شعيرة الحج: تحقيق التعارف والتعاون الإنساني الرحلة الحجازية علم وعبادة مؤسسات الحج ترسخ ثقافة المجتمع الحديث انتهي اليوم المؤتمر السنوي الذي نظمته وزارة الحج المعروفة باسم ندوة الحج الكبرى، لهذا العام بعنوان "ثقافة الحج مقصد شرعي ومطلب إنساني" والذي أنعقد في مكةالمكرمة تضمنت جلستها الكثير من البحوث العلمية الهامة للعديد من العلماء في العالم الإسلامي مثل بحث بعنوان "تعزيز فتوى جواز توسعة المسعى باستخدام العلوم و التقنيات الحديثة" للدكتور عمر سراج أبو رزيزة الأستاذ بكلية الهندسة جامعة الملك عبد العزيز بجده. تناول أبو رزيزة في كلمته تطور وسائل النقل والمواصلات عبر مرور الزمن إلي زيادة عدد الحجاج، الأمر الذي آل إلي أن يفوق عدد السعاة الطاقة الاستيعابية لمسعى الصفا والمروة، و برغم محاولات الحكومة السعودية في التوسعات إلا أن ذلك لم يف بالمطلوب وحدث زحام شديد تسبب في آثار سلبية تمثلت في سقوط بعض الحجاج وأفقد السعي بعده الروحاني و أصبح هم الساعي إتمام السعي بأي طريقة ممكنة والخروج منه سالماً معافى دون الالتفات إلي مقاصده التعبدية. وأضاف أنه قد دفع هذا الأمر الجهات المسؤولة في السعودية إلي التفكير في توسعة مبني السعي واتجهت الأفكار نحو رفع طاقته الاستيعابية عن طريق زيادة عرضه، و نوقش هذا الموضوع في لقاءات ضمت كبار علماء المملكة لكنهم اختلفوا بين مؤيد و معارض و متحفظ و لكن الأمر بحاجة أكبر إلي آراء علماء الهندسة والمساحة و علوم الأرض لكشف خفايا الموضوع حتى يتسنى لعلماء الشرع إصدار الفتوى المناسبة في الموضوع، وقدمنا دراسة لتوضيح ضرورة زيادة الطاقة الاستيعابية للمسعى وعرضها علي علماء الشريعة، وذلك من خلال قيامنا بدراسات ميدانية و مكتبية مستعيناً بعلوم المساحة والهندسة. كما تناول بحث قدمته الدكتورة أم كلثوم بن يحيى الأستاذ بجامعة طاهري محمد بالجزائر، أن الإسلام دين وسط ، بين الغالي فيه والجافي عنه، والوسطية والاعتدال سمتان بارزتان للأمة الإسلامية تميزت بهما عن غيرها. وفي عرضها لورقة بحثية بعنوان "ثقافة الحج ومنهج الوسطية والاعتدال" خلال ندوة الحج الكبرى، أشارت بن يحي أن الصحابة تربوا على معنى الوسطية وأهمية الحفاظ عليها باعتبارها خصوصية للأمة الإسلامية بين الأمم السابقة فلا هي مُفَّرِطة ولا هي مُفْرِطة بل هي وسطية مسئولة شهيدة على باقي الأمم، مضيفة أنهم تبنوا الوسطية منهجاً وسبيلاً. وتناولت الباحثة أكثر من محور في ورقتها أولها الإسلام دين وسطية واعتدال وقامت وبعرض التعريفات الخاصة بالموضوع ونماذج نماذج على وسطية الإسلام وأثرها في الأمة الإسلامية والعالم، كما تطرقت بفكرة الغلو والتطرف والإرهاب وأسبابه ونتائجه على المسلمين وغيرهم. أما المحورين الثاني والثالث فقد خلدتهم بن يحي للحديث عن الحج ودر ثقافته في ترسيخ مظاهر الوسطية والاعتدال، منوهة بأن شهر الحج وما يصاحبه من عبادات وقربات أشبه بأن يكون مركز تدريب مكثف للمسلمين روحياً ومادياً ليحققوا النهضة الحضارية والخيرية الكونية التي شرفهم الإسلام بها. كما أضافت بن يحي أن الحج يسطر أعظم ما في الخصال الحميدة أهمها التقوى، المساواة، السعي، الثبات على قيم الوسطية، حرمة دماء وأموال المعصومين، النهي عن التخريب. وفي ختام كلمتها أشارت بن يحي أن المسلمون في حاجة في هذه الظروف للاستفادة من الحج حيث لا رفث ولا فسوق ولا جدال، فيعودون إلى ديارهم حجاجاً ميامين محملين بمبادئ الوحدة ومساهمين في تحقيق المساواة بينهم بعيداً عن الماديات والفتن والشهوات، مطالبة بالتمسك بالوسطية والاعتدال في حياتنا. الحج تحقيق للتعاون الإنساني وفي ورقة بحثية بعنوان "شعيرة الحج: تحقيق التعارف والتعاون الإنساني" للدكتور صالح بن طاهر مشوش أستاذ مساعد بقسم الدراسات العامة بالجامعة الإسلامية العالمية- ماليزيا، ركز الباحث على الحج باعتباره تجربة لتأسيس واستدامة التعارف والتسامح والتعاون الإنساني، معتبراً أن الأيام المعدودات التي يقضيها الحاج هي رصيد روحي ونفسي واجتماعي بناء. وسعى الباحث إلى التأصيل لمعاني التعارف والتعاون في سياق تجربة الحج من خلال بيان الخلفية الدينية والشرعية، واستعرض بعض المظاهر الاجتماعية الناشئة خلال موسوم الحج، كما درس جملة من المفاهيم المفتاحية الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية مثل (شعوب، قبائل، ضامر، فج عميق، البر، التقوى، التزود، الطهارة، العاكفين والركع السجود، والفسوق، والإثم، والجدال، والعدوان. واستعان الباحث بأمهات التفسير ومراجع الحديث، وأيضا كتب (الرحلة الحجازية) المشهورة للوقوف عن قرب على تجارب الحجاج الاجتماعية وثمارها العلمية والعملية والاقتصادية، وعلاقة ذلك كله ببناء مفهوم التعاون وتعزيزه بين المسلمين. وضم البحث سبعة محاور الأول تمهيد بعنوان (الحج شعيرةٌ دينيةٌ شاملةٌ الأبعاد)، وركز في محوره الثاني على الإطار العمراني لشعيرة الحج (كيفية دراسة ظاهرة الحج)، وفي الثالث درس دلالات التعاون والتعارف، ومقاصدهما في سياق الحج، وركز في المحور الرابع على الجوانب الاجتماعية والعمرانية في رحلات الحج، ثم مسالك عملية لتوجيه الحجاج وإعانتهم لتحقيق مقصدي التعارف والتعاون، والمحور الأخير كان عن جملة الموانع السلبية. وألقي الشيخ د. محمد شاهجهان الندوي عميد كلية القرآن بالجامعة الإسلامية بالهند محاضرة بعنوان "دور مؤسسات الحج في بلاد الحجيج في ترسيخ ثقافة الحج قبل قدومهم"، وتناول دور مؤسسات الحج في لفت انتباه الحجيج إلى الالتزام بالتعاليم والتوجيهات الإسلامية في أثناء السفر. وفي توجيه اهتمام الحجيج إلى التقيد بثقافة الحج عند الإحرام في الميقات، كما تناول دور مؤسسات الدينية والتربوية في لفت انتباه الحجيج إلى التقيد بثقافة الحج حين زيارتهم لمدينة الرسول الكريم - صلى الله عليه و سلم.