اللواء عمر سليمان، وعليه أن يكون مبادراً ومدافعاً عن الشعب المصري، وعلي الأعضاء به أن يعلموا أن المحكمة الدستورية التي فاجأتنا بعدم اختصاصها نظر قانون العزل من الممكن أن تحل مجلس الشعب فتقع في مشكلة أخري تعيدنا إلي الوراء.
وفي اعتقادنا أن الوقت ينفذ والقوي السياسية أمامها هامش مناورة محدود للغاية بعد أن تناست الثورة ومطالبها وتفرغت لأجنداتها الخاصة، وهو ما ظهر بوضوح خلال الأيام الفائتة، ورأينا من يدعون أنهم ثوار يضربون بعضهم بالأحذية والطوب والزلط، ورأينا كيف تمت مهاجمة مرشح الإخوان ورئيس حزب الحرية والعدالة في جامعة المنصورة مؤخراً وتوجيه موجات من السباب له، ومن الواضح أن تلك القوي السياسية حولت الثورة إلي صراع علي السلطة، وهو أمر مؤسف.
ولقد شعرت بمرارة وأنا استمع لأحد من تطلق عليهم قناة الجزيرة مباشر مصر بالمحللين يمط شفتيه ويقول – لا فض فوه - أن وقف الغاز عن "إسرائيل" هو ملعوب بين المجلس العسكري و"إسرائيل " بهدف تصعيد الأمور لاستمرار المجلس في السلطة، وقرأت تعليقات وصلتني بأن المجلس اتفق مع تل أبيب لتحتل جزء من سيناء حتى يتمكن من ترتيب الأمور في مصر علي هواه، يا سلام ،والله العظيم أقسم وأنا صادق لو اعتقل المجلس العسكري قادة كل القوي التي تتصارع الآن وفرض الأحكام العرفية وأعلن أنهم يفسدون الحياة السياسية، وأنه سيسلم السلطة للشعب بعد استقرار الأمور لخرجت كل مصر بعشرات الملايين إلي الشوارع مرحبة بتلك القرارات ولرحب كل المجتمع الدولي بذلك .
وعلي الإخوان والتيار الإسلامي أن يعلموا أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة عندما تفاهم معهم، فإنه تفاهم معهم خوفا علي مصر، وعن قناعة بأنهم قادرون علي أن يكونوا سنداً له ولوطنهم، ولم يتفاهم معهم لمصلحة خاصة بأعضاء المجلس، وذلك لأن الغرب الأمريكي الأوروبي كله كان يتمني أن يتفاهم المجلس مع رجاله ومع الليبراليين وأن يدير ظهره للإسلاميين، وساعتها كان من الممكن أن يسمح للمجلس العسكري إن أراد أن يقود من بينه أحدهم مصر، لكن لأن أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة يتقون الله في الأمانة التي حملوها لم يفعلوا ذلك وعرضوا أنفسهم لاتهامات كشف العذرية والقتل ..الخ ..لكونهم يحبون وطنهم، ليكون جزاؤهم في النهاية أن يخرج الإخوان والتيار الإسلامي إلي جانب ليبراليين يهتفون بسقوط الجيش وقياداته ويرفعون الأحذية في وجوه جنوده ويرمونهم بالطوب والزلط ويتهمونهم بالقتل والإرهاب، بينما عدونا يتربص بنا علي الحدود ويهدد بمهاجمتنا وتسخر وسائل إعلامه من جيشنا لأن أبناء شعبنا يرفعون الأحذية في وجوه جنوده وضباطه .
وفي الختام نثق أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة سيفعل ما يري فيه مصلحة لمصر، وبدون أي اعتبار لمغامر أو طامع في سلطة،وسيلبي مطالب ثورتنا العظيمة كاملة، والتي هي مطالب الأغلبية الصامتة من ثوار 25يناير، وليس مطالب الأقلية التي تطفوا علي السطح الآن، يلبي تلك المطالب بالصورة التي يراها تساهم في نجاح تلك الثورة.
ولابد أن نتوجه بتحية للسيد المشير البطل ورجاله الأبطال الذين رأيناهم أمس أسوداً علي أرض الفيروز في مناورات هي الأضخم من نوعها منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد البغيضة، رأيناهم يكشرون عن أنيابهم في مواجهة الخطر القادم من الشرق، لاسيما بعد إلغاء صفقة الغاز، ويبعثون برسالة لعدونا مفادها أن اليد أو الرجل التي تمتد لسيناء ولثري مصر بالشر ستقطع فوراً ونعتقد أن عدونا فهم الرسالة جيداً .
-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*- شاهد.. ملحمة أكتوبر وأجمل الأغاني الوطنية [email protected]