عشرة أشهر هي ما مرت منذ تولي الكاتب الصحفي إبراهيم خليل رئاسة تحرير صحيفة "روزاليوسف" وقد جاءت تلك الأشهر بعد الثورة محملة بمؤامرات تحاك ضد المؤسسة وتوجهها الجديد الذي يكشف فساد رجال السلطة وخاصة نظام مبارك .. هذا ما أكده خليل ل"محيط" ، مشيرا إلى أنه على قناعة بأن المجلس العسكري يتعرض لضغوط ولا يكشف عنها لكنه وقع في خطأ انتخاب البرلمان قبل تأسيس الدستور ، ومن جهة أخرى يؤكد أن التيار اليساري هو الذي يتبنى مطالب الكادحين، نافيا عن جريدته فبركة الأخبار .. إلى نص الحوار محيط : ما التحديات التي واجهتها منذ توليت رئاسة جريدة "روزاليوسف"؟ - فوجئت بقرار تعييني رئيسا لتحرير جريدة روزاليوسف، وقد كنت أعمل بها صحفيا مختصا بقضايا الفساد والجريمة السياسية والاقتصادية، وكان لي قبلها موقف من الجريدة باعتبارها تساند النظام السابق بمشروعه للتوريث وفساده وحزبه الوطني وسياساته الفاسدة . لكن حين توليت مسئولية الجريدة ركزت على جعلها منبرا للتنوير ومكافحة الفساد ، وأن تكون خادمة للقراء وليس المسئولين ، وأن تكون قضيتها الدفاع عن الطبقات الكادحة والثورة أتاحت لنا العمل بأجواء حرية أكبر تساعد على التغيير . وهناك صعوبات كثيرة تتعلق بأن مؤسسة روزاليوسف فقيرة، تعرضت للنهب والسلب، وكان بها من يدافع عن مبارك أو التوريث أو يعمل بعقلية تسطيح القضايا الأساسية ، أو يهاجم الرموز ، وكان هناك قوى مناوءة لوضع "روزاليوسف" على طريق الحرية ومدافعتها عن الفقراء. وكان هناك رهان لسقوط الجريدة بعد أن أتولى رئاسة تحريرها، ولكن أسفاري للخارج وخاصة الدول الغربية سهلت لي تكوين جريدة مختلفة عن الصحف اليومية ، والتي تقوم على المعلومات والانفرادات والمصادر الأصلية للعمل الصحفي. محيط : اعتادت الجريدة تلقي تمويل الحزب الوطني، فماذا تفعلون بعد تلاشيه ؟ - مهمتي ليست توفير الموارد لأن ذلك عمل الإدارة المالية، ولكني مهموم بالجانب المهني بالجريدة ، وقد تعرضت لاغتيال معنوي من قوى داخلية وخارجية ، أنا ومحيطون بي ، كي نتوقف عن تنفيذ أهدافنا . ومن ذلك أن الشركة المسئولة عن موقع الجريدة الإلكتروني تقوم بتحريض الصحفيين عندنا على بريدهم ، لتشويه صورتي . وهناك جماعة "آسفين يا ريس"، "أصحاب مبارك"، فلول الحزب الوطني، كلهم حاقدون ومصدومون من المعلومات التي تنشرها الجريدة . محيط : لماذا تصر "روزاليوسف" على أن تكون منبرا يساريا أكثر منه تنويريا، ومن ذلك الهجوم الكبير على التيار الإسلامي والديني بشكل عام ؟ - هذا غير صحيح، ونحن منبر ليبرالي ذو مسحة يسارية، أي أننا نتيح لكافة التيارات السياسية كي تعبر عن نفسها من خلال الجريدة. لكن المسحة اليسارية تسود باعتبارها تدافع عن الفقراء والطبقة الكادحة التي يتكون منها عموم الشعب المصري، ومسئوليتي عن الجريدة مسألة وطنية قبل أن تكون صحفية، وسياسة مؤسسة "روزاليوسف" ثابتة منذ نشأتها في هذا الصدد . وأستثني من ذلك فترة الست سنوات الماضية، والتي أهدرت كل المقومات التي نشأت عليها الدار . محيط : هل تؤمن بمدرسة الفضائح السياسية في الصحافة؟ - لابد أولا أن نعرف معنى الفضائح السياسية، فهل كشف فساد أسرة مبارك ورموز النظام السابق فضائح؟! ، أظن أنها تندرج ضمن مكاشفة الواقع الذي نعيشه . محيط : بعد الانفرادات التي قدمها الصحفي توحيد مجدي بالجريدة حول مبارك ونظامه ، ما تقييمك لها خاصة مع اتهامه بفبركتها ؟ - أنا ضد نشر الأخبار الكاذبة، وأظن أن الاتهامات يقودها جماعة "آسفين يا ريس" ومن على شاكلاتهم ، ونحن نرصد الصحف والمصادر الغربية، ونرسل بأسئلتنا للمسئولين هناك ، والصحفي توحيد مجدي يتمكن عبر إجادته للغة من إجراء موضوعات مختلفة، والدليل أن الصحف تنشر ما نقوله بعد فترة ، على سبيل المثال انفردنا بنشر تجميد أموال 16 شخصية مصرية في لندن منذ أربعة شهور وجريدة "الأهرام" نشرتها منذ فترة وجيزة، والغريب في الأمر أن الصحف الغربية تنقل عنا ، ثم تنقل عنها الصحف المصرية بعدها . محيط : هل أنت راض عن أداء المجلس العسكري و البرلمان؟ - المجلس العسكري حافظ على الدولة المصرية، وهناك ضغوط كثيرة تمارس ضده ولم يكشف عنها بعد ، لكني أعيب على المجلس أشياء منها أنه كان يجب أن يبدأ فترته بانتخاب لجنة تأسيسية لإعداد الدستور وذلك قبل انتخابات مجلس الشعب ، وقد أفرز التعجل بالبرلمان برلمان إخواني سلفي لم يحظ فيه ثوار 25 يناير بتمثيل كبير ، ولم نشهد مشروع قانون لخدمة الناس في قضاياهم الملحة كنقص البنزين وارتفاع الأسعار، أما ما نراه فهو مزيج من الصراخ وعدم اللياقة السياسية بشكل لا يليق بالثورة مطلقا . ومن عجائب مجلس الشعب أن يعطي سلفة للنائب البلكيمي ليجري عملية جراحية في أنفه! ، كما أنه مجلس معاد للتنوير والثقافة. أعود لأقول أن واجبنا كان يحتم علينا اختيار لجنة صياغة دستور قبل البرلمان، وكانت ستضع واجبات كل سلطة تشريعية أم تنفيذية أم قضائية كانت ، بعيدا عما نراه اليوم من اقتصار لجنة صياغة الدستور على جماعة وقوى سياسية بعينها . وأظن أن الأغلبية المسيطرة في المجلس غير واعية لقيمة مصر ولا تنظر إلا لمصلحتها الذاتية وتقوم بتخدير العامة فقط لا غير .