نعى الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) والقيادة الفلسطينية اليوم السبت المناضل محجوب عمر (رؤوف نظمي عبد الملك). واستذكر الرئيس - في بيان النعي - مناقب عمر الكبيرة ومسيرته النضالية الطويلة، ودوره الرائد في الدفاع عن فلسطين أرضا وقضية ومقدسات، حيث التحق بحركة فتح في العام 1967 مقاتلا في صفوفها ومسئولا للقطاع الجنوبي ومفوضا سياسيا لقوات الثورة الفلسطينية في الأردن ولبنان.
وكان الدكتور محجوب أنتقل أمس إلي رحمة الله ونعاه رفاقه في جريدة الشعب الموقوفة لكون انه كان من ابرز كتابها ,حيث اصدر صحفيي الشعب بياناً نعوا فيه زميلهم وأشادوا بتاريخه وكفاحه في نصرة قضايا الوطن والأمة ،ووصفوه بالصلابة والقوة ،وكان دكتور محجوب عاني من المرض لفترات طويلة امتدت لأكثر من عشرة أعوام.
ويذكر أن محجوب من مواليد 8/4/1932 بالمنية بصعيد مصر، وهو طبيب مصري قبطي ومن مناضلي الحزب الشيوعي المصري حتى سنة التحاقه بالثورة الفلسطينية، وكان مثالا للتضحية والعمل الحركي ومن المفكرين الذين أسهموا إسهامات كبيرة في دفع الثقافة العربية والنضالية في المنطقة إلى الأمام.
التحق محجوب عمر بحركة فتح في العام 1967 مقاتلا في صفوفها ومسئولا للقطاع الجنوبي ومفوضا سياسيا لقوات الثورة الفلسطينية في الأردن ولبنان، وقد كانت له مواقف قيادية مشرفة في تعزيز العلاقة بين الثورة الفلسطينية والشعب الأردني الشقيق، وانتقل إلى لبنان مع قوات الثورة الفلسطينية حيث تم تعينه نائبا لمدير عام مركز التخطيط الفلسطيني.
وكان المناضل محجوب مساعدا مقربا من الشهيد القائد أبو جهاد والشهيد القائد المؤسس الخالد ‘أبو عمار'.
وكانت كرمت وزارة الثقافة الفلسطينية المرحوم عمر محجوب وبحضور سفير فلسطينبالقاهرة وبحضور عدد من الأصدقاء والمثقفين المصريين، بناء على قرار الرئيس بمنحه وسام نجمة القدس الشريف.
التحق عام 71 المغفور له محجوب عمر في كتيبة نسور العرقوب بقيادة القائد الفذ نعيم وشاح في منطقة المنطار – محافظة طرطوس في سورية حيث كانت الكتيبة تقوم بعملية إعادة تدريب وتنشيط، وكان الدكتور محجوب يقوم بدور المفوض السياسي يثقف الشباب ويناقشهم ويشد أزرهم بحضوره بينهم.
ويقول عنه اللواء راجي النجمي عضو المجلس الثوري لحركة فتح "مع بداية الحرب الأهلية في لبنان كان الدكتور محجوب في بيروت حيث ذهب وعاش بمخيم تل الزعتر المحاصر فترة في تلك الأيام المرة، وبعدها انتقل للعمل في مركز التخطيط في بيروت حيث كان قلب ولولب المركز، فقد كان كاتبا، ومحاضرا ومحاورا في كافة الدورات الكثيرة وأيضا مستشارا للقيادة وخاصة الأخ الرئيس والأخ أبو جهاد".
حارب محجوب في الثورة الفلسطينية ونفذ عمليات داخل الأراضي المحتلة، ثم انتقل مع فتح إلى بيروت عقب أحداث أيلول الأسود، وفى بيروت شارك في تأسيس مركز الدراسات الفلسطينية، حيث ترجم مئات الكتب والمقلات والدراسات الإستراتيجية التي تهم الثورة، أو التي تدرس الداخل الإسرائيلي وكيفية التعامل معه.
وقضى محجوب عمر أبرز سنوات عمره في حركة فتح مناضلا في الأردن ولبنان، وكان أحد أبرز معاوني خليل الوزير (أبو جهاد) الرجل الثاني في حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية قبل أن يترك أبو جهاد لبنان وينتقل لتونس التي استشهد فيها.
ومع رحيل أبو جهاد للبنان عاد محجوب عمر أو الحكيم، كما كان يطلق عليه أصدقاؤه وتلاميذه من بيروت إلى القاهرة عام 1987، وأسس فرعا لمركز الدراسات الفلسطينية في القاهرة، وهو المركز الذي كان مقره حي الفكهانى في بيروت وفجرته إسرائيل ونجا منه الحكيم بأعجوبة، لكنه دفن العديد من تلاميذه وزملائه الذين استشهدوا في هذا الهجوم.
ومن جهتها نعت الهيئة الوطنية لحماية الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني ساحة مصر، المناضل اليساري الكبير "رؤوف نظمى ميخائيل"، "محجوب عمر" ، وتحتسبه مجاهدًا آخرَ في ذمّةِ الله ، قضى حياته في خدمة قضايا وطنه القومية ، مؤازِرًا، ومشارِكًا، ونصيرًا.
وبكل الألم تتقدّم مُنسِّقية الهيئة في ساحة مصر، بصادِقِ تعازيها لأسرة الفقيد، ولكامل الوطن العربي، الذي فقد "حكيمًا" آخرَ لثوراتِ الوطن، ومقاومًا في ميادين قِتالِهِ؛ وهو الطبيب المصري، الذي غادر وطنِهِ الأصغر، لرحبِ وطنِهِ الأكبر؛ من سجن الواحات، إلى صفوف الثورة العربية ضد الاحتلال، إلى الجزائر إبان ثورتها الباسلة الجزائرية، ثم إلى صفوف الثورة الفلسطينية في لبنان.
وبوفاء خالِص لحكيمِ وطنْ، ترُدُ الهيئة على عبارته التي برّرَ بها إخفائه لكل تاريخه النضالي: " لا يُسأل إنسان عن واجبٍ قام به"، بأنك أنت يا حكيمُ وطنك، قمت بواجب الملايين الصامتة والمهادِنة والمهاودة، في هذا الوطن، فيما لا يسعنا إلا أن نقول لك أنت البطل. لقد حمل ذلك الحكيم بندقيةَ الثائر، وإكسيرَ الطبيب، وقلَمَ الحكيمِ في آن.
وفي ردٍ آخر على تواضع المناضل، حين قال: "ليس في مذكراتي ما يستحق الكتابة"، فإن ليس في أعمار مفاوضينا ومهادنينا ومهاودينا ما يستحق الحياة! دُمت يا حكيم وطننا حيْ الذِكرى بامتداد عطاءاتك، ودام من لا يعرف معنى الوطن في عدادِ الموتى بامتداد تخاذُلهم.