دمشق أ ش أ : تباينت مواقف قوى المعارضة السورية الداخلية إزاء المبادرة التي طرحها الرئيس السوري بشار الأسد في خطابه الأخير والتي تقضي بتشكيل حكومة موسعة تضم ممثلين عن المعارضة الوطنية. ففي الوقت الذي رحبت فيه بعض هذه القوى بالمبادرة واعتبرتها أمرا هاما لإخراج سوريا من الأزمة وتغييرا عميقا وشاملا في بنية النظام مطالبة في الوقت نفسه بمنح الحكومة المرتقبة صلاحيات " استثنائية وواسعة " لتكون حكومة تصنع السياسات وتنفذها لا أن تنفذ سياسات فقط.
وعلى جانب آخر رفضت قوى معارضة أخرى ، وتحديدا هيئة التنسيق الوطنية، أية مشاركة في الحكومة الموسعة وأعلنت عدم قبولها بإصلاحات جزئية تحت سقف النظام .. وطالبت بتغيير جذري مشددة على تمسكها ببنود خطة العمل العربية وصولا إلى عقد مؤتمر حوار وطني بإشراف الجامعة العربية.
فمن جانبه ، رأى أمين حزب الإرادة الشعبية "المعارض" قدري جميل أن مبادرة الأسد لاقت قبولا على المستوى الشعبي والرسمي وهى مهمة لإخراج سوريا من الأزمة وخاصة أن تشكيله يفتح الباب واسعا أمام الحوار الوطني الذي يجب أن يكون على أجندتها. مشيرا إلى أنه من المهم الاتفاق على صلاحيات ومهام الحكومة والآجال الزمنية لتنفيذ مهماتها وصولا للمصالحة الوطنية الشاملة .. مشددا على أهمية أن تمتلك الحكومة المرتقبة صلاحيات سياسية استثنائية وواسعة .. باعتبار أن حل الأزمة "سياسي بامتياز" ويتطلب وقف العنف وخلق مناخ الحوار. وعما إذا كانت صلاحية هذه الحكومة ستشمل المؤسسات الأمنية وعملها ، قال "هذه المؤسسات تتبع للدولة ومن مهام أية حكومة العمل المشترك والتنسيق مع كل أجهزة الدولة ومؤسساتها". وعن توقعاته بشأن استعداد السلطات لمنح الحكومة هذه الصلاحيات ، توقع التوصل لتوافق ما مع السلطة .. وقال "لم نتطرق لذلك بعد لكننا لن نشارك بحكومة وحدة وطنية ليس لها صلاحيات". وعما إذا كانت السلطات أجرت اتصالا مع حزبه لمعرفة موقفه من تشكيل الحكومة الموسعة ، قال "رسميا لم تجر اتصالات لكن عقدنا لقاءات شبه رسمية وشخصية تم خلالها جس النبض وتبادل الأراء". وأشار إلى أن رغبة بعض قوى المعارضة بسقوط النظام تلاشت بشكل نهائي وخاصة أن التدخل الخارجي العسكري بات مستبعدا جدا وثبت أن النظام قوي والجيش متماسك ما جعل الحديث عن إسقاط النظام غير واقعي وغير عملي وخاصة في ظل الوضع الدولي الحالي . هذا وقد اعتبر رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي (جناح معارض) علي حيدر أن خطاب الرئيس السورى أمس يدل على تغيير بنيوي عميق وشامل طالبوا به لفترات ماضية طويلة. ورأى أن ما طرحه الخطاب ليس إصلاحا تحت سقف النظام إنما تغيير لبنيته والذهاب لنظام تعددي سياسي جديد يفكك النظام الحالي ويبني نظاما جديدا .. مشيرا إلى أن المشاركة بالحياة السياسية القادمة تبدأ من الحكومة الموسعة التي تشكل فرصة جيدة للجميع للمشاركة في فريق العمل للنهوض بسوريا القادمة. وطالب حيدر بمنح هذه الحكومة صلاحيات واسعة مثل العمل الميداني الطارىء والمستعجل للخروج من الأزمة والعمل على المستوى الإستراتيجي لتغيير السياسات الاقتصادية السابقة. مشيرا إلى أنه يجب منحها صلاحيات الحوار مع كل قوى المعارضة الآخرى لإشراكها بالحياة السياسية، ويجب أن يكون لها دور سياسي على عكس الحكومة الحالية. وعن الحوار بين حزبه والسلطة ، قال "التقينا أغلب القيادات السياسية والأمنية وأغلب أصحاب القرار في البلاد وأيدنا فكرة الحكومة الموسعة التي طرحوها علينا وخاصة أننا أول من طالبنا بها".
وعما إذا كانت طبيعة هذه الصلاحيات ستشمل الأجهزة الأمنية ، قال "هذه الأجهزة تابعة للسلطة التنفيذية أي الحكومة ، وبطبيعة الحال فإن الأمن السياسي يتبع لوزارة الداخلية والأمن العسكري يتبع لوزارة الدفاع وهما وزارتان تتبعان للحكومة وهكذا .
وفى رأى مغاير رفض حسن عبدالعظيم المنسق العام لهيئة التنسيق الوطنية (تجمع لقوى معارضة) المشاركة في الحكومة الموسعة .. وقال "نحن طلاب تغيير جذري شامل عبر الإرادة الشعبية والأولوية الآن لوقف العنف والقتل وحماية المدنيين وسحب الآليات والجيش من المدن وإطلاق سراح المعتقلين".
وقال "لا يمكن لنا المشاركة بإصلاحات جزئية تحت سقف النظام، فبعد مضي هذه الفترة الطويلة من الأزمة بتنا بحاجة لتغيير جذري حقيقي ونظام ديمقراطي لدولة جمهورية تعددية يصنعه الشعب السوري".
وطالب السلطات بالالتزام بخطة عمل الجامعة العربية وتوفير البيئة والمناخ لمؤتمر حوار وطني بإشراف الجامعة والعمل على ترتيب مرحلة انتقالية من الوضع القائم لوضع جديد كليا من خلال دستور جديد يتم وضعه عبر هيئة تأسيسية منتخبة وقوانين أحزاب وانتخابات وإعلام وجمعيات أهلية وميدانية، مشيرا إلى أن ما تم إنجازه في هذا السياق لم تشارك به قوى المعارضة. واقتربت من هذه المواقف مواقف رئيس تيار بناء الدولة السورية لؤي حسين الذي اعتبر أن تشكيل حكومة موسعة لا يؤدي لحل الأزمة ورأى أن الحل الأولى يكون بقبول السلطة الحالية بسلطة ائتلافية تكون القيادة فيها مشتركة تقود البلاد في مرحلة انتقالية محدودة زمنيا، تجري خلالها انتخابات تقبل نتائجها جميع الأطراف وينتج عنها سلطة شرعية منتخبة شعبيا.